شرح قول المصنف : " ويخرج الواجب كله من دين وحج وغيره من كل ماله بعد موته وإن لم يوص به ". حفظ
الشيخ : يقول رحمه الله : "ويخرج الواجب كله من دين وحج وغيره من كل ماله بعد موته وإن لم يوص به " يخرج الواجب على من على الميت
كله من دين وحج وغيره كالزكاة من كل ماله بعد موته وإن لم يوص به من كل المال لا من الثلث حتى لو استغرق المال كله فإنه يجب وعلى هذا فإذا مات الميت فإننا نبدأ بعد تجهيزه بالدين نقضي الدين كله ثم ما بقي إن كان له وصية أخرجنا الوصية ثم بعد ذلك إن بقي شيء يكون للورثة.
مثال هذا : رجل مات ولم يحج مع قدرته على الحج ونفس الرجل مات وعليه زكاة ولم يؤد زكاته. مات وعليه دين لآدمي ولم يقض الدين كم هذه؟ ثلاثة حج زكاة ودين. لما مات أحصينا وجدنا أن الحج لا يحج عنه إلا بخمسة آلاف والزكاة التي عليه خمسة آلاف والدين الذي عليه خمسة آلاف كم الجميع ؟ خمسة عشرة ألف والمال الذي وجدناه خمسة عشر ألف. المؤلف يقول : " يخرج من كل ماله " هل نخرج هذه من ماله كله ولو استغرق المال كله ؟
طيب أخرجنا خمسة آلاف للحج خمسة آلاف للزكاة وخمسة آلاف لدين الآدمي ولم يبق شيء طيب الرجل هذا الرجل كان قد أوصى بثلث ماله كم ماله ؟ خمسة عشر ألف هل نخرج الخمسة للوصية والعشرة تكون للديون هذه ؟
لا نبدأ بالدين الدين حججنا عنه بخمسة آلاف وأدينا زكاته بخمسة آلاف وقضينا الدين للآدمي بخمسة آلاف ما بقي شيء.
ماذا تكون للوصية ؟ تبطل سقطت والورثة من باب أولى. ولهذا قال : " من كل ماله " فإن قال قائل أليس الله تعالى يقول في المواريث : (( من بعد وصية توصون بها أو دين )) فقدم الوصية
نقول بلى إن الله قدم الوصية ولكن العلماء أجمعوا على أن الدين مقدم على الوصية استنادا لحديث علي ابن أبي طالب : أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قضى بالدين قبل الوصية ).
ولكن الله قدم ذكر الدين ذكر الوصية لأجل أن الوصية ليست واجبة فقد يتهاون بها الورثة بخلاف الدين. وأيضا الدين له مطالب والوصية ليس لها مطالب فلهذا قدمت من أجل أن يعتني بها الورثة فقط. طيب الواجب يخرج كله " الواجب من كل ماله بعد موته وإن لم يوص به " يعني وإن لم يوص بإخراج الواجب عنه فإنه يخرج عنه.
وظاهر كلامه رحمه الله في قوله : " من دين وحج " أنه يحج عنه وإن كان الرجل قد ترك الحج لا يريد الحج ولكن في هذا نظرا فإن القول الراجح أنه إذا ترك الحج لا يريد الحج فإنه لا يقض عنه ويترك لربه يعاقبه يوم القيامة لماذا ؟ لأن هذا الرجل ترك الحج لا يريده فكيف نقضي الحج عن شخص لا يريده. أما لو فرض أن الرجل متهاون يقول أحج العام القادم أحج العام القادم أحج العام القادم فجاءه الموت فهذا يتوجه أن نقول بقضاء الحج عنه. أما إنسان يقول لا أريد الحج لكن لا ينكر الوجوب لو أنكر الوجوب لكان كافرا لكن يقول أنا لا أحج فهذا نرى أنه لا يحج عنه وقد ذكر هذا ابن القيم رحمه الله في كتابه * تهذيب سنن أبي داود * وقال : إن قواعد الشريعة تقتضي أن لا يقضى عنه الحج ومثله الزكاة إذا كان الانسان لم يزك بخلا لا تفريطا لا تفريطا في الأداء فإننا لا نؤدي الزكاة عليه نجعلها تحمى عليه في نار جهنم ويكوى بها جنبه وجبينه وظهره أما لو كان هذا الرجل يقول غدا أؤدي الزكاة بعد غد الشهر الثاني الشهر الثالث ثم مات فهذا يتوجه أن نؤدي الزكاة عنه لأن الرجل هذا يرجو أن يؤديها ولكن عاجله الأجل بخلاف الذي تركها لا يريد أن يفعل فكيف نقضي عنه كيف نقضي عن شخص يقول : أنا ما أفعل.