شرح قول المصنف : " ومن الغضبان ". حفظ
الشيخ : قال " ومن الغضبان " يعني ويقع الطلاق من الغضبان والغضب من يفسره لي قال أهل الكلام هو غليان دم القلب لطلب الانتقام عرفتموه الآن هل أحد منكم الآن تصور الغضب هل أنتم الآن تصورتم الغضب لو جاء إنسان يعرفكم الغضب بدون أن تكونوا عرفتموه من قبل وقال غليان دم القلب لطلب الانتقام هل عرفتموه والله يقول أنا ما أحس إن قلبي الآن على جمر يغلي نعم الظاهر أن هذا التعريف لم يزده إلا جهالة وغموضا ولهذا لو قلنا الغضب معروف لكان أوضح ويعرف بعلامات التي أشار إليها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال ( إن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان ألا ترون إلى انتفاخ أوداجه واحمرار وجهه ) أو ما أشبه ذلك أو كما قال عليه الصلاة والسلام فعرفه النبي عليه الصلاة والسلام بأصله ونتائجه أصله جمرة يقليها الشيطان في قلب ابن آدم حرارة يجدها الإنسان في نفسه ثم تنتفخ الأوداج يعني العروق ويحمر الوجه وربما ينتشر الشعر يقف وتجري الإنسان نفسه كأنه يغلي هذا الغضب وإن شئت ألا تطيل على نفسك فقل الغضب معروف والحمد لله إذا غضب الإنسان على زوجته وطلقها في حال الغضب يقول المؤلف إن الطلاق يقع يقول إن الطلاق يقع لأن الرجل طلق ولم يكره وهو يعرف معنى الطلاق فيكون الطلاق واقعا والحكم نافذ مع الغضب بنص السنة الحكم نافذ مع الغضب بنص السنة فقد حكم النبي صلّ الله عليه وسلم بين الزبير ورجل من الأنصار في ماء في ماء المطر فقال الرجل المحكوم عليه أن كان ابن عمتك يا رسول الله يعني حكمت له لأنه ابن عمتك فغضب النبي عليه الصلاة والسلام وقال ( يا زبير أسق حتى يصل الماء الجدق ثم أرسله إلى جارك ) هنا نفذ الحكم أو لم ينفذ نفذ مع الغضب فإذا نفذ الحكم مع الغضب وهو بين الناس فالحكم بين الإنسان وبين زوجته من باب أولى فيقع طلاق الغضبان أعرفتم والغالب إن الطلاق ما يقع إلا لسبب يصحبه الغضب ثم يطلق لا تجد الإنسان يطلق زوجته وهو راضٍ عنها طيب أفادنا المؤلف رحمه الله أن الطلاق يقع من الغضبان وأطلق فلا فرق عنده بين الغضب الشديد والغضب الخفيف وذهب بعض العلماء إلى التفصيل في ذلك وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن الغضب ثلاث درجات أولى ووسطى وعليا أما الدرجة العليا قال فلا يقع فيها الطلاق بالاتفاق العليا والعليا هي أن يصل الإنسان إلى درجة لا يدري ما يقول ولا يدري أهو إنسان أو ملك ولا يدري أهو بالسماء أو الأرض ولا يدري هل الزوجة زوجة أو سيارة يعني يفقد شعوره بالكلية وهل يقع هذا ولا ما يقع يقع بعض الناس عصبي يصل به الغضب إلى هذه الدرجة يقول ابن القيم هذا لا يقع طلاقه بالاتفاق فالدرجة العليا من الغضب لا يقع فيها الطلاق الدرجة الأولى أول ما يبدأ به الغضب يقول إن الطلاق يقع فيها بالاتفاق لأنه لا يأخذ أحد من الغضب ولو قلنا بأن طلاق الغضبان ولو يسيرا لا يقع لحصلت الفوضى في الطلاق الدرجة الثانية هي الدرجة الوسطى الإنسان يعي ما يقول ويدري أنه في الأرض ويدري أنه يخاطب زوجته لكن الغضب لشدته ألجأه إلى أن يطلق فهذا فيه خلاف من العلماء من يقول إنه لا يقع الطلاق ومنهم من يقول إنه يقع الطلاق أي القولين أخذ به المؤلف أنه يقع أو لا يقع يقع هذا محل خلاف بين العلماء فمنهم من يقول إن هذا ملجأٌ إلى الطلاق فلا طلاق عليه لقول النبي صلّ الله عليه وعلى آله وسلم ( لا طلاق في إغلاق ) لا طلاق في إغلاق وهذا مغلق عليه وجد من نفسه أن شيئا يضغط عليه ليطلق وأنه في حال لا يتحمل البقاء مع زوجته وإلا هو يعي ما يقول فهذا محل خلاف من العلماء من يقول إنه لا يقع طلاقه يا عبدالله بن عوض وين أنت ومنهم من يقول إنه يقع ترى فيه يا عبدالله بن عوض فيه رشاش يرش الماء أتريد أن نأتي به أجب ... لا بأس فيه أظن يا حجاج الضغاط يبخ الماء بقوة إن شاء الله أحضره لنا أحضره لنا
السائل : سيرش من قبله .
الشيخ : لا لا ما يرش من قبله إذا صوبته عليه أصابه ولم يصب غيره طيب على كل حال هذا محل خلاف بين العلماء والذي يظهر لي أنه لا يقع الطلاق فيه كما هو اختيار الشيخ ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء واستدلوا بالحديث الذي ذكرت لكم وهو ( لا طلاق في إغلاق ) فهو نظريا هو القول الراجح لأنه كالمكره لكن عمليا وتربويا هل نقول بالفتوى به أو نمنع الفتوى به إلا في حالات معينة نعرف فيها صدق الزوج الثاني لا شك إنه الثاني لأننا لو أطلقنا القول بأن طلاق الغضبان لا يقع لامتلأت مجالسنا ممن يقول أنا غضبت وطلقت وهو لا يفرق بين الدرجة الأولى والدرجة الثانية فيقع التلاعب ولهذا إطلاق الفتوى به أي بعدم وقوع الطلاق من الغضبان يؤدي إلى أن يتتايع الناس في الطلاق فإذا رأى الإنسان من الزوج أنه رجل مستقيم لا يمكن أن يتهاون فحينئذ يتوجه القول بالفتوى أنه لا يقع الطلاق وإذا رأى من سيما الرجل أنه متهاون يريد أن ترجع إليه زوجته بأي سبيل فهنا ينبغي أن يفتي بوقوع الطلاق وهذا من باب سياسة الخلق والسياسة لها شأن عظيم في الشريعة الإسلامية حتى في الأمور الحسية السياسة لها شأن عظيم ربما نمنع هذا الرجل من أكل هذا الطعام المعين وهو حلال الطعام لأنه يضره ولا نمنع الآخر لأنه لا يضره فمثل السياسة والتربية أمر أيها الطلبة يجب التفطن له وألا تكون الفتوى مطلقة هذا في كل زمان ومكان ولا يخفى علينا السياسة العمرية أنه عمر رضي الله عنه منع الرجل الرجوع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثا لأنه حرام فكثر من الناس فمنعهم من المراجعة وقال " أرى الناس تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه " .