قال المصنف :" وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة " حفظ
الشيخ : " وهو واجب " هذا حكم التأديب على من؟ على من له حق التأديب قد يكون على الإمام أو نائبه أو الحاكم أو الأب أو الأم أو ما أشبه ذلك كل من له حق التأديب فهو واجب عليه ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ) وقوله وهو واجب هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله أنه واجب وقال بعض أهل العلم أنه ليس بواجب على الإطلاق ولا يترك على الإطلاق وأن ذلك يرجع إلى اجتهاد الحاكم بشرط أن يكون أميناً وعلل ذلك بأمور كثيرة وقعت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وترك التأديب عليها وبأن المقصود التأديب وكثير من الناس إذا مننت عليه وأطلقته يكون هذا الإطلاق عنده أكبر من التأديب يرى لهذا الإطلاق محلاً ويمتنع عن المعصية أشد مما لو رحت تضربه يمكن لو تضربه أمام الناس يمكن عاد يعاند ويعود إلى المعصية لكن لو تمن عليه صار ذلك أقوم له ولهذا في الأسرى مرّ علينا في الجهاد أنّه يجوز للإمام أن يمن عليهم (( فإما مناً بعد وإما فداءً )) حسب ما تقتضيه المصلحة فهذا الرجل ربما إذا أتينا به وقلنا يا أخي هذا ما ينبغي من مثلك وأنت رجل في الحقيقة يشق علينا أن نأدبك أمام الناس أو أن نظهر تأديباً لك ولكن نظراً لمقامك وحالك فإننا نريد أن نسمح عنك وننصحك أن تعود لمثله هذا ربما يكون في نفسه أنفع مما لو ضربناه أسواطاً في السوق والصحيح أنه ليس بواجب على الإطلاق وأن للإمام أو لمن له التأديب أن يسقطه إذا رأى غيره أنفع منه وأحسن.
قال: " في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة " قوله في كل معصية إن أراد بالمعصية ما يقابل الطّاعة ففيه نظر لأنّ الإنسان قد يعزّر على ترك الطاعات ليس على المعاصي وإن أراد بالمعصية المخالفة مطلقاً فهذا صحيح، انتبه يا أخي إن أراد بالمعصية إيش ما يقابل الطاعة فليس بصواب وإن أراد بالمعصية مخالفة إيش؟ الأمر فيشمل فعل المعصية وترك الطّاعة فكلامه صحيح ذلك لأنه ثبت التأديب على ترك الواجب ثبت التأديب عليه ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليه ) هذا يشمل على فعلها أن يفعلوها ولا بد وهذا تعزير على إيش؟ على ترك واجب والنبي عليه الصلاة والسلام قال (لقد هممت ان آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيؤم الناس -إلى أن قال- ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرّق عليهم بيوتهم بالنار ) وهذا على ترك واجب فالصحيح أن التأديب ولعله مراد المؤلف أن التأديب واجب في كل معصية سواء كانت تلك المعصية بترك الواجب أو بفعل المحرم ولكن لاحظوا أنّ التأديب على فعل المحرم لا يتكرّر وأمّا التّأديب على ترك الواجب فيتكرّر حتى يقوم بالواجب، مثلاً إنسان قلنا له صلّ الآن سيخرج الوقت تهاون ضربناه وتهاون نضربه حتى يصلي ولو تكرّر لأنّ المراد تقويمه فلا ندع ضربه حتى يتقوّم، أما معصية فعلت وراحت وذهبت فهذه يعاقب عليها مرّة واحدة فإن عاد عاقبناه بعقوبة جديدة لمعصية جديدة.
يقول " في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة " فإن كان فيها حد فالحد كافٍ عن التعزير وإن كان فيها كفارة فالكفارة كافية عن التعزير، مثال الذي فيها الحد لو أن رجلاً زنا، لو زنا رجل بامرأة وهو غير محصن يعني لم يتزوج بعد نجلده مئة جلدة هل نعزره مع ذلك؟ لا اكتفاء بالحد، ولا كفارة الكفارة أيضاً ما فيها تعزير فإن المعصية التي فيها كفارة لا تعزير فيها لأنّ الكفارة نوع تعزير فهي إلزام له إما بعمل شاق وإما بمال يفدي به نفسه مثاله رجل جامع امرأته في نهار رمضان مع وجوب الصوم عليه عليه كفارة إيش؟ عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً هذا نوع تعزير أليس نوع تعزير؟
السائل : نعم.
الشيخ : نعم وإلا بلى؟
السائل : بلى.
الشيخ : بلى، كيف تعزير؟ عتق الرقبة معناه أنه سيبذل كثيراً من ماله، صيام شهرين متتابعين سيعمل عملاً شاقاً، إطعام ستين مسكيناً كذلك لأنه إذا لم يجد الرقبة ولا ولم يستطع الصيام فإطعام سيتين مسكيناً فيكتفى بالكفارة عن التعزير، واضح؟ فيه أيضاً لو قال المؤلف ولا قصاص أو ولا قَوَد لكان أجود لأن المعصية التي فيها قَوَد يكتفى بالقود عن التعزير فلو أن رجلاً قتل رجلاً أو قطع طرفه على وجه يثبت به القصاص فإنه إيش؟ يقتص منه ويكتفى لأنّ الله تعالى لم يذكر شيئاً سوى المقاصصة، طيب ونقول ولا دية ونكتفي بالدية عن التعزير؟ يعني مثلاً لو جنى جناية ليس فيها كفارة وليس فيها قصاص وليس فيها حد لكن فيها دية هل نقول ديتها كفارتها أم لا؟ ظاهر كلام المؤلف لا لأن الدية حق للآدمي، والتعزير حق لله بدليل أن الذي يجني على شخص جناية ليس فيها قصاص قد فعل أمرين اعتدى على حق الله لأنّ الله تعالى حرّم علينا أن نعتدي على من له حرمة، والثاني حق الآمي وإذا كان كذلك فنقول حق الآدمي له وحق الله لله، ولهذا أوجب الله في قتل الخطأ كفارة ودية، الكفارة لله والدية للآدمي وهذه محلّ نظر قد يقال إننا نؤدبه مراعاةً للحق العام حتى لا تنتشر الفوضى ولا يقتل الناس بعضهم بعضاً وقد يقال إنّنا نكتفي بالدية عن التأديب لأنها نوع من التعزير إذاً التعزير واجب وإلا مستحب؟ واجب على رأي المؤلف، وما محله؟ كل معصية لاحد فيها ولا كفارة، طيب إذا قال قائل ما هو الدليل على وجوب التعزير؟ نقول عندنا أدلة عامة وأدلة خاصة أما الأدلة العامة فهي أن الشريعة جاءت مبنية على على تحصيل المصالح وتقليل المفاسد القاعدة هذه متّفق عليها وإلا لا ؟ متفق عليها ومن المعلوم أنّ في التعزير تحصيل للمصالح وتقليل للفاسد يقول الله عز وجل مقرراً هذه القاعدة : (( ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون )) ويقول جل وعلا (( أليس الله بأحكم الحاكمين )) أما الأدلة الخاصة فإنه أدلة متناثرة مثل ما أشرنا إليها قبل قليل من قول الرسول عليه الصلاة والسلام ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ) ومثل تحريق رحل الغال من الغنيمة لأنّ هذا تعزير وإلا لا؟ الغال من الغنيمة من هو الغال من الغنيمة؟ الذي يكتم شيئاً مما غنم هذا يحرق رحله لأنه غال، ومثل كاتم الضالة الضالة يعني الضائعة البعير إذا ضاعت وكتمها فإنه يضمن قيمتها مرتين، ومثل من عطس ولم يحمد الله فإننا نعزره بماذا؟ ما نقول يرحمك الله حرمناه من شيئ يحبه ولهذا كان اليهود عند الرسول صلّى الله عليه وسلم يتعاطسون ويحمدون الله لأجل أن يقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم يرحمكم الله لكن ما يقول لهم يرحمكم الله يقول يهديكم الله، وهذا الكافر إذا عطس وحمد الله لا تقول يرحمك الله قل له يهديك الله وإذا هداه الله رحمه، طيب إذاً صار التعزير فيه دليل عام وأدلة خاصة، الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال كل معصية لا حد فيها ولا كفارة فأدبوه فيها ما قال هكذا لكن نرى قضاية متعددة فيها التعزير ويمكن أن نأخذ من هذه الأفراد هذه القاعدة التي ذكرها المؤلف نعم.