شرح قول المصنف : " وما يصح بيعه صح قرضه إلا بني آدم ويملك بقبضه فلا يلزم رد عينه بل يثبت بدله في ذمته حالا ولو أجله " حفظ
الشيخ : ثم ذكر المؤلف رحمه الله قاعدة أو ضابط ما يصح قرضه فقال " وما يصح بيعه صح قرضه " ما هنا يجوز أن تكون اسما موصولا أي والذي يصح بيعه صح قرضه وأن تكون اسم شرط ويكون فعل الشرط يصح وجوابه صح، هذا الضابط كل ما صح بيعه صح قرضه وكل ما لا يصح بيعه لا يصح قرضه هذا الضابط وعلى هذا فالكلب يصح قرضه؟
السائل : لا.
الشيخ : لماذا؟ لأنه لا يصح بيعه، الميتة لا يصح قرضها حتى لمن حلّت له فإنه لا يصح قرضها لأنه لا يصح بيعها، المرهون لا يصح قرضه لأنه لا يصح بيعه، الموقوف لا يصح قرضه لأنه لا يصح بيعه وهلم جرا وما صح بيعه صح قرضه " إلا بني ءادم " فإن بني ءادم يصح بيعهم ولا يصح قرضهم ويعني بذلك المماليك إذا كان عند الإنسان مملوك فإنه يصح بيعه لا شك لكن لا يصح قرضه، لماذا؟ لأنه لم تجرِ العادة بذلك ولما في هذا من الإذلال للمسلِم ولأنه يُخشى من الفتنة والفساد، يُخشى أن يقترض الإنسان أمة ثم يُجامعها لمدة أيام ثم يرُدّها لأن الإنسان إذا رَدّ القرض وجب قَبول عينه فيُفضي إلى أن يستقرض الإنسان أمة ثم يُجامعها مدة أيام ثم يرُدّها إلى مالكها وقال بعض العلماء يصح قرض الذكر للذكر يعني أن يُقرض إنسان رجلا مملوكا لشخص وذلك لأنه مأمون أن يفعل به شيئا ويصح أن يُقرض امرأة لمحارمها، أن يُقرض امرأة لمحارمها ولكن هذا فيه إشكال لأنه سيأتينا إن شاء الله تعالى في باب العِتق أن من ملك ذا رحم محرم عليه فإنه يعتُق، على كل حال استثناء المؤلف بني ءادم له وجه فيقال بنو ءادم يصح بيعهم ولا يصح قرضهم، طيب، الإبل؟
السائل : يصح قرضها.
الشيخ : البقر؟ الغنم؟ طيب، " إلا بني ءادم ويُملك بقبضه فلا يلزم رد عينه " يُملك بقبضه يُملك الضمير يعود على؟ القرض أي على المُقرَض، يُملك بقبضه فإذا قبضه المستقرض ملكه وصار ملكه عليه تاما يجوز أن يبيعه وأن يؤجره وأن يوقفه وأن يرهنه وأن يتصرّف فيه تصرّف المُلاك في أملاكهم " فلا يلزم رد عينه " هذا مما يتفرّع على قولنا إنه يملكه " فلا يلزم " أي فلا يلزم المقترض رَدُّ عينه أي عين القرض، لا يلزم رَدّ عينه فلو طالب المُقرض طالب المستقرض بأن يرُدّه فله أن يقول لا، أنا ملكته بقبضه ولك علَيّ بدله ولا يلزمني أن أرُدّه بعينه ولهذا قال " لا يلزم رد عينه " ولكن لو رَدّ عينه وهي لم تتغيّر فإنه إن كان مثليّا لزِم قَبوله وإن لم يكن مثليّا لم يلزم قَبوله كما سيذكر المؤلف إن شاء الله.
قال " بل يثبت بدله في ذمته حالا ولو أجّله " بل يثبت بدله، بدل إيش؟
السائل : المقرض.
الشيخ : المقرَض في ذمته، في ذمة المستقرض حالا لا مؤجّلا حتى وإن أجّله لا يتأجّل فإذا قال إنسان أقرضني صاعا من بر فأقرضته إياه ملَكه وثبت في ذمته بدلُه فما بدل صاع البر؟ صاع بر لأنه مثلي فيلزمه صاع بر في ذمته "حالّا" يعني للمقرض أن يُطالب المستقرض بالوفاء حالّا ولو بعد نصف ساعة "ولو أجّله" هذه إشارة خلاف "ولو أجّله" أي المستقرض قال للمقرِض سأوفيك بعد سنة فإنه لا يصح هذا الشرط ويُلغى ويكون القرض حالا، لماذا؟ لأن الإمام أحمد نَصّ على أن القرض حال قال " كل قرض فهو حال " يعني لا يقبل التأجيل فإذا شرط التأجيل كان شرطا منافيا لمقتضى العقد، هذا ما ذهب إليه المؤلف والصحيح أنه إذا أجّله ورضِيَ المقرِض فإنه يثبت الأجل.