فوائد الآية : (( وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفًا )) . حفظ
في هذه الآية الكريمة من الفوائد: أمر من قسم مالا وحضره هؤلاء الأصناف الثلاثة: الأقارب والأيتام والمساكين أن يعطيهم منه ، وهل الأمر للوجوب ؟ يحتمل أن يكون للوجوب ويحتمل أن يكون للاستحباب ، لأنه أمر بأدب ، وقد قال بعض العلماء: كل الأوامر المتعلقة بالآداب وحسن الأخلاق فهي للاستحباب ، فعلى كل حال المهم أن نقول الأمر بإعطاء من حضر القسمة . ومن فوائدها: جواز قسمة المال المشترك بحضور غير الشركاء ، من أين يؤخذ ؟ من قوله: (( فارزقوهم منه )) لأن الشركاء لهم نصيب بدون أن نؤمر بعطائهم . ومن فوائدها: ما جاء به الإسلام من الآداب العالية والأخلاق الفاضلة حيث أمرنا أن نعطي هؤلاء الذين حضروا القسمة ، لأن قلوبهم تتعلق بالمال وتتشوف ، فلهذا أمر الشرع بإعطائهم . ومن فوائدها: أن الأوامر قد تكون موكولة إلى المأمور غير مقدرة ، لقوله: (( فارزقوهم منه )) ولم يقل الثلث ولا الربع ولا العشر ، بل جعل هذا مطلقا يرجع إلى كرم المعطي من وجه وإلى كثرة المال من وجه آخر . ومن فوائدها: أن الإحسان إلى القرابة أفضل من الإحسان إلى اليتيم والمسكين ، وجه ذلك أنه قدمهم ، ولهذا لما أخبرت إحدى أمهات المؤمنين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنها أعتقت جارية لها قال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما أنك لو أعطيتها ـ يعني أقاربها ـ لكان خيرا لك ، فدل هذا على أن صلة الرحم أفضل من إعطاء البعيد . ومن فوائدها: عناية الشرع ، بل عناية الله عزوجل بالضعفاء المستحقين للعناية ، من أين تؤخذ ؟ من (( اليتامى والمساكين )) لأن اليتيم صغير منكسر القلب لفقد أبيه يحتاج إلى رعاية والعناية ، والمسكين كذلك ، فقير ذليل يحتاج إلى من يجبر ذله ويسقي ظمأه ويكسوا عورته . ومن فوائدها: أنه ينبغي لمن أعطى أحدا شيئا أن يقول له قولا معروفا يطيب قلبه ويبعده من المن بالعطاء ، لأن المن بالعطاء كبيرة ، المن بالصدقة من كبائر الذنوب وهو مبطل للأجر ، لقوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى )) . ومن فوائدها: الجمع بين الإحسان القولي والفعلي ، الفعلي من قوله: (( فارزقوهم منه )) والقولي: (( قولا معروفا )) .