تتمة شرح قول المصنف : " ويختار أفضل من يجده علما وورعا " حفظ
الشيخ : يختار أفضل من يجده علما وأفضل من يجده ورعا والورع والزهد كلاهما ترك لكن الورع ترك ما يضر في الآخرة والزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة وأظن أن بينهما فرقا فالورع أن يدع الإنسان كلّ ما يضره فلا يأكل مالا بغير حق ولا يظلم أحدا ولا يضيع شيئا من عمله وما أشبه ذلك الزهد ترك ما لا ينفع فيدع المباحات من أجل أن يرتقي إلى الكمالات وعلى هذا فيكون الزهد أعلى من الورع يعني مقام الزهد أعلى من مقام الورع لأن الزهد ترك ما لا ينفع مثال ذلك لدينا ثلاث حالات رجل يأكل الحرام ورجل لا يأكل الحرام لكنه لا يتورع عن الأشياء التي ليس فيها خير ولا ضرر والثالث يدع كل شيء لا نفع فيه فلا يأكله الأول ليس فيه ورع ولا زهد والثاني فيه ورع لا زهد والثالث فيه ورع وزهد لأن من زهد فيما لا ينفع كان لتركه ما يضر من باب أولى والشيء الذي يجب في القاضي أن يكون ورعا أما الزهد فهو من الكمال وأما الورع فإنه لابد منه لابد أن يكون القاضي ورعا أي بعيدا عن أكل الحرام كالرشوة والمحاباة وما أشبه ذلك وفي قوله " علما وورعا " إكمال لركني الولاية بل لركني كل عمل وهما القوة والأمانة لأن جميع الأعمال تنبني على هذين الركنين القوة على أداء العمل والأمانة في أداء العمل قال الله تبارك وتعالى (( إن خير من استأجرت القوي الأمين )) (( وقال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين )) وفي تقديم القوة على الأمانة دليل على أنها أهم من الأمانة لأنه كم من إنسان أمين ولا يخشى منه الخيانة أبدا لكنه ضعيف ما ينتج ولا يثمر وكم من إنسان قوي في أداء عمله لكنه ضعيف في أمانته فالثاني أحسن لإقامة العمل ولهذا تجد كثيرا من الناس الذين لديهم قوة وحزم وتصرف تجدهم ينتجون من الأعمال أكثر بكثير من قوم ضعفاء وعندهم أمانة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر ( إنك رجل ضعيف فلا تتولى إمارة ولا مال يتيم ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام فالإنسان لابد أن يكون قويا وأن يكون أمينا ولهذا بدأ المؤلف هنا بدأ بماذا بالعلم لأن فيه القوة على القضاء ثم تم بالورع الذي هو الأمانة .