-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في هديه صلى الله عليه وسلم في الجهاد والمغازي والسرايا والبعوث كان الجهاد ذروة سنام الإسلام وقبته ومنازل أهله أعلى المنازل في الجنة كما لهم الرفعة في الدنيا فهم الأعلون في الدنيا والآخرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذروة العليا منه واستولى على أنواعه كلها فجاهد في الله حق جهاده بالقلب والجنان والدعوة والبيان والسيف والسنان وكانت ساعاته موقوفةً على الجهاد بقلبه ولسانه ويده . ولهذا كان أرفع العالمين ذكرًا وأعظمهم عند الله قدرًا وأمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه وقال { ولو شئنا لبعثنا في كل قريةٍ نذيرًا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادًا كبيرًا } فهذه سورةٌ مكيةٌ أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة والبيان وتبليغ القرآن وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام قال تعالى : { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير } فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار وهو جهاد خواص الأمة وورثة الرسل والقائمون به أفرادٌ في العالم والمشاركون فيه والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلين عددًا فهم الأعظمون عند الله قدرًا
-
القراءة من قول المصنف: ولما كان من أفضل الجهاد قول الحق مع شدة المعارض مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه كان للرسل - صلوات الله عليهم وسلامه - من ذلك الحظ الأوفر وكان لنبينا - صلوات الله وسلامه عليه - من ذلك أكمل الجهاد وأتمه . ولما كان جهاد أعداء الله في الخارج فرعًا على جهاد العبد نفسه في ذات الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه "
-
معنى قوله صلى الله عليه وسلم " المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه "
-
القراءة من قول المصنف: كان جهاد النفس مقدمًا على جهاد العدو في الخارج وأصلًا له فإنه ما لم يجاهد نفسه أولًا لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه ويحاربها في الله لم يمكنه جهاد عدوه في الخارج فكيف يمكنه جهاد عدوه والانتصاف منه وعدوه الذي بين جنبيه قاهرٌ له متسلطٌ عليه لم يجاهده ولم يحاربه في الله بل لا يمكنه الخروج إلى عدوه حتى يجاهد نفسه على الخروج . فهذان عدوان قد امتحن العبد بجهادهما وبينهما عدوٌ ثالثٌ لا يمكنه جهادهما إلا بجهاده وهو واقفٌ بينهما يثبط العبد عن جهادهما ويخذله ويرجف به ولا يزال يخيل له ما في جهادهما من المشاق وترك الحظوظ وفوت اللذات والمشتهيات
-
القراءة من قول المصنف: ولا يمكنه أن يجاهد ذينك العدوين إلا بجهاده فكان جهاده هو الأصل لجهادهما وهو الشيطان قال تعالى : { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا } والأمر باتخاذه عدوًا تنبيهٌ على استفراغ الوسع في محاربته ومجاهدته كأنه عدو لا يفتر ولا يقصر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس . فهذه ثلاثة أعداءٍ أمر العبد بمحاربتها وجهادها وقد بلي بمحاربتها في هذه الدار وسلطت عليه امتحانًا من الله له وابتلاءً
-
بيان الأعداء الثلاثة للإنسان وطلب الإعانة من الله في الانتصار عليهم
-
فأعطى الله العبد مددًا وعدةً وأعوانًا وسلاحًا لهذا الجهاد وأعطى أعداءه مددًا وعدةً وأعوانًا وسلاحًا وبلا أحد الفريقين بالآخر وجعل بعضهم لبعضٍ فتنةً ليبلو أخبارهم ويمتحن من يتولاه ويتولى رسله ممن يتولى الشيطان وحزبه كما قال تعالى : { وجعلنا بعضكم لبعضٍ فتنةً أتصبرون وكان ربك بصيرًا } وقال تعالى { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعضٍ } وقال تعالى : { ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم } فأعطى عباده الأسماع والأبصار والعقول والقوى وأنزل عليهم كتبه وأرسل إليهم رسله وأمدهم بملائكته وقال لهم { أني معكم فثبتوا الذين آمنوا } وأمرهم من أمره بما هو من أعظم العون لهم على حرب عدوهم وأخبرهم أنهم إن امتثلوا ما أمرهم به لم يزالوا منصورين على عدوه وعدوهم وأنه إن سلطه عليهم فلتركهم بعض ما أمروا به ولمعصيتهم له ثم لم يؤيسهم ولم يقنطهم بل أمرهم أن يستقبلوا أمرهم ويداووا جراحهم ويعودوا إلى مناهضة عدوهم فينصرهم عليه ويظفرهم بهم فأخبرهم أنه مع المتقين منهم ومع المحسنين ومع الصابرين ومع المؤمنين وأنه يدافع عن عباده المؤمنين ما لا يدافعون عن أنفسهم بل بدفاعه عنهم انتصروا على عدوهم ولولا دفاعه عنهم لتخطفهم عدوهم واجتاحهم . وهذه المدافعة عنهم بحسب إيمانهم وعلى قدره فإن قوي الإيمان قويت المدافعة فمن وجد خيرًا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه .
-
القراءة من قول المصنف: وأمرهم أن يجاهدوا فيه حق جهاده كما أمرهم أن يتقوه حق تقاته وكما أن حق تقاته أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر فحق جهاده أن يجاهد العبد نفسه ليسلم قلبه ولسانه وجوارحه لله فيكون كله لله وبالله لا لنفسه ولا بنفسه ويجاهد شيطانه بتكذيب وعده ومعصية أمره وارتكاب نهيه فإنه يعد الأماني ويمني الغرور ويعد الفقر ويأمر بالفحشاء وينهى عن التقى والهدى والعفة والصبر الإيمان كلها فجاهده بتكذيب وعده ومعصية أمره فينشأ له من هذين الجهادين قوةٌ وسلطانٌ وعدةٌ يجاهد بها أعداء الله في الخارج بقلبه ولسانه ويده وماله لتكون كلمة الله هي العليا .
-
قوله: واختلفت عبارات السلف في حق الجهاد (ضبط كلمة حق ومعناها)
-
القراءة من قول المصنف: فقال ابن عباسٍ : هو استفراغ الطاقة فيه وألا يخاف في الله لومة لائمٍ . وقال مقاتلٌ : اعملوا لله حق عمله واعبدوه حق عبادته . وقال عبد الله بن المبارك : هو مجاهدة النفس والهوى . ولم يصب من قال إن الآيتين منسوختان لظنه أنهما تضمنتا الأمر بما لا يطاق وحق تقاته وحق جهاده هو ما يطيقه كل عبدٍ في نفسه وذلك يختلف باختلاف أحوال المكلفين في القدرة والعجز والعلم والجهل . فحق التقوى وحق الجهاد بالنسبة إلى القادر المتمكن العالم شيءٌ وبالنسبة إلى العاجز الجاهل الضعيف شيءٌ وتأمل كيف عقب الأمر بذلك بقوله { هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرجٍ } والحرج الضيق بل جعله واسعًا يسع كل أحدٍ كما جعل رزقه يسع كل حي وكلف العبد بما يسعه العبد ورزق العبد ما يسع العبد فهو يسع تكليفه ويسعه رزقه وما جعل على عبده في الدين من حرجٍ بوجه ما قال النبي صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث بعثت بالحنيفية السمحة وكلام الشيخ فيه
-
القراءة من قول المصنف: وقد وسع الله سبحانه وتعالى على عباده غاية التوسعة في دينه ورزقه وعفوه ومغفرته وبسط عليهم التوبة ما دامت الروح في الجسد وفتح لهم بابًا لها لا يغلقه عنهم إلى أن تطلع الشمس من مغربها وجعل لكل سيئةٍ كفارةً تكفرها من توبةٍ أو صدقةٍ أو حسنةٍ ماحيةٍ أو مصيبةٍ مكفرةٍ وجعل بكل ما حرم عليهم عوضًا من الحلال أنفع لهم منه وأطيب وألذ فيقوم مقامه ليستغني العبد عن الحرام لكل عسرٍ يمتحنهم به يسرًا قبله ويسرًا بعده " فلن يغلب عسرٌ يسرين "
-
القراءة من الحاشية حول حديث :" لن يغلب عسر يسرين " وتخريجه وتعليق الشيخ حول هذا الحديث
-
القر اءة من قول المصنف: فإذا كان هذا شأنه سبحانه مع عباده فكيف يكلفهم ما لا يسعهم فضلًا عما لا يطيقونه ولا يقدرون عليه .
-
القراءة من قول المصنف: فصل إذا عرف هذا فالجهاد أربع مراتب جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الكفار وجهاد المنافقين
-
الكلام على مراتب الجهاد الأربعة وأن فيه نوع خامس مع ذكر الدليل وكيفية جهاد المنافقين ؟
-
القراءة من قول المصنف: إحداها : أن يجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين . الثانية أن يجاهدها على العمل به بعد علمه وإلا فمجرد العلم بلا عملٍ إن لم يضرها لم ينفعها . الثالثة أن يجاهدها على الدعوة إليه وتعليمه من لا يعلمه وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله . الرابعة أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ويتحمل ذلك كله لله
-
تعليق الشيخ على مراتب جهاد النفس الأربعة وذكر دليلها وهي سورة العصر
-
القراءة من قول المصنف: فإذا استكمل هذه المراتب الأربع صار من الربانيين فإن السلف مجمعون على أن العالم لا يستحق أن يسمى ربانيا حتى يعرف الحق ويعمل به ويعلمه فمن علم وعمل وعلم فذاك يدعى عظيمًا في ملكوت السماوات
-
الكلام على مرتبة العلم في جهاد النفس وكيف يؤتى الناس ويغلبون من طرف الشيطان والنفس والهوى
-
القراءة من قول المصنف:فصلٌ الشيطان فمرتبتان إحداهما : جهاده على دفع ما يلقي إلى العبد من الشبهات والشكوك القادحة في الإيمان . الثانية جهاده على دفع ما يلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات فالجهاد الأول يكون بعده اليقين والثاني يكون بعده الصبر . قال تعالى : { وجعلنا منهم أئمةً يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون } فأخبر أن إمامة الدين إنما تنال بالصبر واليقين فالصبر يدفع الشهوات والإرادات الفاسدة واليقين يدفع الشكوك والشبهات
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وأما جهاد الكفار والمنافقين فأربع مراتب بالقلب واللسان والمال والنفس وجهاد الكفار أخص باليد وجهاد المنافقين أخص باللسان . فصلٌ وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات
-
القراءة من قول المصنف: فثلاث مراتب الأولى: باليد إذا قدر فإن عجز انتقل إلى اللسان فإن عجز جاهد بقلبه فهذه ثلاثة عشر مرتبةً من الجهاد و من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبةٍ من النفاق
-
القراءة من قول المصنف: وأما جهاد أرباب الظلم والبدع والمنكرات فثلاث مراتب الأولى: باليد إذا قدر
-
القراءة من قول المصنف: فإن عجز انتقل إلى اللسان فإن عجز جاهد بقلبه فهذه ثلاثة عشر مرتبةً من الجهاد و من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبةٍ من النفاق
-
التعليق حول حديث:" من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق "
-
القراءة من قول المصنف:فصلٌ ولا يتم الجهاد إلا بالهجرة ولا الهجرة والجهاد إلا بالإيمان والراجون رحمة الله هم الذين قاموا بهذه الثلاثة. قال تعالى : { إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفورٌ رحيمٌ }
-
أحوال الناس في الجهاد والهجرة والإيمان وتفسير قوله تعالى:" { إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفورٌ رحيمٌ } ومعنى الرجاء وأنه يكون بالعمل لا بتركه
-
القراءة من قول المصنف: وكما أن الإيمان فرضٌ على كل أحدٍ ففرضٌ عليه هجرتان في كل وقتٍ عز وجل بالتوحيد والإخلاص والإنابة والتوكل والخوف والرجاء والمحبة والتوبة وهجرةٌ إلى رسوله بالمتابعة والانقياد لأمره والتصديق بخبره وتقديم أمره وخبره على أمر غيره وخبره فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه
-
الكلام على الهجرة وبيان حقيقتها وبيان تسامح ابن القيم في تسمية المهاجر
-
القراءة من قول المصنف: وفرض عليه جهاد نفسه في ذات الله وجهاد شيطانه فهذا كله فرض عينٍ لا ينوب فيه أحدٌ عن أحدٍ . وأما جهاد الكفار والمنافقين فقد يكتفى فيه ببعض الأمة إذا حصل منهم مقصود الجهاد
-
بيان أن الإيمان بالله ورسوله فرض على كل أحد وأما جهاد الكفار والمنافقين فعلى الكفاية
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وأكمل الخلق عند الله من كمل مراتب الجهاد كلها والخلق متفاوتون في منازلهم عند الله تفاوتهم في مراتب الجهاد ولهذا كان أكمل الخلق وأكرمهم على الله خاتم أنبيائه ورسله فإنه كمل مراتب الجهاد وجاهد في الله حق جهاده وشرع في الجهاد من حين بعث إلى أن توفاه الله عز وجل فإنه لما نزل عليه { يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر } شمر عن ساق الدعوة وقام في ذات الله أتم قيامٍ ودعا إلى الله ليلًا ونهارًا وسرا وجهارًا ولما نزل عليه { فاصدع بما تؤمر } فصدع بأمر الله لا تأخذه فيه لومة لائمٍ فدعا إلى الله الصغير والكبير والحر والعبد والذكر والأنثى والأحمر والأسود والجن والإنس.
-
سؤال حديث المهاجر من هجر ما نهى الله عنه سماه مهاجرا فكيف الجواب عنه
-
القراءة من قول المصنف: ولما صدع بأمر الله وصرح لقومه بالدعوة وناداهم بسب آلهتهم وعيب دينهم ونالوه ونالوهم بأنواع الأذى وهذه سنة الله عز وجل في خلقه كما قال تعالى : { ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك } وقال { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن }
-
بيان حصول الإذاية للأنبياء في دعوتهم إلى الله وكانت العاقبة لهم فكذلك الأتباع لهم يحصل لهم الأذى فعليهم الصبر على الدعوة
-
القراءة من قول المصنف: وقال { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسولٍ إلا قالوا ساحرٌ أو مجنونٌ أتواصوا به بل هم قومٌ طاغون } فعزى سبحانه نبيه بذلك وأن له أسوةً بمن تقدمه من المرسلين وعزى أتباعه بقوله { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريبٌ } وقوله { الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآتٍ وهو السميع العليم ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين }{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ووصينا الإنسان بوالديه حسنًا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علمٌ فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصرٌ من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين } فليتأمل العبد سياق هذه الآيات وما تضمنته من العبر وكنوز الحكم فإن الناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين إما أن يقول أحدهم آمنا وإما ألا يقول ذلك بل يستمر على السيئات والكفر فمن قال آمنا امتحنه ربه وابتلاه وفتنه والفتنة الابتلاء والاختبار ليتبين الصادق من الكاذب ومن لم يقل آمنا فلا يحسب أنه يعجز الله ويفوته ويسبقه فإنه إنما يطوي المراحل في يديه . وكيف يفر المرء عنه بذنبه إذا كان تطوى في يديه المراحل فمن آمن بالرسل وأطاعهم عاداه أعداؤهم وآذوه فابتلي بما يؤلمه وإن لم يؤمن بهم ولم يطعهم عوقب في الدنيا والآخرة فحصل له ما يؤلمه وكان هذا المؤلم له أعظم ألمًا وأدوم من ألم اتباعهم فلا بد من حصول الألم لكل نفسٍ آمنت أو رغبت عن الإيمان لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة والمعرض عن الإيمان تحصل له اللذة ابتداءً ثم يصير إلى الألم الدائم . وسئل الشافعي رحمه الله أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى ؟ فقال لا يمكن حتى يبتلى والله تعالى ابتلى أولي العزم من الرسل فلما صبروا مكنهم فلا يظن أحدٌ أنه يخلص من الألم البتة وإنما يتفاوت أهل الآلام في العقول فأعقلهم من باع ألمًا مستمرا عظيمًا بألمٍ منقطعٍ يسيرٍ وأشقاهم من باع الألم المنقطع اليسير بالألم العظيم المستمر . فإن قيل كيف يختار العاقل هذا ؟ قيل الحامل له على هذا النقد والنسيئة . و النفس موكلةٌ بحب العاجل { كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة } { إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يومًا ثقيلًا }
-
بيان أن الغالب على النفوس حب العاجلة وإيثارهم لها، وأن الدعوة إلى الله والصبر عليه مما هو شاق على النفوس إلا ما شاء الله
-
سؤال هل التمكين في الأرض خاصة بالمؤمنين أو هو عام وما معنى التمكين ؟
-
سؤال ما معنى قول ابن القيم: فإنه إنما يطوي المراحل بين يديه ؟
-
القراءة من قول الناظم:وهذا يحصل لكل أحدٍ فإن الإنسان مدني بالطبع لا بد له أن يعيش مع الناس والناس لهم إراداتٌ وتصوراتٌ فيطلبون منه أن يوافقهم عليها فإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه وإن حصل له الأذى والعذاب تارةً منهم وتارةً من غيرهم كمن عنده دينٌ وتقًى حل بين قومٍ فجارٍ ظلمةٍ ولا يتمكنون من فجورهم وظلمهم إلا بموافقته لهم أو سكوته عنهم فإن وافقهم أو سكت عنهم سلم من شرهم في الابتداء ثم يتسلطون عليه بالإهانة والأذى أضعاف ما كان يخافه ابتداءً لو أنكر عليهم وخالفهم وإن سلم منهم فلا بد أن يهان ويعاقب على يد غيرهم
-
القراءة من قول المصنف: فالحزم كل الحزم في الأخذ بما قالت عائشة أم المؤمنين لمعاوية : من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئًا
-
القراءة من قول المصنف: ومن تأمل أحوال العالم رأى هذا كثيرًا فيمن يعين الرؤساء على أغراضهم الفاسدة وفيمن يعين أهل البدع على بدعهم هربًا من عقوبتهم
-
القراءة من قول الناظم: فمن هداه الله وألهمه رشده ووقاه شر نفسه امتنع من الموافقة على فعل المحرم وصبر على عدوانهم ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة كما كانت للرسل وأتباعهم كالمهاجرين والأنصار ومن ابتلي من العلماء والعباد وصالحي الولاة والتجار وغيرهم . ولما كان الألم لا محيص منه البتة عزى الله - سبحانه - من اختار الألم اليسير المنقطع على الألم العظيم المستمر بقوله { من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآتٍ وهو السميع العليم } فضرب لمدة هذا الألم أجلًا لا بد أن يأتي وهو يوم لقائه فيلتذ العبد أعظم اللذة بما تحمل أجله وفي مرضاته وتكون لذته وسروره وابتهاجه بقدر ما تحمل من الألم في الله ولله
-
القراءة من قول المصنف: وأكد هذا العزاء والتسلية برجاء لقائه ليحمل العبد اشتياقه إلى لقاء ربه ووليه على تحمل مشقة الألم العاجل بل ربما غيبه الشوق إلى لقائه عن شهود الألم والإحساس به ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه الشوق إلى لقائه فقال في الدعاء الذي رواه أحمد وابن حبان : اللهم إني أسألك بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني إذا كانت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيمًا لا ينفد وأسألك قرة عينٍ لا تنقطع وأسألك الرضى بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرةٍ ولا فتنةٍ مضلةٍ اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداةً مهتدين "
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث " اللهم إني أسألك بعلمك الغيب "
-
القراءة من قول المصنف: فالشوق يحمل المشتاق على الجد في السير إلى محبوبه ويقرب عليه الطريق ويطوي له البعيد ويهون عليه الآلام والمشاق وهو من أعظم نعمةٍ أنعم الله بها على عبده ولكن لهذه النعمة أقوالٌ وأعمالٌ هما السبب الذي تنال به والله سبحانه سميعٌ لتلك الأقوال عليمٌ بتلك الأفعال وهو عليمٌ بمن يصلح لهذه النعمة ويشكرها ويعرف قدرها ويحب المنعم عليه
-
معنى قوله صلى الله عليه وسلم:" والشوق إلى لقائك " وبيان الدعوة تكون مقترنة بالعمل الصالح
-
القراءة من قول المصنف: كما قال تعالى : { وكذلك فتنا بعضهم ببعضٍ ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين } فإذا فاتت العبد نعمةٌ من نعم ربه فليقرأ على نفسه { أليس الله بأعلم بالشاكرين } ثم عزاهم تعالى بعزاءٍ آخر وهو أن جهادهم فيه إنما هو لأنفسهم وثمرته عائدةٌ عليهم وأنه غني عن العالمين ومصلحة هذا الجهاد ترجع إليهم لا إليه سبحانه ثم أخبر أنه يدخلهم بجهادهم وإيمانهم في زمرة الصالحين . ثم أخبر عن حال الداخل في الإيمان بلا بصيرةٍ وأنه إذا أوذي في الله جعل فتنة الناس له كعذاب الله وهي أذاهم له ونيلهم إياه بالمكروه والألم الذي لا بد أن يناله الرسل وأتباعهم ممن خالفهم جعل ذلك في فراره منهم وتركه السبب الذي ناله كعذاب الله الذي فر منه المؤمنون بالإيمان فالمؤمنون لكمال بصيرتهم فروا من ألم عذاب الله إلى الإيمان وتحملوا ما فيه من الألم الزائل المفارق عن قريبٍ وهذا لضعف بصيرته فر من ألم عذاب أعداء الرسل إلى موافقتهم ومتابعتهم ففر من ألم عذابهم إلى ألم عذاب الله فجعل ألم فتنة الناس في الفرار منه بمنزلة ألم عذاب الله وغبن كل الغبن إذ استجار من الرمضاء بالنار وفر من ألم ساعةٍ إلى ألم الأبد وإذا نصر الله جنده وأولياءه قال إني كنت معكم والله عليمٌ بما انطوى عليه صدره من النفاق .
-
معنى قوله تعالى:" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون .." وأن الداعي سيبتلى في دعوته
-
القراءة من قول المصنف: والمقصود أن الله سبحانه اقتضت حكمته أنه لا بد أن يمتحن النفوس ويبتليها فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها ومن يصلح لموالاته وكراماته ومن لا يصلح وليمحص النفوس التي تصلح له ويخلصها بكير الامتحان كالذهب الذي لا يخلص ولا يصفو من غشه إلا بالامتحان إذ النفس في الأصل جاهلةٌ ظالمةٌ وقد حصل لها بالجهل والظلم من الخبث ما يحتاج خروجه إلى السبك والتصفية
-
بيان أن كل إنسان فيه ظلم ولكن يطهره بالاستقامة على طاعة الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه
-
القراءة من قول المصنف: فإن خرج في هذه الدار وإلا ففي كير جهنم فإذا هذب العبد ونقي أذن له في دخول الجنة
-
سؤال حول قول ابن القيم: فليقرأ على نفسه { أليس الله بأعلم بالشاكرين } هل هذه القراءة قراءة تدبر أو قراءة عزاء أو الرقية
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما دعا صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل استجاب له عباد الله من كل قبيلةٍ فكان حائز قصب سبقهم صديق الأمة وأسبقها إلى الإسلام أبو بكرٍ رضي الله عنه فآزره في دين الله ودعا معه إلى الله على بصيرةٍ فاستجاب لأبي بكر ٍ عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاصٍ . وبادر إلى الاستجابة له صلى الله عليه وسلم صديقة النساء خديجة بنت خويلدٍ وقامت بأعباء الصديقية وقال لها : لقد خشيت على نفسي فقالت له أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا ثم استدلت بما فيه من الصفات الفاضلة والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدًا
-
بيان أن صاحب العلم يتكلم عن علم وبصيرة وبيان فضل خديجة رضي الله عنها وذكر قصة بدأ الوحي
-
القراءة من قول المصنف: فعلمت بكمال عقلها وفطرتها أن الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والشيم الشريفة تناسب أشكالها من كرامة الله وتأييده وإحسانه ولا تناسب الخزي والخذلان وإنما يناسبه أضدادها فمن ركبه الله على أحسن الصفات وأحسن الأخلاق والأعمال إنما يليق به كرامته وإتمام نعمته عليه ومن ركبه على أقبح الصفات وأسوإ الأخلاق والأعمال إنما يليق به ما يناسبها وبهذا العقل والصديقية استحقت أن يرسل إليها ربها بالسلام منه مع رسوليه جبريل ومحمدٍ صلى الله عليه وسلم .
-
القراءة من قول المصنف: فصل وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه وكان ابن ثمان سنين وقيل أكثر من ذلك وكان في كفالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه من عمه أبي طالبٍ إعانةً له في سنة محلٍ . وبادر زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان غلامًا لخديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها وقدم أبوه وعمه في فدائه فسألا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل هو في المسجد فدخلا عليه فقالا : يا ابن عبد المطلب يا ابن هاشمٍ يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير جئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه قال ومن هو ؟ " قالوا : زيد بن حارثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فهلا غير ذلك " قالوا : ما هو ؟ قال " أدعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدًا " قالا : قد رددتنا على النصف وأحسنت فدعاه فقال " هل تعرف هؤلاء ؟ " قال نعم قال " من هذا ؟ " قال هذا أبي وهذا عمي قال " فأنا من قد علمت ورأيت وعرفت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما " قال ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا أبدًا أنت مني مكان الأب والعم فقالا : ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وعلى أهل بيتك ؟ قال نعم قد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا أبدًا فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال " أشهدكم أن زيدًا ابني يرثني وأرثه "
-
القراءة من قول المصنف: فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا ودعي زيد بن محمدٍ حتى جاء الله بالإسلام فنزلت ادعوهم لآبائهم زيد بن حارثة . قال معمرٍ في " جامعه " عن الزهري : ما علمنا أحدًا أسلم قبل زيد بن حارثة وهو الذي أخبر الله عنه في كتابه أنه أنعم عليه وأنعم عليه رسوله وسماه باسمه
-
القراءة من قول المصنف: وأسلم القس ورقة بن نوفل ٍ وتمنى أن يكون جذعًا إذ يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه وفي " جامع الترمذي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه في المنام في هيئةٍ حسنةٍ وفي حديثٍ آخر أنه رآه في ثياب بياضٍ
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث عائشة في قصة ورقة بن نوفل ورؤية النبي عليه الصلاة والسلام له في الجنة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث عائشة في قصة ورقة بن نوفل ورؤية النبي عليه الصلاة والسلام له في الجنة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث عائشة آخر في قصة ورقة بن نوفل ورؤية النبي عليه الصلاة والسلام له في الجنة
-
سؤال لماذا لم يذكر ورقة انتسابه إلى عيسى عليه السلام وإنما ذكر انتسابه إلى موسى عليهما السلام
-
القراءة من قول المصنف: ودخل الناس في الدين واحدًا بعد واحدٍ وقريشٌ لا تنكر ذلك حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم وأنها لا تضر ولا تنفع فحينئذٍ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة فحمى الله رسوله بعمه أبي طالبٍ لأنه كان شريفًا معظمًا في قريشٍ مطاعًا في أهله وأهل مكة لا يتجاسرون على مكاشفته بشيءٍ من الأذى . وكان من حكمة أحكم الحاكمين بقاؤه على دين قومه لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها
-
القراءة من قول المصنف: وأما أصحابه فمن كان له عشيرةٌ تحميه امتنع بعشيرته وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب منهم عمار بن ياسرٍ وأمه سمية وأهل بيته عذبوا في الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهم وهم يعذبون يقول صبرًا يا آل ياسرٍ فإن موعدكم الجنة
-
القراءة من الحاشية حول قصة تعذيب قريش لآل ياسر وتخريج أحاديثه
-
القراءة من قول المصنف: ومنهم بلال بن رباحٍ فإنه عذب في الله أشد العذاب فهان على قومه وهانت عليه نفسه في الله وكان كلما اشتد عليه العذاب يقول أحدٌ أحدٌ فيمر به ورقة بن نوفلٍ . فيقول إي والله يا بلال أحدٌ أحدٌ أما والله لئن قتلتموه لأتخذنه حنانًا
-
سؤال: هل يصح أثر مرور ورقة على بلال لأن ورقة توفي في أول البعثة ؟
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما اشتد أذى المشركين على من أسلم وفتن منهم من فتن حتى يقولوا لأحدهم اللات والعزى إلهك من دون الله ؟ فيقول نعم وحتى إن الجعل ليمر بهم فيقولون وهذا إلهك من دون الله فيقول نعم
-
جواز النطق بالكفر في حالة الإكراه مع اطمئنان القلب وهذا الذي وقع من الصحابة لما عذبوهم كفار قريش
-
القراءة من قول المصنف: ومر عدو الله أبو جهلٍ بسمية أم عمار بن ياسرٍ وهي تعذب وزوجها وابنها فطعنها بحربةٍ في فرجها حتى قتلها .
-
القراءة من قول المصنف: كان الصديق إذا مر بأحدٍ من العبيد يعذب اشتراه منهم وأعتقه منهم بلالٌ وعامر بن فهيرة وأم عبيسٍ وزنيرة والنهدية وابنتها وجاريةٌ لبني عدي كان عمر يعذبها على الإسلام قبل إسلامه وقال له أبوه يا بني أراك تعتق رقابًا ضعافًا فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت قومًا جلدًا يمنعونك فقال له أبو بكرٍ إني أريد ما أريد
-
القراءة من قول المصنف: فلما اشتد البلاء أذن الله سبحانه لهم بالهجرة الأولى إلى أرض الحبشة وكان أول من هاجر إليها عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أهل هذه الهجرة الأولى اثني عشر رجلًا وأربع نسوةٍ عثمان وامرأته وأبو حذيفة وامرأته سهلة بنت سهيلٍ وأبو سلمة وامرأته أم سلمة هند بنت أبي أمية والزبير بن العوام ومصعب بن عميرٍ وعبد الرحمن بن عوفٍ وعثمان بن مظعونٍ وعامر بن ربيعة وامرأته ليلى بنت أبي حثمة وأبو سبرة بن أبي رهمٍ وحاطب بن عمرٍو وسهيل بن وهبٍ وعبد الله بن مسعودٍ . وخرجوا متسللين سرا فوفق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار فحملوهم فيهما إلى أرض الحبشة وكان مخرجهم في رجبٍ في السنة الخامسة من المبعث وخرجت قريشٌ في آثارهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحدًا ثم بلغهم أن قريشًا قد كفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم فرجعوا فلما كانوا دون مكة بساعةٍ من نهارٍ بلغهم أن قريشًا أشد ما كانوا عداوةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل من دخل بجوارٍ وفي تلك المرة دخل ابن مسعودٍ فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فلم يرد عليه فتعاظم ذلك على ابن مسعودٍ حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم ؟ : إن الله قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة هذا هو الصواب وزعم ابن سعدٍ وجماعةٌ أن ابن مسعودٍ لم يدخل وأنه رجع إلى الحبشة الثانية إلى المدينة مع من قدم ورد هذا بأن ابن مسعودٍ شهد بدرًا وأجهز على أبي جهلٍ وأصحاب هذه الهجرة إنما قدموا المدينة مع جعفر بن أبي طالبٍ وأصحابه بعد بدرٍ بأربع سنين أو خمسٍ
-
القراءة من قول المصنف: قالوا : فإن قيل بل هذا الذي ذكره ابن سعدٍ يوافق قول زيد بن أرقم : كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام وزيد بن أرقم من الأنصار والسورة مدنيةٌ وحينئذٍ فابن مسعودٍ سلم عليه لما قدم وهو في الصلاة فلم يرد عليه حتى سلم وأعلمه بتحريم الكلام فاتفق حديثه وحديث ابن أرقم . قيل يبطل هذا شهود ابن مسعودٍ بدرًا وأهل الهجرة الثانية إنما قدموا عام خيبر مع جعفر ٍ وأصحابه ولو كان ابن مسعودٍ ممن قدم قبل بدرٍ لكان لقدومه ذكرٌ ولم يذكر أحدٌ قدوم مهاجري الحبشة إلا في القدمة الأولى بمكة والثانية عام خيبر مع جعفرٍ فمتى قدم ابن مسعودٍ في غير هاتين المرتين ومع من ؟ وبنحو قلنا في ذلك قال ابن إسحاق قال وبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا إلى الحبشة إسلام أهل مكة فأقبلوا لما بلغهم من ذلك حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن إسلام أهل مكة كان باطلًا فلم يدخل منهم أحدٌ إلا بجوارٍ أو مستخفيًا . فكان ممن قدم منهم فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد بدرًا وأحدًا فذكر منهم عبد الله بن مسعودٍ . فإن قيل فما تصنعون بحديث زيد بن أرقم ؟ قيل قد أجيب عنه بجوابين أحدهما : أن يكون النهي عنه قد ثبت بمكة ثم أذن فيه بالمدينة ثم نهي عنه . والثاني : أن زيد بن أرقم كان من صغار الصحابة وكان هو وجماعةٌ يتكلمون في الصلاة على عادتهم ولم يبلغهم النهي فلما بلغهم انتهوا وزيدٌ لم يخبر عن جماعة المسلمين كلهم بأنهم كانوا يتكلمون في الصلاة إلى حين نزول هذه الآية ولو قدر أنه أخبر بذلك لكان وهمًا منه . ثم اشتد البلاء من قريشٍ على من قدم من مهاجري الحبشة وغيرهم وسطت بهم عشائرهم ولقوا منهم أذًى شديدًا فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخروج إلى أرض الحبشة مرةً ثانيةً وكان خروجهم الثاني أشق عليهم وأصعب ولقوا من قريشٍ تعنيفًا شديدًا ونالوهم بالأذى وصعب عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره لهم وكان عدة من خرج في هذه المرة ثلاثةً وثمانين رجلًا إن كان فيهم عمار بن ياسرٍ فإنه يشك فيه قاله ابن إسحاق ومن النساء تسع عشرة امرأةً . قلت قد ذكر في هذه الهجرة الثانية عثمان بن عفان وجماعةٌ ممن شهد بدرًا فإما أن يكون هذا وهمًا وإما أن يكون لهم قدمةٌ أخرى قبل بدرٍ فيكون لهم ثلاث قدماتٍ قدمةٌ قبل الهجرة وقدمةٌ قبل بدرٍ وقدمةٌ عام خيبر ولذلك قال ابن سعدٍ وغيره إنهم لما سمعوا مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثةٌ وثلاثون رجلًا ومن النساء ثمان نسوةٍ فمات منهم رجلان بمكة وحبس بمكة سبعةٌ وشهد بدرًا منهم أربعةٌ وعشرون رجلًا . كان شهر ربيعٍ الأول سنة سبعٍ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري فلما قرئ عليه الكتاب أسلم وقال لئن قدرت أن آتيه لآتينه
-
القراءة من قول المصنف: وكتب إليه أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وكانت فيمن هاجر إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحشٍ فتنصر هناك ومات فزوجه النجاشي إياها وأصدقها عنه أربعمائة دينارٍ وكان الذي ولي تزويجها خالد بن سعيد بن العاص
-
سؤال هل إذا أسلمت المرأة دون زوجها ينفسخ النكاح وكيف الجواب عن حديث أبي العاص زوج زينب بنت رسول الله ؟
-
سؤال هل ينفسخ نكاح المرأة المسلمة إذا كانت لا تعلم بكفر زوجها
-
سؤال ما الحكم إذا لم يكن يعلم الزوجين إذا كانا كافرين ثم أسلم أحدهما جون الآخر وبقيت معه
-
سؤال هل ترجع المرأة المسلمة لزوجها الذي كان كافرا ثم أسلم وانتهت عدتها بعقد جديد أم لا ؟
-
القراءة من قول المصنف: وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه من بقي عنده من أصحابه ويحملهم ففعل وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فوجدوه قد فتحها فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يدخلوهم في سهامهم ففعلوا .
-
الكلام على إدخال النبي صلى الله عليه وسلم جعفر وأصحابه في سهام خيبر
-
القراءة من قول المصنف: وعلى هذا فيزول الإشكال الذي بين حديث ابن مسعودٍ وزيد بن أرقم ويكون ابن مسعودٍ قدم في المرة الوسطى بعد الهجرة قبل بدرٍ إلى المدينة وسلم عليه حينئذٍ فلم يرد عليه وكان العهد حديثًا بتحريم الكلام كما قال زيد بن أرقم ويكون تحريم الكلام بالمدينة لا بمكة وهذا أنسب بالنسخ الذي وقع في الصلاة والتغيير بعد الهجرة كجعلها أربعًا بعد أن كانت ركعتين ووجوب الاجتماع لها . فإن قيل ما أحسنه من جمعٍ وأثبته لولا أن محمد بن إسحاق قد قال ما حكيتم عنه أن ابن مسعودٍ أقام بمكة بعد رجوعه من الحبشة حتى هاجر إلى المدينة وشهد بدرًا وهذا يدفع ما ذكر . قيل إن كان محمد بن إسحاق قد قال هذا فقد قال محمد بن سعدٍ في " طبقاته " : إن ابن مسعودٍ مكث يسيرًا بعد مقدمه ثم رجع إلى أرض الحبشة وهذا هو الأظهر لأن ابن مسعودٍ لم يكن له بمكة من يحميه وما حكاه ابن سعدٍ قد تضمن زيادة أمرٍ خفي على ابن إسحاق وابن إسحاق لم يذكر من حدثه ومحمد بن سعدٍ أسند ما حكاه إلى المطلب بن عبد الله بن حنطبٍ فاتفقت الأحاديث وصدق بعضها بعضًا وزال عنها الإشكال و لله الحمد والمنة
-
القراءة من قول المصنف: وقد ذكر ابن إسحاق في هذه الهجرة إلى الحبشة أبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس ٍ وقد أنكر عليه ذلك أهل السير منهم محمد بن عمر الواقدي وغيره وقالوا : كيف يخفى ذلك على ابن إسحاق أو على من دونه ؟ قلت وليس ذلك مما يخفى على من دون محمد بن إسحاق فضلًا عنه وإنما نشأ الوهم أن أبا موسى هاجر من اليمن إلى أرض الحبشة إلى عند جعفرٍ وأصحابه لما سمع بهم ثم قدم معهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر كما جاء مصرحًا به في " الصحيح " فعد ذلك ابن إسحاق لأبي موسى هجرةً ولم يقل إنه هاجر من مكة إلى أرض الحبشة لينكر عليه
-
بيان أن هجرة أبي موسى وأصحابه كانت من اليمن إلى الحبشة ثم إلى المدينة
-
سؤال: إن والدتي مريضة بمرض تلوث الكبد أرجو منكم أن تدعو لها بهذا المكان المبارك، وما رأي فضيلتكم في حكم شرب بول الإبل حيث إن كثيرين نصحوني به ؟
-
القراءة من قول المصنف: وانحاز المهاجرون إلى مملكة أصحمة النجاشي آمنين فلما علمت قريشٌ بذلك بعثت في أثرهم عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص بهدايا وتحفٍ من بلدهم إلى النجاشي ليردهم عليهم فأبى ذلك عليهم وشفعوا إليه بعظماء بطارقته فلم يجبهم إلى ما طلبوا فوشوا إليه إن هؤلاء يقولون في عيسى قولًا عظيمًا يقولون إنه عبد الله
-
القراءة من قول المصنف: فاستدعى المهاجرين إلى مجلسه ومقدمهم جعفر بن أبي طالبٍ فلما أرادوا الدخول عليه قال جعفرٌ يستأذن عليك حزب الله فقال للآذن قل له يعيد استئذانه فأعاده عليه فلما دخلوا عليه قال ما تقولون في عيسى ؟ فتلا عليه جعفرٌ صدرًا من سورة " كهيعص " فأخذ النجاشي عودًا من الأرض فقال ما زاد عيسى على هذا ولا هذا العود فتناخرت بطارقته عنده فقال وإن نخرتم قال اذهبوا فأنتم سيومٌ بأرضي من سبكم غرم
-
القراءة من قول المصنف: والسيوم الآمنون في لسانهم ثم قال للرسولين لو أعطيتموني دبرًا من ذهبٍ يقول جبلًا من ذهبٍ ما أسلمتهم إليكما ثم أمر فردت عليهما هداياهما ورجعا مقبوحين
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ: ثم أسلم حمزة عمه وجماعةٌ كثيرون وفشا الإسلام فلما رأت قريشٌ أمر صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد أجمعوا على أن يتعاقدوا على بني هاشمٍ وبني المطلب وبني عبد منافٍ
-
القراءة من قول المصنف: أن لا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم
-
القراءة من قول المصنف: حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبوا بذلك صحيفةً وعلقوها في سقف الكعبة يقال كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشمٍ ويقال النضر بن الحارث والصحيح أنه بغيض بن عامر بن هاشمٍ فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت يده فانحاز بنو هاشمٍ وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهبٍ فإنه ظاهر قريشًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشمٍ وبني المطلب وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في الشعب شعب أبي طالبٍ ليلة هلال المحرم سنة سبعٍ من البعثة وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة وبقوا محبوسين ومحصورين مضيقًا عليهم جدا مقطوعًا عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغهم الجهد وسمع أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب وهناك عمل أبو طالب ٍ قصيدته اللامية المشهورة أولها : جزى الله عنا عبد شمسٍ ونوفلًا عقوبة شر عاجلًا غير آجل وكانت قريشٌ في ذلك بين راضٍ وكارهٍ فسعى في نقض الصحيفة من كان كارهًا لها وكان القائم بذلك هشام بن عمرو بن الحارث بن حبيب بن نصر بن مالكٍ مشى في ذلك إلى المطعم بن عدي وجماعةٍ من قريشٍ فأجابوه إلى ذلك ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم وأنه أرسل عليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جورٍ وقطيعةٍ وظلمٍ إلا ذكر الله عز وجل فأخبر بذلك عمه فخرج إلى قريشٍ فأخبرهم أن ابن أخيه قد قال كذا وكذا فإن كان كاذبًا خلينا بينكم وبينه وإن كان صادقًا رجعتم عن قطيعتنا وظلمنا قالوا : قد أنصفت فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفرًا إلى كفرهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب .
-
القراءة من الحاشية حول لامية أبي طالب وأن البيت الذي قال فيه ابن القيم أولها هو البيت الثامن والخمسين منها فكيف الجواب ؟
-
القراءة من قول المصنف: قال ابن عبد البر : بعد عشرة أعوامٍ من المبعث ومات أبو طالبٍ بعد ذلك بستة أشهرٍ وماتت خديجة بعده بثلاثة أيامٍ وقيل غير ذلك
-
القراءة من قول المصنف:فصل ٌ فلما نقضت الصحيفة وافق موت أبي طالبٍ وموت خديجة
-
القراءة من قول المصنف:فصل ٌفلما نقضت الصحيفة وافق موت أبي طالبٍ وموت خديجة وبينهما يسيرٌ فاشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفهاء قومه وتجرءوا عليه فكاشفوه بالأذى فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف
-
القراءة من قول المصنف: رجاء أن يؤووه وينصروه على قومه ويمنعوه منهم ودعاهم إلى الله عز وجل فلم ير من يؤوي ولم ير ناصرًا وآذوه مع ذلك أشد الأذى ونالوا منه ما لم ينله قومه وكان معه زيد بن حارثة مولاه فأقام بينهم عشرة أيامٍ لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه فقالوا : اخرج من بلدنا وأغروا به سفهاءهم فوقفوا له سماطين وجعلوا يرمونه بالحجارة حتى دميت قدماه وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شجاجٌ في رأسه فانصرف راجعًا من الطائف إلى مكة محزونًا وفي مرجعه ذلك دعا بالدعاء المشهور دعاء الطائف : اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيدٍ يتجهمني ؟ أو إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك غضبٌ علي فلا أبالي غير أن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك أو أن ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث دعاء الطائف المشهور، ومعنى قوله:" العتبى "
-
القراءة من قول المصنف: فأرسل ربه تبارك وتعالى إليه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة وهما جبلاها اللذان هي بينهما فقال لا بل أستأني بهم لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئًا
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث إرسال الله للنبي صلى الله عليه وسلم ملك الجبال
-
القراءة من قول المصنف: فلما نزل بنخلة مرجعه قام يصلي من الليل فصرف إليه نفرٌ من الجن فاستمعوا قراءته ولم يشعر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل عليه { وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى مصدقًا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريقٍ مستقيمٍ يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذابٍ أليمٍ ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجزٍ في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلالٍ مبينٍ }
-
القراءة من الحاشية حول وقت سماع الجن لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم
-
سؤال ما هو الراجع في وقت سماع الجن لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم بعد مرجعه من الطائف أو قبله
-
سؤال حول أن عظم طعام الإنس يكون زادا لإخواننا المسلمين من الجن فهل يشرع التسمية على كل عضم
-
القراءة من قول المصنف: وأقام بنخلة أيامًا فقال له زيد بن حارثة : كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك ؟ يعني قريشًا فقال يا زيد إن الله جاعلٌ لما ترى فرجًا ومخرجًا وإن الله ناصرٌ دينه ومظهرٌ نبيه ثم انتهى إلى مكة فأرسل رجلًا من خزاعة إلى مطعم بن عدي أدخل في جوارك ؟ فقال نعم ودعا بنيه وقومه فقال البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت فإني قد أجرت محمدًا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام فقام المطعم بن عدي على راحلته فنادى : يا معشر قريشٍ إني قد أجرت محمدًا فلا يهجه أحدٌ منكم فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته والمطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته
-
الكلام على المطعم بن عدي وقول النبي صلى الله عليه وسلم فيه في غزوة بدر لو سألني في الأسرى لتركتهم له
-
فصل : ٌثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس راكبًا على البراق صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام فنزل هناك وصلى بالأنبياء إمامًا وربط البراق بحلقة باب المسجد . وقد قيل إنه نزل ببيت لحمٍ وصلى فيه ولم يصح ذلك عنه البتة. ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا فاستفتح له جبريل ففتح له فرأى هنالك آدم أبا البشر فسلم عليه فرد عليه السلام ورحب به وأقر بنبوته وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه وأرواح الأشقياء عن يساره ثم عرج به إلى السماء الثانية فاستفتح له فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم فلقيهما وسلم عليهما فردا عليه ورحبا به وأقرا بنبوته ثم عرج به إلى السماء الثالثة فرأى فيها يوسف فسلم عليه فرد عليه ورحب به وأقر بنبوته ثم عرج به إلى السماء الرابعة فرأى فيها إدريس فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ثم عرج به إلى السماء الخامسة فرأى فيها هارون بن عمران فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ثم عرج به إلى السماء السادسة فلقي فيها موسى بن عمران فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته فلما جاوزه بكى موسى فقيل له ما يبكيك ؟ فقال أبكي لأن غلامًا بعث من بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي ثم عرج به إلى السماء السابعة فلقي فيها إبراهيم فسلم عليه ورحب به وأقر بنبوته ثم رفع إلى سدرة المنتهى ثم رفع له البيت المعمور
-
الكلام على الإسراء والمعراج ولقائه بالأنبياء وذكر المراتب الأنبياء على الأصح وبيان فرض الصلاة في هذه الليلة
-
القراءة من قول المصنف: ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى
-
القراءة من الحاشية حول قوله في الحديث:" فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى "
-
معنى قوله تعالى:" ثم دنا فتدلى " والكلام على هذه الزيادة في الحديث وأن التدني إلى جبريل لا إلى الله
-
سؤال: هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه في ليلة الإسراء والمعراج ؟
-
القراءة من الحاشية حول زيادات شريك في حديث الإسراء والمعراج وبيان درجته في الحديث
-
القراءة من الحاشية حول صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس ركعتين
-
بيان رأي الشيخ في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء في ليلة الإسراء
-
سؤال كيف رأى النبي صلى الله عليه وسلم موسى يصلي في قبره وهل هذا من التكليف ؟
-
القراءة من قول المصنف: حول فأوحى إلى عبده ما مر على موسى فقال له بم أمرت ؟ قال بخمسين صلاةً قال إن أمتك لا تطيق ذلك ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فالتفت إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك فأشار أن نعم إن شئت فعلا به جبريل حتى أتى به الجبار تبارك وتعالى وهو في مكانه . هذا لفظ البخاري في بعض الطرق فوضع عنه عشرًا ثم أنزل حتى مر بموسى فأخبره فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل حتى جعلها خمسًا فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف فقال قد استحييت من ربي ولكن أرضى وأسلم فلما بعد نادى منادٍ قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي . رأى ربه تلك الليلة أم لا ؟ فصح عن ابن عباسٍ أنه رأى ربه وصح عنه أنه قال رآه بفؤاده وصح عن عائشة وابن مسعودٍ إنكار ذلك وقالا : إن قوله { ولقد رآه نزلةً أخرى عند سدرة المنتهى } إنما هو جبريل . وصح عن أبي ذر أنه سأله هل رأيت ربك ؟ فقال نورٌ أنى أراه أي حال بيني وبين رؤيته النور كما قال في لفظٍ آخر رأيت نورًا وقد حكى عثمان بن سعيدٍ الدارمي اتفاق الصحابة على أنه لم يره . قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه وليس قول ابن عباسٍ : " إنه رآه " مناقضًا لهذا ولا قوله رآه بفؤاده وقد صح عنه أنه قال " رأيت ربي تبارك وتعالى " ولكن لم يكن هذا في الإسراء ولكن كان في المدينة لما احتبس عنهم في صلاة الصبح ثم أخبرهم عن رؤية ربه تبارك وتعالى تلك الليلة في منامه وعلى هذا بنى الإمام أحمد رحمه الله تعالى وقال نعم رآه حقا فإن رؤيا الأنبياء حق ولا بد ولكن لم يقل أحمد رحمه الله تعالى : إنه رآه بعيني رأسه يقظةً ومن حكى عنه ذلك فقد وهم عليه ولكن قال مرةً رآه ومرةً قال رآه بفؤاده فحكيت عنه روايتان وحكيت عنه الثالثة من تصرف بعض أصحابه أنه رآه بعيني رأسه وهذه نصوص أحمد موجودةٌ ليس فيها ذلك . وأما قول ابن عباسٍ : أنه رآه بفؤاده مرتين فإن كان استناده إلى قوله تعالى : { ما كذب الفؤاد ما رأى } ثم قال { ولقد رآه نزلةً أخرى } والظاهر أنه مستنده فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين في صورته التي خلق عليها وقول ابن عباسٍ هذا هو مستند الإمام أحمد في قوله رآه بفؤاده والله أعلم . وأما قوله تعالى في سورة النجم { ثم دنا فتدلى } فهو غير الدنو والتدلي في قصة الإسراء فإن الذي في ( سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه كما قالت عائشة وابن مسعودٍ والسياق يدل عليه فإنه قال { علمه شديد القوى } وهو جبريل { ذو مرةٍ فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى } فالضمائر كلها راجعةٌ إلى هذا المعلم الشديد القوى وهو ذو المرة أي القوة وهو الذي استوى بالأفق الأعلى وهو الذي دنى فتدلى فكان من محمدٍ صلى الله عليه وسلم قدر قوسين أو أدنى فأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء فذلك صريحٌ في أنه دنو الرب تبارك وتدليه
-
القراءة من قول المصنف: ولا تعرض في ( سورة النجم لذلك بل فيها أنه رآه نزلةً سدرة المنتهى وهذا هو جبريل رآه محمدٌ صلى الله عليه وسلم على صورته مرتين مرةً في الأرض ومرةً عند سدرة المنتهى والله أعلم
-
بيان أن الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل لا الله في ليلة الإسراء
-
فصلٌ: فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى فاشتد تكذيبهم له وأذاهم وضراوتهم عليه وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس فجلاه الله له حتى عاينه فطفق يخبرهم عن آياته ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا . وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه وأخبرهم عن وقت قدومها وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها وكان الأمر كما قال فلم يزدهم ذلك إلا نفورًا وأبى الظالمون إلا كفورًا .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ: وقد نقل ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية أنهما قالا : إنما كان الإسراء بروحه ولم يفقد جسده ونقل عن الحسن البصري نحو ذلك ولكن ينبغي أن يعلم الفرق بين أن يقال كان الإسراء منامًا وبين أن يقال كان بروحه دون جسده وبينهما فرقٌ عظيمٌ وعائشة ومعاوية لم يقولا : كان منامًا وإنما قالا : أسري بروحه ولم يفقد جسده وفرقٌ بين الأمرين فإن ما يراه النائم قد يكون أمثالًا مضروبةً للمعلوم في الصور المحسوسة فيرى كأنه قد عرج به إلى السماء أو ذهب به إلى مكة وأقطار الأرض وروحه لم تصعد ولم تذهب وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال والذين قالوا : عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم طائفتان طائفةٌ قالت عرج بروحه وبدنه وطائفةٌ قالت عرج بروحه ولم يفقد بدنه وهؤلاء لم يريدوا أن المعراج كان منامًا وإنما أرادوا أن الروح ذاتها أسري بها وعرج بها حقيقةً
-
بيان أن الإسراء كان بجسد وروح النبي صلى الله عليه وسلم معا بصريح القرآن والسنة
-
القراءة من قول المصنف: وباشرت من جنس ما تباشر بعد المفارقة وكان حالها في ذلك كحالها بعد المفارقة في صعودها إلى السماوات سماءً سماءً حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة فتقف بين يدي الله عز وجل فيأمر فيها بما يشاء ثم تنزل إلى الأرض والذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء أكمل مما يحصل للروح عند المفارقة . ومعلومٌ أن هذا أمرٌ فوق ما يراه النائم لكن لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام خرق العوائد حتى شق بطنه وهو حي لا يتألم بذلك عرج بذات روحه المقدسة حقيقةً من غير إماتةٍ ومن سواه لا ينال بذات روحه الصعود إلى السماء إلا بعد الموت والمفارقة
-
القراءة من قول المصنف: فالأنبياء إنما استقرت أرواحهم هناك بعد مفارقة الأبدان وروح رسول الله صلى الله حال الحياة ثم عادت وبعد وفاته استقرت في الرفيق الأعلى مع أرواح الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - ومع هذا فلها إشرافٌ على البدن وإشراقٌ وتعلقٌ به بحيث يرد السلام على من سلم عليه
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
-
القراءة من قول المصنف: وبهذا التعلق رأى موسى قائمًا يصلي في قبره ورآه في السماء السادسة . ومعلومٌ أنه لم يعرج بموسى من قبره ثم رد إليه وإنما ذلك مقام روحه واستقرارها وقبره مقام بدنه واستقراره إلى يوم معاد الأرواح إلى أجسادها فرآه يصلي في قبره ورآه في السماء السادسة كما أنه صلى الله عليه وسلم في أرفع مكانٍ في الرفيق الأعلى مستقرا هناك وبدنه في ضريحه غير مفقودٍ وإذا سلم عليه المسلم رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام ولم يفارق الملأ الأعلى ومن كثف إدراكه وغلظت طباعه عن إدراك هذا فلينظر إلى الشمس في علو محلها وتعلقها وتأثيرها في الأرض وحياة النبات والحيوان بها هذا وشأن الروح فوق هذا فلها شأنٌ وللأبدان شأنٌ وهذه النار تكون في محلها وحرارتها تؤثر في الجسم البعيد عنها مع أن الارتباط والتعلق الذي بين الروح والبدن أقوى وأكمل من ذلك وأتم فشأن الروح أعلى من ذلك وألطف . فقل للعيون الرمد إياك أن تري ... سنا الشمس فاستغشي ظلام اللياليا
-
سؤال رجل غرق أحد أبنائه في السباحة وهو لا يحسن السباحة فهل عليه شيء ؟
-
القراءة من قول المصنف:فصلٌ قال موسى بن عقبة عن الزهري: عرج بروح رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وإلى السماء قبل خروجه إلى المدينة بسنةٍ . وقال ابن عبد البر وغيره كان بين الإسراء والهجرة سنةٌ وشهران انتهى . وكان الإسراء مرةً واحدةً . وقيل مرتين مرةً يقظةً ومرةً منامًا وأرباب هذا القول كأنهم أرادوا أن يجمعوا بين حديث شريكٍ سائر الروايات ومنهم من قال بل كان هذا مرتين مرةً قبل الوحي لقوله في حديث شريكٍ " وذلك قبل أن يوحى إليه " ومرةً بعد الوحي كما دلت عليه سائر الأحاديث . منهم من قال بل ثلاث مراتٍ مرةً قبل الوحي ومرتين بعده وكل هذا خبطٌ وهذه طريقة ضعفاء الظاهرية من أرباب النقل الذين إذا رأوا في القصة لفظةً تخالف سياق بعض الروايات جعلوه مرةً أخرى فكلما اختلفت عليهم الروايات عددوا الوقائع والصواب الذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرةً واحدةً بمكة بعد البعثة
-
بيان أن الإسراء والمعراج وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة قبل الهجرة وكان يقظة لا مناما
-
القراءة من قول المصنف: ويا عجبًا لهؤلاء الذين زعموا أنه مرارًا كيف ساغ لهم أن يظنوا أنه في كل مرةٍ تفرض عليه الصلاة خمسين ثم يتردد بين ربه وبين موسى حتى تصير خمسًا ثم يقول " أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي " ثم يعيدها في المرة الثانية إلى خمسين ثم يحطها عشرًا عشرًا وقد غلط الحفاظ شريكًا في ألفاظٍ من حديث الإسراء ومسلمٌ أورد المسند منه ثم قال فقدم وأخر وزاد ونقص ولم يسرد الحديث فأجاد رحمه الله
-
القراءة من الحاشية حول أخطاء شريك في روايته لحديث الإسراء والمعراج
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في مبدأ الهجرة التي فرق الله فيها بين أوليائه وأعدائه وجعلها مبدأً لإعزاز دينه ونصر عبده ورسوله قال الواقدي : حدثني محمد بن صالح ٍ عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان وغيرهما قالوا : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيًا ثم أعلن في الرابعة فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين يوافي الموسم كل عامٍ يتبع الحاج في منازلهم وفي المواسم بعكاظٍ ومجنة وذي المجاز يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه ولهم الجنة فلا يجد أحدًا ينصره ولا يجيبه حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلةً قبيلةً ويقول يا أيها الناس قولوا : لا إله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب وتذل لكم بها العجم فإذا آمنتم كنتم ملوكًا في الجنة وأبو لهب ٍ وراءه يقول لا تطيعوه فإنه صابئٌ كذابٌ فيردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبح الرد ويؤذونه ويقولون أسرتك وعشيرتك أعلم بك حيث لم يتبعوك وهو يدعوهم إلى الله ويقول اللهم لو شئت لم يكونوا هكذا
-
القراءة من قول المصنف: قال وكان ممن يسمى لنا من القبائل الذين أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم وعرض نفسه عليهم بنو عامر بن صعصعة ومحارب بن حصفة وفزارة وغسان ومرة وحنيفة وسليمٌ وعبس وبنو النضر وبنو البكاء وكندة وكلبٌ والحارث بن كعبٍ وعذرة والحضارمة فلم يستجب منهم أحدٌ
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث عرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل ودعوته لهم
-
سؤال: ما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: قولوا كلمة تملكوا بها العرب ".
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان مما صنع الله لرسوله أن الأوس والخزرج كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة أن نبيا من الأنبياء مبعوثٌ عادٍ وإرمٍ وكانت الأنصار يحجون البيت كما كانت العرب تحجه دون اليهود فلما رأى الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الله عز وجل وتأملوا أحواله قال بعضهم لبعضٍ تعلمون والله يا قوم أن هذا الذي توعدكم به يهود فلا يسبقنكم إليه . وكان سويد بن الصامت من الأوس قد قدم مكة فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبعد ولم يجب حتى قدم أنس بن رافعٍ أبو الحيسر في فتيةٍ من قومه من بني عبد الأشهل يطلبون الحلف فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فقال إياس بن معاذٍ وكان شابا حدثًا : يا قوم هذا والله خيرٌ مما جئنا له فضربه أبو الحيسر وانتهره فسكت ثم لم يتم لهم الحلف فانصرفوا إلى المدينة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار إلى الإسلام
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عند العقبة في الموسم ستة نفرٍ من الأنصار كلهم من الخزرج وهم أبو أمامة أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ورافع بن مالكٍ وقطبة بن عامرٍ وعقبة بن عامر ٍ وجابر بن عبد الله بن رئابٍ فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلموا ثم رجعوا إلى المدينة فدعوهم إلى الإسلام ففشا الإسلام فيها حتى لم يبق دارٌ إلا وقد دخلها الإسلام
-
القراءة من قول المصنف: فلما كان العام المقبل جاء منهم اثنا عشر رجلًا الستة الأول خلا جابر بن عبد الله ومعهم معاذ بن الحارث بن رفاعة أخو عوفٍ المتقدم وذكوان بن عبد القيس وقد أقام ذكوان بمكة حتى هاجر إلى المدينة فيقال إنه مهاجري أنصاري وعبادة بن الصامت ويزيد بن ثعلبة وأبو الهيثم بن التيهان وعويمر بن مالكٍ هم اثنا عشر . وقال أبو الزبير عن جابرٍ إن النبي صلى الله عليه وسلم لبث بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم في المواسم ومجنة وعكاظ يقول من يؤويني ؟ من ينصرني ؟ حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة فلا يجد أحدًا ينصره ولا يؤويه حتى إن الرجل ليرحل من مضر أو اليمن إلى ذي رحمه فيأتيه قومه فيقولون له احذر غلام قريشٍ لا يفتنك ويمشي بين رجالهم يدعوهم إلى الله عز وجل وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله من يثرب فيأتيه الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دارٌ من دور الأنصار إلا وفيها رهطٌ من المسلمين يظهرون الإسلام
-
بيان فضل الأنصار في سبقهم للإسلام وبيان صبر الأنبياء في الدعوة إلى الله
-
القراءة من قول المصنف: وبعثنا الله إليه فائتمرنا واجتمعنا وقلنا : حتى متى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم فواعدنا بيعة العقبة فقال له عمه العباس يا ابن أخي ما أدري ما هؤلاء القوم الذين جاءوك إني ذو معرفةٍ بأهل يثرب فاجتمعنا عنده من رجلٍ ورجلين فلما نظر العباس في وجوهنا قال هؤلاء قومٌ لا نعرفهم هؤلاء أحداثٌ فقلنا : يا رسول الله علام نبايعك ؟ قال " تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائمٍ وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة فقمنا نبايعه فأخذ بيده أسعد بن زرارة وهو أصغر السبعين فقال رويدًا يا أهل يثرب إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافةً وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفةً فذروه فهو أعذر لكم عند الله فقالوا : يا أسعد أمط عنا يدك فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها فقمنا إليه رجلًا رجلًا فأخذ علينا وشرط يعطينا بذلك الجنة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث مبايعة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم في البيعة الأول
-
القراءة من قول المصنف: ثم انصرفوا إلى المدينة وبعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أم مكتومٍ ومصعب بن عميرٍ يعلمان من أسلم منهم القرآن ويدعوان إلى الله عز وجل فنزلا على أبي أمامة أسعد بن زرارة وكان مصعب بن عميرٍ يؤمهم وجمع بهم لما بلغوا أربعين فأسلم على يديهما بشرٌ كثيرٌ منهم أسيد بن الحضير وسعد بن معاذٍ وأسلم بإسلامهما يومئذٍ جميع بني عبد الأشهل الرجال والنساء إلا أصيرم عمرو بن ثابت بن وقش ٍفإنه تأخر إسلامه إلى يوم أحدٍ وأسلم حينئذٍ وقاتل فقتل قبل أن يسجد لله سجدةً فأخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمل قليلًا وأجر كثيرًا
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث البراء في قصة الرجل الذي عمل قليلا وأجر كثيرا
-
القراءة من قول المصنف: وكثر الإسلام بالمدينة وظهر ثم رجع مصعب إلى مكة ووافى الموسم ذلك العام خلقٌ كثيرٌ من الأنصار من المسلمين والمشركين وزعيم القوم البراء بن معرورٍ فلما كانت ليلة العقبة الثلث الأول من الليل تسلل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةٌ وسبعون رجلًا وامرأتان فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم خفيةً من قومهم ومن كفار مكة على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم وأزرهم فكان أول من بايعه ليلتئذٍ البراء بن معرورٍ وكانت له اليد البيضاء إذ أكد العقد وبادر إليه وحضر العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤكدًا لبيعته كما تقدم وكان إذ ذاك على دين قومه واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم تلك الليلة اثني عشر نقيبًا وهم أسعد بن زرارة وسعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة ورافع بن مالكٍ والبراء بن معرورٍ وعبد الله بن عمرو بن حرامٍ والد جابر ٍ وكان إسلامه تلك الليلة وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرٍو وعبادة بن الصامت فهؤلاء تسعةٌ من الخزرج وثلاثةٌ من الأوس : أسيد بن الحضير وسعد بن خيثمة ورفاعة بن عبد المنذر . وقيل بل أبو الهيثم بن التيهان مكانه . وأما المرأتان فأم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرٍو وهي التي قتل مسيلمة ابنها حبيب بن زيدٍ وأسماء بنت عمرو بن عدي . فلما تمت هذه البيعة استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يميلوا على أهل العقبة بأسيافهم فلم يأذن لهم في ذلك وصرخ الشيطان على العقبة بأنفذ صوتٍ سمع يا أهل الجباجب هل لكم في مذممٍ والصباة معه قد اجتمعوا على حربكم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث البيعة العقبة الثانية ومعنى الجباجب والأزر والمذمم والصباة وأزب العقبة
-
القراءة من قول المصنف: ثم أمرهم أن ينفضوا إلى رحالهم فلما أصبح القوم غدت عليهم جلة قريشٍ وأشرافهم حتى دخلوا شعب الأنصار فقالوا : يا معشر الخزرج إنه بلغنا أنكم لقيتم صاحبنا البارحة وواعدتموه أن تبايعوه على حربنا وايم الله ما حي من العرب أبغض إلينا من أن ينشب بيننا وبينه الحرب منكم فانبعث من كان هناك من الخزرج من المشركين يحلفون لهم بالله ما كان هذا وما علمنا وجعل عبد الله بن أبي ابن سلول يقول هذا باطلٌ وما كان هذا وما كان قومي ليفتاتوا علي مثل هذا لو كنت بيثرب ما صنع قومي هذا حتى يؤامروني فرجعت قريشٌ من عندهم ورحل البراء بن معرورٍ فتقدم إلى بطن يأجج وتلاحق أصحابه من المسلمين وتطلبتهم قريشٌ فأدركوا سعد بن عبادة فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله وجعلوا يضربونه ويجرونه ويجذبونه بجمته حتى أدخلوه مكة فجاء مطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم وتشاورت الأنصار حين فقدوه أن يكروا إليه فإذا سعدٌ قد طلع عليهم فوصل القوم جميعًا إلى المدينة فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى المدينة فبادر الناس إلى ذلك فكان أول من خرج إلى المدينة أبو سلمة بن عبد الأسد وامرأته أم سلمة ولكنها احتبست دونه ومنعت من اللحاق به سنةً وحيل بينها وبين ولدها سلمة ثم خرجت بعد السنة بولدها إلى المدينة وشيعها عثمان بن أبي طلحة
-
القراءة من قول المصنف: ثم خرج الناس أرسالًا يتبع بعضهم بعضًا ولم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ وعلي أقاما بأمره لهما وإلا من احتبسه المشركون كرهًا وقد أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهازه ينتظر متى يؤمر بالخروج وأعد أبو بكرٍ جهازه .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ فلما رأى المشركون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهزوا وخرجوا وحملوا وساقوا الذراري والأطفال والأموال إلى الأوس والخزرج وعرفوا أن الدار دار منعةٍ وأن القوم أهل حلقةٍ وشوكةٍ وبأسٍ فخافوا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ولحوقه بهم فيشتد عليهم أمره فاجتمعوا في دار الندوة ولم يتخلف أحدٌ من أهل الرأي والحجا منهم ليتشاوروا في أمره وحضرهم وليهم وشيخهم إبليس في صورة شيخٍ كبيرٍ من أهل نجدٍ مشتملٌ الصماء في كسائه فتذاكروا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار كل أحدٍ منهم برأيٍ والشيخ يرده ولا يرضاه إلى أن قال أبو جهلٍ : قد فرق لي فيه رأيٌ ما أراكم قد وقعتم عليه قالوا : ما هو ؟ قال أرى أن نأخذ من كل قبيلةٍ من قريشٍ غلامًا نهدًا جلدًا ثم نعطيه سيفًا صارمًا فيضربونه ضربة رجلٍ واحدٍ فيتفرق دمه في القبائل فلا تدري بنو عبد منافٍ بعد ذلك كيف تصنع ولا يمكنها معاداة القبائل كلها ونسوق إليهم ديته فقال الشيخ لله در الفتى هذا والله الرأي قال فتفرقوا على ذلك واجتمعوا عليه
-
القراءة من قول المصنف: فجاءه جبريل بالوحي من عند ربه تبارك وتعالى فأخبره بذلك وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج الحديث في أمر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم أن لا ينام في مضجعه تلك الليلة
-
القراءة من قول المصنف: وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكرٍ نصف النهار في ساعةٍ لم يكن يأتيه فيها متقنعًا فقال له " أخرج من عندك " فقال إنما هم أهلك يا رسول الله فقال إن الله قد أذن لي في الخروج فقال أبو بكرٍ الصحابة يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال أبو بكرٍ فخذ بأبي وأمي إحدى راحلتي هاتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن. وأمر عليا أن يبيت في مضجعه تلك الليلة واجتمع أولئك النفر من قريشٍ يتطلعون من صير الباب ويرصدونه ويريدون بياته ويأتمرون أيهم يكون أشقاها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فأخذ حفنةً من البطحاء فجعل يذره على رءوسهم وهم لا يرونه وهو يتلو { وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون }
-
الكلام على خروج النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي كفار قريش الذين أرادوا قتله
-
القراءة من قول المصنف: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر ٍ فخرجا من خوخةٍ في دار أبي بكرٍ ليلًا وجاء رجلٌ ورأى القوم ببابه فقال ما تنتظرون ؟ قالوا : محمدًا قال خبتم وخسرتم قد والله مر بكم وذر على رءوسكم التراب قالوا : والله ما أبصرناه وقاموا ينفضون التراب عن رءوسهم وهم أبو جهل ٍ والحكم بن العاص وعقبة بن أبي معيطٍ والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وطعيمة بن عدي وأبو لهبٍ وأبي بن خلفٍ ونبيه ومنبه ابنا الحجاج فلما أصبحوا قام علي عن الفراش فسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا علم لي به . ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ٍ إلى غار ثورٍ فدخلاه وضرب العنكبوت على بابه
-
القراءة من الحاشية حول تخريج الحديث الذي فيه مبيت علي بن أبي طالب في مضطجع النبي صلى الله عليه وسلم وضرب العنكبوت على باب الغار
-
القراءة من قول المصنف: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ٍإلى غار ثورٍ فدخلاه وضرب العنكبوت على بابه
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث ضرب نسج العنكبوت على الغار الذي اختفى فيه رسول الله وأبو بكر
-
القراءة من قول المصنف: وكانا قد استأجرا عبد الله بن أريقط الليثي وكان هاديًا ماهرًا بالطريق وكان على دين قومه من قريشٍ وأمناه على ذلك وسلما إليه راحلتيهما وواعداه غار ثورٍ بعد ثلاثٍ. وجدت قريشٌ في طلبهما وأخذوا معهم القافة حتى انتهوا إلى باب الغار فوقفوا عليه . ففي " الصحيحين أن أبا بكرٍ قال يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا فقال يا أبا بكرٍ ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن فإن الله مع
-
القراءة من قول المصنف: وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسمعان كلامهم فوق رءوسهما ولكن الله سبحانه عمى عليهم أمرهما وكان عامر بن فهيرة يرعى عليهما غنمًا لأبي بكر ٍ ويتسمع ما يقال بمكة ثم يأتيهما بالخبر فإذا كان السحر سرح مع الناس
-
القراءة من الحاشية حول اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار وتسمع عامر بن فهيرة لهما
-
سؤال إذا قلنا بجواز الاطلاع على الغار ألا يتتابع الناس على زيارته؟
-
القراءة من قول المصنف: قالت عائشة : وجهزناهما أحسن الجهاز ووضعنا لهما سفرةً في جرابٍ فقطعت أسماء بنت أبي بكرٍ قطعةً من نطاقها فأوكت به الجراب وقطعت الأخرى فصيرتها عصامًا لفم القربة فلذلك لقبت ذات النطاقين
-
معنى النطاق وبيان فضل أسماء وأنها أكبر من عائشة رضي الله عنهما
-
القراءة من قول المصنف: وذكر الحاكم في " مستدركه " عن عمر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار ومعه أبو بكرٍ فجعل يمشي ساعةً بين يديه وساعةً خلفه حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال له يا رسول الله أذكر الطلب فأمشي خلفك ثم أذكر الرصد فأمشي بين يديك فقال يا أبا بكرٍ لو كان شيءٌ أحببت أن يكون بك دوني ؟ قال نعم والذي بعثك بالحق
-
القراءة من قول المصنف: فلما انتهى إلى الغار قال أبو بكرٍ مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ لك الغار فدخل فاستبرأه حتى إذا كان في أعلاه ذكر أنه لم يستبرئ الجحرة فقال مكانك يا رسول الله حتى أستبرئ الجحرة ثم قال انزل يا رسول الله فنزل فمكثا في الغار ثلاث ليالٍ حتى خمدت عنهما نار الطلب فجاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين فارتحلا وأردف أبو بكرٍ عامر بن فهيرة وسار الدليل أمامهما وعين الله تكلؤهما وتأييده يصحبهما وإسعاده يرحلهما وينزلهما
-
القراءة من قول المصنف: حتى خمدت عنهما نار الطلب فجاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين فارتحلا وأردف أبو بكرٍ عامر بن فهيرة وسار الدليل أمامهما وعين الله تكلؤهما وتأييده يصحبهما وإسعاده يرحلهما وينزلهما ولما يئس المشركون من الظفر بهما جعلوا لمن جاء بهما دية كل واحدٍ منهما فجد الناس في الطلب والله غالبٌ على أمره فلما مروا بحي بني مدلجٍ مصعدين من قديد بصر بهم رجلٌ من الحي فوقف على الحي فقال لقد رأيت آنفًا بالساحل أسودةً ما أراها إلا محمدًا وأصحابه ففطن بالأمر سراقة بن مالك ٍ فأراد أن يكون الظفر له خاصةً وقد سبق له من الظفر ما لم يكن في حسابه فقال بل هم فلانٌ وفلانٌ خرجا في طلب حاجةٍ لهما ثم مكث قليلًا ثم قام فدخل خباءه وقال لخادمه اخرج بالفرس من وراء الخباء وموعدك وراء الأكمة ثم أخذ رمحه وخفض عاليه يخط به الأرض حتى ركب فرسه فلما قرب منهم وسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ٍ يكثر الالتفات ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت فقال أبو بكر ٍ يا رسول الله هذا سراقة بن مالكٍ قد رهقنا فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه في الأرض فقال قد علمت أن الذي أصابني بدعائكما فادعوا الله لي ولكما علي أن أرد الناس عنكما فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له كتابًا فكتب له أبو بكرٍ بأمره في أديمٍ وكان الكتاب معه إلى يوم فتح مكة فجاءه بالكتاب فوفاه له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يوم وفاءٍ وبر وعرض عليهما الزاد والحملان فقالا : لا حاجة لنا به ولكن عم عنا الطلب فقال قد كفيتم ورجع فوجد الناس في الطلب فجعل يقول قد استبرأت لكم الخبر وقد كفيتم ما ها هنا وكان أول النهار جاهدًا عليهما وآخره حارسًا لهما
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره ذلك حتى مر بخيمتي أم معبدٍ الخزاعية وكانت امرأةً برزةً جلدةً تحتبي بفناء الخيمة ثم تطعم وتسقي من مر بها فسألاها : هل عندها شيءٌ ؟ فقالت والله لو كان عندنا شيءٌ ما أعوزكم القرى والشاء عازبٌ وكانت مسنةً شهباء فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاةٍ في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبدٍ ؟ قالت شاةٌ خلفها الجهد عن الغنم فقال هل بها من لبنٍ ؟ قالت هي أجهد من ذلك فقال أتأذنين لي أن أحلبها ؟ قالت نعم بأبي وأمي إن رأيت بها حلبًا فاحلبها فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها وسمى الله ودعا فتفاجت عليه ودرت فدعا بإناءٍ لها يربض الرهط فحلب فيه حتى علته الرغوة فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا
-
القراءة من قول المصنف: ثم شرب وحلب فيه ثانيًا حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها فارتحلوا فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبدٍ يسوق أعنزًا عجافًا يتساوكن هزالًا لا نقي بهن فلما رأى اللبن عجب فقال من أين لك هذا والشاة عازبٌ ولا حلوبة في البيت ؟ فقالت لا والله إلا أنه مر بنا رجلٌ مباركٌ كان من حديثه كيت وكيت ومن حاله كذا وكذا قال والله إني لأراه صاحب قريشٍ الذي تطلبه صفيه لي يا أم معبدٍ قالت ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة وسيمٌ قسيمٌ في عينيه دعجٌ وفي أشفاره وطفٌ وفي صوته صحلٌ وفي عنقه سطعٌ أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر إذا صمت علاه الوقار وإن تكلم علاه البهاء أجمل الناس وأبهاهم من بعيدٍ وأحسنه وأحلاه من قريبٍ حلو المنطق فصلٌ لا نزرٌ ولا هذرٌ كأن منطقه خرزات نظمٍ يتحدرن ربعةٌ لا تقحمه عينٌ من قصرٍ ولا تشنؤه من طولٍ غصنٌ بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرًا وأحسنهم قدرًا له رفقاء يحفون به إذا قال استمعوا لقوله وإذا أمر تبادروا إلى أمره محفودٌ محشودٌ لا عابسٌ ولا مفندٌ فقال أبو معبدٍ والله هذا صاحب قريشٍ الذي ذكروا من أمره ما ذكروا
-
القراءة من قول المصنف: لقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلًا وأصبح صوتٌ بمكة عاليًا يسمعونه ولا يرون القائل جزى الله رب العرش خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبدٍ هما نزلا بالبر وارتحلا به وأفلح من أمسى رفيق محمد فيالقصي ما زوى الله عنكم به من فعالٍ لا يجازى وسودد ليهن بني كعبٍ مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها فإنكم إن تسألوا الشاء تشهد
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث أم معبد، ومعنى ألفاظ الحديث
-
القراءة من قول المصنف: قالت أسماء بنت أبي بكرٍ : ما درينا أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجلٌ من الجن من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه حتى خرج من أعلاها قالت فلما سمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن وجهه إلى المدينة
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وبلغ الأنصار مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وقصده المدينة وكانوا يخرجون كل يومٍ إلى الحرة ينتظرونه أول النهار فإذا اشتد حر الشمس رجعوا على عادتهم إلى منازلهم فلما كان يوم الاثنين ثاني عشر ربيعٍ الأول على رأس ثلاث عشرة سنةً من النبوة خرجوا على عادتهم فلما حمي حر الشمس رجعوا وصعد رجلٌ من اليهود على أطمٍ من آطام المدينة لبعض شأنه فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة هذا صاحبكم قد جاء هذا جدكم الذي تنتظرونه
-
القراءة من قول المصنف: فبادر الأنصار إلى السلاح ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت الرجة والتكبير في بني عمرو بن عوفٍ وكبر المسلمون فرحًا بقدومه وخرجوا للقائه فتلقوه وحيوه بتحية النبوة فأحدقوا به مطيفين حوله والسكينة تغشاه والوحي ينزل عليه { فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ } فسار حتى نزل بقباء في بني عمرو بن عوفٍ فنزل على كلثوم بن الهدم وقيل بل على سعد بن خيثمة والأول أثبت فأقام في بني عمرو بن عوفٍ أربع عشرة ليلةً وأسس مسجد قباء وهو أول مسجدٍ أسس بعد النبوة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومعنى مبيضين، وهذا جدكم
-
القراءة من قول المصنف:كان يوم الجمعة ركب بأمر الله له فأدركته الجمعة في بني سالم بن عوفٍ فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي . ثم ركب فأخذوا بخطام راحلته هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة فقال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فلم تزل ناقته سائرةً به لا تمر بدارٍ من دور الأنصار إلا رغبوا إليه في النزول عليهم ويقول دعوها فإنها مأمورةٌ فسارت حتى وصلت إلى موضع مسجده اليوم وبركت ولم ينزل عنها حتى نهضت وسارت قليلًا ثم التفتت فرجعت فبركت في موضعها الأول فنزل عنها وذلك في بني النجار أخواله صلى الله عليه وسلم . وكان من توفيق الله لها فإنه أحب أن ينزل على أخواله يكرمهم بذلك فجعل الناس يكلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول عليهم وبادر أبو أيوب الأنصاري إلى رحله فأدخله بيته فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المرء مع رحله وجاء أسعد بن زرارة فأخذ بزمام راحلته وكانت عنده. وأصبح كما قال أبو قيسٍ صرمة الأنصاري وكان ابن عباسٍ يختلف إليه يتحفظ منه هذه الأبيات
-
القراءة من قول المصنف: وأصبح كما قال أبو قيسٍ صرمة الأنصاري وكان ابن عباسٍ يختلف إليه يتحفظ منه هذه الأبيات ثوى في قريشٍ بضع عشرة حجةً يذكر لو يلقى حبيبًا مواتيا ويعرض في أهل المواسم نفسه فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا فلما أتانا واستقرت به النوى وأصبح مسرورًا بطيبة راضيا وأصبح لا يخشى ظلامة ظالمٍ بعيدٍ ولا يخشى من الناس باغيا بذلنا له الأموال من حل مالنا وأنفسنا عند الوغى والتآسيا نعادي الذي عادى من الناس كلهم جميعًا وإن كان الحبيب المصافيا ونعلم أن الله لا رب غيره وأن كتاب الله أصبح هاديا
-
القراءة من قول المصنف: قال ابن عباسٍ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأمر بالهجرة وأنزل عليه { وقل رب أدخلني مدخل صدقٍ وأخرجني مخرج صدقٍ واجعل لي من لدنك سلطانًا نصيرًا }. قال قتادة : أخرجه الله من مكة إلى المدينة مخرج صدقٍ ونبي الله يعلم أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطانٍ فسأل الله سلطانًا نصيرًا وأراه الله عز وجل دار الهجرة وهو بمكة فقال أريت دار هجرتكم بسبخةٍ ذات نخلٍ بين لابتين
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث رؤية النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قبل هجرته إليها
-
القراءة من قول المصنف: وذكر الحاكم في " مستدركه " عن علي بن أبي طالبٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل من يهاجر معي ؟ قال أبو بكرٍ الصديق
-
القراءة من قول المصنف: قال البراء أول من قدم علينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عميرٍ وابن أم مكتومٍ فجعلا يقرئان الناس القرآن ثم جاء عمارٌ وبلالٌ وسعدٌ ثم جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عشرين راكبًا ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت الناس فرحوا بشيءٍ كفرحهم به حتى رأيت النساء والصبيان والإماء يقولون هذا رسول الله قد جاء وقال أنسٌ شهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يومًا قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل المدينة علينا وشهدته يوم مات فما رأيت يومًا قط كان أقبح ولا أظلم من يوم مات
-
القراءة من قول المصنف: ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت الناس فرحوا بشيءٍ كفرحهم به حتى رأيت النساء والصبيان والإماء يقولون هذا رسول وقال أنسٌ شهدته يوم دخل المدينة فما رأيت يومًا قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل المدينة علينا وشهدته يوم مات فما رأيت يومًا قط كان أقبح ولا أظلم من يوم مات
-
القراءة من قول المصنف: فأقام في منزل أبي أيوب حتى بنى حجره ومسجده وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في منزل أبي أيوب زيد بن حارثة وأبا رافعٍ وأعطاهما بعيرين وخمسمائة درهمٍ إلى مكة فقدما عليه بفاطمة وأم كلثومٍ ابنتيه وسودة بنت زمعة زوجته وأسامة بن زيد ٍ وأمه أم أيمن وأما زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يمكنها زوجها أبو العاص بن الربيع من الخروج وخرج عبد الله بن أبي بكرٍ معهم بعيال أبي بكرٍ ومنهم عائشة فنزلوا في بيت حارثة بن النعمان
-
سؤال يوجد في مقر دراسي مسجد أو مصلى ووضع في هذا المسجد مكان لبعض الأشرطة الدينية وبجانبها صندوق توضع فيه النقود لمن أراد أن يأخذ شريطا علما أن الشريط لا يتاجر فيه وإنما يباع برأس ماله ثم تجمع تلك النقود ويشترى بها أشرطة أخرى وتوضع بنفس الكيفية فهل مثل هذا العمل جائز أم لا ؟
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في بناء المسجد قال الزهري : بركت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم موضع مسجده وهو يومئذٍ يصلي فيه رجالٌ من المسلمين وكان مربدًا لسهلٍ وسهيلٍ غلامين يتيمين من الأنصار كانا في حجر أسعد بن زرارة فساوم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين بالمربد ليتخذه مسجدًا فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتاعه منهما بعشرة دنانير وكان جدارًا ليس له سقفٌ وقبلته إلى بيت المقدس
-
القراءة من قول المصنف: وكان يصلي فيه ويجمع أسعد بن زرارة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيه شجرة غرقدٍ وخربٌ ونخلٌ وقبورٌ للمشركين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبور فنبشت وبالخرب وجعل طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراعٍ والجانبين مثل ذلك أو دونه وجعل أساسه قريبًا من ثلاثة أذرعٍ ثم بنوه باللبن وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يبني معهم وينقل اللبن والحجارة بنفسه ويقول اللهم لا عيش إلا عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره وكان يقول هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر
-
القراءة من الحاشية حول تخريج الحديث المذكور في المتن في بناء المسجد
-
بيان مشروعية نبش القبور ونقلها إلى مكان لآخر إما للضرورة أو لمصلحة الميت
-
القراءة من قول المصنف: وجعلوا يرتجزون وهم ينقلون اللبن ويقول بعضهم في رجزه لئن قعدنا والرسول يعمل لذاك منا العمل المضلل وجعل قبلته إلى بيت المقدس وجعل له ثلاثة أبوابٍ بابًا في مؤخره وبابًا يقال له باب الرحمة والباب الذي يدخل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل عمده الجذوع وسقفه بالجريد وقيل له ألا تسقفه فقال لا عريشٌ كعريش موسى وبنى إلى جنبه بيوت أزواجه باللبن وسقفها بالجريد والجذوع فلما فرغ من البناء بنى بعائشة في البيت الذي بناه لها شرقي المسجد قبليه وهو مكان حجرته اليوم وجعل لسودة بنت زمعة بيتًا آخر
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ: ثم آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالكٍ
-
التعليق على قول المصنف: في دار أنس بن مالك قال الشيخ الصواب أن يقال في دار أبي طلحة لأن أنس كان صغيرا في بيت أبي طلحة
-
القراءة من قول المصنف: وكانوا تسعين رجلًا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار آخى بينهم على المواساة يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلى حين وقعة بدرٍ فلما أنزل الله عز وجل { وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعضٍ في كتاب الله } رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة
-
القراءة من الحاشية حول توارث الصحابي بعضهم من بعض بعقد الأخوة وبيان نسخ ذلك
-
القراءة من قول المصنف: وقد قيل إنه آخى بين المهاجرين بعضهم مع بعضٍ مؤاخاةً ثانيةً واتخذ فيها عليا أخًا لنفسه والثبت الأول
-
القراءة من قول المصنف: والمهاجرون كانوا مستغنين بأخوة الإسلام وقرابة النسب عن عقد مؤاخاةٍ بخلاف المهاجرين مع الأنصار ولو آخى بين المهاجرين كان أحق الناس بأخوته أحب الخلق إليه ورفيقه في الهجرة وأنيسه في الغار وأفضل الصحابة وأكرمهم عليه أبو بكرٍ الصديق وقد قال لو كنت متخذًا من أهل الأرض خليلًا لاتخذت أبا بكرٍ خليلًا ولكن أخوة الإسلام أفضل وفي لفظٍ ولكن أخي وصاحبي
-
القراءة من الحاشية حول قول المصنف: واتخذ فيها عليا أخًا لنفسه وتخريج أحاديثه
-
بيان أن علي بن أبي طالب أخ للنبي صلى الله عليه وسلم أخوة الإسلام وهذه ثابتة للمهاجرين والأنصار وغيرهم جميعا
-
القراءة من قول المصنف: وهذه الأخوة في الإسلام وإن كانت عامةً كما قال وددت أن قد رأينا إخواننا قالوا : ألسنا إخوانك ؟ قال أنتم أصحابي وإخواني قومٌ يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني فللصديق من هذه الأخوة أعلى مراتبها كما له من الصحبة أعلى مراتبها فالصحابة لهم الأخوة ومزية الصحبة ولأتباعه بعدهم الأخوة دون الصحبة
-
سؤال هل أخوة الجار وأخوة الدار وأخوة النسب ما يكفي عن الأخوة الإسلام؟
-
القراءة من قول المصنف: فصل ٌ ووادع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بالمدينة من اليهود وكتب بينه وبينهم كتابًا وبادر حبرهم وعالمهم عبد الله بن سلامٍ فدخل في الإسلام وأبى عامتهم إلا الكفر
-
القراءة من قول المصنف: وكانوا ثلاث قبائل بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة وحاربه الثلاثة فمن على بني قينقاع وأجلى بني النضير وقتل بني قريظة وسبى ذريتهم
-
القراءة من قول المصنف: ونزلت ( سورة الحشر ) في بني النضير و ( سورة الأحزاب ) في بني قريظة
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان يصلي إلى قبلة بيت المقدس ويحب أن يصرف إلى الكعبة وقال لجبريل وددت أن يصرف الله وجهي عن قبلة اليهود فقال إنما أنا عبدٌ فادع ربك واسأله فجعل يقلب وجهه في السماء يرجو ذلك حتى أنزل الله عليه { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام } وذلك بعد ستة عشر شهرًا من مقدمه المدينة قبل وقعة بدر ٍ بشهرين
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة
-
القراءة من قول المصنف: قال محمد بن سعدٍ أخبرنا هاشم بن القاسم قال أنبأنا أبو معشرٍ عن محمد بن كعبٍ القرظي قال ما خالف نبي نبيا قط في قبلةٍ ولا في سنةٍ إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل بيت المقدس حين قدم المدينة ستة عشر شهرًا ثم قرأ { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا والذي أوحينا إليك }وكان لله في جعل القبلة إلى بيت المقدس ثم تحويلها إلى الكعبة حكمٌ عظيمةٌ ومحنةٌ للمسلمين والمشركين واليهود والمنافقين . فأما المسلمون فقالوا: سمعنا وأطعنا وقالوا: { آمنا به كل من عند ربنا } وهم الذين هدى الله ولم تكن كبيرةً عليهم
-
القراءة من قول المصنف: وأما المشركون فقالوا: كما رجع إلى قبلتنا يوشك أن يرجع إلى ديننا وما رجع إليها إلا أنه الحق. وأما اليهود فقالوا: خالف قبلة الأنبياء قبله ولو كان نبيا لكان يصلي إلى قبلة الأنبياء. وأما المنافقون فقالوا : ما يدري محمدٌ أين يتوجه
-
القراءة من قول المصنف: وأما المنافقون فقالوا : ما يدري محمدٌ أين يتوجه إن كانت الأولى حقا فقد تركها وإن كانت الثانية هي الحق فقد كان على باطلٍ وكثرت أقاويل السفهاء من الناس وكانت كما قال الله تعالى : { وإن كانت لكبيرةً إلا على الذين هدى الله } وكانت محنةً من الله امتحن بها عباده ليرى من يتبع الرسول منهم ممن ينقلب على عقبيه
-
بيان أن الأمر كله لله وحده في تحويل القبلة وغيرها وأن كل شيء هو بعلم الله وحكمته
-
القراءة من قول المصنف: ولما كان أمر القبلة وشأنها عظيمًا وطأ - سبحانه - قبلها أمر النسخ وقدرته عليه وأنه يأتي بخيرٍ من المنسوخ أو مثله ثم عقب ذلك بالتوبيخ لمن تعنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينقد له ثم ذكر بعده اختلاف اليهود والنصارى وشهادة بعضهم على بعضٍ بأنهم ليسوا على شيءٍ وحذر عباده المؤمنين من موافقتهم واتباع أهوائهم ثم ذكر كفرهم وشركهم به وقولهم إن له ولدًا سبحانه وتعالى عما يقولون علوا ثم أخبر أن له المشرق والمغرب وأينما يولي عباده وجوههم فثم وجه الله ثم أخبر أنه لا يسأل رسوله عن أصحاب الجحيم الذين لا يتابعونه ولا يصدقونه
-
القراءة من قول المصنف: ثم أعلمه أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم وأنه إن فعل وقد أعاذه الله من ذلك فما له من الله من ولي ولا نصيرٍ ثم ذكر أهل الكتاب بنعمته عليهم وخوفهم من بأسه يوم القيامة ثم ذكر خليله باني بيته الحرام وأثنى عليه ومدحه وأخبر أنه جعله إمامًا للناس يأتم به أهل الأرض ثم ذكر بيته الحرام وبناء خليله له وفي ضمن هذا أن باني البيت كما هو إمامٌ للناس فكذلك البيت الذي بناه إمامٌ لهم ثم أخبر أنه لا يرغب عن ملة هذا الإمام إلا أسفه الناس ثم أمر عباده أن يأتموا برسوله الخاتم ويؤمنوا بما أنزل إليه وإلى إبراهيم وإلى سائر النبيين ثم رد على من قال إن إبراهيم وأهل بيته كانوا هودًا أو نصارى وجعل هذا كله توطئةً ومقدمةً بين يدي تحويل القبلة ومع هذا كله فقد كبر ذلك على الناس إلا من هدى الله منهم وأكد سبحانه هذا الأمر مرةً بعد مرةٍ بعد ثالثةٍ وأمر به رسوله حيثما كان ومن حيث خرج وأخبر أن الذي يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيمٍ هو الذي هداهم إلى هذه القبلة وأنها هي القبلة التي تليق بهم وهم أهلها لأنها أوسط القبل وأفضلها وهم أوسط الأمم وخيارهم فاختار أفضل القبل لأفضل الأمم كما اختار لهم أفضل الرسل وأفضل الكتب وأخرجهم في خير القرون وخصهم بأفضل الشرائع ومنحهم خير الأخلاق وأسكنهم خير الأرض وجعل منازلهم في الجنة خير المنازل وموقفهم في القيامة خير المواقف فهم على تل عالٍ والناس تحتهم
-
القراءة من قول المصنف: فسبحان من يختص برحمته من يشاء وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . وأخبر سبحانه أنه فعل ذلك لئلا يكون للناس عليهم حجةٌ ولكن الظالمون الباغون يحتجون عليهم بتلك الحجج التي ذكرت ولا يعارض الملحدون الرسل إلا بها وبأمثاله من الحجج الداحضة.. وأخبر سبحانه أنه فعل ذلك ليتم نعمته عليهم وليهديهم ثم ذكرهم نعمه عليهم بإرسال رسوله إليهم وإنزال كتابه عليهم ليزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون ثم أمرهم بذكره وبشكره إذ بهذين الأمرين يستوجبون إتمام نعمه والمزيد من كرامته ويستجلبون ذكره لهم ومحبته لهم ثم أمرهم بما لا يتم لهم ذلك إلا بالاستعانة به وهو الصبر والصلاة وأخبرهم أنه مع الصابرين
-
بيان تسلية الله للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه في التخلص من شر الكفار
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وأتم نعمته عليهم مع القبلة بأن شرع لهم الأذان في اليوم والليلة خمس مراتٍ وزادهم في الظهر والعصر والعشاء ركعتين أخريين بعد أن كانت ثنائيةً فكل هذا كان بعد مقدمه المدينة
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ فلما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأيده الله بنصره بعباده المؤمنين الأنصار وألف بين قلوبهم بعد العداوة والإحن التي كانت بينهم فمنعته أنصار الله وكتيبة الإسلام من الأسود والأحمر وبذلوا نفوسهم دونه وقدموا محبته على محبة الآباء والأبناء والأزواج وكان أولى بهم من أنفسهم رمتهم العرب واليهود عن قوسٍ واحدةٍ وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة وصاحوا بهم من كل جانبٍ والله سبحانه يأمرهم بالصبر والعفو والصفح حتى قويت الشوكة واشتد الجناح فأذن لهم حينئذ بالقتال ولم يفرضه عليهم فقال تعالى : { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقديرٌ }. وقد قالت طائفةٌ إن هذا الإذن كان بمكة والسورة مكيةٌ وهذا غلطٌ لوجوهٍ أحدها : أن الله لم يأذن بمكة لهم في القتال ولا كان لهم شوكةٌ يتمكنون بها من القتال بمكة . الثاني : أن سياق الآية يدل على أن الإذن بعد الهجرة وإخراجهم من ديارهم فإنه قال { الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله } وهؤلاء هم المهاجرون . الثالث قوله تعالى: { هذان خصمان اختصموا في ربهم } نزلت في الذين تبارزوا يوم بدرٍ من الفريقين. الرابع أنه قد خاطبهم في آخرها بقوله يا أيها الذين آمنوا والخطاب بذلك كله مدني فأما الخطاب ( يا أيها الناس فمشتركٌ . الخامس أنه أمر فيها بالجهاد الذي يعم الجهاد باليد وغيره ولا ريب أن الأمر بالجهاد المطلق إنما كان بعد الهجرة فأما جهاد الحجة فأمر به في مكة بقوله { فلا تطع الكافرين وجاهدهم به } أي بالقرآن { جهادًا كبيرًا } فهذه سورةٌ مكيةٌ والجهاد فيها هو التبليغ وجهاد الحجة وأما الجهاد المأمور به في سورة الحج فيدخل فيه الجهاد بالسيف
-
القراءة من قول المصنف: السادس أن الحاكم روى في " مستدركه " من حديث الأعمش عن مسلمٍ البطين عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عباسٍ قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكرٍ : إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن فأنزل الله عز وجل { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا } وهي أول آيةٍ نزلت في القتال . وإسناده على شرط الصحيحين وسياق السورة يدل على أن فيها المكي والمدني فإن قصة إلقاء الشيطان في أمنية الرسول مكيةٌ والله أعلم.
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم فرض عليهم القتال بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم فقال { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم }. ثم فرض عليهم قتال المشركين كافةً وكان محرمًا ثم مأذونًا به ثم مأمورًا به لمن بدأهم بالقتال ثم مأمورًا به لجميع المشركين إما فرض عينٍ على أحد القولين أو فرض كفايةٍ على المشهور
-
القراءة من قول المصنف: والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عينٍ إما بالقلب وإما باللسان وإما بالمال وإما باليد فعلى كل مسلمٍ أن يجاهد بنوعٍ من هذه الأنواع . أما الجهاد بالنفس ففرض كفايةٍ وأما الجهاد بالمال ففي وجوبه قولان والصحيح وجوبه لأن الأمر بالجهاد به وبالنفس في القرآن سواءٌ كما قال تعالى : { انفروا خفافًا وثقالًا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون } وعلق النجاة من النار به ومغفرة الذنب ودخول الجنة فقال { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليمٍ تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبةً في جنات عدنٍ ذلك الفوز العظيم } وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك أعطاهم ما يحبون من النصر والفتح القريب فقال { وأخرى تحبونها } أي ولكم خصلةٌ أخرى تحبونها في الجهاد وهي { نصرٌ من الله وفتحٌ قريبٌ } وأخبر سبحانه أنه { اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } وأعاضهم عليها الجنة وأن هذا العقد والوعد قد أودعه أفضل كتبه المنزلة من السماء وهي التوراة والإنجيل والقرآن ثم أكد ذلك بإعلامهم أنه لا أحد أوفى بعهده منه تبارك وتعالى ثم أكد ذلك بأن أمرهم بأن يستبشروا ببيعهم الذي عاقدوه عليه ثم أعلمهم أن ذلك هو الفوز العظيم
-
بيان أن الجهاد يكون باللسان وبالمال وبالنفس وذكر الحكمة من الجهاد
-
القراءة من قول المصنف: فليتأمل العاقد مع ربه عقد هذا التبايع ما أعظم خطره وأجله فإن الله عز وجل هو المشتري والثمن جنات النعيم والفوز برضاه والتمتع برؤيته هناك. والذي جرى على يده هذا العقد أشرف رسله وأكرمهم. عليه من الملائكة والبشر وإن سلعةً هذا شأنها لقد هيئت لأمرٍ عظيمٍ وخطبٍ جسيمٍ قد هيئوك لأمرٍ لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل مهر المحبة والجنة بذل النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين فما للجبان المعرض المفلس وسوم هذه السلعة بالله ما هزلت فيستامها المفلسون ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون لقد أقيمت للعرض في سوق من يزيد فلم يرض ربها لها بثمنٍ دون بذل النفوس فتأخر البطالون وقام المحبون ينتظرون أيهم يصلح أن يكون نفسه الثمن فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد { أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين }.
-
معنى قوله تعالى:{ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة..} و بيان فضل الجهاد
-
القراءة من قول المصنف: لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرفة الشجي فتنوع المدعون في الشهود فقيل لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينةٍ { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الرسول في أفعاله وأقواله
-
معنى قوله تعالى:{ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } وبيان وجوب متابعة النبي صلى الله عليه وسلم
-
القراءة من قول المصنف: فطولبوا بعدالة البينة وقيل لا تقبل العدالة إلا بتزكيةٍ { يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائمٍ } فتأخر أكثر المدعين للمحبة وقام المجاهدون فقيل لهم إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فسلموا ما وقع عليه العقد فإن { الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين فلما رأى التجار عظمة المشتري وقدر الثمن وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه ومقدار الكتاب الذي أثبت فيه هذا العقد عرفوا أن للسلعة قدرًا وشأنًا ليس لغيرها من السلع فرأوا من الخسران البين والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودةٍ تذهب لذتها وشهوتها وتبقى تبعتها وحسرتها فإن فاعل ذلك معدودٌ في جملة السفهاء فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضًى واختيارًا من غير ثبوت خيارٍ وقالوا : والله لا نقيلك ولا نستقيلك
-
القراءة من قول المصنف: فلما تم العقد وسلموا المبيع قيل لهم قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم معها { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون } لم نبتع منكم نفوسكم وأموالكم طلبًا للربح عليكم بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجل الأثمان ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمن . تأمل قصة جابر بن عبد الله " وقد اشترى منه صلى الله عليه وسلم بعيره ثم وفاه الثمن وزاده ورد عليه البعير وكان أبوه قد قتل مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقعة أحدٍ فذكره بهذا الفعل حال أبيه مع الله وأخبره أن الله أحياه وكلمه كفاحًا وقال يا عبدي تمن علي "
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث والد جابر وتكليم الله له كفاحا
-
الكلام على عبد الله بن حرام والد جابر وتكليم الله له كفاحا وعظم أجر الشهيد عند الله
-
القراءة من قول المصنف: فسبحان من المبيع على عيبه وأعاض عليه أجل الأثمان واشترى عبده من نفسه بماله وجمع له بين الثمن والمثمن وأثنى عليه ومدحه بهذا العقد وهو سبحانه الذي وفقه له وشاءه منه . فحيهلا إن كنت ذا همةٍ فقد حدا بك حادي الشوق فاطو المراحلا وقل لمنادي حبهم ورضاهم إذا ما دعا لبيك ألفًا كواملا ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن نظرت إلى الأطلال عدن حوائلا ولا تنتظر بالسير رفقة قاعدٍ ودعه فإن الشوق يكفيك حاملا وخذ منهم زادًا إليهم وسر على طريق الهدى والحب تصبح واصلًا وأحيي بذكراهم شراك إذا دنت ركابك فالذكرى تعيدك عاملا وإما تخافن الكلال فقل لها أمامك ورد الوصل فابغي المناهلا وخذ قبسًا من نورهم ثم سر به فنورهم يهديك ليس المشاعلا وحي على وادي الأراك فقل به عساك تراهم ثم إن كنت قائلا وإلا ففي نعمان عندي معرف ال أحبة فاطلبهم إذا كنت سائلا وإلا ففي جمعٍ بليلته فإن تفت فمنًى يا ويح من كان غافلًا
-
القراءة من قول المصنف: وحي على جنات عدنٍ فإنها منازلك الأولى بها كنت نازلا ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا وقفت على الأطلال تبكي المنازلا وحي على يوم المزيد بجنة الخلود فجد بالنفس إن كنت باذلا فدعها رسومًا دارساتٍ فما بها مقيلٌ وجاوزها فليست منازلا رسومًا عفت ينتابها الخلق كم بها قتيلٌ وكم فيها لذا الخلق قاتلا وخذ يمنةً عنها على المنهج الذي عليه سرى وفد الأحبة آهلا وقل ساعدي يا نفس بالصبر ساعةً فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا فما هي إلا ساعةٌ ثم تنقضي ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا
-
القراءة من قول المصنف: لقد حرك الداعي إلى الله وإلى دار السلام النفوس الأبية والهمم العالية وأسمع منادي الإيمان من كانت له أذنٌ واعيةٌ وأسمع الله من كان حيا فهزه السماع إلى منازل الأبرار وحدًا به في طريق سيره فما حطت به رحاله إلا بدار . القرار فقال انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمانٌ بي وتصديقٌ برسلي أن أرجعه بما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ أو أدخله الجنة ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سريةٍ ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل وقال مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيامٍ ولا صلاةٍ حتى يرجع المجاهد في سبيل الله وتوكل الله للمجاهد في سبيله إن يتوفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالمًا مع أجرٍ أو غنيمةٍ وقال غدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها وقال فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى : أيما عبدٍ من عبادي خرج مجاهدًا في سبيلي ابتغاء مرضاتي ضمنت له أن أرجعه إن أرجعته بما أصاب من أجرٍ أو غنيمةٍ وإن قبضته أن أغفر له وأرحمه وأدخله الجنة " وقال جاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد في سبيل الله بابٌ من أبواب الجنة ينجي الله به من الهم والغم
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث " جاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد في سبيل الله بابٌ من أبواب الجنة ينجي الله به من الهم والغم "
-
القراءة من قول المصنف: وقال " أنا زعيم - والزعيم الحميل - لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيتٍ في ربض الجنة وببيتٍ في وسط الجنة وأنا زعيمٌ لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيتٍ في ربض الجنة وببيتٍ في وسط الجنة وببيتٍ في أعلى غرف الجنة من فعل ذلك لم يدع للخير مطلبًا ولا من الشر مهربًا يموت حيث شاء أن يموت
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث المذكور في المتن " أنا زعيم .."
-
القراءة من قول المصنف: وقال من قاتل في سبيل الله من رجلٍ مسلمٍ فواق ناقةٍ وجبت له الجنة
-
القراءة من قول المصنف: وقال إن في الجنة مائة درجةٍ أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة وقال لأبي سعيدٍ من رضي بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ رسولًا وجبت له الجنة " فعجب لها أبو سعيدٍ فقال أعدها علي يا رسول الله ففعل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجةٍ في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض " قال وما هي يا رسول الله ؟ قال " الجهاد في سبيل الله وقال من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة بابٍ أي فل هلم فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبو بكرٍ بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورةٍ فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال " نعم وأرجو أن تكون منهم
-
بيان أن للجنة أبواب ومن أكثر من عمل دعي من بابه ومن استقام على دين الله دعي من جميع الأبواب
-
القراءة من قول المصنف: وقال من أنفق نفقةً فاضلةً في سبيل الله فبسبعمائةٍ ومن أنفق على نفسه وأهله وعاد مريضًا أو أماط الأذى عن طريقٍ فالحسنة بعشر أمثالها والصوم جنةٌ ما لم يخرقها ومن ابتلاه الله في جسده فهو له حطةٌ
-
القراءة من قول المصنف: وذكر ابن ماجه عنه من أرسل بنفقةٍ في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهمٍ سبعمائة درهمٍ ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك فله بكل درهمٍ سبعمائة ألف درهمٍ " ثم تلا هذه الآية { والله يضاعف لمن يشاء }. وقال من أعان مجاهدًا في سبيل الله أو غارمًا في غرمه أو مكاتبًا في رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من أعان مجاهدًا في سبيل الله "
-
القراءة من قول المصنف: وقال من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار
-
القراءة من قول المصنف: وقال لا يجتمع شح وإيمانٌ في قلب رجلٍ واحدٍ ولا يجتمع غبارٌ في سبيل الله ودخان جهنم في وجه عبدٍ وفي لفظٍ " في قلب عبدٍ " وفي لفظٍ " في جوف امرئٍ " وفي لفظٍ " في منخري مسلمٍ
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" لا يجتمع شح وإيمانٌ في قلب رجل واحد "
-
القراءة من قول المصنف: وذكر الإمام أحمد رحمه الله تعالى : من اغبرت قدماه في سبيل الله ساعةً من نهارٍ فهما حرامٌ على النار. وذكر عنه أيضًا أنه قال لا يجمع الله في جوف رجلٍ غبارًا في سبيل الله ودخان جهنم ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرم الله سائر جسده على النار ومن صام يومًا في سبيل الله باعد الله عنه النار مسيرة ألف سنةٍ للراكب المستعجل
-
القراءة من قول المصنف: ومن جرح جراحةً في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء له نورٌ يوم القيامة لونها لون الزعفران وريحها ريح المسك يعرفه بها الأولون والآخرون ويقولون فلانٌ عليه طابع الشهداء ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقةٍ وجبت له الجنة وذكر ابن ماجه عنه من راح روحةً في سبيل الله كان له بمثل ما أصابه من الغبار مسكًا يوم القيامة
-
القراءة من قول المصنف: وذكر أحمد - رحمه الله - عنه ما خالط قلب امرئٍ رهجٌ في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار وقال رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها وقال رباط يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان. وقال كل ميتٍ يختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر. وقال رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من ألف يومٍ فيما سواه من المنازل.
-
قراءة الطالب لبحث حول حديث ذكره ابن القيم في الزاد في فضل أمة النبي صلى الله عليه وسلم وجعل منازلهم في الجنة أحسن المنازل فهم على تل عال. وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من قول المصنف: وقال كل ميتٍ يختم على عمله إلا الذي مات مرابطًا في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر. وقال رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من ألف يومٍ فيما سواه من المنازل وذكر ابن ماجه عنه من رابط ليلةً في سبيل الله كانت له كألف ليلةٍ صيامها وقيامها
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من رابط ليلةً في سبيل الله كانت له كألف ليلةٍ صيامها وقيامها "
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" رباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من ألف يومٍ فيما سواه من المنازل "
-
القراءة من قول المصنف: وقال مقام أحدكم في سبيل الله خيرٌ من عبادة أحدكم في أهله ستين سنةً أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة جاهدوا في سبيل الله من قاتل في سبيل الله فواق ناقةٍ وجبت له الجنة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" مقام أحدكم في سبيل الله خيرٌ من عبادة أحدكم في أهله ستين سنةً "
-
القراءة من قول المصنف: وذكر أحمد عنه من رابط في شيءٍ من سواحل المسلمين ثلاثة أيامٍ أجزأت عنه رباط سنةٍ
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من رابط في شيءٍ من سواحل المسلمين ثلاثة أيامٍ أجزأت عنه رباط سنةٍ "
-
- القراءة من قول المصنف: وذكر عنه أيضًا : حرس ليلةٍ في سبيل الله أفضل من ألف ليلةٍ يقام ليلها ويصام نهارها وقال حرمت النار على عينٍ دمعت أو بكت من خشية الله وحرمت النار على عينٍ سهرت في سبيل الله وذكر أحمد عنه من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله متطوعًا لا يأخذه سلطانٌ لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم فإن الله يقول { وإن منكم إلا واردها }
-
بيان أن أحاديث الفضائل لها تعلق بالقصد والموت على ذلك والسلامة من الكبائر
-
القراءة من قول المصنف: وقال لرجلٍ حرس المسلمين ليلةً في سفرهم من أولها إلى الصباح على ظهر فرسه لم ينزل إلا لصلاةٍ أو قضاء حاجةٍ قد أوجبت فلا عليك ألا تعمل بعدها وقال من بلغ بسهمٍ في سبيل الله فله درجةٌ في الجنة وقال من رمى بسهمٍ في سبيل الله فهو عدل محررٍ ومن شاب شيبةً في سبيل الله كانت له نورًا يوم القيامة وعند النسائي تفسير الدرجة بمائة عامٍ وقال إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة : صانعه يحتسب في صنعته الخير والممد به والرامي به وارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا وكل شيءٍ يلهو به الرجل فباطلٌ إلا رميه بقوسه أو تأديبه فرسه وملاعبته امرأته ومن علمه الله الرمي فتركه رغبةً عنه فنعمةٌ كفرها رواه أحمد وأهل السنن وعند ابن ماجه من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني
-
التعليق على قوله:" من بلغ بسهمٍ في سبيل الله فله درجةٌ في الجنة " وتفسير الدرجة بمائة عام
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" ومن علمه الله الرمي فتركه رغبةً عنه فنعمةٌ كفرها ".
-
القراءة من قول المصنف: وذكر أحمد عنه أن رجلًا قال له أوصني فقال أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيءٍ وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكر لك في الأرض ". وقال ذروة سنام الإسلام الجهاد. وقال ثلاثةٌ حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف. وقال من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبةٍ من نفاقٍ. وذكر أبو داود عنه من لم يغز أو يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخيرٍ أصابه الله بقارعةٍ قبل يوم القيامة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من لم يغز أو يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخيرٍ أصابه الله بقارعةٍ قبل يوم القيامة "
-
القراءة من قول المصنف: وقال ثلاثةٌ حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف. وقال من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبةٍ من نفاقٍ. وذكر أبو داود عنه من لم يغز أو يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخيرٍ أصابه الله بقارعةٍ قبل يوم القيامة
-
معنى قوله:" من لم يغز أو يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخيرٍ أصابه الله بقارعةٍ قبل يوم القيامة "
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبةٍ من نفاقٍ " ومعناه.
-
القراءة من قول المصنف: وقال إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاءً فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم وذكر ابن ماجه عنه من لقي الله عز وجل وليس له أثرٌ في سبيل الله لقي الله وفيه ثلمةٌ وقال تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } وفسر أبو أيوب الأنصاري الإلقاء باليد إلى التهلكة بترك الجهاد وصح عنه صلى الله عليه وسلم إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله وصح عنه إن النار أول ما تسعر بالعالم والمنفق والمقتول في الجهاد إذا فعلوا ذلك ليقال
-
التعليق على حديث:" إن النار أول ما تسعر بالعالم والمنفق والمقتول في الجهاد إذا فعلوا ذلك ليقال ".
-
القراءة من قول المصنف: وصح عنه أن من جاهد يبتغي عرض الدنيا فلا أجر له وصح عنه أنه قال لعبد الله بن عمرٍو : إن قاتلت صابرًا محتسبًا بعثك الله صابرًا محتسبًا وإن قاتلت مرائيًا مكاثرًا بعثك الله مرائيًا مكاثرًا يا عبد الله بن عمرٍو على أي وجهٍ قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال
-
قراءة الطالب لبحث حول تخريج حديث استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من سبع موتات
-
تعليق الشيخ على حديث استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من سبع موتات
-
سؤال كيف يجمع بين قول ابن القيم وكان يستحب القتال أول النهار كما يستحب الخروج للسفر أوله وبين أن الأرض تطوى في الليل وأيهما أفضل في السفر في الليل أو في النهار ؟
-
القراءة من قول المصنف:فصلٌ: وكان يستحب القتال أول النهار كما يستحب الخروج للسفر أوله فإن لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر .
-
القراءة من قول المصنف:فصلٌ قال والذي نفسي بيده لا يكلم أحدٌ في سبيل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا جاء يوم القيامة اللون لون الدم والريح ريح المسك وفي الترمذي عنه ليس شيءٌ أحب إلى الله من قطرتين أو أثرين قطرة دمعةٍ من خشية الله وقطرة دمٍ تهراق في سبيل الله وأما الأثران فأثرٌ في سبيل الله وأثرٌ في فريضةٍ من فرائض الله
-
القراءة من قول المصنف: وصح عنه أنه قال ما من عبدٍ يموت له عند الله خيرٌ لا يسره أن يرجع إلى الدنيا وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرةً أخرى وفي لفظٍ فيقتل عشر مراتٍ لما يرى من الكرامة
-
التعليق على قوله:" فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرةً أخرى "
-
القراءة من قول المصنف: وقال لأم حارثة بنت النعمان وقد قتل ابنها معه يوم بدر ٍ فسألته أين هو ؟ قال إنه في الفردوس الأعلى وقال إن أرواح الشهداء في جوف طيرٍ خضرٍ لها قناديل معلقةٌ بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعةً فقال هل تشتهون شيئًا ؟ فقالوا : أي شيءٍ نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل بهم ذلك ثلاث مراتٍ فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرةً أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجةٌ تركوا وقال إن للشهيد عند الله خصالًا أن يغفر له من أول دفعةٍ من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلية الإيمان ويزوج من الحور العين ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خيرٌ من الدنيا وما فيها . ويزوج اثنتين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانًا من أقاربه ذكره أحمد وصححه الترمذي . وقال لجابرٍ : ألا أخبرك ما قال الله لأبيك ؟ " قال بلى قال ما كلم الله أحدًا إلا من وراء حجابٍ وكلم أباك كفاحًا فقال يا عبدي تمن علي أعطك قال يا رب تحييني فأقتل فيك ثانيةً قال إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال يا رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله تعالى هذه الآية { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون } وقال لما أصيب إخوانكم بأحد ٍجعل الله أرواحهم في أجواف طيرٍ خضرٍ ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهبٍ في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله على رسوله هذه الآيات { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا } وفي " المسند مرفوعًا : الشهداء على بارق نهرٍ بباب الجنة في قبةٍ خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرةً وعشيةً
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" الشهداء على بارق نهرٍ بباب الجنة في قبةٍ خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرةً وعشيةً " وتعليق الشيخ عليه سندا ومتنا
-
سؤال في حديث " إن للشهيد عند الله خصالًا " ذكر أنه يزوج بحور العين ثم قال يزوج باثنتين وسبعين من الحور العين أليس فيه تكرار ؟
-
القراءة من قول المصنف: وقال لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى يبتدره زوجتاه كأنهما طيران أضلتا فصيليهما ببراحٍ من الأرض بيد كل واحدةٍ منهما حلةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى يبتدره زوجتاه.."
-
القراءة من قول المصنف: وفي " المستدرك " والنسائي مرفوعًا : لأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل المدر والوبر ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" لأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل المدر والوبر ما يجد الشهيد من القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة "
-
القراءة من قول المصنف: وفي " السنن " : يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته
-
القراءة من قول المصنف: وفي " المسند " : أفضل الشهداء الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة ويضحك إليهم ربك وإذا ضحك ربك إلى عبدٍ في الدنيا فلا حساب عليه
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" أفضل الشهداء الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا "
-
القراءة من قول المصنف: وفيه الشهداء أربعةٌ رجلٌ مؤمنٌ جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك الذي يرفع إليه الناس أعناقهم ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه حتى وقعت قلنسوته ورجلٌ مؤمنٌ جيد الإيمان لقي العدو فكأنما يضرب جلده بشوك الطلح أتاه سهم غربٍ فقتله هو في الدرجة الثانية ورجلٌ مؤمنٌ جيد الإيمان خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذاك في الدرجة الثالثة ورجلٌ مؤمنٌ أسرف على نفسه إسرافًا كثيرًا لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الرابعة المسند " و " صحيح ابن حبان " : القتلى ثلاثةٌ رجلٌ مؤمنٌ جاهد بماله ونفسه في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل فذاك الشهيد الممتحن في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة ورجلٌ مؤمنٌ فرق على نفسه من الذنوب والخطايا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل فتلك ممصمصةٌ محت ذنوبه وخطاياه إن السيف محاء الخطايا وأدخل من أي أبواب الجنة شاء فإن لها ثمانية أبوابٍ ولجهنم سبعة أبوابٍ وبعضها أفضل من بعضٍ ورجلٌ منافقٌ جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل في سبيل الله حتى يقتل فإن ذلك في النار إن السيف لا يمحو النفاق وصح عنه أنه لا يجتمع كافرٌ وقاتله في النار أبدًا. وسئل أي الجهاد أفضل ؟ فقال من جاهد المشركين بماله ونفسه قيل فأي القتل أفضل ؟ قال من أهريق دمه وعقر جواده في سبيل الله. وفي سنن ابن ماجه " : إن من أعظم الجهاد كلمة عدلٍ عند سلطانٍ جائرٍ وهو لأحمد والنسائي مرسلًا . وصح عنه أنه لا تزال طائفةٌ من أمته يقاتلون على الحق لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة وفي لفظٍ حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه في الحرب على ألا يفروا وربما بايعهم على الموت وبايعهم على الجهاد كما بايعهم على الإسلام وبايعهم على الهجرة قبل الفتح وبايعهم على التوحيد والتزام طاعة الله ورسوله وبايع نفرًا من أصحابه ألا يسألوا الناس شيئًا . وكان السوط يسقط من يد أحدهم فينزل عن دابته فيأخذه ولا يقول لأحدٍ ناولني إياه
-
التعليق حول مبايعة النبي صلى الله لأصحابه يوم الحديبية على الموت
-
القراءة من قول المصنف: وكان يشاور أصحابه في أمر الجهاد وأمر العدو وتخير المنازل
-
مشاورة النبي صلى الله لأصحابه في أموره وفائدته مع ذكر الأدلة
-
القراءة من قول المصنف: وفي " المستدرك " عن أبي هريرة : ما رأيت أحدًا أكثر مشورةً لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتخلف في ساقتهم في المسير فيزجي الضعيف ويردف المنقطع وكان أرفق الناس بهم في المسير وكان إذا أراد غزوةً ورى بغيرها فيقول مثلًا إذا أراد غزوة حنينٍ : كيف طريق نجدٍ ومياهها ومن بها من العدو ونحو ذلك
-
بيان سبب تورية الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أراد الغزو وأحيانا لا يوري وذكر قصة إرسال حاطب بن أبي بلتعة للكتاب إلى كفار قريش عام الفتح
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" الحرب خدعة " وضبط كلمة خدعة ومعناها وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من الحاشية حول ذكر الوجه الرابعة لكلمة خدعة وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من قول المصنف: وكان يبعث العيون يأتونه بخبر عدوه ويطلع الطلائع ويبيت الحرس
-
القراءة من قول المصنف: وكان إذا لقي عدوه وقف ودعا واستنصر الله وأكثر هو وأصحابه من ذكر الله وخفضوا أصواتهم وكان يرتب الجيش والمقاتلة ويجعل في كل جنبةٍ كفئًا لها وكان يبارز بين يديه بأمره وكان يلبس للحرب عدته وربما ظاهر بين درعين
-
بيان أن ترك الأسباب عجز وليس توكلا وأن المؤمن عليه التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب
-
القراءة من قول المصنف: وكان له الألوية والرايات وكان إذا ظهر على قومٍ أقام بعرصتهم ثلاثًا ثم قفل وكان إذا أراد أن يغير انتظر فإن سمع في الحي مؤذنًا لم يغر وإلا أغار وكان ربما بيت عدوه وربما فاجأهم نهارًا وكان يحب الخروج يوم الخميس بكرة النهار
-
بيان أن خروج يوم الخميس للغالب وإلا في حجة الوداع خرج يوم السبت
-
القراءة من قول المصنف: وكان العسكر إذا نزل انضم بعضه إلى بعضٍ حتى لو بسط عليهم كساءٌ لعمهم . وكان يرتب الصفوف ويعبئهم عند القتال بيده ويقول تقدم يا فلان تأخر يا فلان وكان يستحب للرجل منهم أن يقاتل تحت راية قومه . وكان إذا لقي العدو قال اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم وربما قال سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر وكان يقول اللهم أنزل نصرك وكان يقول " اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل وكان إذا اشتد له بأسٌ وحمي الحرب وقصده العدو يعلم بنفسه ويقول أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
-
بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بنفسه في الغزو في غزوة حنين.
-
القراءة من قول المصنف: وكان الناس إذا اشتد الحرب اتقوا به صلى الله عليه وسلم وكان أقربهم إلى العدو . وكان يجعل لأصحابه شعارًا في الحرب يعرفون به إذا تكلموا وكان شعارهم مرةً أمت أمت ومرةً يا منصور ومرةً حم لا ينصرون
-
القراءة من الحاشية حول قول المصنف: وكان شعارهم مرةً أمت أمت ومرةً يا منصور ومرةً حم لا ينصرون
-
تتمة القراءة من الحاشية حول قول المصنف: وكان شعارهم مرةً أمت أمت ومرةً يا منصور ومرةً حم لا ينصرون
-
القراءة من قول المصنف: وكان يلبس الدرع والخوذة ويتقلد السيف ويحمل الرمح والقوس العربية وكان يتترس بالترس
-
القراءة من قول المصنف: وكان يحب الخيلاء في الحرب وقال إن منها ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله فأما الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند اللقاء واختياله عند الصدقة وأما التي يبغض الله عز وجل فاختياله في البغي والفخر
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" إن منها ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله فأما الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند اللقاء.."
-
القراءة من قول المصنف: وقاتل مرةً بالمنجنيق نصبه على أهل الطائف . وكان ينهى عن قتل النساء والولدان وكان ينظر في المقاتلة ، فمن رآه أنبت قتله ومن لم ينبت استحياه
-
القراءة من قول المصنف: وكان إذا بعث سريةً يوصيهم بتقوى الله ويقول سيروا بسم الله وفي سبيل الله ، وقاتلوا من كفر بالله ولا تمثلوا ، ولا تغدروا ، ولا تقتلوا وليدًا وكان ينهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو .
-
قراءة الطالب لبحث في تخريج حديث:" أفضل الصدقة صدقة الماء " وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من قول المصنف: وكان ينهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو
-
بيان أن النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو إذا خشي عليه من أيد العدو
-
سؤال إذا كان المصحف وفيه التفسير هل يسافر به إلى أرض العدو ؟
-
القراءة من قول المصنف: وكان يأمر أمير سريته أن يدعو عدوه قبل القتال إما إلى الإسلام والهجرة أو إلى الإسلام دون الهجرة ويكونون كأعراب المسلمين ليس لهم في الفيء نصيبٌ أو بذل الجزية فإن هم أجابوا إليه قبل منهم وإلا استعان بالله وقاتلهم
-
القراءة من قول المصنف: وكان إذا ظفر بعدوه أمر مناديًا ، فجمع الغنائم كلها ، فبدأ بالأسلاب فأعطاها لأهلها ، ثم أخرج خمس الباقي ، فوضعه حيث أراه الله وأمره به من مصالح الإسلام ثم يرضخ من الباقي لمن لا سهم له من النساء والصبيان والعبيد ثم قسم الباقي بالسوية بين الجيش للفارس ثلاثة أسهمٍ سهمٌ له وسهمان لفرسه وللراجل سهمٌ هذا هو الصحيح الثابت عنه . وكان ينفل من صلب الغنيمة بحسب ما يراه من المصلحة وقيل بل كان النفل من الخمس ، وقيل وهو أضعف الأقوال بل كان من خمس الخمس . وجمع لسلمة بن الأكوع في بعض مغازيه بين سهم الراجل والفارس فأعطاه أربعة أسهم..عدا النفل . وكان إذا أغار في أرض العدو ، بعث سريةً بين يديه فما غنمت أخرج خمسه ونفلها ربع الباقي ، وقسم الباقي بينها وبين سائر الجيش وإذا رجع فعل ذلك ونفلها الثلث ومع ذلك فكان يكره النفل ويقول ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم
-
القراءة من قول المصنف: و كان له صلى الله عليه وسلم سهمٌ من الغنيمة يدعى الصفي إن شاء عبدًا ، وإن شاء أمةً وإن شاء فرسًا يختاره قبل الخمس . قالت عائشة : وكانت صفية من الصفي رواه أبو داود . ولهذا جاء في كتابه إلى بني زهير بن أقيشٍ إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله ، وأن محمدًا رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم الصفي أنتم آمنون بأمان الله ورسوله وكان سيفه ذو الفقار من الصفي . وكان يسهم لمن غاب عن الوقعة لمصلحة المسلمين كما أسهم لعثمان سهمه من بدرٍ ، ولم يحضرها لمكان تمريضه لامرأته رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله فضرب له سهمه وأجره
-
سؤال ما درجة حديث :" إنه ليس لي إلا الخمس والخمس مردود فيكم "
-
القراءة من قول المصنف: وكانوا يشترون معه في الغزو ويبيعون وهو يراهم ولا ينهاهم وأخبره رجلٌ أنه ربح ربحًا لم يربح أحدٌ مثله فقال ما هو ؟ قال ما زلت أبيع وأبتاع حتى ربحت ثلاثمائة أوقيةٍ فقال أنا أنبئك بخير رجلٍ ربح قال ما هو يا رسول الله ؟ قال ركعتين بعد الصلاة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" وأخبره رجلٌ أنه ربح ربحًا لم يربح أحدٌ مثله " وتعليق الشيخ عليه.
-
سؤال ما درجة الحديث الذي كان يتاجر في الغزو وبيان فضل البيع الحلال
-
القراءة من قول المصنف: وكانوا يستأجرون الأجراء للغزو على نوعين أحدهما : أن يخرج الرجل ويستأجر من يخدمه في سفره . والثاني : أن يستأجر من ماله من يخرج في ويسمون ذلك الجعائل وفيها قال النبي صلى الله عليه وسلم للغازي أجره وللجاعل أجره وأجر الغازي . وكانوا يتشاركون في الغنيمة على نوعين أيضًا . أحدهما : شركة الأبدان والثاني : أن يدفع الرجل بعيره إلى الرجل أو فرسه يغزو عليه على النصف مما يغنم حتى ربما اقتسما السهم فأصاب أحدهما قدحه والآخر نصله وريشه . وقال ابن مسعودٍ : اشتركت أنا وعمارٌ وسعدٌ فيما نصيب يوم بدرٍ ، فجاء سعدٌ بأسيرين ولم أجئ أنا وعمارٌ بشيءٍ
-
القراءة من الحاشية حول تخريج قول ابن مسعود: اشتركت أنا وعمارٌ وسعدٌ فيما نصيب يوم بدرٍ ، فجاء سعدٌ بأسيرين ولم أجئ أنا وعمارٌ بشيءٍ
-
القراءة من قول المصنف: وكان يبعث بالسرية فرسانًا تارةً ورجالًا أخرى ، وكان لا يسهم لمن قدم من المدد بعد الفتح
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان يعطي سهم ذي القربى في بني هاشمٍ وبني المطلب دون إخوتهم من بني عبد شمسٍ وبني نوفلٍ ، وقال إنما بنو المطلب وبنو هاشمٍ شيءٌ واحدٌ وشبك بين أصابعه وقال إنهم لم يفارقونا في جاهليةٍ ولا إسلامٍ
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان المسلمون يصيبون معه في مغازيهم العسل والعنب والطعام فيأكلونه ولا يرفعونه في المغانم قال ابن عمر : إن جيشًا غنموا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا وعسلًا ، ولم يؤخذ منهم الخمس ذكره أبو داود . وانفرد عبد الله بن المغفل يوم خيبر بجراب شحمٍ وقال لا أعطي اليوم أحدًا من هذا شيئًا ، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم ولم يقل له شيئًا
-
القراءة من قول المصنف: وقيل لابن أبي أوفى : كنتم تخمسون الطعام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أصبنا طعامًا يوم خيبر ، وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف وقال بعض الصحابة " كنا نأكل الجوز في الغزو ، ولا نقسمه حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأجربتنا منه مملوءةٌ
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان ينهى في مغازيه عن النهبة والمثلة وقال من انتهب نهبةً فليس منا وأمر بالقدور التي طبخت من النهبى فأكفئت وذكر أبو داود عن رجلٍ من الأنصار قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فأصاب الناس حاجةٌ شديدةٌ وجهدٌ وأصابوا غنمًا ، فانتهبوها وإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي على قوسه فأكفأ قدورنا بقوسه ثم جعل يرمل اللحم بالتراب ثم قال " إن النهبة ليست بأحل من الميتة ، أو إن الميتة ليست بأحل من النهبة
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" إن النهبة ليست بأحل من الميتة "
-
القراءة من قول المصنف : وكان ينهى أن يركب الرجل دابةً من الفيء حتى إذا أعجفها ، ردها فيه وأن يلبس الرجل ثوبًا من الفيء حتى إذا أخلقه رده فيه ولم يمنع من الانتفاع به حال الحرب
-
سؤال إذا مثل الكفار بالمسلمين فهل يجوز للمسلمين إذا ظفروا به أن يمثلوا به
-
سؤال كيف الجواب عن الحديث الذي فيه أن رجلا أخذ شملة من الغنيمة ثم مات فقال إنه يعذب بها في قبره
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ : وكان يشدد في الغلول جدا ، ويقول هو عارٌ ونارٌ وشنارٌ على أهله يوم القيامة
-
القراءة من قول المصنف: أصيب غلامه مدعمٌ قالوا : هنيئًا له الجنة قال كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارًا " فجاء رجلٌ بشراكٍ أو شراكين لما سمع ذلك فقال " شراكٌ أو شراكان من نارٍ
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارًا "
-
سؤال هل يقال أن ما يقتات من الغنيمة فيعفى عن يسيره وإنما المحظور ما يدخر؟
-
القراءة من قول المصنف: وقال أبو هريرة : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول وعظمه وعظم أمره فقال لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاةٌ لها ثغاءٌ على رقبته فرسٌ له حمحمةٌ يقول يا رسول الله أغثني ، فأقول لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك على رقبته صامتٌ فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك من الله شيئًا ، قد أبلغتك على رقبته رقاعٌ تخفق فيقول يا رسول الله أغثني ، فأقول لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك وقال لمن كان على ثقله وقد مات هو في النار فذهبوا ينظرون فوجدوا عباءةً قد غلها وقالوا في بعض غزواتهم فلانٌ شهيدٌ وفلانٌ شهيدٌ حتى مروا على رجلٍ فقالوا : وفلانٌ شهيدٌ فقال كلا إني رأيته في النار في بردةٍ غلها أو عباءةٍ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذهب يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون. وتوفي رجلٌ يوم خيبر ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال إن صاحبكم غل في سبيل الله شيئًا ففتشوا متاعه فوجدوا خرزًا من خرز يهود لا يساوي درهمين
-
القراءة من قول المصنف: وكان إذا أصاب غنيمةً أمر بلالًا ، فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجاء رجلٌ بعد ذلك بزمامٍ من شعرٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سمعت بلالًا نادى ثلاثًا ؟ " قال نعم قال " فما منعك أن تجيء به ؟ " فاعتذر فقال " كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" وكان إذا أصاب غنيمةً أمر بلالًا ، فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجاء رجلٌ بعد ذلك بزمامٍ من شعر ".
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وأمر بتحريق متاع الغال وضربه ، وحرقه الخليفتان الراشدان بعده فقيل هذا منسوخٌ بسائر الأحاديث التي ذكرت فإنه لم يجئ التحريق في شيءٍ منها ، وقيل - وهو الصواب - إن هذا من باب التعزيز والعقوبات المالية الراجعة إلى اجتهاد الأئمة بحسب المصلحة فإنه حرق وترك وكذلك خلفاؤه من بعده ونظير هذا قتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة فليس بحد ولا منسوخٍ وإنما هو تعزيزٌ يتعلق باجتهاد الإمام
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث تحريق متاع الرجل الذي غل في الجهاد
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث حد شارب الخمر إذا شربها في الرابعة وتعليق الشيخ عليه وبيان أن صاحب المخدرات يقاس على شارب الخمر
-
سؤال كيف الجمع بين حديث حد شارب الخمر في الرابعة القتل وبين حديث الصحابي الذي كان يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أجل شربه للخمر
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في هديه صلى الله عليه وسلم في الأسارى كان يمن على بعضهم ويقتل بعضهم ويفادي بعضهم بالمال وبعضهم بأسرى المسلمين وقد فعل ذلك كله بحسب المصلحة ففادى أسارى بدرٍ بمالٍ وقال لو كان المطعم بن عدي حيا ، ثم كلمني في هؤلاء النتنى ، لتركتهم له وهبط عليه في صلح الحديبية ثمانون متسلحون يريدون غرته فأسرهم ثم من عليهم . وأسر ثمامة بن أثالٍ سيد بني حنيفة ، فربطه بسارية المسجد ثم أطلقه فأسلم . واستشار الصحابة في أسارى بدرٍ ، فأشار عليه الصديق أن يأخذ منهم فديةً تكون لهم قوةً على عدوهم ويطلقهم لعل الله أن يهديهم إلى الإسلام وقال عمر : لا والله ما أرى الذي رأى أبو بكرٍ ولكن أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكرٍ ولم يهو ما قال عمر فلما كان من الغد أقبل عمر فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي هو وأبو بكرٍ فقال يا رسول الله من أي شيءٍ تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاءً بكيت وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة ، وأنزل الله { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } وقد تكلم الناس في أي الرأيين كان أصوب فرجحت طائفةٌ قول عمر لهذا الحديث ورجحت طائفةٌ قول أبي بكرٍ لاستقرار الأمر عليه وموافقته الكتاب الذي سبق من الله بإحلال ذلك لهم ولموافقته الرحمة التي غلبت الغضب ولتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له في ذلك بإبراهيم وعيسى ، وتشبيهه لعمر بنوحٍ وموسى
-
التعليق على تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر بإبراهيم وعيسى وتشبيه عمر بنوح وموسى
-
قراءة الطالب لتخريج حديث تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر بإبراهيم وعيسى وتشبيه عمر بنوح وموسى من مسند أحمد وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من حاشية مسند الإمام أحمد لأحمد شاكر حول تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر بإبراهيم وعيسى وتشبيه عمر بنوح وموسى وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من قول المصنف: ولحصول الخير العظيم الذي حصل بإسلام أكثر أولئك الأسرى ، ولخروج من خرج من أصلابهم من المسلمين ولحصول القوة التي حصلت للمسلمين بالفداء ولموافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكرٍ أولًا ، ولموافقة الله له آخرًا حيث استقر الأمر على رأيه ولكمال نظر الصديق فإنه رأى ما يستقر عليه حكم الله آخرًا ، وغلب جانب الرحمة على جانب العقوبة . قالوا : وأما بكاء النبي صلى الله عليه وسلم فإنما كان رحمةً لنزول العذاب لمن أراد بذلك عرض الدنيا ، ولم يرد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكرٍ وإن أراده بعض الصحابة فالفتنة كانت تعم ولا تصيب من أراد ذلك خاصةً كما هزم العسكر يوم حنينٍ بقول أحدهم ( لن نغلب اليوم من قلةٍ ) وبإعجاب كثرتهم لمن أعجبته منهم فهزم الجيش بذلك فتنةً ومحنةً ثم استقر الأمر على النصر والظفر والله أعلم .
-
بيان أن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه ولكن يعتضد حديثه، والحكمة من فداء الأسرى أو منهم
-
القراءة من قول المصنف: واستأذنه الأنصار أن يتركوا للعباس عمه فداءه فقال " لا تدعوا منه درهمًا واستوهب من سلمة بن الأكوع جاريةً نفله إياها أبو بكرٍ في بعض مغازيه فوهبها له فبعث بها إلى مكة ، ففدى بها ناسًا من المسلمين وفدى رجلين من المسلمين برجلٍ من عقيلٍ ورد سبي هوازن عليهم بعد القسمة ، واستطاب قلوب الغانمين فطيبوا له وعوض من لم يطيب من ذلك بكل إنسانٍ ست فرائض وقتل عقبة بن أبي معيطٍ من الأسرى ، وقتل النضر بن الحارث لشدة عداوتهما لله ورسوله
-
بيان أن الأسرى لهم أربعة أحوال: الفداء أو المن أو القتل أو المفاداة.
-
القراءة من قول المصنف: وذكر الإمام أحمد عن ابن عباسٍ قال كان ناسٌ من الأسرى لم يكن لهم مالٌ ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة وهذا يدل على جواز الفداء بالعمل كما يجوز بالمال وكان هديه أن من أسلم قبل الأسر لم يسترق وكان يسترق سبي العرب ، كما يسترق غيرهم من أهل الكتاب وكان عند عائشة سبيةٌ منهم فقال أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل وفي الطبراني مرفوعًا : من كان عليه رقبةٌ من ولد إسماعيل ، فليعتق من بلعنبر
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من كان عليه رقبةٌ من ولد إسماعيل ، فليعتق من بلعنبر "
-
القراءة من قول المصنف: ولما قسم سبايا بني المصطلق، وقعت جويرية بنت الحارث في السبي لثابت بن قيس بن شماسٍ ، فكاتبته على نفسها ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوجها ، فأعتق بتزوجه إياها مئةً من أهل بيت بني المصطلق إكرامًا لصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهي من صريح العرب ، ولم يكونوا يتوقفون في وطء سبايا العرب على الإسلام بل كانوا يطئونهن بعد الاستبراء وأباح الله لهم ذلك ولم يشترط الإسلام بل قال تعالى : { والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } فأباح وطء ملك اليمين وإن كانت محصنةً إذا انقضت عدتها بالاستبراء وقال له سلمة بن الأكوع ، لما استوهبه الجارية الفزارية من السبي والله يا رسول الله لقد أعجبتني ، وما كشفت لها ثوبًا ولو كان وطؤها حرامًا قبل الإسلام عندهم لم يكن لهذا القول معنًى ، ولم تكن قد أسلمت لأنه قد فدى بها ناسًا من المسلمين بمكة ، والمسلم لا يفادى به وبالجملة فلا نعرف في أثرٍ واحدٍ قط اشتراط الإسلام منهم قولًا أو فعلًا في وطء المسبية فالصواب الذي كان عليه هديه وهدي أصحابه استرقاق العرب ، ووطء إمائهن المسبيات بملك اليمين من غير اشتراط الإسلام .
-
فائدة ذكرها الطالب حول قتل شارب الخمر في الرابعة وأنه غير منسوخ
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان صلى الله عليه وسلم يمنع التفريق في السبي بين الوالدة وولدها، ويقول من فرق بين والدةٍ وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة.
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من فرق بين والدةٍ وولدها، فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة "
-
القراءة من قول المصنف: وكان يؤتى بالسبي فيعطي أهل البيت جميعًا كراهية أن يفرق بينهم.
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في هديه فيمن جس عليه ثبت عنه أنه قتل جاسوسًا من المشركين . وثبت عنه أنه لم يقتل حاطبًا ، وقد جس عليه واستأذنه عمر في قتله فقال وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدرٍ فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فاستدل به من لا يرى قتل المسلم الجاسوس كالشافعي ، وأحمد ، وأبي حنيفة رحمهم الله واستدل به من يرى قتله كمالكٍ ، وابن عقيلٍ من أصحاب أحمد - رحمه الله - وغيرهما قالوا : لأنه علل بعلةٍ مانعةٍ من القتل منتفيةٍ في غيره
-
القراءة من قول المصنف: ولو كان الإسلام مانعًا من قتله لم يعلل بأخص منه لأن الحكم إذا علل بالأعم كان الأخص عديم التأثير وهذا أقوى. والله أعلم .
-
سؤال يقول بعض أهل العلم أن فعل حاطب فعل كفر ولكن حاطب لم يكفر لأنه شهد بدرا ؟
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان هديه صلى الله عليه وسلم عتق عبيد المشركين إذا خرجوا إلى المسلمين وأسلموا، ويقول هم عتقاء الله عز وجل
-
التعليق على عتق عبيد المشركين إذا جاءوا إلى المسلمين وأسلموا
-
القراءة من قول المصنف: وكان هديه أن من أسلم على شيءٍ في يده فهو له ولم ينظر إلى سببه قبل الإسلام بل يقره في يده كما كان قبل الإسلام
-
القراءة من قول المصنف: ولم يكن يضمن المشركين إذا أسلموا ما أتلفوه على المسلمين من نفسٍ أو مالٍ حال الحرب ولا قبله وعزم الصديق على تضمين المحاربين من أهل الردة ديات المسلمين وأموالهم فقال عمر تلك دماءٌ أصيبت في سبيل الله ، وأجورهم على الله ولا دية لشهيدٍ فاتفق الصحابة على ما قال عمر ولم يكن أيضًا يرد على المسلمين أعيان أموالهم التي أخذها منهم الكفار قهرًا بعد إسلامهم بل كانوا يرونها بأيديهم ولا يتعرضون لها سواءٌ في ذلك العقار والمنقول هذا هديه الذي لا شك فيه . ولما فتح مكة ، قام إليه رجالٌ من المهاجرين يسألونه أن يرد عليهم دورهم التي استولى عليها المشركون فلم يرد على واحدٍ منهم داره وذلك لأنهم تركوها لله وخرجوا عنها ابتغاء مرضاته فأعاضهم عنها دورًا خيرًا منها في الجنة فليس لهم أن يرجعوا فيما تركوه لله بل أبلغ من ذلك أنه لم يرخص للمهاجر أن يقيم بمكة بعد نسكه أكثر من ثلاثٍ لأنه قد ترك بلده لله وهاجر منه فليس له أن يعود يستوطنه ولهذا رثى لسعد بن خولة ، وسماه بائسًا أن مات بمكة ودفن بها بعد هجرته منها
-
سؤال هل من هجر من بلد الكفر لا يرجع إلى بلده عام أم خاص بالمهاجرين بالنسبة لمكة
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في هديه في الأرض المغنومة ثبت عنه أنه قسم أرض بني قريظة وبني النضير وخيبر بين الغانمين وأما المدينة ، ففتحت بالقرآن وأسلم عليها أهلها ، فأقرت بحالها . وأما مكة ، ففتحها عنوةً ولم يقسمها ، فأشكل على كل طائفةٍ من العلماء الجمع بين فتحها عنوةً وترك قسمتها ، فقالت طائفةٌ لأنها دار المناسك وهي وقفٌ على المسلمين كلهم وهم فيها سواءٌ فلا يمكن قسمتها ، ثم من هؤلاء من منع بيعها وإجارتها ، ومنهم من جوز بيع رباعها ، ومنع إجارتها ، والشافعي لما لم يجمع بين العنوة وبين عدم القسمة قال إنها فتحت صلحًا ، فلذلك لم تقسم . قال ولو فتحت عنوةً لكانت غنيمةً فيجب قسمتها كما تجب قسمة الحيوان والمنقول ولم ير بأسًا من بيع رباع مكة ، وإجارتها ، واحتج بأنها ملكٌ لأربابها تورث عنهم وتوهب وقد أضافها الله سبحانه إليهم إضافة الملك إلى مالكه واشترى عمر بن الخطاب دارًا من صفوان بن أمية ، وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم أين تنزل غدًا في دارك بمكة ؟ فقال وهل ترك لنا عقيلٌ من رباعٍ أو دورٍ وكان عقيلٌ ورث أبا طالبٍ ، فلما كان أصل الشافعي أن الأرض من الغنائم وأن الغنائم تجب مكة تملك وتباع ورباعها ودورها لم تقسم لم يجد بدا من القول بأنها فتحت صلحًا. لكن من تأمل الأحاديث الصحيحة وجدها كلها دالةً على قول الجمهور أنها فتحت عنوةً. ثم اختلفوا لأي شيءٍ لم يقسمها ؟ فقالت طائفةٌ لأنها دار النسك ومحل العبادة فهي وقفٌ من الله على عباده المسلمين . وقالت طائفةٌ الإمام مخيرٌ في الأرض بين قسمتها وبين وقفها ، والنبي صلى الله عليه وسلم قسم خيبر ، ولم يقسم مكة ، فدل على جواز الأمرين . قالوا : والأرض لا تدخل في الغنائم المأمور بقسمتها ، بل الغنائم هي الحيوان والمنقول لأن الله تعالى لم يحل الغنائم لأمةٍ غير هذه الأمة وأحل لهم ديار الكفر وأرضهم كما قال تعالى : { وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم } إلى قوله { يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم } وقال في ديار فرعون وقومه وأرضهم { كذلك وأورثناها بني إسرائيل } فعلم أن الأرض لا تدخل في الغنائم والإمام مخيرٌ فيها بحسب المصلحة وقد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك وعمر لم يقسم بل أقرها على حالها وضرب عليها خراجًا مستمرا في رقبتها يكون للمقاتلة فهذا معنى وقفها ، ليس معناه الوقف الذي يمنع من نقل الملك في الرقبة بل يجوز بيع هذه الأرض كما هو عمل الأمة وقد أجمعوا على أنها تورث والوقف لا يورث وقد نص الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - على أنها يجوز أن تجعل صداقًا ، والوقف لا يجوز أن يكون مهرًا في النكاح ولأن الوقف إنما امتنع بيعه ونقل الملك في رقبته لما في ذلك من إبطال حق البطون الموقوف عليهم من منفعته والمقاتلة حقهم في خراج الأرض فمن اشتراها صارت عنده خراجيةً كما كانت عند البائع سواءً فلا يبطل حق أحدٍ من المسلمين بهذا البيع كما لم يبطل بالميراث والهبة والصداق ونظير هذا بيع رقبة المكاتب وقد انعقد فيه سبب الحرية بالكتابة
-
بيان أن أرض بني النضير خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ولم تقسم
-
القراءة من قول المصنف: ونظير هذا بيع رقبة المكاتب وقد انعقد فيه سبب الحرية بالكتابة فإنه ينتقل إلى المشتري مكاتبًا كما كان عند البائع ولا يبطل ما انعقد في حقه من سبب العتق ببيعه والله أعلم . صلى الله عليه وسلم قسم نصف أرض خيبر خاصةً ولو كان حكمها حكم الغنيمة لقسمها كلها بعد الخمس ففي " السنن " و " المستدرك " : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستةٍ وثلاثين سهمًا ، جمع كل سهمٍ مائة سهمٍ فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس هذا لفظ أبي داود وفي لفظٍ عزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهمًا ، وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين وكان ذلك الوطيح والكتيبة ، والسلالم وتوابعها . وفي لفظٍ له أيضًا : عزل نصفها لنوائبه وما نزل به : الوطحية والكتيبة ، وما أحيز معهما ، وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين الشق والنطاة ، وما أحيز معهما ، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أحيز معهما
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ والذي يدل على أن مكة فتحت عنوةً وجوهٌ أحدها : أنه لم ينقل أحدٌ قط أن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهلها زمن الفتح ولا جاءه أحدٌ منهم صالحه على البلد وإنما جاءه أبو سفيان فأعطاه الأمان لمن دخل داره أو أغلق بابه أو دخل المسجد أو ألقى سلاحه . ولو كانت قد فتحت صلحًا ، لم يقل من دخل داره أو أغلق بابه أو دخل المسجد فهو آمنٌ فإن الصلح يقتضي الأمان العام . الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنه أذن لي فيها ساعةً من نهارٍ وفي لفظٍ إنها لا تحل لأحدٍ قبلي ، ولن تحل لأحدٍ بعدي ، وإنما أحلت لي ساعةً من نهارٍ وفي لفظٍ فإن أحدٌ ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا : إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعةً من نهارٍ وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس . وهذا صريحٌ في أنها فتحت عنوةً . وأيضًا ، فإنه ثبت في " الصحيح أنه جعل يوم الفتح خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى ، وجعل الزبير على المجنبة اليسرى ، وجعل أبا عبيدة على الحسر وبطن الوادي ، فقال يا أبا هريرة ادع لي الأنصار فجاءوا يهرولون فقال يا معشر الأنصار ، هل ترون أوباش قريشٍ ؟ قالوا : نعم قال انظروا إذا لقيتموهم غدًا أن تحصدوهم حصدًا ، وأخفى بيده ووضع يمينه على شماله وقال موعدكم الصفا ، قال فما أشرف يومئذٍ لهم أحدٌ إلا أناموه وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا ، وجاءت الأنصار ، فأطافوا بالصفا ، فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيدت خضراء قريشٍ ، لا قريش بعد اليوم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ ، ومن ألقى السلاح فهو آمنٌ ومن أغلق بابه فهو آمنٌ . وأيضًا ، فإن أم هانئٍ أجارت رجلًا ، فأراد علي بن أبي طالبٍ قتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت يا أم هانئٍ وفي لفظٍ عنها : لما كان يوم فتح مكة ، أجرت رجلين من أحمائي ، فأدخلتهما بيتًا ، وأغلقت عليهما بابًا ، فجاء ابن أمي علي فتفلت عليهما بالسيف فذكرت حديث الأمان وقول النبي صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت يا أم هانئٍ وذلك ضحًى بجوف مكة بعد الفتح . فإجارتها له وإرادة علي رضي الله عنه قتله وإمضاء النبي صلى الله عليه وسلم إجارتها صريحٌ في أنها فتحت عنوةً . وأيضًا فإنه أمر بقتل مقيس بن صبابة ، وابن خطلٍ ، وجاريتين ولو كانت فتحت صلحًا ، لم يأمر بقتل أحدٍ من أهلها ، ولكان ذكر هؤلاء مستثنًى من عقد الصلح وأيضًا
-
التعليق على مسألة أن مكة فتحت عنوة وسبب عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن أهلها ولم يأخذ أموالهم لحكم كثيرة
-
القراءة من قول المصنف: ففي " السنن " بإسنادٍ صحيحٍ " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يوم فتح مكة ، قال أمنوا الناس إلا امرأتين ، وأربعة نفرٍ . اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة والله أعلم
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يوم فتح مكة ، قال أمنوا الناس إلا امرأتين ، وأربعة نفرٍ . اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة "
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ومنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من إقامة المسلم بين المشركين إذا قدر على الهجرة من بينهم وقال أنا بريءٌ من كل مسلمٍ يقيم بين أظهر المشركين قيل يا رسول الله ولم ؟ قال لا تراءى ناراهما .
-
الحكمة من منع إقامة المسلم عند الكفار وذكر الأدلة في ذلك وبيان وجوب الهجرة من بلد الكفار إلى بلد الإسلام
-
سؤال إذا استولى الكفار على بلاد الإسلام هل يجب الهجرة منه مثل الهجرة من بلد الكفار ؟
-
سؤال إذا أظهر المسلم دينه في بلد الكفار هل يجب عليه الهجرة منه ؟
-
سؤال إذا كان للمسلم له مركز للدعوة في بلد الكفار ويبقى في بلد الكفر للمصلحة هل يجوز له البقاء عندهم ؟
-
القراءة من قول المصنف: وقال من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله " وتعليق الشيخ على رواية سمرة عن الحسن
-
القراءة من قول المصنف: وقال لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها "
-
القراءة من قول المصنف: وقال ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ ، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها ، تلفظهم أرضوهم تقذرهم نفس الله وتحشرهم النار مع القردة والخنازير
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث:" ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ ، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم.."
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في هديه في الأمان والصلح ومعاملة رسل الكفار وأخذ الجزية ومعاملة أهل الكتاب والمنافقين وإجارة من جاءه من الكفار حتى يسمع كلام الله ورده إلى مأمنه ووفائه بالعهد وبراءته من الغدر ثبت عنه أنه قال: ذمة المسلمين واحدةٌ يسعى بها أدناهم ، فمن أخفر مسلمًا ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلًا وقال المسلمون تتكافأ دماؤهم ، وهم يدٌ على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مؤمنٌ بكافرٍ ، ولا ذو عهدٍ في عهده من أحدث حدثًا فعلى نفسه ومن أحدث حدثًا أو آوى محدثًا ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وثبت عنه أنه قال من كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يحلن عقدةً ولا يشدها حتى يمضي أمده أو ينبذ إليهم على سواءٍ وقال من أمن رجلًا على نفسه فقتله ، فأنا بريءٌ من القاتل وفي لفظٍ أعطي لواء غدرة وقال لكل غادرٍ لواءٌ عند استه يوم القيامة يعرف به يقال هذه غدره فلان بن فلانٍ
-
التعليق على حديث:" لكل غادرٍ لواءٌ عند استه يوم القيامة يعرف به يقال هذه غدره فلان بن فلانٍ "
-
سؤال أن بعض المجرمين فلا يسلم نفسه إلا إذا قيل له أنت آمن ثم يمسكونه فهل يكون هذا من الغدر؟
-
سؤال حول قوله:" لعن الله من آوى محدثا " في حق المخلوق لا في حق الله
-
القراءة من قول المصنف: ويذكر عنه أنه قال ما نقض قومٌ العهد إلا أديل عليهم العدو
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، صار الكفار معه ثلاثة أقسامٍ
-
سؤال هل دعاء السفر سبحان الذي سخر لنا هذا " يقال في غير السفر
-
قراءة الطالب لحديث علي أنه أوتي بدابة ليركبها فلما وضع رجله في الركاز قال بسم الله فلما استوت به راحلته قال الحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا..ثم روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك وذكر درجة الحديث وسنده
-
التعليق على حديث علي بن أبي طالب وأن دعاء السفر يقال في السفر فقط
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، صار الكفار معه ثلاثة أقسامٍ: قسمٌ صالحهم ووادعهم على ألا يحاربوه ولا يظاهروا عليه ولا يوالوا عليه عدوه وهم على كفرهم آمنون على دمائهم وأموالهم . وقسمٌ حاربوه ونصبوا له العداوة . وقسمٌ تاركوه فلم يصالحوه ولم يحاربوه بل انتظروا ما يئول إليه أمره وأمر أعدائه ثم من هؤلاء من كان يحب ظهوره وانتصاره في الباطن ومنهم من كان يحب ظهور عدوه عليه وانتصارهم ومنهم من دخل معه في الظاهر وهو مع عدوه في الباطن ليأمن الفريقين وهؤلاء هم المنافقون فعامل كل طائفةٍ من هذه الطوائف بما أمره به ربه تبارك وتعالى . فصالح يهود المدينة ، وكتب بينهم وبينه كتاب أمنٍ وكانوا ثلاث طوائف حول المدينة : بني قينقاع ، وبني النضير ، وبني قريظة ، فحاربته بنو قينقاع بعد ذلك بعد بدر ٍ ، وشرقوا بوقعة بدر ٍ ، فسارت إليهم جنود الله يقدمهم عبد الله ورسوله يوم السبت للنصف من شوالٍ على رأس عشرين شهرًا من مهاجره وكان حلفاء عبد الله بن أبي بن سلول رئيس المنافقين وكانوا أشجع يهود المدينة ، وحامل لواء المسلمين يومئذٍ حمزة بن عبد المطلب ، واستخلف على المدينة أبا لبابة بن عبد المنذر ، وحاصرهم خمسة عشر ليلةً إلى هلال ذي القعدة وهم أول من حارب من اليهود ، وتحصنوا في حصونهم فحاصرهم أشد الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب الذي إذا أراد خذلان قومٍ وهزيمتهم أنزله عليهم وقذفه في قلوبهم فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم فأمر بهم فكتفوا ، وكلم عبد الله بن أبي فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وألح عليه فوهبهم له وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ، ولا يجاوروه بها ، فخرجوا إلى أذرعاتٍ من أرض الشام ، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم وكانوا صاغةً وتجارًا ، وكانوا نحو الستمائة مقاتلٍ وكانت دارهم في طرف المدينة ، وقبض منهم أموالهم فأخذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث قسي ودرعين وثلاثة أسيافٍ وثلاثة رماحٍ وخمس غنائمهم وكان الذي تولى جمع الغنائم محمد بن مسلمة
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم نقض العهد بنو النضير ، قال البخاري : وكان ذلك بعد بدرٍ بستة أشهرٍ قاله عروة وسبب ذلك أنه صلى الله عليه وسلم خرج إليهم في نفرٍ من أصحابه ، وكلمهم أن يعينوه في دية الكلابيين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري ، فقالوا : نفعل يا أبا القاسم اجلس ها هنا نقضي حاجتك ، وخلا بعضهم ببعضٍ وسول لهم الشيطان الشقاء الذي كتب عليهم فتآمروا بقتله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أيكم يأخذ هذه الرحا ويصعد فيلقيها على رأسه يشدخه بها ؟ فقال أشقاهم عمرو بن جحاشٍ : أنا ، فقال لهم سلام بن مشكمٍ : لا تفعلوا فوالله ليخبرن بما هممتم به وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه وجاء الوحي على الفور إليه من ربه تبارك وتعالى بما هموا به فنهض مسرعًا ، وتوجه إلى المدينة ، ولحقه أصحابه فقالوا : نهضت ولم نشعر بك فأخبرهم بما همت يهود به وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اخرجوا من المدينة ، ولا تساكنوني بها ، وقد أجلتكم عشرًا ، فمن وجدت بعد ذلك بها ، ضربت عنقه فأقاموا أيامًا يتجهزون وأرسل إليهم المنافق عبد الله بن أبي : أن لا تخرجوا من دياركم فإن معي ألفين يدخلون معكم حصنكم فيموتون دونكم وتنصركم قريظة وحلفاؤكم من غطفان ، وطمع رئيسهم حي بن أخطب فيما قال له وبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنا لا نخرج من ديارنا ، فاصنع ما بدا لك ، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونهضوا إليه وعلي بن أبي طالبٍ يحمل اللواء فلما انتهى إليهم قاموا على حصونهم يرمون بالنبل والحجارة واعتزلتهم قريظة وخانهم ابن أبي وحلفاؤهم من غطفان ، ولهذا شبه سبحانه وتعالى قصتهم وجعل مثلهم { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريءٌ منك } ، فإن سورة الحشر هي سورة بني النضير ، وفيها مبدأ قصتهم ونهايتها ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع نخلهم وحرق ، فأرسلوا إليها : نحن نخرج عن المدينة ، فأنزلهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح وقبض النبي صلى الله عليه وسلم الأموال والحلقة وهي السلاح
-
القراءة من قول المصنف: وكانت بنو النضير خالصةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم لنوائبه ومصالح المسلمين ولم يخمسها لأن الله أفاءها عليه ، ولم يوجف المسلمون عليها بخيلٍ ولا ركابٍ . وخمس قريظة . قال مالكٌ : خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم قريظة ، ولم يخمس بني النضير . لأن المسلمين لم يوجفوا بخيلهم ولا ركابهم على بني النضير كما أوجفوا على قريظة وأجلاهم إلى خيبر ، وفيهم حي بن أخطب كبيرهم وقبض السلاح واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم فوجد من السلاح خمسين درعًا ، وخمسين بيضةً وثلاثمائةٍ وأربعين سيفًا ، وقال كان هؤلاء في قومهم بمنزلة بني المغيرة في قريشٍ وكانت قصتهم في ربيعٍ الأول سنة أربعٍ من الهجرة .
-
التعليق على قول مالك: كان هؤلاء في قومهم بمنزلة بني المغيرة في قريشٍ
-
سؤال يقول ابن القيم أن غزوة بني النضير كانت بعد بدر بستة أشهر وهنا قال سنة أربع من الهجرة فكيف الجمع ؟
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وأما قريظة فكانت أشد اليهود عداوةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأغلظهم كفرًا ، ولذلك جرى عليهم ما لم يجر على إخوانهم وكان سبب غزوهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة الخندق والقوم معه صلحٌ جاء حيي بن أخطب إلى بني قريظة في ديارهم فقال قد جئتكم بعز الدهر جئتكم بقريشٍ على سادتها ، وغطفان على قادتها ، وأنتم أهل الشوكة والسلاح فهلم حتى نناجز محمدًا ونفرغ منه فقال له رئيسهم بل جئتني والله بذل الدهر جئتني بسحابٍ قد أراق ماءه فهو يرعد ويبرق
-
القراءة من قول المصنف: فلم يزل حيي يخادعه ويعده ويمنيه حتى أجابه أصابهم ففعل ونقضوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأظهروا سبه
-
القراءة من قول المصنف: فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فأرسل يستعلم الأمر فوجدهم قد نقضوا العهد فكبر وقال أبشروا يا معشر المسلمين فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، لم يكن إلا أن وضع سلاحه فجاءه جبريل فقال أوضعت السلاح والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها ؟ فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فإني سائرٌ أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف في قلوبهم الرعب فسار جبريل في موكبه من الملائكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار وقال لأصحابه يومئذٍ لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة فبادروا إلى امتثال أمره ونهضوا من فورهم فأدركتهم العصر في الطريق فقال بعضهم لا نصليها إلا في بني قريظة كما أمرنا ، فصلوها بعد عشاء الآخرة وقال بعضهم لم يرد منا ذلك وإنما أراد سرعة الخروج فصلوها في الطريق فلم يعنف واحدةً من الطائفتين . واختلف الفقهاء أيهما كان أصوب ؟ فقالت طائفةٌ الذين أخروها هم المصيبون ولو كنا معهم لأخرناها كما أخروها ، ولما صليناها إلا في بني قريظة امتثالًا لأمره وتركًا للتأويل المخالف للظاهر . وقالت طائفةٌ أخرى : بل الذين صلوها في الطريق في وقتها حازوا قصب السبق وكانوا أسعد بالفضيلتين فإنهم بادروا إلى امتثال أمره في الخروج وبادروا إلى مرضاته في الصلاة في وقتها ، ثم بادروا إلى اللحاق بالقوم فحازوا فضيلة الجهاد وفضيلة الصلاة في وقتها ، وفهموا ما يراد منهم وكانوا أفقه من الآخرين ولا سيما تلك الصلاة فإنها كانت صلاة العصر وهي الصلاة الوسطى بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيح الصريح الذي لا مدفع له ولا مطعن فيه ومجيء السنة بالمحافظة عليها ، والمبادرة إليها ، والتبكير بها ، وأن من فاتته فقد وتر أهله وماله أو قد حبط عمله فالذي جاء فيها أمرٌ لم يجئ مثله في غيرها ، وأما المؤخرون لها ، فغايتهم أنهم معذورون بل مأجورون أجرًا واحدًا لتمسكهم بظاهر النص وقصدهم امتثال الأمر وأما أن يكونوا هم المصيبين في نفس الأمر ومن بادر إلى الصلاة وإلى الجهاد مخطئًا ، فحاشا وكلا ، والذين صلوا في الطريق جمعوا بين الأدلة وحصلوا الفضيلتين فلهم أجران والآخرون مأجورون أيضًا رضي الله عنهم .
-
القراءة من قول المصنف: فإن قيل كان تأخير الصلاة للجهاد حينئذٍ جائزًا مشروعًا، ولهذا كان عقب تأخير النبي صلى الله عليه وسلم العصر يوم الخندق إلى الليل فتأخيرهم صلاة العصر إلى الليل كتأخيره صلى الله عليه وسلم لها يوم الخندق إلى الليل سواءٌ ولا سيما أن ذلك كان قبل شروع صلاة الخوف . قيل هذا سؤالٌ قوي وجوابه من وجهين . أحدهما : أن يقال لم يثبت أن تأخير الصلاة عن وقتها كان جائزًا بعد بيان المواقيت ولا دليل على ذلك إلا قصة الخندق ، فإنها هي التي استدل بها من قال صلى الله عليه وسلم كان عن عمدٍ بل لعله كان نسيانًا ، وفي القصة ما يشعر بذلك فإن عمر لما قال له يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والله ما صليتها ثم قام فصلاها . وهذا مشعرٌ بأنه صلى الله عليه وسلم كان ناسيًا بما هو فيه من الشغل والاهتمام بأمر العدو المحيط به وعلى هذا يكون قد أخرها بعذر النسيان كما أخرها بعذر النوم في سفره وصلاها بعد استيقاظه وبعد ذكره لتتأسى أمته به
-
القراءة من قول المصنف: والجواب الثاني : أن هذا على تقدير ثبوته إنما هو في حال الخوف والمسايفة عند الدهش عن تعقل أفعال الصلاة والإتيان بها ، والصحابة في مسيرهم إلى بني قريظة ، لم يكونوا كذلك بل كان حكمهم حكم أسفارهم إلى العدو قبل ذلك وبعده ومعلومٌ أنهم لم يكونوا يؤخرون الصلاة عن وقتها ، ولم تكن قريظة ممن يخاف فوتهم فإنهم كانوا مقيمين بدارهم فهذا منتهى أقدام الفريقين في هذا الموضع .
-
بيان أن كلا الفريقين اللذين أمرهما النبي صلى الله عليه وسلم بالذهاب إلى قريظة وحانت وقت صلاة العصر مصيب ومأجور وبيان الأقرب منهما
-
القراءة من قول المصنف:فصلٌ وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية علي بن أبي طالبٍ ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتومٍ ونازل حصون بني قريظة وحصرهم خمسًا وعشرين ليلةً ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسدٍ ثلاث خصالٍ إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمدٍ في دينه وإما أن يقتلوا ذراريهم ويخرجوا إليه بالسيوف مصلتةً يناجزونه حتى يظفروا به أو يقتلوا عن آخرهم وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ..ويكبسوه يوم السبت لأنهم آمنوا أن يقاتلوه فيه فأبوا عليه أن يجيبوه إلى واحدةٍ منهن فبعثوا إليه أن أرسل إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر نستشيره فلما رأوه قاموا في وجهه يبكون وقالوا : يا أبا لبابة كيف ترى لنا أن ننزل على حكم محمدٍ ؟ فقال نعم وأشار بيده إلى حلقه يقول إنه الذبح ثم علم من فوره أنه قد خان الله ورسوله فمضى على وجهه ولم يرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المسجد مسجد المدينة ، فربط نفسه بسارية المسجد وحلف ألا يحله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبدًا ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك قال دعوه حتى يتوب الله عليه ثم تاب الله عليه وحله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وأنه لا يدخل أرض بني قريظة أبدا فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال دعوه حتى يتوب اللله عليه ثم تاب الله عليه وحله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم إنهم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت إليه الأوس ، فقالوا : يا رسول الله قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت وهم حلفاء إخواننا الخزرج ، وهؤلاء موالينا ، فأحسن فيهم فقال ألا ترضون أن يحكم فيهم رجلٌ منكم قالوا : بلى . قال : فذاك إلى سعد بن معاذٍ . قالوا : قد رضينا ، فأرسل إلى سعد بن معاذٍ ، وكان في المدينة لم يخرج معهم لجرحٍ كان به فأركب حمارًا وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يقولون له وهم كنفتاه يا سعد أجمل إلى مواليك ، فأحسن فيهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكمك فيهم لتحسن فيهم وهو ساكتٌ لا يرجع إليهم شيئًا ، فلما أكثروا عليه قال : لقد آن لسعدٍ ألا تأخذه في الله لومة لائمٍ فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة ، فنعى إليهم القوم فلما انتهى سعدٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال للصحابة قوموا إلى سيدكم فلما أنزلوه قالوا : يا سعد إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك ، قال وحكمي نافذٌ عليهم ؟ . قالوا : نعم . قال وعلى المسلمين ؟ قالوا : نعم . قال وعلى من ها هنا وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالًا له وتعظيمًا ؟ قال نعم وعلي . قال فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال وتسبى الذرية وتقسم الأموال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماواتٍ وأسلم منهم تلك الليلة نفرٌ قبل النزول وهرب عمرو بن سعدٍ ، فانطلق فلم يعلم أين ذهب وكان قد أبى الدخول معهم في نقض العهد فلما حكم فيهم بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل كل من جرت عليه الموسى منهم ومن لم ينبت ألحق بالذرية
-
التعليق على قوله: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل كل من جرت عليه الموسى منهم ومن لم ينبت ألحق بالذرية
-
القراءة من قول المصنف: فحفر لهم خنادق في سوق المدينة ، وضربت أعناقهم وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة ولم يقتل من النساء أحدٌ سوى امرأةٍ واحدةٍ كانت طرحت على رأس سويد بن الصامت رحى ، فقتلته وجعل يذهب بهم إلى الخنادق أرسالًا أرسالًا ، فقالوا لرئيسهم كعب بن أسدٍ : يا كعب ما تراه يصنع بنا ؟ فقال أفي كل موطنٍ لا تعقلون ؟
-
القراءة من قول المصنف: أما ترون الداعي لا ينزع والذاهب منكم لا يرجع هو والله القتل . قال مالكٌ في رواية ابن القاسم : قال عبد الله بن أبي لسعد بن معاذٍ في أمرهم إنهم أحد جناحي وهم ثلاثمائة دارعٍ وستمائة حاسرٍ فقال قد آن لسعدٍ ألا تأخذه في الله لومة لائمٍ ولما جيء بحيي بن أخطب إلى بين يديه ووقع بصره عليه قال أما والله ما لمت نفسي في معاداتك ، ولكن من يغالب الله يغلب ثم قال يا أيها الناس لا بأس قدر الله وملحمةٌ كتبت على بني إسرائيل ثم حبس فضربت عنقه
-
القراءة من قول المصنف: واستوهب ثابت بن قيس ٍ الزبير بن باطا وأهله وماله من رسول الله فوهبهم له فقال له ثابت بن قيسٍ : قد وهبك لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووهب لي مالك وأهلك ، فهم لك . فقال سألتك بيدي عندك يا ثابت إلا ألحقتني بالأحبة فضرب عنقه وألحقه بالأحبة من اليهود ، فهذا كله في يهود المدينة ، وكانت غزوة كل طائفةٍ منهم عقب كل غزوةٍ من الغزوات الكبار . فغزوة بني قينقاع عقب بدرٍ ، وغزوة بني النضير عقب غزوة أحدٍ ، وغزوة بني قريظة عقب الخندق . وأما يهود خيبر ، فسيأتي ذكر قصتهم إن شاء الله تعالى
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان هديه صلى الله عليه وسلم أنه إذا صالح قومًا فنقض بعضهم عهده وصلحه وأقرهم الباقون ورضوا به غزا الجميع وجعلهم كلهم ناقضين كما فعل بقريظة ، والنضير ، وبني قينقاع وكما فعل في أهل مكة ، فهذه سنته في أهل العهد وعلى هذا ينبغي أن يجري الحكم في أهل الذمة كما صرح به الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم وخالفهم أصحاب الشافعي ، فخصوا نقض العهد بمن نقضه خاصةً دون من رضي به وأقر عليه وفرقوا بينهما بأن عقد الذمة أقوى وآكد ولهذا كان موضوعًا على التأبيد بخلاف عقد الهدنة والصلح . والأولون يقولون لا فرق بينهما ، وعقد الذمة لم يوضع للتأبيد بل بشرط استمرارهم ودوامهم على التزام ما فيه فهو كعقد الصلح الذي وضع للهدنة بشرط التزامهم أحكام ما وقع عليه العقد قالوا : والنبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت عقد الصلح والهدنة بينه وبين اليهود لما قدم المدينة ، بل أطلقه ما داموا كافين عنه غير محاربين له فكانت تلك ذمتهم غير أن الجزية لم يكن نزل فرضها بعد
-
رأي الشيخ في مسألة أهل الذمة إذا نقض بعضهم العهد وأقره بعضهم هل يغز الجميع
-
القراءة من قول المصنف: غير أن الجزية لم يكن نزل فرضها بعد فلما نزل فرضها ، ازداد ذلك إلى الشروط المشترطة في العقد ولم يغير حكمه وصار بعضهم العهد وأقرهم الباقون ورضوا بذلك ولم يعلموا به المسلمين صاروا في ذلك كنقض أهل الصلح وأهل العهد والصلح سواءٌ في هذا المعنى ، ولا فرق بينهما فيه وإن افترقا من وجهٍ آخر يوضح هذا أن المقر الراضي الساكت إن كان باقيًا على عهده وصلحه لم يجز قتاله ولا قتله في الموضعين وإن كان بذلك خارجًا عن عهده وصلحه راجعًا إلى حاله الأولى قبل العهد والصلح لم يفترق الحال بين عقد الهدنة وعقد الذمة في ذلك فكيف يكون عائدًا إلى حاله في موضعٍ دون موضعٍ هذا أمرٌ غير معقولٍ . توضيحه أن تجدد أخذ الجزية منه لا يوجب له أن يكون موفيًا بعهده مع رضاه وممالأته ومواطأته لمن نقض وعدم الجزية يوجب له أن يكون ناقضًا غادرًا غير موفٍ بعهده هذا بين الامتناع . فالأقوال ثلاثةٌ النقض في الصورتين وهو الذي دلت عليه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكفار وعدم النقض في الصورتين وهو أبعد الأقوال عن السنة والتفريق بين الصورتين والأولى أصوبها ، وبالله التوفيق . وبهذا القول أفتينا ولي الأمر لما أحرقت النصارى أموال المسلمين بالشام ودورهم وراموا إحراق جامعهم الأعظم حتى أحرقوا منارته وكاد - لولا دفع الله - أن يحترق كله وعلم بذلك من علم من النصارى ، وواطئوا عليه وأقروه ورضوا به ولم يعلموا ولي الأمر فاستفتى فيهم ولي الأمر من حضره من الفقهاء فأفتيناه بانتقاض عهد من فعل ذلك وأعان عليه بوجهٍ من الوجوه أو رضي به وأقر عليه وأن حده القتل حتمًا ، لا تخيير للإمام فيه كالأسير بل صار القتل له حدا ، والإسلام لا يسقط القتل إذا كان حدا ممن هو تحت الذمة ملتزمًا لأحكام الله بخلاف الحربي إذا أسلم ، فإن الإسلام يعصم دمه وماله ولا يقتل بما فعله قبل الإسلام فهذا له حكمٌ والذمي الناقض للعهد إذا أسلم له حكمٌ آخر وهذا الذي ذكرناه هو الذي تقتضيه نصوص الإمام أحمد وأصوله ونص عليه شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه وأفتى به في غير موضعٍ
-
سؤال إذا كان بعض أهل الذمة ضعفاء وإذا أخبروا المسلمين بنقض إخوانهم للعهد قتلوا فهل الحكم واحد أنهم يقتلون جميعا ؟
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكان هديه وسنته إذا صالح قومًا وعاهدهم فانضاف إليهم عدو له سواهم فدخلوا معهم في عقدهم وانضاف إليه قومٌ آخرون فدخلوا معه في عقده صار حكم من حارب من دخل معه في عقده من الكفار حكم من حاربه وبهذا السبب غزا أهل مكة ، فإنه لما صالحهم على وضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين تواثبت بنو بكر بن وائلٍ ، فدخلت في عهد قريشٍ ، وعقدها ، وتواثبت خزاعة ، فدخلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقده ثم عدت بنو بكرٍ على خزاعة فبيتتهم وقتلت منهم وأعانتهم قريشٌ في الباطن بالسلاح فعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا ناقضين للعهد بذلك واستجاز غزو بني بكر بن وائلٍ لتعديهم على حلفائه وسيأتي ذكر القصة إن شاء الله تعالى . وبهذا أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بغزو نصارى المشرق لما أعانوا عدو المسلمين على قتالهم فأمدوهم بالمال والسلاح وإن كانوا لم يغزونا ولم يحاربونا ، ورآهم بذلك ناقضين للعهد كما نقضت قريشٌ عهد النبي صلى الله عليه وسلم بإعانتهم بني بكر بن وائلٍ على حرب حلفائه فكيف إذا أعان أهل الذمة المشركين على حرب المسلمين . والله أعلم .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكانت تقدم عليه رسل أعدائه وهم على عداوته فلا يهيجهم ولا يقتلهم ولما قدم عليه رسولا مسيلمة الكذاب : وهما عبد الله بن النواحة وابن أثالٍ ، قال لهما : فما تقولان أنتما ؟ " قالا: نقول كما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما فجرت سنته ألا يقتل رسولٌ . وكان هديه أيضًا ألا يحبس الرسول عنده إذا اختار دينه فلا يمنعه من اللحاق بقومه بل يرده إليهم كما قال أبو رافعٍ بعثتني قريشٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما أتيته وقع في قلبي الإسلام فقلت : يا رسول الله لا أرجع إليهم . فقال إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع قال أبو داود : وكان هذا في المدة التي شرط لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد إليهم من جاء منهم وإن كان مسلمًا ، وأما اليوم فلا يصلح هذا انتهى
-
سؤال إذا قتل المستأمن مسلما ثم أسلم بعد ذلك فهل يقتله المسلمون أم لا ؟
-
القراءة من قول المصنف: وفي قوله لا أحبس البرد إشعارٌ بأن هذا حكمٌ يختص بالرسل مطلقًا ، وأما رده لمن جاء إليه منهم وإن كان مسلمًا ، فهذا إنما يكون مع الشرط كما قال أبو داود ، وأما الرسل فلهم حكمٌ آخر ألا تراه لم يتعرض لرسولي مسيلمة وقد قالا له في وجهه نشهد أن مسيلمة رسول الله . وكان من هديه أن أعداءه إذا عاهدوا واحدًا من أصحابه على عهدٍ لا يضر بالمسلمين من غير رضاه أمضاه لهم كما عاهدوا حذيفة وأباه الحسيل أن لا يقاتلاهم معه صلى الله عليه وسلم فأمضى لهم ذلك وقال لهما : انصرفا نفي لهم بعهدهم ، ونستعين الله عليهم
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث عهد الكفار لحذيفة ووالده في عدم قتالهما مع النبي صلى الله عليه وسلم
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وصالح قريشًا على وضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين على أن من جاءه رده إليهم ومن جاءهم من عنده لا يردونه إليه وكان اللفظ عاما في الرجال والنساء فنسخ الله ذلك في حق النساء وأبقاه في حق الرجال وأمر الله نبيه والمؤمنين أن يمتحنوا من جاءهم من النساء فإن علموها مؤمنةً لم يردوها إلى الكفار وأمرهم برد مهرها إليهم لما فات على زوجها من منفعة بضعها ، وأمر المسلمين أن يردوا على من ارتدت امرأته إليهم مهرها إذا عاقبوا ، بأن يجب عليهم رد مهر المهاجرة فيردونه إلى من ارتدت امرأته ولا يردونها إلى زوجها المشرك فهذا هو العقاب وليس من العذاب في شيءٍ وكان في هذا دليلٌ على أن خروج البضع من ملك الزوج متقومٌ وأنه متقومٌ بالمسمى الذي هو ما أنفق الزوج لا بمهر المثل
-
سؤال هل عدم وإرجاع المرأة المسلمة إلى زوجها الكافر مخصوص من النهي
-
القراءة من قول المصنف: وأن أنكحة الكفار لها حكم الصحة لا يحكم عليها بالبطلان
-
التعليق على أن نكاح الكفار إذا أسلم يقر على النكاح إلا إذا كانت زوجته مما يحرم عليه في الإحرام
-
القراءة من قول المصنف: وأنه لا يجوز رد المسلمة المهاجرة إلى الكفار ولو شرط ذلك وأن المسلمة لا يحل لها نكاح الكافر وأن المسلم له أن يتزوج المرأة المهاجرة إذا انقضت عدتها ، وآتاها مهرها ، وفي هذا أبين دلالةٍ على خروج بضعها من ملك الزوج وانفساخ نكاحها منه بالهجرة والإسلام . وفيه دليلٌ على تحريم نكاح المشركة على المسلم
-
القراءة من قول المصنف: كما حرم نكاح المسلمة على الكافر . وهذه أحكامٌ استفيدت من هاتين الآيتين وبعضها مجمعٌ عليه وبعضها مختلفٌ فيه وليس مع من ادعى نسخها حجةٌ ألبتة فإن الشرط الذي وقع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الكفار في رد من جاءه مسلمًا إليهم إن كان مختصا بالرجال لم تدخل النساء فيه وإن كان عاما للرجال والنساء فالله سبحانه وتعالى خصص منه رد النساء ونهاهم عن ردهن وأمرهم برد مهورهن وأن يردوا منها على من ارتدت امرأته إليهم من المسلمين المهر الذي أعطاها ، ثم أخبر أن ذلك حكمه الذي يحكم به بين عباده وأنه صادرٌ عن علمه وحكمته ولم يأت عنه ما ينافي هذا الحكم ويكون بعده حتى يكون ناسخًا . ولما صالحهم على رد الرجال كان يمكنهم أن يأخذوا من أتى إليه منهم ولا يكرهه على العود ولا يأمره به وكان إذا قتل منهم أو أخذ مالًا ، وقد فصل عن يده ولما يلحق بهم لم ينكر عليه ذلك ولم يضمنه لهم لأنه ليس تحت قهره ولا في قبضته ولا أمره بذلك ولم يقتض عقد الصلح الأمان على النفوس والأموال إلا عمن هو تحت قهره وفي قبضته كما ضمن لبني جذيمة ما أتلفه عليهم خالدٌ من نفوسهم وأموالهم وأنكره وتبرأ منه
-
القراءة من قول المصنف: كما ضمن لبني جذيمة ما أتلفه عليهم خالدٌ من نفوسهم وأموالهم وأنكره وتبرأ منه. ولما كان إصابته لهم عن نوع شبهةٍ إذ لم يقولوا : أسلمنا ، وإنما قالوا : صبأنا ، فلم يكن إسلامًا صريحًا ، ضمنهم بنصف دياتهم لأجل التأويل والشبهة وأجراهم في ذلك مجرى أهل الكتاب الذين قد عصموا نفوسهم وأموالهم بعقد الذمة ولم يدخلوا في الإسلام ولم يقتض عهد الصلح أن ينصرهم على من حاربهم ممن ليس في قبضة النبي صلى الله عليه وسلم وتحت قهره فكان في هذا دليلٌ على أن المعاهدين إذا غزاهم قومٌ ليسوا تحت قهر الإمام وفي يده وإن كانوا من المسلمين أنه لا يجب على الإمام ردهم عنهم ولا منعهم من ذلك ولا ضمان ما أتلفوه عليهم
-
القراءة من قول المصنف: وأخذ الأحكام المتعلقة بالحرب ومصالح الإسلام وأهله وأمره وأمور السياسات الشرعية من سيره ومغازيه أولى من أخذها من آراء الرجال فهذا لونٌ وتلك لونٌ وبالله التوفيق
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وكذلك صالح أهل خيبر لما ظهر عليهم على أن يجليهم منها ، ولهم ما حملت ركابهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة وهي السلاح . واشترط في عقد الصلح ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئًا ، فإن فعلوا ، فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكًا فيه مالٌ وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعم حيي بن أخطب ، واسمه سعية ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير ؟ فقال أذهبته النفقات والحروب فقال " العهد قريبٌ والمال أكثر من ذلك وقد كان حيي قتل مع بني قريظة لما دخل معهم فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه إلى الزبير ليستقره فمسه بعذابٍ فقال " قد رأيت حييا يطوف في خربةٍ ها هنا ، فذهبوا فطافوا ، فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب ، وسبى نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا ، وأراد أن يجليهم من خيبر ، فقالوا : دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها ، فنحن أعلم بها منكم ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمانٌ يكفونهم مؤنتها ، فدفعها إليهم على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الشطر من كل شيءٍ يخرج منها من ثمرٍ أو زرعٍ ولهم الشطر وعلى أن يقرهم فيها ما شاء . ولم يعمهم بالقتل كما عم قريظة لاشتراك أولئك في نقض العهد وأما هؤلاء فالذين علموا بالمسك وغيبوه وشرطوا له إن ظهر فلا ذمة لهم ولا عهد فإنه قتلهم بشرطهم على أنفسهم ولم يتعد ذلك إلى سائر أهل خيبر ، فإنه معلومٌ قطعًا أن جميعهم لم يعلموا بمسك حيي وأنه مدفونٌ في خربةٍ فهذا نظير الذمي والمعاهد إذا نقض العهد ولم يمالئه عليه غيره فإن حكم النقض مختص به ثم في دفعه إليهم الأرض على النصف دليلٌ ظاهرٌ على جواز المساقاة والمزارعة وكون الشجر نخلًا لا أثر له ألبتة فحكم الشيء حكم نظيره فبلدٌ شجرهم الأعناب والتين وغيرهما من الثمار في الحاجة إلى ذلك حكمه حكم بلدٍ شجرهم النخل سواءٌ ولا فرق . وفي ذلك دليلٌ على أنه لا يشترط كون البذر من رب الأرض فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالحهم عن الشطر ولم يعطهم بذرًا ألبتة ولا كان يرسل إليهم ببذرٍ وهذا مقطوعٌ به من سيرته حتى قال بعض أهل العلم إنه لو قيل باشتراط كونه من العامل لكان أقوى من القول باشتراط كونه من رب الأرض لموافقته لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل خيبر . والصحيح أنه يجوز أن يكون من العامل وأن يكون من رب الأرض ولا يشترط أن يختص به أحدهما
-
ذكر رأي الشيخ في مسألة هل البذر في المزارعة والمساقاة يكون من العامل أو من رب الأرض
-
سؤال هل التعذيب لإخراج الشيء المطلوب منه خاص بالكفار أم هو عام ؟
-
سؤال هل معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع يهود خيبر يدل على نسخ رواية رافع بن خديج في كراء الأرض؟
-
القراءة من قول المصنف: والصحيح أنه يجوز أن يكون من العامل وأن يكون من رب الأرض ولا يشترط أن يختص به أحدهما والذين شرطوه من رب الأرض ليس معهم حجةٌ أصلًا أكثر من قياسهم المزارعة على المضاربة قالوا : كما يشترط في المضاربة أن يكون رأس المال من المالك والعمل من المضارب فهكذا في المزارعة وكذلك في المساقاة يكون الشجر من أحدهما ، والعمل عليها من الآخر وهذا القياس إلى أن يكون حجةً عليهم أقرب من أن يكون حجةً لهم فإن في المضاربة يعود رأس المال إلى المالك ويقتسمان الباقي ولو شرط ذلك في المزارعة فسدت عندهم فلم يجروا البذر مجرى رأس المال بل أجروه مجرى سائر البقل فبطل إلحاق المزارعة بالمضاربة على أصلهم . وأيضًا فإن البذر جارٍ مجرى الماء ومجرى المنافع فإن الزرع لا يتكون وينمو به وحده بل لا بد من السقي والعمل والبذر يموت في الأرض وينشئ الله الزرع من أجزاءٍ أخر تكون معه من الماء والريح والشمس والتراب والعمل فحكم البذر حكم هذه الأجزاء . وأيضًا فإن الأرض نظير رأس المال في القراض وقد دفعها مالكها إلى المزارع وبذرها وحرثها وسقيها نظير عمل المضارب وهذا يقتضي أن يكون المزارع أولى بالبذر من رب الأرض تشبيهًا له بالمضارب فالذي جاءت به السنة هو الصواب الموافق لقياس الشرع وأصوله
-
سؤال إذا اشترك شخص بمئة ألف ريال في مضاربة مع شخص بخمسين ألف وعليه العمل والجهد فهل يجوز هذا ؟
-
القراءة من قول المصنف: وفي القصة دليلٌ على جواز عقد الهدنة مطلقًا من غير توقيتٍ بل ما شاء الإمام ولم يجئ بعد ذلك ما ينسخ هذا الحكم ألبتة فالصواب جوازه وصحته وقد نص عليه الشافعي في رواية المزني ، ونص عليه غيره من الأئمة ولكن لا ينهض إليهم ويحاربهم حتى يعلمهم على سواءٍ ليستووا هم وهو في العلم بنقض العهد . وفيها دليلٌ على جواز تعزير المتهم بالعقوبة وأن ذلك من السياسات الشرعية فإن الله سبحانه كان قادرًا على أن يدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على موضع الكنز بطريق الوحي ولكن أراد أن يسن للأمة عقوبة المتهمين ويوسع لهم طرق الأحكام رحمةً بهم وتيسيرًا لهم . وفيها دليلٌ على الأخذ بالقرائن في الاستدلال على صحة الدعوى وفسادها ، لقوله صلى الله عليه وسلم لسعية لما ادعى نفاد المال العهد قريبٌ والمال أكثر من ذلك
-
القراءة من قول المصنف: وكذلك فعل نبي الله سليمان بن داود في استدلاله بالقرينة على تعيين أم الطفل الذي ذهب به الذئب وادعت كل واحدةٍ من المرأتين أنه ابنها ، واختصمتا في الآخر فقضى به داود للكبرى ، فخرجتا إلى سليمان ، فقال بم قضى بينكما نبي الله ، فأخبرتاه فقال ائتوني بالسكين أشقه بينكما ، فقالت الصغرى : لا تفعل رحمك الله هو ابنها ، فقضى به للصغرى فاستدل بقرينة الرحمة والرأفة التي في قلبها ، وعدم سماحتها بقتله وسماحة الأخرى بذلك لتصير أسوتها في فقد الولد على أنه ابن الصغرى . فلو اتفقت مثل هذه القضية في شريعتنا ، لقال أصحاب أحمد والشافعي ومالكٍ رحمهم الله عمل فيها بالقافة وجعلوا القافة سببًا لترجيح المدعي للنسب رجلًا كان أو امرأةً .
-
سؤال هل كلام ابن القيم يفهم منه أنه يرجح العمل بالقافة على القرائن
-
القراءة من قول المصنف: قال أصحابنا : وكذلك لو ولدت مسلمةٌ وكافرةٌ ولدين وادعت الكافرة ولد المسلمة وقد سئل عنها أحمد ، فتوقف فيها . فقيل له ترى القافة ؟ فقال ما أحسنها ، فإن لم توجد قافةٌ وحكم بينهما حاكمٌ بمثل حكم سليمان ، لكان صوابًا ، وكان أولى من القرعة فإن القرعة إنما يصار إليها إذا تساوى المدعيان من كل وجهٍ ولم يترجح أحدهما على الآخر فلو ترجح بيدٍ أو شاهدٍ واحدٍ أو قرينةٍ ظاهرةٍ من لوثٍ أو نكول خصمه عن اليمين أو موافقة شاهد الحال لصدقه كدعوى كل واحدٍ من الزوجين ما يصلح له من قماش البيت والآنية ودعوى كل واحدٍ من الصانعين آلات صنعته ودعوى حاسر الرأس عن العمامة عمامة من بيده عمامةٌ وهو يشتد عدوًا ، وعلى رأسه أخرى ، ونظائر ذلك قدم ذلك كله على القرعة .
-
بيان أنه يرجح البينة على القافة أحيانا وتقدم القافة على القرائن وذكر الأدلة في ذلك
-
سؤال هل أمر النبي صلى الله عليه وسلم سودة من الاحتجاب عن غلام زمعة يعمل بالقرينة
-
القراءة من قول المصنف: ومن تراجم أبي عبد الرحمن النسائي على قصة سليمان ( هذا باب الحكم يوهم خلاف الحق ليستعلم به الحق )
-
القراءة من قول المصنف: والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقص علينا هذه القصة لنتخذها سمرًا ، بل لنعتبر بها في الأحكام بل الحكم بالقسامة وتقديم أيمان مدعي القتل هو من هذا استنادًا إلى القرائن الظاهرة بل ومن هذا رجم الملاعنة إذا التعن الزوج ونكلت عن الالتعان . فالشافعي ومالكٌ رحمهما الله يقتلانها بمجرد التعان الزوج ونكولها استنادًا إلى اللوث الظاهر الذي حصل بالتعانه ونكولها . ومن هذا ما شرعه الله سبحانه وتعالى لنا من قبول شهادة أهل الكتاب على المسلمين في الوصية في السفر وأن وليي الميت إذا اطلعا على خيانةٍ جاز لهما أن يحلفا ويستحقا ما حلفا عليه وهذا لوثٌ في وأولى بالجواز منه وعلى هذا إذا اطلع الرجل المسروق ماله على بعضه في يد خائنٍ معروفٍ بذلك ولم يتبين أنه اشتراه من غيره جاز له أن يحلف أن بقية ماله عنده وأنه صاحب السرقة استنادًا إلى اللوث الظاهر والقرائن التي تكشف الأمر وتوضحه وهو نظير حلف أولياء المقتول في القسامة أن فلانًا قتله سواءٌ بل أمر الأموال أسهل وأخف ولذلك ثبت بشاهدٍ ويمينٍ وشاهدٍ وامرأتين ودعوى ونكولٍ بخلاف الدماء . فإذا جاز إثباتها باللوث فإثبات الأموال به بالطريق الأولى والأحرى . والقرآن والسنة يدلان على هذا وهذا ، وليس مع من ادعى نسخ ما دل عليه القرآن من ذلك حجةٌ أصلًا ، فإن هذا الحكم في ( سورة المائدة ) ، وهي من آخر ما نزل من القرآن وقد حكم بموجبها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده كأبي موسى الأشعري وأقره الصحابة .
-
سؤال هل كلام ابن القيم الأخير يعتبر تعقبا من قال بالقيافة مع وجود القرينة الصريحة
-
قراءة الطالب لبحث حول حديث حذيفة ووالده لما عاهدهم المشركون على عدم مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم في القتال.
-
سؤال إذا عاهد الأسير المسلم الكفار على عدم الهرب فهل يهرب أو يفي بالعهد ؟
-
القراءة من قول المصنف مع التعليق: ومن هذا أيضًا ما حكاه الله سبحانه في قصة يوسف من استدلال الشاهد بقرينة قد القميص من دبرٍ على صدقه وكذب المرأة وأنه كان هاربًا موليًا ، فأدركته المرأة من ورائه فجبذته فقدت قميصه من دبرٍ فعلم بعلها والحاضرون صدقه وقبلوا هذا الحكم وجعلوا الذنب ذنبها ، وأمروها بالتوبة وحكاه الله - سبحانه وتعالى - حكاية مقررٍ له غير منكرٍ والتأسي بذلك وأمثاله في إقرار الله له وعدم إنكاره لا في مجرد حكايته فإنه إذا أخبر به مقرا عليه ومثنيًا على فاعله ومادحًا له دل على رضاه به وأنه موافقٌ لحكمه ومرضاته فليتدبر هذا الموضع فإنه نافعٌ جدا ، ولو تتبعنا ما في القرآن والسنة وعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من ذلك لطال وعسى أن نفرد فيه مصنفًا شافيًا إن شاء الله تعالى .
-
القراءة من قول المصنف: والمقصود التنبيه على هديه واقتباس الأحكام من سيرته ومغازيه ووقائعه صلوات الله عليه وسلامه . ولما أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في الأرض كان يبعث كل عامٍ من يخرص عليهم الثمار فينظر كم يجنى منها ، فيضمنهم نصيب المسلمين ويتصرفون فيها وكان يكتفي بخارصٍ واحدٍ . ففي هذا دليلٌ على جواز خرص الثمار البادي صلاحها كثمر النخل وعلى جواز قسمة الثمار خرصًا على رءوس النخل ويصير نصيب أحد الشريكين معلومًا وإن لم يتميز بعد لمصلحة النماء وعلى أن القسمة إفرازٌ لا بيعٌ وعلى جواز الاكتفاء بخارصٍ واحدٍ وقاسمٍ واحدٍ وعلى أن لمن الثمار في يده أن يتصرف فيها بعد الخرص ويضمن نصيب شريكه الذي خرص عليه . فلما كان في زمن عمر ، ذهب عبد الله ابنه إلى ماله بخيبر ، فعدوا عليه فألقوه من فوق بيتٍ ففكوا يده فأجلاهم عمر منها إلى الشام ، وقسمها بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية
-
القراءة من قول المصنف مع التعليق: فصلٌ وأما هديه في عقد الذمة وأخذ الجزية فإنه لم يأخذ من أحدٍ من الكفار جزيةً إلا بعد نزول ( سورة براءةٌ ) في السنة الثامنة من الهجرة فلما نزلت آية الجزية أخذها من المجوس ، وأخذها من أهل الكتاب وأخذها من النصارى ، وبعث معاذًا رضي الله عنه إلى اليمن ، فعقد لمن لم يسلم من يهودها الذمة وضرب عليهم الجزية ولم يأخذها من يهود خيبر ، فظن بعض الغالطين المخطئين أن هذا حكمٌ مختص بأهل خيبر ، وأنه لا يؤخذ منهم جزيةٌ وإن أخذت من سائر أهل الكتاب وهذا من عدم فقهه في السير والمغازي ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم وصالحهم على أن يقرهم في الأرض ما شاء ولم تكن الجزية نزلت بعد فسبق عقد صلحهم وإقرارهم في أرض خيبر نزول الجزية ثم أمره الله سبحانه وتعالى أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية فلم يدخل في هذا يهود خيبر إذ ذاك لأن العقد كان قديمًا بينه وبينهم على إقرارهم وأن يكونوا عمالًا في الأرض بالشطر فلم يطالبهم بشيءٍ غير ذلك وطالب سواهم من أهل الكتاب ممن لم يكن بينه وبينهم عقدٌ كعقدهم بالجزية كنصارى نجران ، ويهود اليمن ، وغيرهم فلما أجلاهم عمر إلى الشام ، تغير ذلك العقد الذي تضمن إقرارهم في أرض خيبر ، وصار لهم حكم غيرهم من أهل الكتاب . ولما كان في بعض الدول التي خفيت فيها السنة وأعلامها ، أظهر طائفةٌ منهم كتابًا قد عتقوه وزوروه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط عن يهود خيبر الجزية وفيه شهادة علي بن أبي طالبٍ ، وسعد بن معاذٍ ، وجماعةٍ من الصحابة رضي الله عنهم فراج ذلك على من جهل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومغازيه وسيره وتوهموا ، بل ظنوا صحته فجروا على حكم هذا الكتاب المزور حتى ألقي إلى شيخ الإسلام ابن تيمية - قدس الله روحه - وطلب منه أن يعين على تنفيذه والعمل عليه فبصق عليه واستدل على كذبه بعشرة أوجهٍ منها : أن فيه شهادة سعد بن معاذٍ ، وسعدٌ توفي قبل خيبر قطعًا ومنها : أن في الكتاب أنه أسقط عنهم الجزية والجزية لم تكن نزلت بعد ولا يعرفها الصحابة حينئذٍ فإن نزولها كان عام تبوك بعد خيبر بثلاثة أعوامٍ . ومنها : أنه أسقط عنهم الكلف والسخر وهذا محالٌ فلم يكن في زمانه كلفٌ ولا سخرٌ تؤخذ منهم ولا من غيرهم وقد أعاذه الله وأعاذ أصحابه من أخذ الكلف والسخر وإنما هي من وضع الملوك الظلمة واستمر الأمر عليها . ومنها : أن هذا الكتاب لم يذكره أحدٌ من أهل العلم على اختلاف أصنافهم فلم يذكره أحدٌ من أهل المغازي والسير ولا أحدٌ من أهل الحديث والسنة ولا أحدٌ من أهل الفقه والإفتاء ولا أحدٌ من أهل التفسير ولا أظهروه في زمان السلف لعلمهم أنهم إن زوروا مثل ذلك عرفوا كذبه وبطلانه فلما استخفوا بعض الدول في وقت فتنةٍ وخفاء بعض السنة زوروا ذلك وعتقوه وأظهروه وساعدهم على ذلك طمع بعض الخائنين لله ولرسوله ولم يستمر لهم ذلك حتى كشف الله أمره وبين خلفاء الرسل بطلانه وكذبه .
-
سؤال ذكروا أن الخطيب البغدادي بين كذب هذا الكتاب قبل شيخ الإسلام فهل هذا صحيح ؟
-
سؤال هل قاتل النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من مشركي العرب بعد نزول آية الجزية ؟
-
سؤال هل قاتل النبي صلى الله عليه وسلم أحدا من مشركي العرب بعد نزول آية الجزية ؟
-
سؤال المستأمن إذا أدخله ولي الأمر هل له حكم الذمي تؤخذ منه الجزية ؟
-
سؤال ما صحة حديث النهي عن اتكاء الإنسان على آلية يده وأنها قعدة المغضوب عليهم، والقراءة من سنن أبي داود حول سنده وتعليق الشيخ عليه
-
تدخل من الطلبة في حديث النهي عن الاتكاء على اليد أنه خاص في الصلاة وتعليق الشيخ
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ فلما نزلت آية الجزية أخذها صلى الله عليه وسلم من ثلاث طوائف من المجوس ، واليهود ، والنصارى ، ولم يأخذها من عباد الأصنام . فقيل لا يجوز أخذها من كافرٍ غير هؤلاء ومن دان بدينهم اقتداءً بأخذه وتركه . وقيل بل تؤخذ من أهل الكتاب وغيرهم من الكفار كعبدة الأصنام من العجم دون العرب ، والأول قول الشافعي رحمه الله وأحمد ، في إحدى روايتيه
-
القراءة من قول المصنف: والثاني : قول أبي حنيفة ، وأحمد رحمهما الله في الرواية الأخرى . وأصحاب القول الثاني : يقولون إنما لم يأخذها من مشركي العرب ؛ لأنها إنما نزل فرضها بعد أن أسلمت دارة العرب ، ولم يبق فيها مشركٌ فإنها نزلت بعد فتح مكة ، ودخول العرب في دين الله أفواجًا ، فلم يبق بأرض العرب مشركٌ ولهذا غزا بعد الفتح تبوك ، وكانوا نصارى ، ولو كان بأرض العرب مشركون لكانوا يلونه وكانوا أولى بالغزو من الأبعدين . ومن تأمل السير وأيام الإسلام علم أن الأمر كذلك فلم تؤخذ منهم الجزية لعدم من يؤخذ منه لا لأنهم ليسوا من أهلها ، قالوا : وقد أخذها من المجوس ، وليسوا بأهل كتابٍ ولا يصح أنه كان لهم كتابٌ ورفع وهو حديثٌ لا يثبت مثله ولا يصح سنده . ولا فرق بين عباد النار وعباد الأصنام بل أهل الأوثان أقرب حالًا من عباد النار وكان فيهم من التمسك بدين إبراهيم ما لم يكن في عباد النار بل عباد النار أعداء إبراهيم الخليل ، فإذا أخذت منهم الجزية فأخذها من عباد الأصنام أولى ، وعلى ذلك تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه في " صحيح مسلمٍ " أنه قال إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى خلالٍ ثلاثٍ فأيتهن أجابوك إليها ، فاقبل منهم وكف عنهم " . ثم أمره أن يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو يقاتلهم
-
التعليق على حديث:" " أنه قال إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى خلالٍ ثلاثٍ فأيتهن أجابوك إليها ، فاقبل منهم وكف عنهم " . ثم أمره أن يدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو يقاتلهم " والجواب عن إشكال عدم أخذ الصحابة الجزية من أصحاب مسيلمة ؟
-
سؤال ما الجواب على حديث:" إذا لقيت عدوك من المشركين " في عدم أخذ الجزية من مشركي العرب
-
القراءة من قول المصنف: وقال المغيرة لعامل كسرى : أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله ، أو تؤدوا الجزية وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقريشٍ : هل لكم في كلمةٍ تدين لكم بها العرب ، وتؤدي العجم إليكم بها الجزية . قالوا : ما هي ؟ قال " لا إله إلا الله
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما كان في مرجعه من تبوك ، أخذت خيله أكيدر دومة ، فصالحه على الجزية وحقن له دمه " . وصالح أهل نجران من النصارى على ألفي حلةٍ . النصف في صفرٍ والبقية في رجبٍ يؤدونها إلى المسلمين وعاريةٍ ثلاثين درعًا ، وثلاثين فرسًا ، وثلاثين بعيرًا ، وثلاثين من كل صنفٍ من أصناف السلاح يغزون بها ، والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيدٌ أو غدرةٌ على ألا تهدم لهم بيعةٌ ولا يخرج لهم قس ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثًا أو يأكلوا الربا وفي هذا دليلٌ على انتقاض عهد الذمة بإحداث الحدث وأكل الربا إذا كان مشروطًا عليهم . ولما وجه معاذًا إلى اليمن ، أمره أن يأخذ من كل محتلمٍ دينارًا أو قيمته من المعافري وهي ثيابٌ تكون باليمن
-
القراءة من قول المصنف: وفي هذا دليلٌ على أن الجزية غير مقدرة الجنس ولا القدر بل يجوز أن تكون ثيابًا وذهبًا وحللًا ، وتزيد وتنقص بحسب حاجة المسلمين واحتمال من تؤخذ منه وحاله في الميسرة وما عنده من المال. ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه في الجزية بين العرب والعجم ، بل أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصارى العرب ، وأخذها من مجوس هجرٍ ، وكانوا عربًا ، فإن العرب أمةٌ ليس لها في الأصل كتابٌ وكانت كل طائفةٍ منهم تدين بدين من جاورها من الأمم فكانت عرب البحرين مجوسًا لمجاورتها فارس ، وتنوخ ، وبهرة ، وبنو تغلب نصارى لمجاورتهم للروم وكانت قبائل من اليمن يهود لمجاورتهم ليهود اليمن ، فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكام الجزية ولم يعتبر آباءهم ولا متى دخلوا في دين أهل الكتاب هل كان دخولهم قبل النسخ والتبديل أو بعده ومن أين يعرفون ذلك وكيف ينضبط وما الذي دل عليه ؟ وقد ثبت في السير والمغازي ، أن من الأنصار من تهود أبناؤهم بعد النسخ بشريعة عيسى ، وأراد آباؤهم إكراههم على الإسلام فأنزل الله تعالى : { لا إكراه في الدين }
-
التعليق على قوله: وقد ثبت في السير والمغازي ، أن من الأنصار من تهود أبناؤهم بعد النسخ بشريعة عيسى ، وأراد آباؤهم إكراههم على الإسلام فأنزل الله تعالى: { لا إكراه في الدين }
-
القراءة من قول المصنف: وفي قوله لمعاذٍ : خذ من كل حالمٍ دينارًا دليلٌ على أنها لا تؤخذ من صبي ولا امرأةٍ . فإن قيل فكيف تصنعون بالحديث الذي رواه عبد الرزاق في " مصنفه " وأبو عبيدٍ في " الأموال " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذ بن جبلٍ أن يأخذ من اليمن الجزية من كل حالمٍ أو حالمةٍ زاد أبو عبيدٍ : عبدًا أو أمةً دينارًا أو قيمته من المعافري " فهذا فيه أخذها من الرجل والمرأة والحر والرقيق ؟ قيل: هذا لا يصح وصله وهو منقطع وهذه الزيادة مختلفٌ فيها ، لم يذكرها سائر الرواة ولعلها من تفسير بعض الرواة . وقد روى الإمام أحمد ، وأبو داود والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وغيرهم هذا الحديث فاقتصروا على قوله أمره " أن يأخذ من حالمٍ دينارًا " ولم يذكروا هذه الزيادة وأكثر من أخذ منهم النبي صلى الله عليه وسلم الجزية العرب من النصارى واليهود ، والمجوس ، ولم يكشف عن أحدٍ منهم متى دخل في دينه وكان يعتبرهم بأديانهم لا بآبائهم .
-
قراءة الطالب لكلام الألباني في السلسلة الصحيحة حول تخريج حديث:" صل صلاة مودع "
-
سؤال هل يجوز للإمام إذا قام للصلاة إذا قال استووا اعتدلوا صلوا صلاة مودع
-
سؤال بعض الأئمة يقول استووا اعتدلوا ويكبر ولا ينظر في الصفوف هل يشرع ذلك
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في ترتيب سياق هديه مع الكفار والمنافقين من حين بعث إلى حين لقي الله عز وجل أول ما أوحى إليه ربه تبارك وتعالى : أن يقرأ باسم ربه الذي خلق وذلك أول نبوته فأمره أن يقرأ في نفسه ولم يأمره إذ ذاك بتبليغٍ ثم أنزل عليه { يا أيها المدثر قم فأنذر } فنبأه بقوله { اقرأ } وأرسله ب { يا أيها المدثر } ثم أمره أن ينذر عشيرته الأقربين ثم أنذر قومه ثم أنذر من حولهم من العرب ، ثم أنذر العرب قاطبةً ثم أنذر العالمين فأقام بضع عشرة سنةً بعد نبوته ينذر بالدعوة بغير قتالٍ ولا جزيةٍ ويؤمر بالكف والصبر والصفح . ثم أذن له في الهجرة وأذن له في القتال ثم أمره أن يقاتل من قاتله ويكف عمن اعتزله ولم يقاتله ثم أمره بقتال المشركين حتى يكون الدين كله لله ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسامٍ أهل صلحٍ وهدنةٍ وأهل حربٍ وأهل ذمةٍ فأمر بأن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم وأن يوفي لهم به ما استقاموا على العهد فإن خاف منهم خيانةً نبذ إليهم عهدهم ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنقض العهد وأمر أن يقاتل من نقض عهده . ولما نزلت ( سورة براءةٌ ) نزلت ببيان حكم هذه الأقسام كلها ، فأمره فيها أن " يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو يدخلوا في الإسلام وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم فجاهد الكفار بالسيف والسنان والمنافقين بالحجة واللسان . وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار ونبذ عهودهم إليهم وجعل أهل العهد في ذلك ثلاثة أقسامٍ قسمًا أمره بقتالهم وهم الذين نقضوا عهده ولم يستقيموا له فحاربهم وظهر عليهم . وقسمًا لهم عهدٌ مؤقتٌ لم ينقضوه ولم يظاهروا عليه فأمره أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهم . وقسمًا لم يكن لهم عهدٌ ولم يحاربوه أو كان لهم عهدٌ مطلقٌ فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهرٍ فإذا انسلخت قاتلهم وهي الأشهر الأربعة المذكورة في قوله { فسيحوا في الأرض أربعة أشهرٍ } وهي الحرم المذكورة في قوله فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين }
-
القراءة من قول المصنف: فالحرم ها هنا : هي أشهر التسيير أولها يوم الأذان وهو اليوم العاشر من ذي الحجة وهو يوم الحج الأكبر الذي وقع فيه التأذين بذلك وآخرها العاشر من ربيعٍ الآخر وليست هي الأربعة المذكورة في قوله { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حرمٌ } فإن تلك واحدٌ فردٌ وثلاثةٌ سردٌ رجبٌ وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . ولم يسير المشركين في هذه الأربعة فإن هذا لا يمكن لأنها غير متواليةٍ
-
التعليق على تأجيل الله بأربعة أشهر لمن لم يكن عندهم عهد ولم يقاتلوا رسوله، وبيان الأشهر الأربعة الحرم
-
القراءة من قول المصنف: وهو إنما أجلهم أربعة أشهرٍ ثم أمره بعد انسلاخها أن يقاتلهم فقتل الناقض لعهده وأجل من لا عهد له أو له عهدٌ مطلقٌ أربعة أشهرٍ وأمره أن يتم للموفي بعهده عهده إلى مدته فأسلم هؤلاء كلهم ولم يقيموا على كفرهم إلى مدتهم وضرب على أهل الذمة الجزية . فاستقر أمر الكفار معه بعد نزول براءةٌ على ثلاثة أقسامٍ محاربين له وأهل عهدٍ وأهل ذمةٍ ثم آلت حال أهل العهد والصلح إلى الإسلام فصاروا معه قسمين محاربين وأهل ذمةٍ والمحاربون له خائفون منه فصار أهل الأرض معه ثلاثة أقسامٍ مسلمٌ مؤمنٌ به ومسالمٌ له آمنٌ وخائفٌ محاربٌ . وأما سيرته في المنافقين فإنه أمر أن يقبل منهم علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله وأن يجاهدهم بالعلم والحجة وأمره أن يعرض عنهم ويغلظ عليهم وأن يبلغ بالقول البليغ إلى نفوسهم ونهاه أن يصلي عليهم وأن يقوم على قبورهم وأخبر أنه إن استغفر لهم فلن يغفر الله لهم فهذه سيرته في أعدائه من الكفار والمنافقين .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ وأما سيرته في أوليائه وحزبه ، فأمره أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وألا تعدو عيناه عنهم وأمره أن يعفو عنهم ويستغفر لهم ويشاورهم في الأمر وأن يصلي عليهم . وأمره بهجر من عصاه وتخلف عنه حتى يتوب ويراجع طاعته كما هجر الثلاثة الذين . خلفوا . وأمره أن يقيم الحدود على من أتى موجباتها منهم وأن يكونوا عنده في ذلك سواءٌ شريفهم ودنيئهم . وأمره في دفع عدوه من شياطين الإنس بأن يدفع بالتي هي أحسن فيقابل إساءة من أساء إليه بالإحسان وجهله بالحلم وظلمه بالعفو وقطيعته بالصلة وأخبره أنه إن فعل ذلك عاد عدوه كأنه ولي حميمٌ .
-
القراءة من قول المصنف: وأمره في دفعه عدوه من شياطين الجن بالاستعاذة بالله منهم وجمع له هذين الأمرين في ثلاثة مواضع من القرآن في ( سورة الأعراف ) و ( المؤمنون ) و حم فصلت. فقال في سورة الأعراف { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه سميعٌ عليمٌ } فأمره باتقاء شر الجاهلين بالإعراض عنهم وباتقاء شر الشيطان بالاستعاذة منه وجمع له في هذه الآية مكارم الأخلاق والشيم كلها ، فإن ولي الأمر له مع الرعية ثلاثة أحوالٍ فإنه لا بد له من حق عليهم يلزمهم القيام به وأمرٍ يأمرهم به ولا بد من تفريطٍ وعدوانٍ يقع منهم في حقه فأمر بأن يأخذ من الحق الذي عليهم ما طوعت به أنفسهم وسمحت به وسهل عليهم ولم يشق وهو العفو الذي لا يلحقهم ببذله ضررٌ ولا مشقةٌ وأمر أن يأمرهم بالعرف وهو المعروف الذي تعرفه العقول السليمة والفطر المستقيمة وتقر بحسنه ونفعه وإذا أمر به يأمر بالمعروف أيضًا لا بالعنف والغلظة . وأمره أن يقابل جهل الجاهلين منهم بالإعراض عنه دون أن يقابله بمثله فبذلك يكتفي شرهم
-
القراءة من قول المصنف: وقال تعالى في سورة المؤمنين { قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون } وقال تعالى في سورة حم فصلت { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوةٌ كأنه ولي حميمٌ وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيمٍ وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } فهذه سيرته مع أهل الأرض إنسهم وجنهم مؤمنهم وكافرهم
-
بيان خلق النبي صلى الله عليه وسلم وصبره على الدعوة والحكمة من الابتلاء في الدين
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في سياق مغازيه وبعوثه على وجه الاختصار وكان أول لواءٍ عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان على رأس سبعة أشهرٍ من مهاجره وكان لواءً أبيض وكان حامله أبو مرثدٍ كناز بن الحصين الغنوي حليف حمزة وبعثه في ثلاثين رجلًا من المهاجرين خاصةً يعترض عيرًا لقريشٍ جاءت من الشام ، وفيها أبو جهل بن هشامٍ في ثلاثمائة رجلٍ . فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص ، فالتقوا واصطفوا للقتال فمشى مجدي بن عمرٍو الجهني ، وكان حليفًا للفريقين جميعًا ، بين هؤلاء وهؤلاء حتى حجز بينهم ولم يقتتلوا .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم بعث عبيدة بن الحارث بن المطلب في سريةٍ إلى بطن رابغٍ
-
الكلام على عبيدة بن الحارث بن المطلب وأنه استشهد في بدر والكلام متى استشهد حمزة
-
هل يقال للشخص شهيد وهو لم يمت في المعركة وإنما جرح فيها وهل يغسل ويصلى عليه أم لا ؟
-
القراءة من قول المصنف: ثم بعث عبيدة بن الحارث بن المطلب في سريةٍ إلى بطن رابغٍ في شوالٍ على رأس ثمانية أشهرٍ من الهجرة وعقد له لواءً أبيض وحمله مسطح بن أثاثة بن عبد المطلب بن عبد منافٍ ، وكانوا في ستين من المهاجرين ليس فيهم أنصاري فلقي أبا سفيان بن حرب ٍ ، وهو في مائتين على بطن رابغٍ ، على عشرة أميالٍ من الجحفة ، وكان بينهم الرمي ولم يسلوا السيوف ولم يصطفوا للقتال وإنما كانت مناوشةً وكان سعد بن أبي وقاصٍ فيهم وهو أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله ثم انصرف الفريقان على حاميتهم . قال ابن إسحاق : وكان على القوم عكرمة بن أبي جهل ٍ ، وقدم سرية عبيدة على سرية حمزة
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم بعث سعد بن أبي وقاصٍ إلى الخرار في ذي القعدة على رأس تسعة أشهرٍ وعقد له لواءً أبيض وحمله المقداد بن عمرٍو ، وكانوا عشرين راكبًا يعترضون عيرًا لقريشٍ ، وعهد أن لا يجاوز الخرار ، فخرجوا على أقدامهم فكانوا يكمنون بالنهار ويسيرون بالليل حتى صبحوا المكان صبيحة خمسٍ فوجدوا العير قد مرت بالأمس
-
قراءة الطالب لبحث حول تخريج حديث :" كان رسول الله إذا رأى ما يجب قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات "
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم غزا بنفسه غزوة الأبواء ، ويقال لها : ودان ، وهي أول غزوةٍ غزاها بنفسه وكانت في صفرٍ على رأس اثني عشر شهرًا من مهاجره وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب ، وكان أبيض واستخلف على المدينة سعد بن عبادة ، وخرج في المهاجرين خاصةً يعترض عيرًا لقريشٍ ، فلم يلق كيدًا ، وفي هذه الغزوة وادع مخشي بن عمرٍو الضمري وكان سيد بني ضمرة في زمانه على ألا يغزو بني ضمرة ، ولا يغزوه ولا أن يكثروا عليه جمعًا ، ولا يعينوا عليه عدوا ، وكتب بينه وبينهم كتابًا ، وكانت غيبته خمس عشرة ليلةً .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بواط في شهر ربيعٍ الأول على رأس ثلاثة عشر شهرًا من مهاجره وحمل لواءه سعد بن أبي وقاصٍ ، وكان أبيض واستخلف على المدينة سعد بن معاذٍ ، وخرج في مائتين من أصحابه يعترض عيرًا لقريشٍ ، فيها أمية بن خلفٍ الجمحي ، ومائة رجلٍ من قريشٍ ، وألفان وخمسمائة بعيرٍ فبلغ بواطًا ، وهما جبلان فرعان أصلهما واحدٌ من جبال جهينة ، مما يلي طريق الشام ، وبين بواط والمدينة نحو أربعة بردٍ فلم يلق كيدًا فرجع
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم خرج على رأس ثلاثة عشر شهرًا من مهاجره يطلب كرز بن جابرٍ الفهري ، وحمل لواءه علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه وكان أبيض واستخلف على المدينة زيد بن حارثة ، وكان كرزٌ قد أغار على سرح المدينة ، فاستاقه وكان يرعى بالحمى ، فطلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ واديًا يقال له سفوان من ناحية بدرٍ ، وفاته كرزٌ ولم يلحقه فرجع إلى المدينة .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة على رأس ستة عشر شهرًا ، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب ، وكان أبيض واستخلف على المدينة أبا سلمة بن - عبد الأسد المخزومي ، وخرج في خمسين ومائةٍ ويقال في مائتين من المهاجرين ولم يكره أحدًا على الخروج وخرجوا على ثلاثين بعيرًا يعتقبونها يعترضون عيرًا لقريشٍ ذاهبةً إلى الشام ، وقد كان جاءه الخبر بفصولها من مكة فيها أموالٌ لقريشٍ ، فبلغ ذا العشيرة ، وقيل العشيراء بالمد . وقيل العسيرة بالمهملة وهي بناحية ينبع ، وبين ينبع والمدينة تسعة بردٍ فوجد العير قد فاتته بأيامٍ وهذه هي العير التي خرج في طلبها حين رجعت من الشام ، وهي التي وعده الله إياها ، أو المقاتلة وذات الشوكة ووفى له بوعده . وفي هذه الغزوة وادع بني مدلج ٍ وحلفاءهم من بني ضمرة . قال عبد المؤمن بن خلفٍ الحافظ : وفي هذه الغزوة كنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أبا قال فإن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ إنما كناه أبا ترابٍ بعد نكاحه فاطمة ، وكان نكاحها بعد بدرٍ ، فإنه لما دخل عليها وقال " أين ابن عمك ؟ " قالت خرج مغاضبًا ، فجاء إلى المسجد فوجده مضطجعًا فيه وقد لصق به التراب فجعل ينفضه عنه ويقول " اجلس أبا ترابٍ اجلس أبا ترابٍ وهو أول يومٍ كني فيه أبا ترابٍ .
-
بيان حكمة الله في عدم وجود حرب بين رسوله وبين المشركين حتى غزوة بدر
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم بعث عبد الله بن جحشٍ الأسدي إلى نخلة في رجبٍ على رأس سبعة عشر شهرًا من الهجرة في اثني عشر رجلًا من المهاجرين كل اثنين يعتقبان على بعيرٍ فوصلوا إلى بطن نخلة يرصدون عيرًا لقريشٍ ، وفي هذه السرية سمى عبد الله بن جحشٍ أمير المؤمنين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له كتابًا ، وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه ولما فتح الكتاب وجد فيه " إذا نظرت في كتابي هذا ، فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف ، فترصد بها قريشًا ، وتعلم لنا من أخبارهم فقال سمعًا وطاعةً وأخبر أصحابه بذلك وبأنه لا يستكرههم فمن أحب الشهادة فلينهض ومن كره الموت فليرجع وأما أنا فناهضٌ فمضوا كلهم فلما كان في أثناء الطريق أضل سعد بن أبي وقاصٍ ، وعتبة بن غزوان بعيرًا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا في طلبه وبعد عبد الله بن جحشٍ حتى نزل بنخلة فمرت به عيرٌ لقريشٍ تحمل زبيبًا وأدمًا وتجارةً فيها عمرو بن الحضرمي ، وعثمان ونوفلٌ ابنا عبد الله بن المغيرة ، والحكم بن كيسان مولى بني المغيرة فتشاور المسلمون وقالوا : نحن في آخر يومٍ من رجبٍ الشهر الحرام فإن قاتلناهم انتهكنا الشهر الحرام وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم ، ثم أجمعوا على ملاقاتهم فرمى أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله كان في الإسلام وأول قتيلٍ في الإسلام وأول أسيرين في الإسلام وأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ما فعلوه واشتد تعنت قريشٍ وإنكارهم ذلك وزعموا أنهم قد وجدوا مقالًا ، فقالوا : قد أحل محمدٌ الشهر الحرام واشتد على المسلمين ذلك حتى أنزل الله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه ؟ قل قتالٌ فيه كبيرٌ وصد عن سبيل الله وكفرٌ به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل } يقول سبحانه هذا الذي أنكرتموه عليهم وإن كان كبيرًا ، فما ارتكبتموه أنتم من الكفر بالله والصد عن سبيله وعن بيته وإخراج المسلمين الذين هم أهله منه والشرك الذي أنتم عليه والفتنة التي حصلت منكم به أكبر عند الله من قتالهم في الشهر الحرام
-
التعليق على سرية عبد الله بن جحش وما وقع فيها وتفسير قوله تعالى:" { يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه ؟ قل قتالٌ فيه كبيرٌ وصد عن سبيل الله وكفرٌ به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل }
-
القراءة من قول المصنف: وأكثر السلف فسروا الفتنة ها هنا بالشرك كقوله تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ } ويدل عليه قوله { ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } أي لم يكن مآل شركهم وعاقبته وآخر أمرهم إلا أن تبرءوا منه وأنكروه . وحقيقتها : أنها الشرك الذي يدعو صاحبه إليه ويقاتل عليه ويعاقب من لم يفتتن به ولهذا يقال لهم وقت عذابهم بالنار وفتنتهم بها : ذوقوا فتنتكم قال ابن عباسٍ : تكذيبكم . وحقيقته ذوقوا نهاية فتنتكم وغايتها ، ومصير أمرها ، كقوله { ذوقوا ما كنتم تكسبون } وكما فتنوا عباده على الشرك فتنوا على النار وقيل لهم ذوقوا فتنتكم ومنه قوله تعالى : { إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا } فسرت الفتنة ها هنا بتعذيبهم المؤمنين وإحراقهم إياهم بالنار واللفظ أعم من ذلك وحقيقته { وكذلك فتنا بعضهم ببعضٍ } وقول موسى : { إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء } فتلك بمعنًى آخر وهي بمعنى الامتحان والاختبار والابتلاء من الله لعباده بالخير والشر بالنعم والمصائب فهذه لونٌ وفتنة المشركين لونٌ وفتنة المؤمن في ماله وولده وجاره لونٌ آخر والفتنة التي يوقعها بين أهل الإسلام كالفتنة التي أوقعها بين أصحاب علي ومعاوية ، وبين أهل الجمل وصفين ، وبين المسلمين حتى يتقاتلوا ويتهاجروا لونٌ آخر وهي الفتنة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم ستكون فتنةٌ القاعد فيها خيرٌ من القائم ، والقائم فيها خيرٌ من الماشي ، والماشي فيها خيرٌ من الساعي
-
القراءة من قول المصنف: وأحاديث الفتنة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها باعتزال الطائفتين هي هذه الفتنة . وقد تأتي الفتنة مرادًا بها المعصية كقوله تعالى : { ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني } ، يقوله الجد بن قيسٍ ، لما ندبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ، يقول ائذن لي في القعود ولا تفتني بتعرضي لبنات بني الأصفر فإني لا أصبر عنهن قال تعالى : { ألا في الفتنة سقطوا } أي وقعوا في فتنة النفاق وفروا إليها من فتنة بنات الأصفر . والمقصود أن الله سبحانه حكم بين أوليائه وأعدائه بالعدل والإنصاف ولم يبرئ أولياءه من ارتكاب الإثم بالقتال في الشهر الحرام بل أخبر أنه كبيرٌ أكبر وأعظم من مجرد القتال في الشهر الحرام فهم أحق بالذم والعيب والعقوبة لا سيما وأولياؤه كانوا متأولين في قتالهم ذلك أو مقصرين نوع تقصيرٍ يغفره الله لهم في جنب ما فعلوه من التوحيد والطاعات والهجرة مع رسوله وإيثار ما عند الله فهم كما قيل وإذا الحبيب أتى بذنبٍ واحدٍ جاءت محاسنه بألف شفيعٍ فكيف يقاس ببغيضٍ عدو جاء بكل قبيحٍ ولم يأت بشفيعٍ واحدٍ من المحاسن .
-
التعليق على قوله: لا سيما وأولياؤه كانوا متأولين في قتالهم ذلك أو مقصرين نوع تقصيرٍ يغفره الله لهم في جنب ما فعلوه من التوحيد والطاعات والهجرة مع رسوله وإيثار ما عند الله
-
- القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما كان في شعبان من هذه السنة حولت القبلة وقد تقدم ذكر ذلك
-
قراءة الطالب لبحث حول تخريج حديث:" إنما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن "
-
تتمة القراءة لبحث حول تخريج حديث:" إنما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن "
-
القراءة من كتاب مشكل الآثار للطحاوي وحاشيته حول حديث " إنما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن " وتعليق الشيخ عليه وبيان خطورة الخوارج
-
سؤال ما إعراب رجل في الحديث:" إنما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن "
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في غزوة بدرٍ الكبرى فلما كان في رمضان من هذه السنة بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير المقبلة من الشام لقريشٍ صحبة أبي سفيان ، وهي العير التي خرجوا في طلبها لما خرجت من مكة ، وكانوا نحو أربعين رجلًا
-
التعليق على قوله: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير المقبلة من الشام
-
القراءة من قول المصنف: وفيها أموالٌ عظيمةٌ لقريشٍ ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إليها ، وأمر من كان ظهره حاضرًا بالنهوض ولم يحتفل لها احتفالًا بليغًا ، لأنه خرج مسرعًا في ثلاثمائةٍ وبضعة عشر رجلًا ، ولم يكن معهم من الخيل إلا فرسان فرسٌ للزبير بن العوام ، وفرسٌ للمقداد بن الأسود الكندي ، وكان معهم سبعون بعيرًا يعتقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ، ومرثد بن أبي مرثدٍ الغنوي ، يعتقبون بعيرًا ، وزيد بن حارثة ، وابنه وكبشة موالي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقبون بعيرًا، وأبو بكرٍ وعمر ، وعبد الرحمن بن عوفٍ ، يعتقبون بعيرًا ، واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتومٍ ، فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة بن عبد المنذر ، واستعمله على المدينة ، ودفع اللواء إلى مصعب بن عميرٍ ، والراية الواحدة إلى علي بن أبي طالبٍ ، والأخرى التي للأنصار إلى سعد بن معاذٍ ، وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة ، وسار فلما قرب من الصفراء ، بعث بسبس بن عمرٍو الجهني ، وعدي بن أبي الزغباء إلى بدرٍ يتجسسان أخبار العير . وأما أبو سفيان فإنه بلغه مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقصده إياه فاستأجر ضمضم بن عمرٍو الغفاري إلى مكة ، مستصرخًا لقريشٍ بالنفير إلى عيرهم ليمنعوه من محمدٍ وأصحابه وبلغ الصريخ أهل مكة ، فنهضوا مسرعين وأوعبوا في الخروج فلم يتخلف من أشرافهم أحدٌ سوى أبي لهبٍ ، فإنه عوض عنه رجلًا كان له عليه دينٌ وحشدوا فيمن حولهم من قبائل العرب ، ولم يتخلف عنهم أحدٌ من بطون قريشٍ إلا بني عدي ، فلم يخرج معهم منهم أحدٌ ، وخرجوا من ديارهم كما قال تعالى : { بطرًا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله } وأقبلوا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدهم وحديدهم تحاده وتحاد رسوله وجاءوا على حردٍ قادرين وعلى حميةٍ وغضبٍ وحنقٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما يريدون من أخذ عيرهم وقتل من فيها ، وقد أصابوا بالأمس عمرو بن الحضرمي ، والعير التي كانت معه فجمعهم الله على غير ميعادٍ كما قال الله تعالى : { ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا } ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خروج قريشٍ ، استشار أصحابه فتكلم المهاجرون فأحسنوا ، ثم استشارهم ثانيًا ، فتكلم المهاجرون فأحسنوا ، ثم استشارهم ثالثًا ، الأنصار أنه يعنيهم فبادر سعد بن معاذٍ ، فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنك تعرض بنا ؟ وكان إنما يعنيهم لأنهم بايعوه على أن يمنعوه من الأحمر والأسود في ديارهم فلما عزم على الخروج استشارهم ليعلم ما عندهم فقال له سعدٌ لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها أن لا ينصروك إلا في ديارها ، وإني أقول عن الأنصار ، وأجيب عنهم فاظعن حيث شئت ، وصل حبل من شئت واقطع حبل من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت وما أمرت فيه من أمرٍ فأمرنا تبعٌ لأمرك فوالله لئن سرت حتى تبلغ البرك من غمدان ، لنسيرن معك ووالله لئن استعرضت بنا هذا البحر خضناه معك . وقال له المقداد : لا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك . فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسر بما سمع من أصحابه وقال سيروا وأبشروا ، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين وإني قد رأيت مصارع القوم فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدرٍ ، وخفض أبو سفيان فلحق بساحل البحر ولما رأى أنه قد نجا ، وأحرز العير كتب إلى قريشٍ : أن ارجعوا ، فإنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم فأتاهم الخبر وهم بالجحفة فهموا بالرجوع فقال أبو جهلٍ : والله لا نرجع حتى نقدم بدرًا ، فنقيم بها ، ونطعم من حضرنا من العرب ، وتخافنا العرب بعد ذلك فأشار الأخنس بن شريقٍ عليهم بالرجوع فعصوه فرجع هو وبنو زهرة ، فلم يشهد بدرًا زهري فاغتبطت بنو زهرة بعد برأي الأخنس فلم يزل فيهم مطاعًا معظمًا ، وأرادت بنو هاشمٍ الرجوع فاشتد عليهم أبو جهلٍ وقال لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع فساروا ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل عشيا أدنى ماءٍ من مياه بدرٍ ، فقال أشيروا علي في المنزل فقال الحباب بن المنذر : يا رسول الله أنا عالمٌ بها وبقلبها ، إن رأيت أن نسير إلى قلبٍ قد عرفناها ، فهي كثيرة الماء عذبةٌ فننزل عليها ونسبق القوم إليها ونغور ما سواها من المياه . وسار المشركون سراعًا يريدون الماء وبعث عليا وسعدًا والزبير إلى بدرٍ يلتمسون الخبر فقدموا بعبدين لقريشٍ ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائمٌ يصلي ، فسألهما أصحابه من أنتما ؟ قالا : نحن سقاةٌ لقريشٍ ، فكره ذلك أصحابه وودوا لو كانا لعير أبي سفيان فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما : أخبراني أين قريشٌ ؟ قالا : وراء هذا الكثيب . فقال كم القوم ؟ فقالا : لا علم لنا ، فقال كم ينحرون كل يومٍ ؟ فقالا : يومًا عشرًا ، ويومًا تسعًا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم ما بين تسعمائةٍ إلى الألف
-
التعليق على قوله: فقال كم ينحرون كل يومٍ ؟ فقالا : يومًا عشرًا ، ويومًا تسعًا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم ما بين تسعمائةٍ إلى الألف
-
القراءة من قول المصنف: فأنزل الله عز وجل في تلك الليلة مطرًا واحدًا ، فكان على المشركين وابلًا شديدًا منعهم من التقدم وكان على المسلمين طلا طهرهم به وأذهب عنهم رجس الشيطان ووطأ به الأرض وصلب به الرمل وثبت الأقدام ومهد به المنزل وربط به على قلوبهم فسبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى الماء فنزلوا عليه شطر الليل وصنعوا الحياض ثم غوروا ما عداها من المياه ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الحياض . وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشٌ يكون فيها على تل يشرف على المعركة ومشى في موضع المعركة وجعل يشير بيده هذا مصرع فلانٍ ، وهذا مصرع فلانٍ ، وهذا مصرع فلانٍ إن شاء الله فما تعدى أحد منهم موضع إشارته
-
التعليق على قوله: ومشى في موضع المعركة وجعل يشير بيده هذا مصرع فلانٍ ، وهذا مصرع فلانٍ ، وهذا مصرع فلانٍ إن شاء الله فما تعدى أحد منهم موضع إشارته
-
القراءة من قول المصنف: فلما طلع المشركون وتراءى الجمعان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم هذه قريشٌ جاءت بخيلائها وفخرها ، جاءت تحادك ، وتكذب رسولك " ، وقام ورفع يديه واستنصر ربه وقال اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك " ، فالتزمه الصديق من ورائه وقال يا رسول الله أبشر فوالذي نفسي بيده لينجزن الله لك ما وعدك واستنصر المسلمون الله واستغاثوه وأخلصوا له وتضرعوا إليه فأوحى الله إلى ملائكته { أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب } ، وأوحى الله إلى رسوله { أني ممدكم بألفٍ من الملائكة مردفين } قرئ بكسر الدال وفتحها ، فقيل المعنى إنهم ردفٌ لكم . وقيل يردف بعضهم بعضًا أرسالًا لم يأتوا دفعةً واحدةً . فإن قيل ها هنا ذكر أنه أمدهم بألفٍ وفي ( سورة آل عمران ) قال { إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلافٍ من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلافٍ من الملائكة مسومين } فكيف الجمع بينهما ؟ قيل قد اختلف في هذا الإمداد الذي بثلاثة آلافٍ والذي بالخمسة على قولين أحدهما : أنه كان يوم أحدٍ ، وكان إمدادًا معلقًا على شرطٍ فلما فات شرطه فات الإمداد وهذا قول الضحاك ومقاتلٍ وإحدى الروايتين عن عكرمة . والثاني : أنه كان يوم بدرٍ ، وهذا قول ابن عباسٍ ، ومجاهدٍ ، وقتادة . والرواية الأخرى رويت عن عكرمة ، اختاره جماعةٌ من المفسرين . وحجة هؤلاء أن السياق يدل على ذلك فإنه سبحانه قال { ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلةٌ فاتقوا الله لعلكم تشكرون إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلافٍ من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا } إلى أن قال { وما جعله الله } أي هذا الإمداد إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به قال هؤلاء فلما استغاثوا ، أمدهم بتمام ثلاثة آلافٍ ثم أمدهم بتمام خمسة آلافٍ لما صبروا واتقوا ، فكان هذا التدريج ومتابعة الإمداد أحسن موقعًا ، وأقوى لنفوسهم وأسر لها من أن يأتي به مرةً واحدةً وهو بمنزلة متابعة الوحي ونزوله مرةً بعد مرةٍ . وقالت الفرقة الأولى : القصة في سياق أحدٍ ، وإنما أدخل ذكر بدرٍ اعتراضًا في أثنائها ، فإنه سبحانه قال { وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميعٌ عليمٌ إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون } ثم قال { ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلةٌ فاتقوا الله لعلكم تشكرون } ، فذكرهم نعمته عليهم لما نصرهم ببدرٍ وهم أذلةٌ ثم عاد إلى قصة أحدٍ ، وأخبر عن قول رسوله لهم { ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلافٍ من الملائكة منزلين } ثم وعدهم أنهم إن صبروا واتقوا ، أمدهم بخمسة آلافٍ فهذا من قول رسوله والإمداد الذي ببدرٍ من قوله تعالى ، وهذا بخمسة آلافٍ وإمداد بدرٍ بألفٍ وهذا معلقٌ على شرطٍ وذلك مطلقٌ والقصة في ( سورة آل عمران ) هي قصة أحدٍ مستوفاةٌ مطولةٌ وبدرٌ ذكرت فيها اعتراضًا ، والقصة في سورة الأنفال قصة بدرٍ مستوفاةٌ مطولةٌ فالسياق في ( آل عمران ) غير السياق في الأنفال . يوضح هذا أن قوله { ويأتوكم من فورهم هذا } [قد قال مجاهدٌ : إنه يوم أحدٍ ، وهذا يستلزم أن يكون الإمداد المذكور فيه فلا يصح قوله إن الإمداد بهذا العدد كان يوم بدرٍ ، وإتيانهم من فورهم هذا يوم أحدٍ . والله أعلم .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ: وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع شجرةٍ هناك وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان في السنة الثانية فلما أصبحوا ، أقبلت قريشٌ في كتائبها ، واصطف الفريقان فمشى حكيم بن حزامٍ ، وعتبة بن ربيعة في قريشٍ ، أن يرجعوا ولا يقاتلوا ، فأبى ذلك أبو جهلٍ ، وجرى بينه وبين عتبة كلامٌ أحفظه وأمر أبو جهلٍ أخا عمرو بن الحضرمي أن يطلب دم أخيه عمرٍو ، فكشف عن استه وصرخ واعمراه
-
القراءة من قول المصنف: فحمي القوم ونشبت الحرب وعدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ثم رجع إلى العريش هو وأبو بكرٍ خاصةً وقام سعد بن معاذٍ في قومٍ من الأنصار على باب العريش يحمون رسول الله صلى الله عليه وسلم . وخرج عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، يطلبون المبارزة فخرج إليهم ثلاثةٌ من الأنصار : عبد الله بن رواحة ، وعوفٌ ومعوذٌ ابنا عفراء ، فقالوا لهم من أنتم ؟ فقالوا : من الأنصار . قالوا : أكفاءٌ كرامٌ وإنما نريد بني عمنا ، فبرز إليهم علي وعبيدة بن الحارث وحمزة ، فقتل علي قرنه الوليد وقتل حمزة قرنه عتبة وقيل شيبة واختلف عبيدة وقرنه ضربتين فكر علي وحمزة على قرن عبيدة فقتلاه واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله فلم يزل ضمنًا حتى مات بالصفراء . وكان علي يقسم بالله لنزلت هذه الآية فيهم { هذان خصمان اختصموا في ربهم } الآية
-
القراءة من الحاشية حول قوله: وكان علي يقسم بالله لنزلت هذه الآية فيهم { هذان خصمان اختصموا في ربهم } الآية وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من قول المصنف: ثم حمي الوطيس واستدارت رحى الحرب واشتد القتال وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعاء والابتهال ومناشدة ربه عز وجل حتى سقط رداؤه عن منكبيه فرده عليه الصديق وقال بغض مناشدتك ربك فإنه منجزٌ لك ما وعدك فأغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم إغفاءةً واحدةً وأخذ القوم النعاس في حال الحرب ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال أبشر يا أبا بكرٍ هذا جبريل على ثناياه النقع وجاء النصر وأنزل الله جنده وأيد رسوله والمؤمنين ومنحهم أكتاف المشركين أسرًا وقتلًا ، فقتلوا منهم سبعين وأسروا سبعين
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما عزموا على الخروج ذكروا ما بينهم وبين بني كنانة من الحرب فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالكٍ المدلجي ، وكان من أشراف بني كنانة ، فقال لهم لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جارٌ لكم من أن تأتيكم كنانة بشيءٍ تكرهونه فخرجوا والشيطان جارٌ لهم لا يفارقهم فلما تعبئوا للقتال ورأى عدو الله جند الله قد نزلت من السماء فر ونكص على عقبيه فقالوا : إلى أين يا سراقة ؟ ألم تكن قلت إنك جارٌ لنا لا تفارقنا ؟ فقال إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب وصدق في قوله إني أرى ما لا ترون وكذب في قوله إني أخاف الله وقيل كان خوفه على نفسه أن يهلك معهم وهذا أظهر .
-
القراءة من قول المصنف: ولما رأى المنافقون ومن في قلبه مرضٌ قلة حزب الله وكثرة أعدائه ظنوا أن الغلبة إنما هي بالكثرة وقالوا : { غر هؤلاء دينهم } ، فأخبر سبحانه أن النصر بالتوكل عليه لا بالكثرة ولا بالعدد والله عزيزٌ لا يغالب حكيمٌ ينصر من يستحق النصر وإن كان ضعيفًا ، فعزته وحكمته أوجبت نصر الفئة المتوكلة عليه . ولما دنا العدو وتواجه القوم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فوعظهم وذكرهم بما لهم في الصبر والثبات من النصر والظفر العاجل وثواب الله الآجل وأخبرهم أن الله قد أوجب الجنة لمن استشهد في سبيله فقام عمير بن الحمام ، فقال يا رسول الله جنةٌ عرضها السماوات والأرض ؟ قال نعم . قال بخٍ بخٍ يا رسول الله ، قال ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ ؟ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها
-
القراءة من قول المصنف: قال فإنك من أهلها قال فأخرج تمراتٍ من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياةٌ طويلةٌ فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل . فكان أول قتيلٍ وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ملء كفه من الحصباء فرمى بها وجوه العدو فلم تترك رجلًا منهم إلا ملأت عينيه وشغلوا بالتراب في أعينهم وشغل المسلمون بقتلهم فأنزل الله في شأن هذه الرمية على رسوله . { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى }
-
القراءة من قول المصنف: وقد ظن طائفةٌ أن الآية دلت على نفي الفعل عن العبد وإثباته لله وأنه هو الفاعل حقيقةً وهذا غلطٌ منهم من وجوهٍ عديدةٍ مذكورةٍ في غير هذا الموضع. ومعنى الآية أن الله سبحانه أثبت لرسوله ابتداء الرمي ونفى عنه الإيصال الذي لم يحصل برميته فالرمي يراد به الحذف والإيصال فأثبت لنبيه الحذف ونفى عنه الإيصال . وكانت الملائكة يومئذٍ تبادر المسلمين إلى قتل أعدائهم قال ابن عباسٍ : بينما رجلٌ من المسلمين يومئذٍ يشتد في أثر رجلٍ من المشركين أمامه إذ سمع ضربةً بالسوط فوقه وصوت الفارس فوقه يقول أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه مستلقيًا ، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة
-
القراءة من الحاشية حول مشاركة الملائكة المسلمين في غزوة بدر وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من قول المصنف: وقال أبو داود المازني : إني لأتبع رجلًا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أنه قد قتله غيري .
-
القراءة من الحاشية حول قول أبي داود المازني إني لأتبع رجلًا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ، فعرفت أنه قد قتله غيري .
-
القراءة من قول المصنف: وجاء رجلٌ من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا ، فقال العباس إن هذا والله ما أسرني ، لقد أسرني رجلٌ أجلح من أحسن الناس وجهًا ، على فرسٍ أبلق ما أراه في القوم فقال الأنصاري أنا أسرته يا رسول الله فقال اسكت فقد أيدك الله بملكٍ كريمٍ وأسر من بني عبد المطلب ثلاثةٌ العباس وعقيلٌ ونوفل بن الحارث . وذكر الطبراني في " معجمه الكبير " عن رفاعة بن رافعٍ ، قال لما رأى إبليس ما تفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر ٍ ، أشفق أن يخلص القتل إليه فتشبث به الحارث بن هشامٍ ، وهو يظنه سراقة بن مالكٍ فوكز في صدر الحارث فألقاه ثم خرج هاربًا حتى ألقى نفسه في البحر ورفع يديه وقال اللهم إني أسألك نظرتك إياي وخاف أن يخلص إليه القتل فأقبل أبو جهل بن هشامٍ فقال يا معشر الناس لا ، يهزمنكم خذلان سراقة إياكم فإنه كان على ميعادٍ من محمدٍ ولا يهولنكم قتل عتبة وشيبة والوليد فإنهم قد عجلوا ، فواللات والعزى ، لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال ولا ألفين رجلًا منكم قتل رجلًا منهم ولكن خذوهم أخذًا حتى نعرفهم سوء صنيعهم واستفتح أبو جهلٍ في ذلك اليوم فقال اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم فأنزل الله عز وجل { إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خيرٌ لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئًا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين } ولما وضع المسلمون أيديهم في العدو يقتلون ويأسرون وسعد بن معاذٍ واقفٌ على باب الخيمة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العريش متوشحًا بالسيف في ناسٍ من الأنصار ، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذٍ الكراهية لما يصنع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنك تكره ما يصنع الناس ؟ قال أجل والله كانت أول وقعةٍ أوقعها الله بالمشركين وكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال
-
القراءة من قول المصنف: ولما بردت الحرب وولى القوم منهزمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينظر لنا ما صنع أبو جهلٍ ؟ " فانطلق ابن مسعودٍ ، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد وأخذ بلحيته فقال أنت أبو جهلٍ ؟ فقال لمن الدائرة اليوم ؟ فقال لله ولرسوله وهل أخزاك الله يا عدو الله ؟ فقال وهل فوق رجلٍ قتله قومه ؟ فقتله عبد الله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قتلته فقال الله الذي لا إله إلا هو فرددها ثلاثًا ، ثم قال الله أكبر الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده انطلق أرنيه " فانطلقنا فأريته إياه فقال هذا فرعون هذه الأمة وأسر عبد الرحمن بن عوفٍ أمية بن خلف ٍ وابنه عليا ، فأبصره بلالٌ وكان أمية يعذبه بمكة فقال رأس الكفر أمية بن خلفٍ لا نجوت إن نجا ، ثم استوخى جماعةً من الأنصار ، واشتد عبد الرحمن بهما يحرزهما منهم فأدركوهم فشغلهم عن أمية بابنه ففرغوا منه ثم لحقوهما ، فقال له عبد الرحمن ابرك فبرك فألقى نفسه عليه فضربوه بالسيوف من تحته حتى قتلوه وأصاب بعض السيوف رجل عبد الرحمن بن عوفٍ ، قال له أمية قبل ذلك من الرجل المعلم في صدره بريشة نعامةٍ ؟ فقال ذلك حمزة بن عبد المطلب فقال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل وكان مع عبد الرحمن أدراعٌ قد استلبها ، فلما رآه أمية قال له أنا خيرٌ لك من هذه الأدراع فألقاها وأخذه فلما قتله الأنصار ، كان يقول يرحم الله بلالًا ، فجعني بأدراعي وبأسيري
-
القراءة من قول المصنف: وانقطع يومئذٍ سيف عكاشة بن محصنٍ ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذلًا من حطبٍ فقال دونك هذا فلما أخذه عكاشة وهزه عاد في يده سيفًا طويلًا شديدًا أبيض فلم يزل عنده يقاتل به حتى قتل في الردة أيام أبي بكرٍ . ولقي الزبير عبيدة بن سعيدٍ بن العاص ، وهو مدججٌ في السلاح لا يرى منه إلا الحدق فحمل عليه الزبير بحربته فطعنه في عينه فمات فوضع رجله على الحربة ثم تمطى ، فكان الجهد أن نزعها ، وقد انثنى طرفاها ، قال عروة فسأله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياها ، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها ، ثم طلبها أبو بكرٍ فأعطاه إياها ، فلما قبض أبو بكرٍ سأله إياها عمر فأعطاه إياها ، فلما قبض عمر أخذها ، ثم طلبها عثمان فأعطاه إياها ، فلما قبض عثمان وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير ، وكانت عنده حتى قتل . وقال رفاعة بن رافعٍ : رميت بسهمٍ يوم بدرٍ ففقئت عيني ، فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي ، فما آذاني منها شيءٌ
-
القراءة من قول المصنف: ولما انقضت الحرب أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف على القتلى فقال بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ، كذبتموني ، وصدقني الناس وخذلتموني ونصرني الناس وأخرجتموني وآواني الناس ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليبٍ من قلب بدرٍ ، فطرحوا فيه ثم وقف عليهم فقال يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة ، ويا فلان ويا فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ، فإني وجدت ما وعدني ربي حقا ، فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله ما تخاطب من أقوامٍ قد جيفوا ؟ فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون الجواب
-
التعليق على تكليم النبي صلى الله عليه وسلم للكفار وهم أموات في قليب بدر
-
القراءة من قول المصنف: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرصة ثلاثًا ، وكان إذا ظهر على قومٍ أقام بعرصتهم ثلاثًا ثم ارتحل مؤيدًا منصورًا ، قرير العين بنصر الله له ومعه الأسارى والمغانم فلما كان بالصفراء ، قسم الغنائم وضرب عنق النضر بن الحارث بن كلدة ، ثم لما نزل بعرق الظبية ، ضرب عنق عقبة بن أبي معيطٍ . ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مؤيدًا مظفرًا منصورًا قد خافه كل عدو له المدينة وحولها
-
القراءة من قول المصنف: فأسلم بشرٌ كثيرٌ من أهل المدينة ، وحينئذٍ دخل عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه في الإسلام ظاهرًا .
-
القراءة من قول المصنف: وجملة من حضر بدرًا من المسلمين ثلاثمائةٍ وبضعة عشر رجلًا ، من المهاجرين ستةٌ وثمانون ومن الأوس أحدٌ وستون ومن الخزرج مائةٌ وسبعون وإنما قل عدد الأوس عن الخزرج ، وإن كانوا أشد منهم وأقوى شوكةً وأصبر عند اللقاء لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة ، وجاء النفير وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يتبعنا إلا من كان ظهره حاضرًا فاستأذنه رجالٌ ظهورهم في علو المدينة أن يستأني بهم حتى يذهبوا إلى ظهورهم فأبى ولم يكن عزمهم على اللقاء ولا أعدوا له عدته ولا تأهبوا له أهبته ولكن جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعادٍ . واستشهد من المسلمين يومئذٍ أربعة عشر رجلًا : ستةٌ من المهاجرين وستةٌ من الخزرج ، واثنان من الأوس ، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن بدر ٍ والأسارى في شوالٍ .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم نهض بنفسه صلوات الله وسلامه عليه بعد فراغه بسبعة أيامٍ إلى غزو بني سليمٍ ، واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة ، وقيل ابن أم مكتومٍ ، فبلغ ماءً يقال له الكدر ، فأقام عليه ثلاثًا ، ثم انصرف ولم يلق كيدًا .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ولما رجع فل المشركين إلى مكة موتورين محزونين نذر أبو سفيان أن لا يمس رأسه ماءٌ حتى يغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في مائتي راكبٍ حتى أتى العريض في طرف المدينة ، وبات ليلةً واحدةً عند سلام بن مشكمٍ اليهودي فسقاه الخمر وبطن له من خبر الناس فلما أصبح قطع أصوارًا من النخل الأنصار وحليفًا له ثم كر راجعًا ، ونذر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج في طلبه فبلغ قرقرة الكدر ، وفاته أبو سفيان وطرح الكفار سويقًا كثيرًا من أزوادهم يتخففون به فأخذها المسلمون فسميت غزوة السويق ، وكان ذلك بعد بدرٍ بشهرين . فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بقية ذي الحجة ثم غزا نجدًا يريد غطفان ، واستعمل على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه فأقام هناك صفرًا كله من السنة الثالثة ثم انصرف ولم يلق حربًا .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ فأقام بالمدينة ربيعًا الأول ثم خرج يريد قريشًا ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتومٍ ، فبلغ بحران معدنًا بالحجاز من ناحية الفرع ، ولم يلق حربًا ، فأقام هنالك ربيعًا الآخر وجمادى الأولى ، ثم انصرف إلى المدينة .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ ثم غزا بني قينقاع ، وكانوا من يهود المدينة ، فنقضوا عهده فحاصرهم خمسة عشر ليلةً حتى نزلوا على حكمه فشفع فيهم عبد الله بن أبي ، وألح عليه فأطلقهم له وهم قوم عبد الله بن سلامٍ ، وكانوا سبعمائة مقاتلٍ وكانوا صاغةً وتجارًا .
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في قتل كعب بن الأشرف وكان رجلًا من اليهود وأمه من بني النضير وكان شديد الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يشبب في أشعاره بنساء الصحابة فلما كانت وقعة بدرٍ ذهب إلى مكة وجعل يؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين ثم رجع الى المدينة على تلك الحال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله " فانتدب له محمد بن مسلمة وعباد بن بشر ٍ وأبو نائلة واسمه سلكان بن سلامة وهو أخو كعبٍ من الرضاع والحارث بن أوسٍ وأبو عبس بن جبر ٍ وأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا ما شاءوا من كلامٍ يخدعونه به
-
القراءة من قول المصنف: فذهبوا إليه في ليلةٍ مقمرةٍ وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد فلما انتهوا إليه قدموا سلكان بن سلامة إليه فأظهر له موافقته على الانحراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه ضيق حاله فكلمه في أن يبيعه وأصحابه طعامًا ويرهنونه سلاحهم فأجابهم إلى ذلك . ورجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم فأتوه فخرج إليهم من حصنه فتماشوا فوضعوا عليه سيوفهم ووضع محمد بن مسلمة مغولًا كان معه في ثنته فقتله وصاح عدو الله صيحةً شديدةً أفزعت من حوله . وأوقدوا النيران وجاء الوفد حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل وهو قائمٌ يصلي وجرح الحارث بن أوسٍ ببعض سيوف أصحابه فتفل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرئ فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل من وجد من اليهود لنقضهم عهده ومحاربتهم الله ورسوله
-
التعليق على قوله: فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل من وجد من اليهود لنقضهم عهده ومحاربتهم الله ورسوله
-
سؤال هل فعل سلكان مع كعب بن الأشرف من باب جواز الكذب في الحرب ؟
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ في غزوة أحدٍ ولما قتل الله أشراف قريشٍ ببدر وأصيبوا بمصيبةٍ لم يصابوا بمثلها ورأس فيهم أبو سفيان بن حربٍ لذهاب أكابرهم وجاء كما ذكرنا إلى أطراف المدينة في غزوة السويق ولم ينل ما في نفسه أخذ يؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين ويجمع الجموع فجمع قريبًا من ثلاثة آلافٍ من قريشٍ والحلفاء والأحابيش وجاءوا بنسائهم لئلا يفروا وليحاموا عنهن ثم أقبل بهم نحو المدينة . فنزل قريبًا من جبل أحدٍ بمكانٍ يقال له عينين وذلك في واستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أيخرج إليهم أم يمكث في المدينة ؟ وكان رأيه ألا يخرجوا من المدينة وأن يتحصنوا بها فإن دخلوها قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة والنساء من فوق البيوت ووافقه على هذا الرأي عبد الله بن أبي وكان هو الرأي فبادر جماعةٌ من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدرٍ وأشاروا عليه بالخروج وألحوا عليه في ذلك وأشار عبد الله بن أبي بالمقام في المدينة وتابعه على ذلك بعض الصحابة فألح أولئك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهض ودخل بيته ولبس لامته وخرج عليهم وقد انثنى عزم أولئك وقالوا : أكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج فقالوا : يا رسول الله إن أحببت أن تمكث في المدينة فافعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألفٍ من الصحابة واستعمل ابن أم مكتومٍ على الصلاة بمن بقي في المدينة وكان رسول الله رأى رؤيا وهو بالمدينة رأى أن في سيفه ثلمةً ورأى أن بقرًا تذبح وأنه أدخل يده في درعٍ حصينةٍ فتأول الثلمة في سيفه برجلٍ يصاب من أهل بيته وتأول البقر بنفرٍ من أصحابه يقتلون وتأول الدرع بالمدينة . فخرج يوم الجمعة فلما صار بالشوط بين المدينة وأحدٍ انخزل عبد الله بن أبي بنحو ثلث العسكر وقال تخالفني وتسمع من غيري فتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرامٍ والد جابر بن عبد الله يوبخهم ويحضهم على العسكر الرجوع ويقول تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا . قالوا : لو نعلم أنكم وسبهم وسأله قومٌ من الأنصار أن يستعينوا بحلفائهم من يهود فأبى وسلك حرة بني حارثة وقال من رجلٌ يخرج بنا على القوم من كثبٍ ؟ فخرج به بعض الأنصار حتى سلك في حائطٍ لبعض المنافقين وكان أعمى فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين ويقول لا أحل لك أن تدخل في حائطي إن كنت رسول الله فابتدره القوم ليقتلوه فقال لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر ونفذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحدٍ في عدوة الوادي وجعل ظهره إلى أحدٍ ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم فلما أصبح يوم السبت تعبى للقتال وهو في سبعمائةٍ فيهم خمسون فارسًا واستعمل على الرماة - وكانوا خمسين - عبد الله بن جبيرٍ وأمره وأصحابه أن يلزموا مركزهم وألا يفارقوه ولو رأى الطير تتخطف العسكر وكانوا خلف الجيش وأمرهم أن ينضحوا المشركين بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم . فظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين يومئذٍ وأعطى اللواء مصعب بن عميرٍ وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام وعلى الأخرى المنذر بن عمرٍو واستعرض الشباب يومئذٍ فرد من استصغره عن القتال وكان منهم عبد الله بن عمر وأسامة بن زيدٍ وأسيد بن ظهيرٍ والبراء بن عازبٍ وزيد بن أرقم وزيد بن ثابتٍ وعرابة بن أوسٍ وعمرو بن حزمٍ وأجاز من رآه مطيقًا وكان منهم سمرة بن جندبٍ ورافع بن خديجٍ ولهما خمس عشرة سنةً . فقيل أجاز من أجاز لبلوغه بالسن خمس عشرة سنةً ورد من رد لصغره عن سن البلوغ وقالت طائفةٌ إنما أجاز من أجاز لإطاقته ورد من رد لعدم إطاقته ولا تأثير للبلوغ وعدمه في ذلك قالوا : وفي بعض ألفاظ حديث ابن عمر فلما رآني مطيقًا أجازني
-
بيان وجوب الجهاد غي حالة النفير، والكلام على مراعاة البلوغ في الجهاد، والكلام على غزوة أحد وبيان أن المعاصي سبب في الهزيمة
-
الكلام حول ضرورة الابتلاء للمؤمنين وبيان أن المعاصي سبب في الهزيمة
-
القراءة من الحاشية حول حديث سن ابن عمر لما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم وأجازه في القتال. وتعليق الشيخ عليه
-
قراءة الطالب لبحث حول تخريج حديث:" من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه " وتعليق الشيخ على سنده.
-
سؤال إذا كان الحديث في غير الصحيحين ولكن سند الصحيحين هل يقال على شرط الصحيحين
-
سؤال منع النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو من الزيادة على أقل من الثلاث يدل على صحة حديث من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه
-
سؤال هل يقال بجواز القراءة في أقل من ثلاث ولكن الأفضل خلاف ذلك ؟
-
القراءة من قول المصنف: وتعبت قريشٌ للقتال وهم في ثلاثة آلافٍ وفيهم مائتا فارسٍ فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهلٍ ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه إلى أبي دجانة سماك بن خرشة وكان شجاعًا بطلًا يختال عند الحرب . وكان أول من بدر من المشركين أبو عامرٍ الفاسق واسمه عبد عمرو بن صيفي وكان يسمى : الراهب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق وكان رأس الأوس في الجاهلية فلما جاء الإسلام شرق به وجاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة فخرج من المدينة وذهب إلى قريشٍ يؤلبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضهم على قتاله ووعدهم بأن قومه إذا رأوه أطاعوه ومالوا معه فكان أول من لقي المسلمين فنادى قومه وتعرف إليهم فقالوا له لا أنعم الله بك عينًا يا فاسق . فقال لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتل المسلمين قتالًا شديدًا وكان شعار المسلمين يومئذٍ أمت وأبلى يومئذٍ أبو دجانة الأنصاري وطلحة بن عبيد الله وأسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالبٍ وأنس بن النضر وسعد بن الربيع . وكانت الدولة أول النهار للمسلمين على الكفار فانهزم عدو الله وولوا مدبرين حتى انتهوا إلى نسائهم فلما رأى الرماة هزيمتهم تركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه وقالوا : يا قوم الغنيمة فذكرهم أميرهم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسمعوا وظنوا أن ليس للمشركين رجعةٌ فذهبوا في طلب الغنيمة وأخلو الثغر وكر فرسان المشركين فوجدوا الثغر خاليًا قد خلا من الرماة فجازوا منه وتمكنوا حتى أقبل آخرهم فأحاطوا بالمسلمين فأكرم الله من أكرم منهم بالشهادة وهم سبعون وتولى الصحابة وخلص المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرحوا وجهه وكسروا رباعيته اليمنى وكادت السفلى وهشموا البيضة على رأسه ورموه بالحجارة حتى وقع لشقه وسقط في حفرةٍ من الحفر التي كان أبو عامرٍ الفاسق يكيد بها المسلمين فأخذ علي بيده واحتضنه طلحة بن عبيد الله وكان الذي تولى أذاه صلى الله عليه وسلم عمرو بن قمئة وعتبة بن أبي وقاصٍ وقيل إن عبد الله بن شهابٍ الزهري عم محمد بن مسلم بن شهابٍ الزهري هو الذي شجه
-
تعليق الشيخ حول ابتلاء الله لعباده الصالحين وفائدته والكلام على عصيان الرماة لأمر رسول الله عليه الصلاة والسلام
-
سؤال هل من السنة في القتال أن يكون للمسلمين شعار يتعارفون به.
-
القراءة من قول المصنف: وقتل مصعب بن عميرٍ بين يديه فدفع اللواء إلى علي بن أبي طالبٍ ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه فانتزعهما أبو عبيدة بن الجراح وعض عليهما حتى سقطت ثنيتاه من شدة غوصهما في وجهه وامتص مالك بن سنانٍ والد أبي سعيدٍ الخدري الدم من وجنته وأدركه المشركون يريدون ما الله حائلٌ بينهم وبينه فحال دونه نفرٌ من المسلمين نحو عشرةٍ حتى قتلوا ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه وترس أبو دجانة عليه بظهره والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك وأصيبت يومئذٍ عين قتادة بن النعمان فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فردها عليه بيده وكانت أصح عينيه وأحسنهما
-
القراءة من قول المصنف: وصرخ الشيطان بأعلى صوته إن محمدًا قد قتل ووقع ذلك في قلوب كثيرٍ من المسلمين وفر أكثرهم وكان أمر الله قدرًا مقدورًا. ومر أنس بن النضر بقومٍ من المسلمين قد ألقوا بأيديهم فقال ما تنتظرون ؟ فقالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما تصنعون في الحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل الناس ولقي سعد بن معاذٍ فقال يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحدٍ فقاتل حتى قتل ووجد به سبعون ضربةً وجرح يومئذٍ عبد الرحمن بن عوفٍ نحوًا من عشرين جراحةً
-
التعليق على قوله: ووجد به سبعون ضربةً وجرح يومئذٍ عبد الرحمن بن عوفٍ نحوًا من عشرين جراحةً
-
القراءة من قول المصنف: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المسلمين وكان أول من عرفه تحت المغفر كعب بن مالكٍ فصاح بأعلى صوته يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه أن اسكت واجتمع إليه المسلمون ونهضوا معه إلى الشعب الذي نزل فيه وفيهم أبو بكرٍ وعمر وعلي والحارث بن الصمة الأنصاري وغيرهم فلما استندوا إلى الجبل أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن خلفٍ على جوادٍ له يقال له العوذ زعم عدو الله أنه يقتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما اقترب منه تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة فطعنه بها فجاءت في ترقوته فكر عدو الله منهزمًا فقال له المشركون والله ما بك من بأسٍ فقال والله لو كان ما بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون وكان يعلف فرسه بمكة ويقول أقتل عليه محمدًا فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل أنا أقتله إن شاء الله تعالى فلما طعنه تذكر عدو الله قوله أنا قاتله فأيقن بأنه مقتولٌ من ذلك الجرح فمات منه في طريقه بسرفٍ مرجعه إلى مكة . وجاء علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماءٍ ليشرب منه فوجده آجنًا فرده وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه . فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلو صخرةً هنالك فلم يستطع لما به فجلس طلحة تحته حتى صعدها وحانت الصلاة فصلى بهم جالسًا وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم تحت لواء الأنصار . وشد حنظلة الغسيل وهو حنظلة بن أبي عامرٍ على أبي سفيان فلما تمكن منه حمل على حنظلة شداد بن الأسود فقتله وكان جنبًا فإنه سمع الصيحة وهو على امرأته فقام من فوره إلى الجهاد فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن الملائكة تغسله ثم قال سلوا أهله ؟ ما شأنه ؟ فسألوا امرأته فأخبرتهم الخبر. وجعل الفقهاء هذا حجةً أن الشهيد إذا قتل جنبًا يغسل اقتداءً بالملائكة
-
سؤال حول قوله: وجعل الفقهاء هذا حجةً أن الشهيد إذا قتل جنبًا يغسل اقتداءً بالملائكة
-
سؤال هل إقرار النبي صلى الله عليه وسلم بفعل الملائكة مع حنظلة يكون حجة
-
القراءة من قول المصنف: وقتل المسلمون حامل لواء المشركين فرفعته لهم عمرة بنت علقمة الحارثيه حتى اجتمعوا إليه وقاتلت أم عمارة وهي نسيبة بنت كعبٍ المازنية قتالًا شديدًا وضربت عمرو بن قمئة بالسيف ضرباتٍ فوقته درعان كانتا عليه وضربها عمرو بالسيف فجرحها جرحًا شديدًا على عاتقها . وكان عمرو بن ثابتٍ المعروف بالأصيرم من بني عبد الأشهل يأبى الإسلام فلما كان يوم أحد قذف الله الإسلام في قلبه للحسنى التي سبقت له منه فأسلم وأخذ سيفه ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم فقاتل فأثبت بالجراح ولم يعلم أحدٌ بأمره فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل في القتلى يلتمسون قتلاهم فوجدوا الأصيرم وبه رمقٌ يسير فقالوا : والله إن هذا الأصيرم ما جاء به لقد تركناه وإنه لمنكرٌ لهذا الأمر ثم سألوه ما الذي جاء بك ؟ أحدبٌ على قومك أم رغبةٌ في الإسلام ؟ فقال بل رغبةٌ في الإسلام آمنت بالله ورسوله ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ما ترون ومات من وقته فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو من أهل الجنة قال أبو هريرة : ولم يصل لله صلاةً قط
-
القراءة من قول المصنف: ولما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان على الجبل فنادى : أفيكم محمدٌ ؟ فلم يجيبوه فقال أفيكم ابن أبي قحافة ؟ فلم يجيبوه . فقال أفيكم عمر بن الخطاب ؟ فلم يجيبوه ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة لعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهم فقال أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه أن قال يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياءٌ وقد أبقى الله لك ما يسوءك فقال قد كان في القوم مثلةٌ لم آمر بها ولم تسؤني ثم قال اعل هبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم ألا تجيبونه ؟ فقالوا : ما نقول ؟ قال قولوا : الله أعلى وأجل
-
القراءة من قول المصنف: ثم قال لنا العزى ولا عزى لكم . قال ألا تجيبونه ؟ قالوا : ما نقول ؟ قال قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم فأمرهم بجوابه عند افتخاره بآلهته وبشركه تعظيمًا للتوحيد وإعلامًا بعزة من عبده المسلمون وقوة جانبه وأنه لا يغلب ونحن حزبه وجنده ولم يأمرهم بإجابته حين قال أفيكم محمدٌ ؟ أفيكم ابن أبي قحافة ؟ أفيكم عمر ؟ بل قد روي أنه نهاهم عن إجابته وقال لا تجيبوه لأن كلمهم لم يكن برد بعد في طلب القوم ونار غيظهم بعد متوقدةٌ فلما قال لأصحابه أما هؤلاء فقد كفيتموهم حمي عمر بن الخطاب واشتد غضبه وقال كذبت يا عدو الله فكان في هذا الإعلام من الإذلال والشجاعة وعدم الجبن والتعرف إلى العدو في تلك الحال ما يؤذنهم بقوة القوم وبسالتهم وأنهم لم يهنوا ولم يضعفوا وأنه وقومه جديرون بعدم الخوف منهم وقد أبقى الله لهم ما يسوءهم منهم وكان في الإعلام ببقاء هؤلاء الثلاثة وهلةٌ بعد ظنه وظن قومه أنهم قد أصيبوا من المصلحة وغيظ العدو وحزبه والفت في عضده ما ليس في جوابه حين سأل عنهم واحدًا واحدًا فكان سؤاله عنهم ونعيهم لقومه آخر سهام العدو وكيده فصبر له النبي صلى الله عليه وسلم حتى استوفى كيده ثم انتدب له عمر فرد سهام كيده عليه وكان ترك الجواب أولًا عليه أحسن وذكره ثانيًا أحسن وأيضًا فإن في ترك إجابته حين سأل عنهم إهانةً له وتصغيرًا لشأنه فلما منته نفسه موتهم وظن أنهم قد قتلوا وحصل له بذلك من الكبر والأشر ما حصل كان في جوابه إهانةٌ له وتحقيرٌ وإذلالٌ ولم يكن هذا مخالفًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تجيبوه فإنه إنما نهى عن إجابته حين سأل أفيكم محمد ؟ أفيكم فلانٌ ؟ أفيكم فلانٌ ؟ ولم ينه عن إجابته حين قال أما هؤلاء فقد قتلوا وبكل حالٍ فلا أحسن من ترك إجابته أولًا ولا أحسن من إجابته ثانيًا .
-
سؤال ما معنى قوله: حمي عمر بن الخطاب واشتد غضبه وقال كذبت يا عدو الله فكان في هذا الإعلام من الإذلال والشجاعة وعدم الجبن والتعرف إلى العدو في تلك الحال ما يؤذنهم بقوة القوم
-
القراءة من قول المصنف: ثم قال أبو سفيان يومٌ بيوم بدرٍ والحرب سجالٌ فأجابه عمر فقال لا سواءٌ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار وقال ابن عباسٍ : ما نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في موطنٍ نصره يوم أحدٍ فأنكر ذلك عليه فقال بيني وبين من ينكر كتاب الله إن الله يقول { ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه } قال ابن عباسٍ : والحس القتل ولقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب المشركين سبعةٌ أو تسعة وذكر الحديث . وأنزل الله عليهم النعاس أمنةً منه في غزاة بدرٍ وأحد ٍ والنعاس في الحرب وعند الخوف دليلٌ على الأمن وهو من الله وفي الصلاة ومجالس الذكر والعلم من الشيطان . وقاتلت الملائكة يوم أحدٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
-
التعليق على قوله: وقاتلت الملائكة يوم أحدٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان أن النصر بيد الله وحده
-
سؤال ما فائدة تسكيت النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن مالك في غزوة أحد
-
القراءة من قول المصنف: ففي " الصحيحين " : عن سعد بن أبي وقاصٍ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ ومعه رجلان يقاتلان عنه عليهما ثيابٌ بيضٌ كأشد القتال ما رأيتهما قبل ولا بعد وفي " صحيح مسلمٍ " : أنه صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحدٍ في سبعةٍ من الأنصار ورجلين من قريشٍ فلما رهقوه قال من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجلٌ من الأنصار فقاتل حتى قتل ثم رهقوه فقال من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجلٌ من الأنصار فقاتل حتى قتل فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنصفنا أصحابنا وهذا يروى على وجهين بسكون ووجه النصب أن الأنصار لما خرجوا للقتال واحدًا بعد واحدٍ حتى قتلوا ولم يخرج القرشيان قال ذلك أي ما أنصفت قريشٌ الأنصار . ووجه الرفع أن يكون المراد بالأصحاب الذين فروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفرد في النفر القليل فقتلوا واحدًا بعد واحدٍ فلم ينصفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ثبت معه . وفي " صحيح ابن حبان " عن عائشة قالت قال أبو بكرٍ الصديق : لما كان يوم أحدٍ انصرف الناس كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أول من فاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت بين يديه رجلًا يقاتل عنه ويحميه قلت كن طلحة فداك أبي وأمي كن طلحة فداك أبي وأمي . فلم أنشب أن أدركني أبو عبيدة بن الجراح وإذا هو يشتد كأنه طيرٌ حتى لحقني فدفعنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طلحة بين يديه صريعًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم دونكم أخاكم فقد أوجب وقد رمي النبي صلى الله عليه وسلم في جبينه وروي في وجنته حتى غابت حلقةٌ من حلق المغفر في وجنته فذهبت لأنزعها عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكرٍ إلا تركتني ؟ قال فأخذ أبو عبيدة السهم بفيه فجعل ينضنضه كراهة أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استل السهم بفيه فندرت ثنية أبي عبيدة قال أبو بكرٍ ثم ذهبت لآخذ الآخر فقال أبو عبيدة نشدتك بالله يا أبا بكرٍ إلا تركتني ؟ قال فأخذه فجعل ينضنضه حتى استله فندرت ثنية أبي عبيدة الأخرى ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دونكم أخاكم فقد أوجب قال فأقبلنا على طلحة نعالجه وقد أصابته بضعة عشر ضربةً
-
القراءة من قول المصنف: وفي " مغازي الأموي " : أن المشركين صعدوا على الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعدٍ " اجنبهم " يقول ارددهم . فقال كيف أجنبهم وحدي ؟ فقال ذلك ثلاثًا فأخذ سعدٌ سهمًا من كنانته فرمى به رجلًا فقتله قال ثم أخذت سهمي أعرفه فرميت به آخر فقتلته ثم أخذته أعرفه فرميت به آخر فقتلته فهبطوا من مكانهم فقلت هذا سهمٌ مباركٌ فجعلته في كنانتي فكان عند سعدٍ حتى مات ثم كان عند بنيه . صلى الله عليه وسلم وفي " الصحيحين " عن أبي حازمٍ أنه سئل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان يسكب الماء وبما دووي كانت فاطمة ابنته تغسله وعلي بن أبي طالبٍ يسكب الماء بالمجن فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرةً أخذت قطعةً من حصيرٍ فأحرقتها فألصقتها فاستمسك الدم وفي " الصحيح " : أنه كسرت رباعيته وشج في رأسه فجعل يسلت الدم عنه ويقول كيف يفلح قومٌ شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم فأنزل الله عز وجل { ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون } ولما انهزم الناس لم ينهزم أنس بن النضر . وقال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني المسلمين وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذٍ فقال أين يا أبا عمر ؟ فقال أنسٌ واها لريح الجنة يا سعد إني أجده دون أحدٍ ثم مضى فقاتل القوم حتى قتل فما عرف حتى عرفته أخته ببنانه وبه بضعٌ وثمانون ما بين طعنةٍ برمحٍ وضربةٍ بسيفٍ ورميةٍ بسهمٍ وانهزم المشركون أول النهار كما تقدم فصرخ فيهم إبليس أي عباد الله أخزاكم الله فارجعوا من الهزيمة فاجتلدوا . ونظر حذيفة إلى أبيه والمسلمون يريدون قتله وهم يظنونه من المشركين فقال أي عباد الله أبي فلم يفهموا قوله حتى قتلوه فقال يغفر الله لكم فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فقال قد تصدقت بديته على المسلمين فزاد ذلك حذيفة خيرًا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال زيد بن ثابتٍ : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ أطلب سعد بن الربيع فقال لي : إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تجدك ؟ قال فجعلت أطوف بين القتلى فأتيته وهو بآخر رمقٍ وفيه سبعون ضربةً ما بين طعنةٍ برمحٍ وضربةٍ بسيفٍ ورميةٍ بسهمٍ فقلت : يا سعد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك : أخبرني كيف تجدك ؟ فقال وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة وقل لقومي الأنصار : لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عينٌ تطرف وفاضت نفسه من وقته ومر رجلٌ من المهاجرين برجلٍ من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال يا فلان أشعرت أن محمدًا قد قتل ؟ فقال الأنصاري إن كان محمدٌ قد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم فنزل { وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل } الآية وقال عبد الله بن عمرٍو بن حرامٍ : رأيت في النوم قبل أحدٍ مبشر بن عبد المنذر يقول لي : أنت قادمٌ علينا في أيامٍ فقلت وأين أنت ؟ فقال في الجنة نسرح فيها كيف نشاء . قلت له ألم تقتل يوم بدرٍ ؟ قال بلى ثم أحييت فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذه الشهادة يا أبا جابرٍ وقال خيثمة أبو سعدٍ وكان ابنه استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بدرٍ :
-
القراءة من قول المصنف: وقال خيثمة أبو سعدٍ وكان ابنه استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بدرٍ : لقد أخطأتني وقعة بدرٍ وكنت والله عليها حريصًا حتى ساهمت ابني في الخروج فخرج سهمه فرزق الشهادة وقد رأيت البارحة ابني في النوم في أحسن صورةٍ يسرح في ثمار الجنة وأنهارها ويقول الحق بنا ترافقنا في الجنة فقد وجدت ما وعدني ربي حقا وقد والله يا رسول الله أصبحت مشتاقًا إلى مرافقته في الجنة وقد كبرت سني ورق عظمي وأحببت لقاء ربي فادع الله يا رسول الله أن يرزقني الشهادة ومرافقة سعدٍ في الجنة فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقتل بأحدٍ شهيدًا وقال عبد الله بن جحشٍ في ذلك اليوم اللهم إني أقسم عليك أن ألقى العدو غدًا فيقتلوني ثم يبقروا بطني ويجدعوا أنفي وأذني ثم تسألني : فيم ذلك فأقول فيك
-
القراءة من قول المصنف: وكان عمرو بن الجموح أعرج شديد العرج وكان له أربعة بنين شبابٌ يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا فلما توجه إلى أحدٍ أراد أن يتوجه معه فقال له بنوه إن الله قد جعل لك رخصةً فلو قعدت ونحن نكفيك وقد وضع الله عنك الجهاد . فأتى عمرو بن الجموح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن بني هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك ووالله إني لأرجو أن أستشهد فأطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد وقال لبنيه وما ليكم أن تدعوه لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحدٍ شهيدًا . وانتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجالٍ من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم ؟ فقالوا : قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فما تصنعون بالحياة بعده ؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل وأقبل أبي بن خلفٍ عدو الله وهو مقنعٌ في الحديد يقول لا نجوت إن نجا محمدٌ وكان حلف بمكة أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبله مصعب بن عميرٍ
-
القراءة من قول المصنف: فقتل مصعبٌ وأبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أبي بن خلفٍ من فرجةٍ بين سابغة الدرع والبيضة فطعنه بحربته فوقع عن فرسه فاحتمله أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا : ما أجزعك ؟ إنما هو خدشٌ فذكر لهم قول النبي صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتله إن شاء الله تعالى فمات برابغٍ
-
القراءة من قول المصنف: قال ابن عمر : إني لأسير ببطن رابغٍ بعد هوي من الليل إذا نارٌ تأجج لي فيممتها وإذا رجلٌ يخرج منها في سلسلةٍ يجتذبها يصيح العطش وإذا رجلٌ يقول لا تسقه هذا قتيل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبي بن خلف وقال نافع بن جبيرٍ : سمعت رجلًا من المهاجرين يقول شهدت أحدًا فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحيةٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطها كل ذلك يصرف عنه ولقد رأيت عبد الله بن شهابٍ الزهري يقول يومئذٍ دلوني على محمدٍ لا نجوت إن نجا ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ما معه أحدٌ ثم جاوزه فعاتبه في ذلك صفوان فقال والله ما رأيته أحلف بالله إنه منا ممنوعٌ فخرجنا أربعةً فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله فلم نخلص إلى ذلك .
-
القراءة من قول المصنف: ولما مص مالكٌ أبو أبي سعيدٍ الخدري جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنقاه قال له مجه " قال والله لا أمجه أبدًا ثم أدبر . فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينظر إلى رجلٍ من أهل الجنة فلينظر إلى هذا
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث مص مالك أبي سعيد جرح النبي صلى الله عليه وسلم
-
القراءة من قول المصنف: قال الزهري وعاصم بن عمر ومحمد بن يحيى بن حبان وغيرهم كان يوم أحدٍ يوم بلاءٍ وتمحيصٍ اختبر الله عز وجل به المؤمنين وأظهر به المنافقين ممن كان يظهر الإسلام بلسانه وهو مستخفٍ بالكفر
-
بيان أن الله يبتلي عباده الأخيار بالأشرار وتكون العاقبة للأخيار
-
القراءة من قول المصنف: فأكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته فكان مما نزل من القرآن في يوم أحدٍ ستون آيةً من آل عمران أولها : { وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال } إلى آخر القصة
-
القراءة من قول المصنف: فصلٌ فيما اشتملت عليه هذه الغزاة من الأحكام والفقه منها : أن الجهاد يلزم بالشروع فيه حتى إن من لبس لامته وشرع في أسبابه وتأهب للخروج ليس له أن يرجع عن الخروج حتى يقاتل عدوه
-
سؤال هل من لبس لامته وشرع في أسبابه وتأهب للخروج ليس له أن يرجع عن الخروج حتى يقاتل عدوه خاص بالأنبياء أم هو عام ؟
-
سؤال بعض المهاجرين والأنصار ورد عنهم أنهم لبسوا ثياب الحرب ثم جلسوا فما رأيكم ؟
-
ما رأيكم في جلوس بعض الصحابة في المعركة لما سمعوا بأن رسول الله قتل
-
سؤال الرجل إذا واعد والديه إن ذهب للجهاد للإعداد فقط لكنه لما وصل للجهاد حضر الصف فهل يقاتل أم لا
-
سؤال من فجر نفسه في الجهاد هل يعتبر شهيدا أم لا وليس له أن يدافع عن نفسه إلا بهذه الطريقة
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أنه لا يجب على المسلمين إذا طرقهم عدوهم في ديارهم الخروج إليه بل يجوز لهم أن يلزموا ديارهم ويقاتلوهم فيها إذا كان ذلك أنصر لهم على عدوهم كما أشار به رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم يوم أحد ٍ . ومنها : جواز سلوك الإمام بالعسكر في بعض أملاك رعيته إذا صادف ذلك طريقه وإن لم يرض المالك . ومنها : أنه لا يأذن لمن لا يطيق القتال من الصبيان غير البالغين بل يردهم إذا خرجوا كما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر ومن معه . ومنها : جواز الغزو بالنساء والاستعانة بهن في الجهاد . ومنها : جواز الانغماس في العدو كما انغمس أنس بن النضر وغيره . ومنها : أن الإمام إذا أصابته جراحةٌ صلى بهم قاعدًا وصلوا وراءه قعودًا صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة واستمرت على ذلك سنته إلى حين وفاته
-
سؤال: إذا صلى الإمام قاعدا فهل يصلي المأموم خلفه قاعدا أيضا ؟
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : جواز دعاء الرجل أن يقتل في سبيل الله وتمنيه ذلك وليس هذا من تمني الموت المنهي عنه كما قال عبد الله بن جحشٍ : اللهم لقني من المشركين رجلًا عظيمًا كفره شديدًا حرده فأقاتله فيقتلني فيك ويسلبني ثم يجدع أنفي وأذني فإذا لقيتك فقلت يا عبد الله بن جحشٍ فيم جدعت ؟ قلت : فيك يا رب
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث استشهاد عبد الله بن جحش وتعليق الشيخ عليه
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن المسلم إذا قتل نفسه فهو من أهل النار لقوله صلى الله عليه وسلم في قزمان الذي أبلى يوم أحدٍ بلاءً شديدًا فلما اشتدت به الجراح نحر نفسه فقال صلى الله عليه وسلم هو من أهل النار
-
سؤال هل شهادة النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قتل نفسه كانت لقتله نفسه أو لأجل قتاله كانت حمية لقومه لا في سبيل الله
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن السنة في الشهيد أنه لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يكفن في ومنها : أنه إذا كان جنبًا غسل كما غسلت الملائكة حنظلة بن أبي عامرٍ ومنها : أن السنة في الشهداء أن يدفنوا في مصارعهم ولا ينقلوا إلى مكانٍ آخر فإن قومًا من الصحابة نقلوا قتلاهم إلى المدينة فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر برد القتلى إلى مصارعهم قال جابرٌ بينا أنا في النظارة إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عادلتهما على ناضحٍ فدخلت بهما المدينة لندفنهما في مقابرنا وجاء رجلٌ ينادي : ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت قال فرجعنا بهما فدفناهما في القتلى حيث قتلا
-
بيان أن الراجح في الشهداء أنهم يدفنون في مصارعهم ولا يغسلوا ولا يصلى عليهم
-
القراءة من قول المصنف: فبينا أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ جاءني رجلٌ فقال يا جابر والله لقد أثار أباك عمال معاوية فبدا فخرج طائفةٌ منه قال فأتيته فوجدته على النحو الذي تركته لم يتغير منه شيءٌ . قال فواريته فصارت سنةً في الشهداء أن يدفنوا في مصارعهم
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : جواز دفن الرجلين أو الثلاثة في القبر الواحد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر ويقول أيهم أكثر أخذًا للقرآن فإذا أشاروا إلى رجلٍ قدمه في اللحد ودفن عبد الله بن عمرو بن حرام ٍ وعمرو بن الجموح في قبرٍ واحدٍ لما كان بينهما من المحبة فقال ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبرٍ واحدٍ
-
القراءة من الحاشية حول تخريج حديث دفن عمرو بن الجموح وعبد الله بن حرام في قبر واحد
-
تتمة القراءة من الحاشية حول تخريج حديث دفن عمرو بن الجموح وعبد الله بن حرام في قبر واحد
-
سؤال هل دفن عبد الله بن حرام وصديقه عمرو بن الجموح في قبر واحد خاص بهما أو هو عام وهل يشترط المحبة في الاشتراك في الدفن في قبر واحد؟
-
سؤال هل قول المصنف أن من المسلم إذا قتل نفسه فهو من أهل النار على إطلاقه ؟
-
قراءة الطالب لبحث حول تخريج حديث:" أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي أو قتل نبيا وتعليق الشيخ عليه.
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : جواز دفن الرجلين أو الثلاثة في القبر الواحد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر ويقول أيهم أكثر أخذًا للقرآن فإذا أشاروا إلى رجلٍ قدمه في اللحد
-
بيان أن دفن الاثنين والثلاث في قبر واحد يجوز عند كثرة الموتى سواء في القتال أو المرض
-
سؤال هل يشترط في دفن الاثنين والثلاث في قبر واحد أن يكون الرجال مع الرجال والنساء مع النساء
-
سؤال هل ثبت أن جابر بن عبد الله نبش قبر والده ونقله إلى محل آخر
-
القراءة من قول المصنف: ودفن عبد الله بن عمرو بن حرام ٍ وعمرو بن الجموح في قبرٍ واحدٍ لما كان بينهما من المحبة فقال ادفنوا هذين المتحابين في الدنيا في قبرٍ واحدٍ ثم حفر عنهما بعد زمنٍ طويلٍ ويد عبد الله بن عمرو بن حرامٍ على جرحه كما وضعها حين جرح فأميطت يده عن جرحه فانبعث الدم فردت إلى مكانها فسكن الدم . وقال جابرٌ رأيت أبي في حفرته حين حفر عليه كأنه نائمٌ وما تغير من حاله قليلٌ ولا كثيرٌ . وقيل له أفرأيت أكفانه ؟ فقال إنما دفن في نمرةٍ خمر وجهه وعلى رجليه الحرمل فوجدنا النمرة كما هي والحرمل على رجليه على هيئته وبين ذلك ست وأربعون سنة وقد اختلف الفقهاء في أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفن شهداء أحدٍ في ثيابهم هل هو على وجه الاستحباب والأولويه أو على وجه الوجوب ؟ على قولين الثاني : أظهرهما وهو المعروف عن أبي حنيفة والأول هو المعروف عن أصحاب الشافعي وأحمد
-
بيان أن الأصل في الأمر يحمل على الوجوب وبيان أن الشهداء يدفنون في ثيابهم ولا يغسلون ولا يصلى عليهم وهذه سنة فعلية وقولية.
-
القراءة من قول المصنف: فإن قيل فقد روى يعقوب بن شيبة وغيره بإسنادٍ جيدٍ أن صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن فيهما حمزة فكفنه في أحدهما وكفن في الآخر رجلًا آخر . قيل حمزة كان الكفار قد سلبوه ومثلوا به وبقروا عن بطنه واستخرجوا كبده فلذلك كفن في كفنٍ آخر . وهذا القول في الضعف نظير قول من قال يغسل الشهيد وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع .
-
تعليق على قوله: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع.
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن شهيد المعركة لا يصلى عليه لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على شهداء أحدٍ ولم يعرف عنه أنه صلى على أحدٍ ممن استشهد معه في مغازيه وكذلك خلفاؤه الراشدون ونوابهم من بعدهم . فإن قيل فقد ثبت في " الصحيحين " من حديث عقبة بن عامرٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يومًا فصلى على أهل أحدٍ صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر وقال ابن عباسٍ : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحدٍ قيل أما صلاته عليهم فكانت بعد ثمان سنين من قتلهم قرب موته كالمودع لهم ويشبه هذا خروجه إلى البقيع قبل موته يستغفر لهم كالمودع للأحياء والأموات فهذه كانت توديعًا منه لهم لا أنها سنة الصلاة على الميت ولو كان ذلك كذلك لم يؤخرها ثمان سنين لا سيما عند من يصلى على القبر أو يصلى عليه إلى شهرٍ
-
سؤال هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة بن عبد المطلب ؟
-
سؤال اختيار ابن القيم في تهذيب السنن بالتخيير بين الصلاة عليهم أو عدم الصلاة فما رأيكم ؟
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن من عذره الله في التخلف عن الجهاد لمرضٍ أو عرجٍ يجوز له الخروج إليه وإن لم يجب عليه كما خرج عمرو بن الجموح وهو أعرج
-
القراءة من الحاشية حول قول المصنف: ومنها أن السنة في الشهيد أنه لا يغسل ولا يصلى عليه.
-
سؤال ما رأيكم في حديث الأعرابي أنه أخرج من المعركة فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ؟
-
سؤال أليس العادة أن الرجل إذا دخل المعركة فقتل مات في الحال ؟
-
تتمة القراءة من الحاشية حول قول المصنف: ومنها أن السنة في الشهيد أنه لا يغسل ولا يصلى عليه.
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن المسلمين إذا قتلوا واحدًا منهم في الجهاد يظنونه كافرًا فعلى الإمام ديته من بيت المال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يدي اليمان أبا حذيفة فامتنع حذيفة من أخذ الدية وتصدق بها على المسلمين
-
القراءة من قول المصنف:فصلٌ في ذكر بعض الحكم والغايات المحمودة التي كانت في وقعة أحدٍ وقد أشار الله - سبحانه وتعالى - إلى أمهاتها وأصولها في سورة ( آل عمران حيث افتتح القصة بقوله { وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال } إلى تمام ستين آيةً . فمنها : تعريفهم سوء عاقبة المعصية والفشل والتنازع وأن الذي أصابهم إنما هو بشؤم ذلك كما قال تعالى : { ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم } فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم وفشلهم كانوا بعد ذلك أشد حذرًا ويقظةً وتحرزًا من أسباب الخذلان .
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن حكمة الله وسنته في رسله وأتباعهم جرت بأن يدالوا مرةً ويدال عليهم أخرى لكن تكون لهم العاقبة
-
بيان حكمة الله في نصرة العباد على الكفار أحيانا وهزيمتهم أمام الكفار أحيانا، والكلام على عصيان الرماة لقائدهم (26:13) - القراءة من قول المصنف: فإنهم لو انتصروا دائمًا دخل معهم المؤمنون وغيرهم ولم يتميز الصادق من غيره ولو انتصر عليهم دائمًا لم يحصل المقصود من البعثة والرسالة فاقتضت حكمة الله أن جمع لهم بين الأمرين ليتميز من يتبعهم ويطيعهم للحق وما جاءوا به ممن يتبعهم على الظهور والغلبة خاصةً.
-
بيان أن الله يبتلي المؤمن بالكافر والكافر بالمؤمن وان العاقبة للمؤمن والحكمة من ذلك
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن هذا من أعلام الرسل كما قال هرقل لأبي سفيان هل قاتلتموه ؟ قال نعم قال كيف الحرب بينكم وبينه ؟ قال سجالٌ يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى قال كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة
-
تعليق الشيخ على سؤال هرقل لأبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدرٍ وطار لهم الصيت دخل معهم في الإسلام ظاهرًا من ليس معهم فيه باطنًا فاقتضت حكمة الله عز وجل أن سبب لعباده محنةً ميزت بين المؤمن والمنافق فأطلع المنافقون رءوسهم في هذه الغزوة وتكلموا بما كانوا يكتمونه وظهرت مخبآتهم وعاد تلويحهم تصريحًا وانقسم الناس إلى كافرٍ ومؤمنٍ ومنافقٍ انقسامًا ظاهرًا وعرف المؤمنون أن لهم عدوا في نفس دورهم وهم معهم لا يفارقونهم فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم . قال الله تعالى : { ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } أي ما كان الله ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين حتى يميز أهل الإيمان من أهل النفاق كما ميزهم بالمحنة يوم أحدٍ { وما كان الله ليطلعكم على الغيب } الذي يميز به بين هؤلاء وهؤلاء فإنهم متميزون في غيبه وعلمه وهو سبحانه يريد أن يميزهم تمييزًا مشهودًا فيقع معلومه الذي هو غيبٌ شهادةً . وقوله { ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء } استدراكٌ لما نفاه من اطلاع خلقه على الغيب سوى الرسل فإنه يطلعهم على ما يشاء من غيبه كما قال { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسولٍ } فحظكم أنتم وسعادتكم في الإيمان بالغيب الذي يطلع عليه
-
القراءة من قول المصنف:ومنها : استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء وفيما يحبون وما يكرهون وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم
-
شدة محنة الأنبياء معنى حديث:" رأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد "
-
القراءة من قول المصنف: فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون فهم عبيده حقا وليسوا كمن يعبد الله على حرفٍ واحدٍ من السراء والنعمة والعافية . ومنها : أنه سبحانه لو نصرهم دائمًا وأظفرهم بعدوهم في كل موطنٍ وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبدًا لطغت نفوسهم وشمخت وارتفعت فلو بسط لهم النصر والظفر لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء والقبض والبسط فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته إنه بهم خبيرٌ بصيرٌ .
-
القراءة من قول المصنف: فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء والقبض والبسط فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته إنه بهم خبيرٌ بصيرٌ .
-
سؤال ما الحكمة من إدالة الله المؤمنين على الكافرين مرة والكافرين على المؤمنين مرة
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أنه إذا امتحنهم بالغلبة والكسرة والهزيمة ذلوا وانكسروا وخضعوا فاستوجبوا منه العز والنصر فإن خلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذل والانكسار قال تعالى : { ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلةٌ } وقال { ويوم حنينٍ إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا } فهو - سبحانه - إذا أراد أن يعز عبده ويجبره وينصره كسره أولًا ويكون جبره له ونصره على مقدار ذله وانكساره .
-
الواجب على المؤمن الخضوع والذلة والانكسار بين يدي الله والحذر من الكبر والبطر والفخر وبيان فائدته.
-
القراءة من قول المصنف: ومنها : أنه سبحانه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لم تبلغها أعمالهم ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها . ومنها : أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغيانًا وركونًا إلى العاجلة وذلك مرضٌ يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواءً لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقي العليل الدواء الكريه ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ولو تركه لغلبته الأدواء حتى يكون فيها هلاكه . ومنها : أن الشهادة عنده من أعلى مراتب أوليائه والشهداء هم خواصه والمقربون من عباده وليس بعد درجة الصديقية إلا الشهادة وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء تراق دماؤهم في محبته ومرضاته ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسليط العدو . ومنها : أن الله سبحانه إذا أراد أن يهلك أعداءه ويمحقهم قيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها هلاكهم ومحقهم ومن أعظمها بعد كفرهم بغيهم وطغيانهم ومبالغتهم في أذى أوليائه ومحاربتهم وقتالهم والتسلط عليهم فيتمحص بذلك أولياؤه من ذنوبهم وعيوبهم ويزداد بذلك أعداؤه من أسباب محقهم وهلاكهم وقد ذكر سبحانه وتعالى ذلك في قوله { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرحٌ فقد مس القوم قرحٌ مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين فجمع لهم في هذا الخطاب بين تشجيعهم وتقوية نفوسهم وإحياء عزائمهم وهممهم وبين حسن التسلية وذكر الحكم الباهرة التي اقتضت إدالة الكفار عليهم فقال { إن يمسسكم قرحٌ فقد مس القوم قرحٌ مثله } فقد استويتم في القرح والألم وتباينتم في الرجاء والثواب كما قال { إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون } فما بالكم تهنون وتضعفون عند القرح والألم فقد أصابهم ذلك في سبيل الشيطان وأنتم أصبتم في سبيلي وابتغاء مرضاتي . ثم أخبر أنه يداول أيام هذه الحياة الدنيا بين الناس وأنها عرضٌ حاضرٌ ثم ذكر حكمةً أخرى وهي أن يتميز المؤمنون من المنافقين فيعلمهم علم رؤيةٍ ومشاهدةٍ بعد أن كانوا معلومين في غيبه وذلك العلم الغيبي لا يترتب عليه ثوابٌ ولا عقابٌ وإنما يترتب الثواب والعقاب على المعلوم إذا صار مشاهدًا واقعًا في الحس . ثم ذكر حكمةً أخرى وهي اتخاذه سبحانه منهم شهداء فإنه يحب الشهداء من عباده وقد أعد لهم أعلى المنازل وأفضلها وقد اتخذهم لنفسه فلا بد أن ينيلهم درجة الشهادة . وقوله { والله لا يحب الظالمين } تنبيهٌ لطيف الموقع جدا على كراهته وبغضه للمنافقين الذين انخذلوا عن نبيه يوم أحدٍ فلم يشهدوه ولم يتخذ منهم شهداء لأنه لم يحبهم فأركسهم وردهم ليحرمهم ما خص به المؤمنين في ذلك اليوم وما أعطاه من استشهد منهم فثبط هؤلاء الظالمين عن الأسباب التي وفق لها أولياءه وحزبه . ثم ذكر حكمةً أخرى فيما أصابهم ذلك اليوم وهو تمحيص الذين آمنوا وهو تنقيتهم وتخليصهم من الذنوب ومن آفات النفوس وأيضًا فإنه خلصهم ومحصهم من المنافقين فتميزوا منهم فحصل لهم تمحيصان تمحيصٌ من نفوسهم وتمحيصٌ ممن كان يظهر أنه منهم وهو عدوهم .
-
القراءة من قول المصنف: ثم ذكر حكمةً أخرى وهي محق الكافرين بطغيانهم وبغيهم وعدوانهم ثم أنكر عليهم حسبانهم وظنهم أن يدخلوا الجنة بدون الجهاد في سبيله والصبر على أذى أعدائه وإن هذا ممتنعٌ بحيث ينكر على من ظنه وحسبه . فقال { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين } أي ولما يقع ذلك منكم فيعلمه فإنه لو وقع لعلمه فجازاكم عليه بالجنة فيكون الجزاء على الواقع المعلوم لا على مجرد العلم فإن الله لا يجزي العبد على مجرد علمه فيه دون أن يقع معلومه ثم وبخهم على هزيمتهم من أمرٍ كانوا يتمنونه ويودون لقاءه فقال { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون }. قال ابن عباسٍ : ولما أخبرهم الله تعالى على لسان نبيه بما فعل بشهداء بدرٍ من الكرامة رغبوا في الشهادة فتمنوا قتالًا يستشهدون فيه فيلحقون إخوانهم فأراهم الله ذلك يوم أحدٍ وسببه لهم فلم يلبثوا أن انهزموا إلا من شاء الله منهم فأنزل الله تعالى : { ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون } ومنها : أن وقعة أحدٍ كانت مقدمةً وإرهاصًا بين يدي موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فثبتهم ووبخهم على انقلابهم على أعقابهم إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قتل
-
تعليق على قوله تعالى:{ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل..}
-
القراءة من قول المصنف: بل الواجب له عليهم أن يثبتوا على دينه وتوحيده ويموتوا عليه أو يقتلوا فإنهم إنما يعبدون رب محمدٍ وهو حي لا يموت فلو مات محمدٌ أو قتل لا ينبغي لهم أن يصرفهم ذلك عن دينه وما جاء به فكل نفسٍ ذائقة الموت وما بعث محمدٌ صلى الله عليه وسلم ليخلد لا هو ولا هم بل ليموتوا على الإسلام والتوحيد فإن الموت لا بد منه سواءٌ مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بقي ولهذا وبخهم على رجوع من رجع منهم عن دينه لما صرخ الشيطان إن محمدًا قد قتل فقال { وما محمدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزي الله الشاكرين } والشاكرون هم الذين عرفوا قدر النعمة فثبتوا عليها حتى ماتوا أو قتلوا فظهر أثر هذا العتاب وحكم هذا الخطاب يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتد من ارتد على عقبيه وثبت الشاكرون على دينهم فنصرهم الله وأعزهم وظفرهم بأعدائهم وجعل العاقبة لهم ثم أخبر سبحانه أنه جعل لكل نفسٍ أجلًا لا بد أن تستوفيه ثم تلحق به فيرد الناس كلهم حوض المنايا موردًا واحدًا وإن تنوعت أسبابه ويصدرون عن موقف القيامة مصادر شتى فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير ثم أخبر سبحانه أن جماعةً كثيرةً من أنبيائه قتلوا وقتل معهم أتباعٌ لهم وهن من بقي منهم لما أصابهم في سبيله وما ضعفوا وما استكانوا وما وهنوا عند القتل ولا ضعفوا ولا استكانوا بل تلقوا الشهادة بالقوة والعزيمة والإقدام فلم يستشهدوا مدبرين مستكينين أذلةً بل استشهدوا أعزةً كرامًا مقبلين غير مدبرين والصحيح أن الآية تتناول الفريقين كليهما . ثم أخبر سبحانه عما استنصرت به الأنبياء وأممهم على قومهم من اعترافهم وتوبتهم واستغفارهم وسؤالهم ربهم أن يثبت أقدامهم وأن ينصرهم على أعدائهم فقال { وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين } لما علم القوم أن العدو إنما يدال عليهم بذنوبهم وأن الشيطان إنما يستزلهم ويهزمهم بها وأنها نوعان تقصيرٌ في حق أو تجاوزٌ لحد وأن النصرة منوطةٌ بالطاعة قالوا : ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا ثم علموا أن ربهم تبارك وتعالى إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم لم يقدروا هم على تثبيت أقدام أنفسهم ونصرها على أعدائهم فسألوه ما يعلمون أنه بيده دونهم وأنه إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم لم يثبتوا ولم ينتصروا فوفوا المقامين حقهما : مقام المقتضي وهو التوحيد والالتجاء إليه سبحانه ومقام إزالة المانع من النصرة وهو الذنوب والإسراف
-
الواجب على المسلمين التضرع إلى الله ومغفرته التقصير ودعاؤه النصر على الأعداء
-
القراءة من قول المصنف: ثم حذرهم سبحانه من طاعة عدوهم وأخبر أنهم إن أطاعوهم خسروا الدنيا والآخرة وفي ذلك تعريضٌ بالمنافقين الذين أطاعوا المشركين لما انتصروا وظفروا يوم أحدٍ .
-
القراءة من قول المصنف: ثم أخبر سبحانه أنه مولى المؤمنين وهو خير الناصرين فمن والاه فهو المنصور . ثم أخبرهم أنه سيلقي في قلوب أعدائهم الرعب الذي يمنعهم من الهجوم عليهم والإقدام على حربهم وأنه يؤيد حزبه بجندٍ من الرعب ينتصرون به على أشد شيءٍ خوفًا ورعبًا والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بالشرك لهم الأمن والهدى والفلاح والمشرك له الخوف والضلال والشقاء .
-
القراءة من قول المصنف: ثم أخبرهم أنه صدقهم وعده في نصرتهم على عدوهم وهو الصادق الوعد وأنهم لو استمروا على الطاعة ولزوم أمر الرسول لاستمرت نصرتهم ولكن انخلعوا عن الطاعة وفارقوا مركزهم فانخلعوا عن عصمة الطاعة ففارقتهم النصرة
-
معنى قوله تعالى:" أولما أصابتكم مصيبة قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم "
-
القراءة من قول المصنف: وفارقوا مركزهم فانخلعوا عن عصمة الطاعة ففارقتهم النصرة فصرفهم عن عدوهم عقوبةً وابتلاءً وتعريفًا لهم بسوء عواقب المعصية وحسن عاقبة الطاعة ثم أخبر أنه عفا عنهم بعد ذلك كله وأنه ذو فضلٍ على عباده المؤمنين قيل للحسن كيف يعفو عنهم وقد سلط عليهم أعداءهم حتى قتلوا منهم من قتلوا ومثلوا بهم ونالوا منهم ما نالوه ؟ فقال لولا عفوه عنهم لاستأصلهم ولكن بعفوه عنهم دفع عنهم عدوهم بعد أن كانوا مجمعين على استئصالهم
-
القراءة من قول المصنف: ثم ذكرهم بحالهم وقت الفرار مصعدين أي جادين في الهرب والذهاب في الأرض أو صاعدين في الجبل لا يلوون على أحدٍ من نبيهم ولا أصحابهم والرسول يدعوهم في أخراهم إلى عباد الله أنا رسول الله فأثابهم بهذا الهرب والفرار غما بعد غم غم الهزيمة والكسرة وغم صرخة الشيطان فيهم بأن محمدًا قد قتل . وقيل جازاكم غما بما غممتم رسوله بفراركم عنه وأسلمتموه إلى عدوه فالغم الذي حصل لكم جزاءً على الغم الذي أوقعتموه بنبيه والقول الأول أظهر لوجوهٍ أحدها : أن قوله { لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم } تنبيهٌ على حكمة هذا الغم بعد الغم وهو أن ينسيهم الحزن على ما فاتهم من أصابهم من الهزيمة والجراح فنسوا بذلك السبب وهذا إنما يحصل بالغم الذي يعقبه غم آخر . الثاني : أنه مطابقٌ للواقع فإنه حصل لهم غم فوات الغنيمة ثم أعقبه غم الهزيمة ثم غم الجراح التي أصابتهم ثم غم القتل ثم غم سماعهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل ثم غم ظهور أعدائهم على الجبل فوقهم وليس المراد غمين اثنين خاصةً بل غما متتابعًا لتمام الابتلاء والامتحان . الثالث أن قوله " بغم " من تمام الثواب لا أنه سبب جزاء الثواب والمعنى : أثابكم غما متصلًا بغم جزاءً على ما وقع منهم من الهروب وإسلامهم نبيهم صلى الله عليه وسلم وأصحابه وترك استجابتهم له وهو يدعوهم ومخالفتهم له في لزوم مركزهم وتنازعهم في الأمر وفشلهم وكل واحدٍ من هذه الأمور يوجب غما يخصه فترادفت عليهم الغموم كما ترادفت منهم أسبابها وموجباتها ولولا أن تداركهم بعفوه لكان أمرًا آخر . ومن لطفه بهم ورأفته ورحمته أن هذه الأمور التي صدرت منهم كانت من موجبات الطباع
-
القراءة من قول المصنف: وهي من بقايا النفوس التي تمنع من النصرة المستقرة فقيض لهم بلطفه أسبابًا أخرجها من القوة إلى الفعل فترتب عليها آثارها المكروهة فعلموا حينئذٍ أن التوبة منها والاحتراز من أمثالها ودفعها بأضدادها أمرٌ متعينٌ لا يتم لهم الفلاح والنصرة الدائمة المستقرة إلا به فكانوا أشد حذرًا بعدها ومعرفةً بالأبواب التي دخل عليهم منها . وربما صحت الأجسام بالعلل
-
سؤال ما معنى قوله: ولهذا وبخهم على رجوع من رجع منهم عن دينه لما صرخ الشيطان إن محمدًا قد قتل.
-
القراءة من قول المصنف: ثم إنه تداركهم سبحانه برحمته وخفف عنهم ذلك الغم وغيبه عنهم بالنعاس الذي أنزله عليهم أمنًا منه ورحمةً والنعاس في الحرب علامة النصرة والأمن كما أنزله عليهم يوم بدر ٍ وأخبر أن من لم يصبه ذلك النعاس فهو ممن أهمته نفسه لا دينه ولا نبيه ولا أصحابه وأنهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية وقد فسر هذا الظن الذي لا يليق بالله بأنه سبحانه لا ينصر رسوله وأن أمره سيضمحل وأنه يسلمه للقتل وقد فسر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقضائه وقدره ولا حكمة له فيه ففسر بإنكار الحكمة وإنكار القدر وإنكار أن يتم أمر رسوله ويظهره على الدين كله وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون به سبحانه وتعالى في ( سورة الفتح حيث يقول { ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرًا } وإنما كان هذا ظن السوء وظن الجاهلية المنسوب إلى أهل الجهل وظن غير الحق لأنه ظن غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وذاته المبرأة من كل عيبٍ وسوءٍ بخلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرده بالربوبية والإلهيه وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه وبكلمته التي سبقت لرسله أنه ينصرهم ولا يخذلهم ولجنده بأنهم هم الغالبون فمن ظن بأنه لا ينصر رسوله ولا يتم أمره ولا يؤيده ويؤيد حزبه ويعليهم ويظفرهم بأعدائه ويظهرهم عليهم وأنه لا ينصر دينه وكتابه وأنه يديل الشرك على التوحيد والباطل على الحق إدالةً مستقرةً يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالًا لا يقوم بعده أبدًا فقد ظن بالله ظن السوء ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك وتأبى أن يذل حزبه وجنده
-
التعليق على قوله: فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك وتأبى أن يذل حزبه وجنده. أن هذا هو الأصل ولكن قد يبتلي عباده لحكم
-
القراءة من قول المصنف: وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به فمن ظن به ذلك فما عرفه ولا عرف أسماءه ولا عرف صفاته وكماله وكذلك من أنكر أن يكون ذلك بقضائه وقدره
-
القراءة من قول المصنف: فما عرفه ولا عرف ربوبيته وملكه وعظمته وكذلك من أنكر أن يكون قدر ما قدره من ذلك وغيره لحكمةٍ صدر عن مشيئةٍ مجردةٍ عن حكمةٍ وغايةٍ مطلوبةٍ هي أحب إليه من فوتها وأن تلك الأسباب المكروهة المفضية إليها لا يخرج تقديرها عن الحكمة لإفضائها إلى ما يحب
-
بيان أن كل ما يقع فهو بحكمة بالغة من الله، وذكر الحكمة من ابتلاء الله لعباده
-
القراءة من قول المصنف: وإن كانت مكروهةً له فما قدرها سدًى ولا أنشأها عبثًا ولا خلقها باطلًا { ذلك ظن الذين كفروا فويلٌ للذين كفروا من النار } وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته وعرف موجب حمده وحكمته فمن قنط من رحمته وأيس من روحه فقد ظن به ظن السوء . ومن جوز عليه أن يعذب أولياءه مع إحسانهم وإخلاصهم ويسوي بينهم وبين أعدائه فقد ظن به ظن السوء . ومن ظن به أن يترك خلقه سدًى معطلين عن الأمر والنهي ولا يرسل إليهم رسله ولا ينزل عليهم كتبه بل يتركهم هملًا كالأنعام فقد ظن به ظن السوء . ومن ظن أنه لن يجمع عبيده بعد موتهم للثواب والعقاب في دارٍ يجازي المحسن فيها بإحسانه والمسيء بإساءته ويبين لخلقه حقيقة ما اختلفوا فيه ويظهر للعالمين كلهم صدقه وصدق رسله وأن أعداءه كانوا هم الكاذبين فقد ظن به ظن السوء.
-
بيان أن المؤمن عند المصيبة يزداد إيمانا وبصيرة بالله، وأن المنافق وضعيف الإيمان يزداد شك وسوء ظن بالله.
-
القراءة من قول المصنف: ومن ظن أنه يضيع عليه عمله الصالح الذي عمله خالصًا لوجهه الكريم على امتثال أمره ويبطله عليه بلا سببٍ من العبد أو أنه يعاقبه بما لا صنع فيه ولا اختيار له ولا قدرة ولا إرادة في حصوله بل يعاقبه على فعله هو سبحانه به أو ظن به أنه يجوز عليه أن يؤيد أعداءه الكاذبين عليه بالمعجزات التي يؤيد بها أنبياءه ورسله ويجريها على أيديهم يضلون بها عباده وأنه يحسن منه كل شيءٍ حتى تعذيب من أفنى عمره في طاعته فيخلده في أسفل السافلين
-
القراءة من قول المصنف: وأنه يحسن منه كل شيءٍ حتى تعذيب من أفنى عمره في طاعته فيخلده في أسفل السافلين وينعم من استنفد عمره في عداوته وعداوة رسله ودينه فيرفعه إلى أعلى عليين وكلا الأمرين عنده في الحسن سواءٌ ولا يعرف امتناع أحدهما ووقوع الآخر إلا بخبرٍ صادقٍ وإلا فالعقل لا يقضي بقبح أحدهما وحسن الآخر فقد ظن به ظن السوء . ومن ظن به أنه أخبر عن نفسه وصفاته وأفعاله بما ظاهره باطلٌ وتشبيهٌ وتمثيلٌ وترك الحق لم يخبر به وإنما رمز إليه رموزًا بعيدةً وأشار إليه إشاراتٍ ملغزةً لم يصرح به وصرح دائمًا بالتشبيه والتمثيل والباطل وأراد من خلقه أن يتعبوا أذهانهم وقواهم وأفكارهم في تحريف كلامه عن مواضعه وتأويله على غير تأويله
-
القراءة من قول المصنف: ويتطلبوا له وجوه الاحتمالات المستكرهة والتأويلات التي هي بالألغاز والأحاجي أشبه منها بالكشف والبيان وأحالهم في معرفة أسمائه وصفاته على عقولهم وآرائهم لا على كتابه بل أراد منهم أن لا يحملوا كلامه على ما يعرفون من خطابهم ولغتهم مع قدرته على أن يصرح لهم بالحق الذي ينبغي التصريح به ويريحهم من الألفاظ التي توقعهم في اعتقاد الباطل فلم يفعل بل سلك بهم خلاف طريق الهدى والبيان فقد ظن به ظن السوء فإنه إن قال إنه غير قادرٍ على التعبير عن الحق باللفظ الصريح الذي عبر به هو وسلفه فقد ظن بقدرته العجز وإن قال إنه قادرٌ ولم يبين وعدل عن البيان وعن التصريح بالحق إلى ما يوهم بل يوقع في الباطل المحال والاعتقاد الفاسد فقد ظن بحكمته ورحمته ظن السوء وظن أنه هو وسلفه عبروا عن الحق بصريحه دون الله ورسوله وأن الهدى والحق في كلامهم وعباراتهم . وأما كلام الله فإنما يؤخذ من ظاهره التشبيه والتمثيل والضلال وظاهر كلام المتهوكين اليارى هو الهدى والحق
-
القراءة من قول المصنف: وهذا من أسوء الظن بالله وكل هؤلاء من الظانين به ظن السوء ومن الظانين غير الحق ظن الجاهلية . ومن ظن به أن يكون في ملكه ما لا يشاء