قال المصنف :" و الرقيق خمسين جلدة ولا يغرب " حفظ
الشيخ : " والرقيق خمسين جلدة ولا يغرب " يعني معناه يجلد الرقيق خمسين جلدة، الرقيق هو المملوك وضده الحر، فإذا زنى الرقيق فإننا نجلده خمسين جلدة، ما هو الدليل؟ الدليل قوله تعالى (( فإن أتين )) يعني الإماء (( فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب )) والعذاب الذي يتنصّف على المحصنات ما هو؟ الجلد لأنّ الرجم لا يمكن أن يتنصف، والجلد مائة جلدة فيكون عليها خمسون جلدة، المرأة واضح أنه عليها خمسين جلدة، لأنّه نص القرآن، لكن الرجل إذا كان رقيقا وزنى فما هو الدّليل على أنّه يجلد خمسين جلدة؟ قالوا الدّليل على ذلك القياس، قياس الرجل على المرأة لأنّه لا فرق والشّريعة لا تأتي بالتّفريق بين المتماثلين، كيف يتمّ القياس؟ قالوا لأنّ كلاّ منهما من الرقيق، والرّقيق ليس في نفسه من الشرف والمروءة كما في نفس الحر، وإذا لم يكن عنده من الشرف والمروءة كما عند الحرّ فإنّه لا يبالي إذا زنى، إذا زنى فإنه لا يبالي، عرفتم يا جماعة، وهذا تعليل صحيح ولكن قد يقول قائل إنّ زنى الرّجل الرّقيق ليس كزنى المرأة الرقيقة، كيف؟ لأنّ المرأة الرقيقة قد تزني لكون سيدها يستأجرها والعياذ بالله في البغاء وتعتاد ذلك فيهون عليها الأمر لأنّ الله نصّ على أنّ ذلك واقع من الأسياد بالنسبة للإماء فقال (( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصّنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا )) فإذا كانت المرأة بهذه الحال فإنّ العبد ليس هكذا، فالقياس غير صحيح، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنّ حدّ الزاني الرقيق إذا كان ذكرا حدّه كحد الحر لعموم الآية (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )) فالمسألة فيها خلاف الآن، الأمة لا إشكال في أنه ليس عليها مائة جلدة لأن النص واضح فيها، في أن عليها خمسين جلدة قصدي لأنّ النّصّ فيها واضح، ولكن الإشكال في العبد فإنّ تخصيص العموم في سورة النّور بالقياس الذي ليس بواضح لظهور الفرق بين الأمة وبين العبد أقول إنّ تخصيص هذا العموم بهذا القياس الذي ليس بواضح قد يجعل في النفس شيئا من هذا، نعم وأنا إلى الآن لم يتبين لي أي القولين أصح، لكن جمهور أهل العلم على أن الجلد بالنسبة للرقيق منصف مطلقا، قال " ولا يغرب " لماذا لا يغرب؟ قالوا لأن التغريب فيه إضرار في السيد، والسيد لا جناية منه، ولأننا إذا غربناه ربما يهرب ويكون في ذلك إضرار أكثر، فنحن إذا غربناه منعنا سيّده من الانتفاع به مدة التغريب، وكذلك ربما يهرب، هذا هو تعليلهم في هذه المسألة، واختار كثير من أصحابنا رحمهم الله أنه يغرب بنصف عام، قالوا لأن عموم قوله (( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب )) يشمل التّغريب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الزاني ( جلد مائة وتغريب عام ) والتغريب يمكن تنصيفه أو لا يمكن؟ يمكن تنصيفه يقال يغرّب نصف سنة، وقولهم إنّ في هذا إضرارا بسيده، يقال حتى الجلد أمام الناس فيه إضرار بسيده وإلا لا؟ وش الإضرار الذي فيه؟ تنقص قيمته ولا يشتريه الناس ويحذر الناس منه ولا يأتمنونه، فهذه من المصائب التي تحصل للسيد بسبب فعل العبد، ولا يمكن أن نمنع حدا من حدود الله من أجل مصلحة السيد الذي يكون زنى رقيقه من باب المصائب التي أصيب بها، وهذا القول أصح أنه يغرب نصف سنة.
وقولهم إنه يخشى أن يهرب، نقول إنّ سيده إذا خاف عليه أن يهرب أمكنه أن يرسم عليه أحد، يعني يستأجر من يلازمه في بلاد الغربة أو نحو ذلك من الأشياء التي يمكنه أن يحفظ بها رقيقه.
وقولهم إنه يخشى أن يهرب، نقول إنّ سيده إذا خاف عليه أن يهرب أمكنه أن يرسم عليه أحد، يعني يستأجر من يلازمه في بلاد الغربة أو نحو ذلك من الأشياء التي يمكنه أن يحفظ بها رقيقه.