قال المصنف :" ولا يجب الحد إلا بثلاثة شروط أحدها: تغييب حشفته الأصلية كلها في قبل أو دبر أصليين حراما محضا من آدمي حي " حفظ
الشيخ : قال " ولا يجب الحد إلا بثلاثة شروط " وهذه الشروط زائدة عن الشروط السابقة العامة، والشروط السابقة العامة ثمانية؟
الحضور : أربعة.
الشيخ : متأكّدون؟
الشيخ : بالغ عاقل ملتزم عالم بالتحريم، نزيد في حد الزنا ثلاثة شروط " إلا بثلاثة شروط أحدها تغييب حشفته الأصلية كلها في قبل أو دبر أصليين حراما محضا من آدمي حي " النسخة الصحيحة من آدمي حي.
طيب، تغييب حشفته الأصلية، منكّر عندكم؟ حشفة أصلية كلها؟
السائل : عندنا تغييب حشفته الأصلية.
الشيخ : اللي عندنا تغييب حشفته الأصلية كلها، اللي عندنا أوفق لقواعد النحو، لأن توكيد المنكر فيه خلاف، وإن كان ابن مالك يقول:
" وإن يفد توكيد منكور قبل *** وعن نحاة البصر المنع شمل " على كل حال الظاهر اللي عندي أصح.
تغيبب حشفته أي الزاني، والحشفة معروفة." كلها " احترازا من البعض، وإذا لم يكن له حشفة، كما لو كان مقطوع الحشفة فإن قدرها يكون بمنزلتها.
" في قبل أو دبر " معروف ما تحتاج تفسير، في قبل الفرج، أو دبر مخرج الغائط.
" أصليين " صفة للقبل أو الدبر، وضدهما غير الأصليين، فما هما غير الأصليين؟ الخنثى بالنسبة للقبل واضح، لكن بالنسبة للدبر؟ نعم ربما يكون إنسان نسأل الله العافية ما له دبر، وقد ذكر ابن قدامة رحمه الله في المغني أنه ذكر له أن في الشام ثلاثة أشخاص أحدهم يقول إن له خرقا بين مخرج البول والغائط، يخرج منه البول والغائط، وليس له فرج وليس له ذكر، تبارك الله أحسن الخالقين، الثاني ليس له فرج ولا ذكر لكن فيه ورمة يبش منها البول بشا، سبحان الله، والثالث ليس له من أسفله شيء وإنما يأكل الطعام فإذا بقي ما شاء الله تقيأه، وكان هذا التقيؤ بمنزلة الغائط والبول، هؤلاء يحكم لهم حكم الأخنثى المشكل بالنسبة للميراث.
على كل حال لابد أن تكون القبل والدبر أصليين احترازا من غير الأصليين كفرج الأخنثى ودبر في غير موضعه.
قال " حراما محضا " هذا يأتي إن شاء الله تعالى الكلام عليه في الشرط الثاني لأنه هو حقيقة الشرط، لكن قال " من آدمي حي " يعني أن يكون هذا القبل أو الدبر من آدمي، فإن كان من غير آدمي لم يجب حد الزنا لكن ماذا يجب؟ يجب التعزير بما يراه الإمام، فلو أولج الإنسان في بهيمة عزر وقتلت البهيمة، تقتل على أنها حرام جيفة، فإن كانت البهيمة له فاتت عليه، وإن كانت لغيره وجب عليه أن يضمنها لصاحبها، وقيل إن من أتى بهيمة قتل لحديث ورد في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من وجدتموه على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة ) وهذا عام، فأخذ به بعض أهل العلم ولكنّ الحديث ضعيف، ولهذا عدل أهل العلم لما ضعف الحديث عندهم عدلوا إلى أخفّ الأمرين وهو قتل البهيمة، وأمّا الآدمي فلا يقتل لأنّ حرمته أعظم ولكن يعزّر لأنّ ذلك معصية، ما الدليل على أن إتيان البهيمة معصية؟ قوله تعالى (( والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون )) أي شيء وراء الأزواج وملك اليمين فيعتبر عدوانا وظلما، إذن من آدمي احتراز من غير الآدمي فلا حد فيه ولكن فيه التعزير وقتل البهيمة للحديث الذي ورد فيه هذا بالنسبة لقتل البهيمة، وأما التعزير فعلى القاعدة العامة أن التعزير واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، وأما القائلون بأنه يقتل استدلوا بالحديث وصححوه، قالوا الحديث صحيح، وقالوا بأن فرج البهيمة فرج لا يحلّ بحال فيكون كاللّواط لأنّه فرج لا يحلّ بأيّ حال من الأحوال فيكون كاللّواط، لكن المذهب كما سمعتم هو هذا أنه يعزر وتقتل البهيمة.
وظاهر كلام المؤلف أنّه لا فرق بين الزنا بذوات المحارم وغيرهنّ، ولكن الصّحيح أنّ الزنا بذوات المحارم فيه القتل بكلّ حال، لحديث صحيح ورد في ذلك، واختار هذا ابن القيم في كتابه " الجواب الكافي " على أن الذي يزني بذات محرم منه فإنه يقتل بكل حال، مثل لو زنى بأخته والعياذ بالله أو عمته أو خالته أو أم زوجته أو بنت زوجته التي دخل بها، وما أشبه ذلك، فإنه يقتل بكل حال، لأنّ هذا الفرج لا يحل بأي حال من الأحوال، ما يحلّ لا بعقد ولا بغيره، من محارمه، ولأن هذه فاحشة عظيمة وورد في ذلك حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أيضا صحيح في قتل من أتى محرما من محارمه وهو رواية عن أحمد وهي صحيحة أن من زنى بذوات المحارم يقتل ولو كان غير محصن.
وقوله " من آدمي حي " احترازا من ميت، يعني لو زنى بميتة فإنه لا يحد، يتصور هذا؟ يحصل، نعم يحصل، وقد يحصل، وواحد أظنه قال كثير، بس الكثرة هذه لا أدري، المهم أنه لو زنى بامرأة ميتة فإنه لا يحد، لماذا؟ قالوا لأنّ النّفس تعافها وتكرهها فاكتفي بالرادع الطبيعي عن الحدّ ولكن لا بدّ أن يعزّر، وتعزّر الميتة؟ لا ما تعزر الميتة، لكن هو يعزر والعياذ بالله، وقيل إن الذي يأتي الميتة يزني بها عليه حدان، يحد مرتين، مرة للزنى، ومرة لانتهاك حرمة الميتة، لأن الحية قد يكون منها شهوة وتلذذ، بخلاف الميتة، فيحد مرتين، والإمام أحمد رحمه الله في إحدى الروايات إن لم تكن الأخيرة يميل إلى هذا، إلى أنه يجب عليه حدان، لبشاعة هذا الأمر، وهو لا شك أمر مستبشع غاية الإستبشاع، ولا أقل من أن نلحق الميتة بالحية لعموم الأدلة (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ))، فإذا كانت عندنا نصوص عامة، هذا الرجل زاني، وإن كانت المرأة ما تسمى زانية، لكن ليس بشرط ولهذا لو زنى بامرأة مجنونة وجب عليه الحد ولم يجب عليها الحد، يعني ليس الحدان متلازمان، ولو زنى محصن ببكر رجم وجلدت، فليس من شرط إقامة الحد في الزنا أن يكون الزانيان عقوبتهما سواء، إذن انتبهوا للشروط الآن، تغييب الحشفة الأصلية كلها، في قبل أو دبر، الثالث أصليين، الرابع من آدمي، الخامس حي، أما حراما محضا فيدخل في انتفاء الشبهة في الشرط الثاني.
هذه الشروط الخمسة إذا لم تتم فإنّ الحد لا يجب على الفاعل ولكن يجب عليه التعزير لو أن رجلا بات مع امرأة وصار يقبّلها ويضمّها ويجامعها بين الفخذين ويفعل كل شيء إلا أنه لم يولج الحشفة؟ لا حد ولكن عليه التعزير إلاّ أن يجيء تائبا يعني إلى الحاكم فإن الحاكم بالخيار إن شاء أقام عليه التعزير وإن شاء لم يقم عليه التعزير، لأنه ثبت في الحديث الصحيح أن رجلا جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يخبره أنه فعل بامرأة كل شيء إلا النكاح فقال ( صليت معنا؟ ) قال: نعم، فتلا عليه قوله تعالى (( إن الحسنات يذهبن السيئات )) ولم يقم عليه التعزير، فإذا جاء تائبا نادما من فعله فإننا في هذه الحال إن طلب منا أن نقيم عليه التعزير وألح في ذلك أقمنا عليه، وإلا أخبرناه بأن التوبة تجب ما قبلها.
طيب، الشرط الثاني " انتفاء الشبهة " ... حراما محضا هو الشرط الثاني، عندكم حرا محصنا الظاهر، حراما محصنا؟ لا هي صوابها حراما محضا، صوابها من كلام المؤلف حراما محضا، ومع ذلك لا داعي لها، لأنه يغني عنها قوله الشرط الثاني انتفاء الشبهة.