الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.59 ميغابايت )
التنزيل ( 807 )
الإستماع ( 65 )


  1. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأصل هذا : أن المساجد التي تشد إليها الرحال ، هي المساجد الثلاثة ، كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا " وقد روي هذا من وجوه أخرى ، وهو حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل العلم ، فتلقي بالقبول عنه . فالسفر إلى هذه المساجد الثلاثة للصلاة فيها والدعاء والذكر والقراءة والاعتكاف ، من الأعمال الصالحة . وما سوى هذه المساجد لا يشرع السفر إليه باتفاق أهل العلم ، حتى مسجد قباء يستحب قصده من المكان القريب كالمدينة ، ولا يشرع شد الرحال إليه ، فإن في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيا وراكبا " وكان ابن عمر يفعله . وفي لفظ لمسلم : " فيصلي فيه ركعتين " ، وذكره البخاري بغير إسناد وذلك أن الله تعالى نهاه عن القيام في مسجد الضرار فقال تعالى : { والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا وتفريقًا بين المؤمنين وإرصادًا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون }{ لا تقم فيه أبدًا لمسجدٌ أسس على التقوى من أول يومٍ أحق أن تقوم فيه فيه رجالٌ يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين }{ أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوانٍ خيرٌ أم من أسس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين. لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبةً في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليمٌ حكيمٌ } وكان مسجد الضرار قد بني لأبي عامر الفاسق ، الذي كان يقال له : أبو عامر الراهب ، وكان قد تنصر في الجاهلية ، وكان المشركون يعظمونه ، فلما جاء الإسلام حصل له من الحسد ما أوجب مخالفته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقام طائفة من المنافقين يبنون هذا المسجد ، وقصدوا أن يبنوه لأبي عامر هذا ، والقصة مشهورة في ذلك فلم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله ، بل لغير ذلك . فدخل في معنى ذلك : من بنى أبنية يضاهي بها مساجد المسلمين لغير العبادات المشروعة ، من المشاهد وغيرها ، لا سيما إذا كان فيها من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين ، والإرصاد لأهل النفاق والبدع المحادين لله ورسوله ، ما يقوى بها شبهها ، كمسجد الضرار ، فلما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { لمسجدٌ أسس على التقوى من أول يومٍ أحق أن تقوم فيه } وكان مسجد قباء أسس على التقوى ، ومسجده أعظم في تأسيسه على التقوى من مسجد قباء ، كما ثبت في الصحيح عنه : أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال : " مسجدي هذا " فكلا المسجدين أسس على التقوى ، ولكن اختص مسجده بأنه أكمل في هذا الوصف من غيره ، فكان يقوم في مسجده يوم الجمعة ، ويأتي مسجد قباء يوم السبت .

  2. هل كل مسجد حصل به الضرار يجب هدمه سواء قصد به الضرار أو لا ؟

الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.45 ميغابايت )
التنزيل ( 792 )
الإستماع ( 66 )


  1. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى - إلى قوله - فالصلاة فيهما تضاعف على الصلاة في غيرهما "

  2. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في الصحيح : أن الصلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وروي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير وجه ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : {{ صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد ، إلا المسجد الحرام ، فإني آخر الأنبياء ، و إن مسجدي هذا آخر المساجد }}. و في صحيح مسلم ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام }} . و في مسلم أيضا ، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : {{ إن امرأة اشتكت شكوى فقالت : إن شفاني الله لأخرجن ، فلأصلين في بيت المقدس ، فبرأت ، ثم تجهزت تريد الخروج ، فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتها ذلك فقالت اجلسي ، فكلي ما صنعت ، وصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {{ صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد الكعبة }} . وفي المسند ، عن ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلا ةفيما سواه ، إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي بمائة صلاة }} قال أبو عبد الله المقدسي: إسناده على رسم الصحيح "

الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.73 ميغابايت )
التنزيل ( 758 )
الإستماع ( 72 )


  1. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وأما من علق قلبه بأحد من المخلوقين ، يرجوه ويخافه ؛ فهذا من أبعد الناس عن الشفاعة . فشفاعة المخلوق عند المخلوق تكون بإعانة الشافع للمشفوع له ، بغير إذن المشفوع عنده ، بل يشفع إما لحاجة المشفوع عنده إليه ، وإما لخوفه منه ، فيحتاج أن يقبل شفاعته . والله تعالى غني عن العالمين ، وهو وحده سبحانه يدبر العالمين كلهم ، فما من شفيع إلا من بعد إذنه ، فهو الذي يأذن للشفيع في الشفاعة ، وهو يقبل شفاعته ، كما يلهم الداعي الدعاء ، ثم يجيب دعاءه ، فالأمر كله له . فإذا كان العبد يرجو شفيعا من المخلوقين ، فقد لا يختار ذلك الشفيع أن يشفع له ، وإن اختار فقد لا يأذن الله له في الشفاعة ، ولا يقبل شفاعته . وأفضل الخلق : محمد ثم إبراهيم صلى الله عليهما وسلم. وقد امتنع النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لعمه أبي طالب ، بعد أن قال : " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " ، وقد صلى على المنافقين ودعا لهم ، فقيل له : { ولا تصل على أحدٍ منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره } ، وقيل له أولا : { إن تستغفر لهم سبعين مرةً فلن يغفر الله لهم } . فقال : " لو أعلم أني لو زدت على السبعين يغفر لهم لزدت " ، فأنزل الله : { سواءٌ عليهم أأستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } . وإبراهيم وقال تعالى : { فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوطٍ. إن إبراهيم لحليمٌ أواهٌ منيبٌ. يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذابٌ غير مردودٍ } . ولما استغفر إبراهيم عليه السلام لأبيه، بعد وعده بقوله: { ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب } . قال تعالى: { قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدًا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك } . وقال تعالى: { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إياه فلما تبين له أنه عدوٌ لله تبرأ منه }

  2. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " والله سبحانه له حقوق لا يشركه فيها غيره ، وللرسل حقوق لا يشركهم فيها غيرهم ، وللمؤمنين بعضهم على بعض حقوق مشتركة ؛ ففي الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي : " يا معاذ ، أتدري ما حق الله على عباده . ؟ " . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " حقه عليهم : أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا . يا معاذ ، أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك ؟ " . قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " حقهم عليه أن لا يعذبهم " . فالله تعالى مستحق أن نعبده لا نشرك به شيئا ، وهذا هو أصل التوحيد الذي بعثت به الرسل ، وأنزلت به الكتب ، قال الله تعالى { واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهةً يعبدون } وقال تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } ، وقال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } . ويدخل في ذلك أن لا نخاف إلا إياه ، ولا نتقي إلا إياه ، كما قال تعالى : { ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } . فجعل الطاعة لله وللرسول ، وجعل الخشية والتقوى لله وحده . وكذلك قال تعالى : { ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون } . فجعل الإيتاء لله وللرسول . كما قال تعالى : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } ، فالحلال ما حلله الرسول ، والحرام : ما حرمه الرسول ، والدين : ما شرعه الرسول . وجعل التحسب بالله وحده ، فقال تعالى : { وقالوا حسبنا الله } ، ولم يقل ورسوله . كما قال تعالى : { الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } . وقال تعالى : { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } ، أي حسبك وحسب من اتبعك : الله ، فهو وحده كافيكم ، ومن ظن أن معناها : حسبك الله والمؤمنون ، فقد غلط غلطا عظيما من وجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع . ثم قال : { وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله } ، فجعل الفضل لله ، وذكر الرسول في الإيتاء ، لأنه لا يباح إلا ما أباحه الرسول ، فليس لأحد أن يأخذ ما تيسر له إن لم يكن مباحا في الشريعة . ثم قال : { إنا إلى الله راغبون } ، فجعل الرغبة إلى الله وحده ، دون ما سواه ؛ كما قال : { فإذا فرغت فانصب. وإلى ربك فارغب } ، فأمر بالرغبة إليه .

الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.51 ميغابايت )
التنزيل ( 674 )
الإستماع ( 27 )


  1. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وهذان الأصلان هما تحقيق الشهادتين اللتين هما رأس الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله ، وشهادة أن محمدا رسول الله . فإن الشهادة لله بأنه لا إله إلا هو ، تتضمن إخلاص الإلهية له ، فلا يجوز أن يتأله القلب غيره ، لا بحب ولا خوف ولا رجاء ، ولا إجلال ولا إكرام ، ولا رغبة ولا رهبة ؛ بل لا بد أن يكون الدين كله لله ، كما قال تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله } . فإذا كان بعض الدين لله ، وبعضه لغير الله : كان في ذلك من الشرك بحسب ذلك . وكمال الدين كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره : " من أحب لله وأبغض لله ، وأعطى لله ومنع لله ؛ فقد استكمل الإيمان " . فالمؤمنون يحبون لله ، والمشركون يحبون مع الله ، كما قال تعالى : { ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبًا لله } . والشهادة بأن محمدا رسول الله ، تتضمن : تصديقه في كل ما أخبر ، وطاعته في كل ما أمر . فما أثبته وجب إثباته ، وما نفاه وجب نفيه ، كما يجب على الخلق أن يثبتوا لله ما أثبته من الأسماء والصفات ، وينفوا عنه ما نفاه عنه من مماثلة المخلوقات ، فيخلصوا من التعطيل والتمثيل ، ويكونوا في إثبات بلا تشبيه ، وتنزيه بلا تعطيل . وعليهم أن يفعلوا ما أمر به وأن ينتهوا عما نهى عنه ، ويحللوا ما حلله ، ويحرموا ما حرمه ؛ فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله ، ولا دين إلا ما شرعه الله ورسوله . ولهذا ذم الله المشركين في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما ، لكونهم حرموا ما لم يحرمه الله ، ولكونهم شرعوا دينا لم يأذن به الله ، كما في قوله تعالى : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبًا } إلى آخر السورة . وما ذكره في صدر سورة الأعراف ، وكذلك قوله تعالى { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } . وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا } فأخبره أنه أرسله داعيا إليه بإذنه ، فمن دعا إلى غير الله فقد أشرك ، ومن دعا إليه بغير إذنه فقد ابتدع ، والشرك بدعة ، والمبتدع يؤول إلى الشرك ، ولم يوجد مبتدع إلا وفيه نوع من الشرك ، كما قال تعالى : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } ، وكان من إشراكهم بهم : أنهم أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم ، وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم .

  2. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وقد قال تعالى : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون }

الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.60 ميغابايت )
التنزيل ( 644 )
الإستماع ( 56 )


  1. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " وطائفة: ظنوا أن التوحيد ليس إلا الإقرار بتوحيد الربوبية، وأن الله خلق كل شيء، وهو الذي يسمونه توحيد الأفعال . ومن أهل الكلام: من أطال نظره في تقرير هذا التوحيد: إما بدليل أن الاشتراك يوجب نقص القدرة وفوات الكمال، وبأن استقلال كل من الفاعلين بالمفعول محال، وإما بغير ذلك من الدلائل، ويظن أنه بذلك قرر الوحدانية وأثبت أنه لا إله إلا هو ، وأن الإلهية هي: القدرة على الاختراع أو نحو ذلك، فإذا ثبت أنه لا يقدر على الاختراع إلا الله، وأنه لا شريك له في الخلق، كان هذا معنى قولنا: لا إله إلا الله، ولم يعلم أن مشركي العرب كانوا مقرين بهذا التوحيد، كما قال تعالى { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله } وقال تعالى { قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون. سيقولون لله قل أفلا تذكرون } الآيات، وقال تعالى { وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } . قال ابن عباس وغيره: " تسألهم: من خلق السماوات والأرض؟ فيقولون: الله، وهم مع ذلك يعبدون غيره " . وهذا التوحيد هو من التوحيد الواجب، لكن لا يحصل به الواجب، ولا يخلص بمجرده عن الإشراك الذي هو أكبر الكبائر، الذي لا يغفره الله، بل لا بد أن يخلص لله الدين ، فلا يعبد إلا إياه ، فيكون دينه كله لله . والإله: هو المألوه الذي تألهه القلوب، وكونه يستحق الإلهية مستلزم لصفات الكمال، فلا يستحق أن يكون معبودا محبوبا لذاته إلا هو، وكل عمل لا يراد به وجهه فهو باطل، وعبادة غيره وحب غيره يوجب الفساد، كما قال تعالى { لو كان فيهما آلهةٌ إلا الله لفسدتا } . وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع ، وبينا أن هذه الآية ليس المقصود بها ما يقوله من يقوله من أهل الكلام، من ذكر دليل التمانع الدال على وحدانية الرب تعالى، فإن التمانع يمنع وجود المفعول، لا يوجب فساده بعد وجوده، وذلك يذكر في الأسباب والبدايات التي تجري مجرى العلل الفاعلات، والثاني يذكر في الحكم والنهايات التي تذكر في العلل التي هي الغايات، كما في قوله: { إياك نعبد وإياك نستعين } ، فقدم الغاية المقصودة على الوسيلة الموصلة، كما قد بسط في غير هذا الموضع .

  2. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " ثم إن طائفة ممن تكلم في تحقيق التوحيد على طريق أهل التصوف، ظن أن توحيد الربوبية هو الغاية، والفناء فيه هو النهاية، وأنه إذا شهد ذلك سقط عنه استحسان الحسن واستقباح القبيح، فآل بهم الأمر إلى تعطيل الأمر والنهي، والوعد والوعيد، ولم يفرقوا بين مشيئته الشاملة لجميع المخلوقات، وبين محبته ورضاه المختص بالطاعات، وبين كلماته الكونيات التي لا يجاوزها بر ولا فاجر -لشمول القدر لكل مخلوق- وكلماته الدينيات التي اختص بموافقتها أنبياؤه وأولياؤه . فالعبد مع شهوده الربوبية العامة الشاملة للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، عليه أن يشهد ألوهيته التي اختص بها عباده المؤمنين، الذين عبدوه وأطاعوا أمره، واتبعوا رسله .

الشيخ محمد بن صالح العثيمين
اقتضاء الصراط المستقيم
الحجم ( 5.39 ميغابايت )
التنزيل ( 612 )
الإستماع ( 55 )


  1. القراءة من قول المصنف مع التعليق عليه ومقابلة النسخ: " فالمؤمن يؤمن بالله، وما له من الأسماء الحسنى، ويدعوه بها، ويجتنب الإلحاد في أسمائه وآياته، قال تعالى { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه }، وقال تعالى { إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا } .

  2. بيان الإلحاد في الآيات الكونية والشرعية .