قال المصنف :" ويلزمه الدفع عن نفسه و حرمته دون ماله " حفظ
الشيخ : قال المؤلف " ويلزمه الدفع عن نفسه " يعني يلزم من صال عليه آدمي أو بهيمة أن يُدافع عن نفسه وجوبا، الدليل قوله تعالى (( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )) ومن استسلم للصائل الذي يريد قتله فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة ووقع فيما نهى الله عنه ولأن نفسه محترمة وأمانة عنده ومسؤول عنها أمام الله فوجب عليه أن يُدافع عنها، هذا اثنين ولأنها نفس محترمة ونفس الصائل نفس معتدية ليس لها حُرمة ومعلوم أنه يجب فداء النفس المحترمة بالنفس المعتدية وأن تُتلف النفس المعتدية لإبقاء النفس المحترمة، واضح؟ هذه ثلاثة أشياء تدل على وجوب المدافعة عن النفس وكذلك ما أشار إليه الأخ فيصل من قوله عليه الصلاة والسلام أرأيت إن قاتلني قال ( قاتله ) ولقوله تعالى (( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوه )) فأمر بقتلهم حتى عند المسجد الحرام مع حرمته وتعظيمه فالحاصل أنه يجب الدفع عن نفسه لكن هل يُستثنى من هذا شيء؟ اختلف العلماء في ذلك فقال بعضهم يُستثنى من ذلك حال الفتنة، نعوذ بالله من الفتن، إذا اضطرب الناس وافتتنوا وصار بعضهم يقتل بعضا لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتِل، فتنة مائجة فإنه في هذه الحال لا يلزمه الدفع واستدلوا بقول النبي عليه الصلاة والسلام ( إنها ستكون فتن القائم فيها خير من القاعد والقاعد فيها خير من الماشي ) فقيل يا رسول الله أرأيت إن دخل بيتي فيعني هل أقتله أم لا قال ( لا تقتله ) وقال عليه الصلاة والسلام ( فإن بهرك السيف ) .
السائل : شعاع.
الشيخ : أو ( شعاع السيف فألق رداءك على وجهك ) يعني واستسلم واستدلوا أيضا بفعل عثمان بن عفان رضي الله عنه فإن الصحابة طلبوا منه أن يُدافعوا عنه الذين خرجوا عليه ولكنه رضي الله عنه أبى وقال " لا تُقاتلوا " فإذا كان فتنة فلا تُقاتل والصواب أن الفتنة إذا كان يترتب على المدافعة، يترتب عليها شر أكبر أو كانت المدافعة لا تُجدي لكثرة الغوغاء ففي هذه الحال لا يجب الدفع وإلا وجب الدفع لما ذكرنا فيما سبق وتُحمل النصوص الواردة على ذلك على هذه الحال وكذلك ما ورد عن عثمان رضي الله عنه لأن عثمان رأى أن أهل المدينة لو دافعوا لالتهمهم هؤلاء الخارجون لأنهم عدد كبير لا طاقة لأهل المدينة بمدافعتهم ويرى بعض العلماء إنه يلزم الدفع مطلقا وأن الأحاديث الواردة في ذلك فيما إذا كان الإنسان لا يستطيع المدافعة فإن مدافعته إذا كان لا يستطيع لا فائدة منها، طيب.
قال " دون ماله " يعني لا يلزمه الدفع عن نفسه وعن حرمته، " وعن حرمته " ما حرمته؟ يعني أهله كزوجته وابنته وأمه وأخته وما أشبه ذلك فيلزمه الدفع عنهم لأن حماية النفوس كما قلنا فيما سبق واجبة فيلزمه الدفاع عنهم أما ماله فيقول المؤلف دون ماله فلا يلزمه الدفاع عنه لأن حرمة المال دون حرمة النفس ولكن هل يجوز؟ أه؟
السائل : يجوز.
الشيخ : يجوز، يجوز الدفاع عن ماله وإن قل حتى لو كان جرّة حبر أو ريشة قلم فإنه يجوز وقال بعض العلماء إنه إذا كان المال يسيرا فإنه لا يجوز أن يُدافع عنه مدافعة تصل إلى القتل لأن حرمة النفس أعظم من حرمة المال ولكن هذا القول ضعيف لأن الأحاديث عامة " دون ماله " حديث ( من قُتِل دون ماله فهو شهيد ) وهو عام وقال إن طلَب مني مالي قال ( لا تُعطه ) وهو عام أيضا فالصواب العموم وليست المسألة من باب المقابلة والمكافأة، انتبه، لأنه لو كانت من باب المقابلة والمدافعة لقلنا إنه لا يجوز المدافعة إلا إذا كان المال الذي صيل عليه بقدر، هاه؟
السائل : ... .
الشيخ : الدية بقدر الدية وهذا لم يقل به أحد بل المقاتلة من أجل انتهاك الحرمة، حرمة المال.