قال المصنف :" باب ميراث الغرقى: إذا مات متوارثان كأخوين لأب بهدم أو غرق أو غربة أو نار و جهل السابق بالموت ولم يختلفوا فيه ورث كل واحد من الأخر من تلاد ماله دون ما ورثه منه دفعا للدور " حفظ
الشيخ : ثم قال : " باب ميراث الغرقى " .
الغرقى يعني الذين غرقوا جميعاً ولم نعلم السابق منهم هل لهم نظير الغرقى ؟
نعم لو سقطت طائرة ولم نعلم الميت الأول لو انقلبت سيارة لم نعمل الميت الأول لو شب حريق لم نعلم الميت الأول
المهم المراد بالغرقى هنا جماعة هلكوا جميعاً ولم نعلم عن حالهم
الأول هل ماتوا لحظة في لحظة واحدة أو تقدم أحدهم لا ندري
يقول رحمه الله : " إذا مات متورثان كأخوة لأب " .
السائل : كأخوين لأب .
الشيخ : نعم كأخوين لأب " إذا مات متوارثان كأخوين لأب بهدم أو غرق أو غربة أو نار" ، الهدم واضح والغرق واضح والنار واضح المثال واضح فيها طيب الغربة سافرا جميعاً وأتانا خبر أنهما ماتا ولم ندر أيهما الأول فحكمهم حكم من ماتوا بغرق أو نار ولم يعلم الأول منهم .
" وجهل السابق بالموت ولم يختلفو فيه " يعني الورثة ورثة كل واحد لم يختلفوا يقول : " ورث كل واحد من الآخر من تلاد ماله دون ما ورثه منه دفعاً للدور " .
أولاً نصور المسألة هؤلاء جماعة ركبوا سفينة ثم ماتوا كلهم غرقت السفينة وماتوا ولا ندري أيهم الأول فهل يجري التوارث بينهم أو لا ؟
المذهب أنه يجري التوارث بينهم إذا لم يختلف الورثة .
القول الثاني أنه لا توارث بينهم كل واحد منهم لا يرث الآخر وإنما يرثه الورثة الآخرون لماذا ؟
لأن من شرط الإرث أن يوجد الوارث بعد موت المورث لقوله تعالى : (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم )) (( ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك )) فلا بد أن نعلم أن الوارث وجد بعد موت المورث وهنا الشرط موجود ولا غير موجود .
السائل : غير موجود .
الشيخ : غير موجود إذاً لا توارث ، وهذا القول مع كونه أصح وأوفق للأدلة الشرعية هو أيضاً أهون وأقطع للنزاع ما فيه نزاع الأول سيكون فيه نزاع إذا كان أحد الذين غرقوا جميعا أحدهم يملك ملايين الملايين والثاني يملك ثوبه الذي عليه فقط يقول المورث هذا من هذا الغني هل يرث من الفقير ؟
السائل : لا يرث .
الشيخ : لماذا ؟ ما فيه شي والفقير يرث من الغني فيعود مال هذا الغني لورثة الفقير بأي حق ؟
فالقول الراجح بلا شك أنه لا توارث بينهم ودليله قوله تعالى : (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) إلى آخره
وقوله : (( لكم نصف ما ترك أزواجكم )) وهذا لا يعلم ولهذا سبق لنا في شروط الإرث العلم بموت المورث قبل الوارث والعلم بحياة الوارث بعد موت المورث لكن على المذهب يقول إن تنازع الورثة في المثال الذي ذكرنا أخوان أحدهما له مليون ريال والثاني ما عنده شيء كل واحد منهم له زوجة وله أم ثم تنازعوا هؤلاء ورثة الغني يقولون إن مورثكم مات قبل مورثنا وأولاءك يقولون بالعكس ، فهنا يتساقطون وهذه بعد فيها شيئ من الصحة يتساقطون ويكون ميراث كل ميت لورثته وأما إذا لم يختلفوا وقالوا والله ما نعلم نحن لا ندعي أن مورثنا هو الأول ولا هو الثاني فحينئذ يرث كل واحد منهما من الآخر من تلاد ماله يعني من قديمه لا مما ورثه منه لأننا لو قلنا يرث مما يرثه منه صار دور صار هذا يرث مما ورث منه ثم ذالك يرث مما ورث منه وهكذا حلقة مفرغة مثال هذا : أحدهما خلف مليون ريال والثاني خلف مئة ألف إذا ورث صاحب مئة الألف من صاحب المليون كم يرث خمسمئة ألف ، وذاك إذا ورث من الآخر يرث ؟
السائل : خمسين ألف .
الشيخ : خمسين ألف هل نضم الخمسين ألف للمليون ونقول يرث هذا خمسمئة ألف وخمسين ألف لا يمكن لأننا لو قلنا هكذا لزم أن يدور فنقول يرث صاحب مئة الألف خمسمئة ألف من صاحبه وصاحب المليون يرث خمسين ألف من صاحبه وتنتهي المسألة ومع هذا نحن نقول ونرجح أن الصواب أنه لا توارث بينهما وأنه لا حق لأحدهما في مال الآخر لأن الشرط وهو وجود الوارث بعد المورث لم يتحقق وهذا الذي اخترناه هو مذهب الشافعي رحمه الله وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية وهو الصواب بلا شك .