قال المصنف :" فيقيمه الإمام أو نائبه في غير مسجد " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف " فيقيمه الإمام " يعني فإذا ثبت الحد، فمن المخاطب بإقامته؟ وهل لكل إنسان أن يقيمه؟ لا، قال " فيقيمه الإمام أو نائبه ".
وعلم من قول المؤلف فيقيمه أنه لا بد من النية، فلو غضب الإمام على شخص في مسألة غير فاحشة فجلده مائة جلدة، سمع أنه يسبّ الإمام قال هذا الرجل الذي يسبني اجلدوه مائة جلدة، فجلدوه مائة جلدة، فلما انتهوا منه قال لهم إنه قد زنى، تكون الجلدات هذه عن زناه، ينفع؟ لا، لأنه لا بد من نية، ولهذا قال فيقيمه، والإقامة لابد أن يكون لها من نية.
ويجب على الإمام أيضا أن ينوي بإقامة الحد، أو من الآداب أن ينوي ينوي بإقامة الحد أمورا ثلاثة،
أولا: امتثال أمر الله عز وجل في إقامة الحدود، ولا ينوي بذلك التّشفّي أو الانتصار، ينوي بذلك امتثال أمر الله تعالى بإقامة الحد، لأنّ هذا من الواجب مما أوجب الله على العباد، فينوي بذلك امتثال أمر الله.
ثانيا: أن ينوي دفع الفساد، لأنّ هذه المعاصي لا شك أنها فساد، وأن الله تعالى ما أمر بإقامة الحدود على فاعليها إلا لدفع فسادهم وفساد غيرهم المنتظر إذا لم يقم عليهم الحد.
الشيء الثالث: إصلاح الخلق، ومن بين الخلق الذين يصلحهم هذا المجرم الذي يقيم عليه الحد، فينوي إصلاحه وأنّ الله تعالى يغفر له ما سلف.
هذه الأمور الثلاثة يجب على ولي الأمر أن تكون منه على بال، وهي إقامة فريضة الله، دفع الفساد، إصلاح الخلق، وكثير من الولاة أو أقول بعض الولاة يريد بذلك الإنتقام فقط، مجرد الانتقام من هذا الشخص.
طيب هل تسري هذه الآداب الثلاثة إلى المعلم؟
السائل : نعم.
الشيخ : المعلم يعني مثلا إذا سطع الطالب بالمسطعة، تعرفون المسطعة؟ إذا سطعه بالمسطعة ينوي بذلك ... فريضة الله، المسطعة عبارة عن خشبة، نحن نسميها مسطعة من السطع، ... المهم أنه يعني بذلك دفع الفساد، وإصلاح هذا الطالب وغيره أيضا، لكن إقامة فريضة الله كيف؟ قد نقول إن هذا مما يشرع وإن نتجاسر إلى حد الفريضة، مما يشرع، ولو لم يكن من ذلك، ما دام قلنا إنه دفع فساد والله تعالى لا يحب الفساد صار من المشروع أن ندفع الفساد بكل وسيلة، أليس كذلك؟ طيب.
وقول المؤلف " فيقيمه الإمام " الإمام في كل موضع بحسبه، عندنا نتكلم عن الجنايات والحدود وما أشبهها يكون المراد بالإمام من له السلطة العليا في الدولة.
وعندما نتكلم في باب الجماعة يكون المراد بالإمام إمام الصلاة إمام المسجد، فالإمام من له السلطة العليا في الدولة المدبر لشؤون الدولة هو الإمام.
وقوله " أو نائبه " من نائب الإمام؟ القاضي، الوزير، الأمير؟ هذا يرجع إلى العرف، نائب الإمام في هذه الأمور يرجع إلى العرف، فمثلا إذا كان من عادة الإمام أن يقيم عنه الأمراء في تنفيذ الحدود صار نائب الإمام الأمير، وإذا كان يقيم شيوخ القبائل، صار الذي ينوب عنه شيخ القبيلة، وإذا كان ينوب القضاة صار الذي ينوب عنه القاضي، وهكذا، المهم أن هذا يرجع إلى العرف والنظام الخاص، وهذا يختلف في كل مكان بحسبه.
" في غير مسجد " قوله في غير مسجد ماذا يشمل؟ كل مكان إلا المسجد، فيجوز أن يقيمه على ظاهر كلام المؤلف في البيت، أو لأ؟ ظاهر كلام المؤلف نعم لأنه ما استثنى إلا المسجد، يقيمه في البيت لكن بشرط أن يحضره طائفة من المؤمنين، في مكان العمل يجوز أو لأ؟ كما لو كانوا في دائرة وأقام الحد عليه في الدائرة؟ يجوز، نعم، لكن لا بد أن يشهده طائفة من المؤمنين.
طيب، لكن الأفضل والأولى أن يكون في مكان مفسوح، بمعنى أنه يأتي إليه كل أحد، نعم، كالسوق ومجالس الناس وما أشبه هذا، لأجل أن يكون عام، ولهذا ماعز بن مالك رضي الله عنه قال الرسول : ( اذهبوا به فارجموه ) فرجمه الناس علنا ظاهرا، وكان شارب الخمر يؤتى به فيأمر الناس فيضربونه الذي بيده والذي بجريدة والذي بالنعل والذي بالرداء، يكون ظاهرا، لأننا إذا كنا نقول إن المراد ردع هذا وغيره فإنه إذا كان في دائرته أو كان في مدرسته أو ما أشبه ذلك يقل هذا بالنسبة لغيره، لكن كلام المؤلف يدل على الجواز طيب، في المسجد ما يجوز، في المسجد لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسجد للأعرابي الذي بال في المسجد ( إنما بنيت لذكر الله تعالى وقراءة القرآن والصلاة ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالمساجد مبنية للذكر والطاعة، وليس لإقامة الحدود، وأيضا فإنه إذا أقيم عليه الحد في المسجد فربما يحصل منه أذى، أو لا؟ يرتاع ثم يحدث رائحة أو ما هو أغلظ منها، وربما يحصل منه الصراخ وكلام ما ينبغي ولا يليق بالمسجد، فلهذا يمتنع إقامة الحد في المسجد بالدليل والتعليل.