شرح قول المصنف : " ويأمره بتقوى الله وبأن يتحرى العدل ويجتهد في إقامته " حفظ
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله " ويأمره بتقوى الله " هل نقول يأمرَه أو نقول يأمرُه بالضم نقول يأمرُه على الاستئناف لأنه لا يجب عليه أن يأمرَه ولكنه ينبغي له أن يأمرَه بتقوى الله يأمر من القاضي بتقوى الله عز وجل لأن تقوى الله وصية الله سبحانه وتعالى للأولين والآخرين (( ولقد وصينا الذين آتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله )) ولأن في تقوى القاضي لله عز وجل تييسرا لأمره وتسهيلا لمهمته لقوله تعالى (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا )) ولأن في تقوى القاضي لله عز وجل سببا لمعرفة الحق ومعرفة المحق لقول الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم الله ذو الفضل العظيم )) طيب والقاضي محتاج إلى ذلك ولأن في تقوى القاضي لله عز وجل سببا لأن يجعل الله له من كل هم فرجا (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ولهذا فمن ثم قلنا إنه ينبغي للإمام أن يكتب في تصدير التولية أو أن يصدّر وثيقة تولية بماذا بالأمر بتقوى الله عز وجل كذلك أيضا يأمره بأن يتحرى العدل ويجتهد في إقامته تحري العدل من تقوى الله عز وجل لكنه عطفها على التقوى من باب عطف الخاص على العام لأهمية العدل في باب الحكومة لقوله تعالى (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )) طيب وإذا تحرى العدل قال " ويجتهد في إقامته " لأنه ليس كل من تحرّى العدل وعرف العدل يقيم العدل أليس كذلك إذا يأمره بأمرين الأول إيش تحري العدل والثاني الاجتهاد في إقامة العدل العدل يشمل أمرين العدل في الحكم والعدل في المحكوم عليه العدل في الحكم بأن يحكم بما تقتضيه شريعة الله لأن كل ما تقتضيه شريعة الله فهو عدل بلا شك وبناء على ذلك يرفض جميع الأحكام القانونية التي تخالف شريعة الله مهما كانت قوتها في القانونية فإنه يجب على القاضي رفضها وطرحها لأنها خلاف العدل كل ما خالف شرع الله فإنه خلاف العدل ثانيا العدل في المحكوم عليه بألا يفرق بين صغير وكبير وشريف ووضيع وغني وفقير وقريب وبعيد أعرفتم وسيأتينا إن شاء الله بيان أنه يجب أن يعدل بين الخصمين في لفظه ولحظه ومجلسه ودخولهما عليه لا يكون القاضي ممن إذا رفعت إليه قضية تتعلق بأحد من أقاربه حاول أن يتملص من الحكم عليه وإذا رفعت إليه قضية تتعلق بأحد ممن بينه وبينه عداوة شخصية حاول أن يحكم بها عليه فإن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم حينما رفع إليه أمر المخزومية التي كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها المخزومية من بني مخزوم من أشراف قريش فأهمّ قريشًا شأنها قال كيف امرأة من بني مخزوم تقطع يدها تصبح أمام الناس عاراً فطلبوا من يشفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستقر رأيهم على ندب أسامة بن زيد فانتدب لذلك وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرفع الحكم عنها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أتشفع في حد من حدود الله ) والاستفهام هنا للإنكار فأنكر وأشار إلى العلة أنكر في قوله ( أتشفع في حد من حدود الله ) أتشفع وأشار إلى العلة في قوله ( في حد من حدود الله ) كأنه يقول أنا لا أملك أن أغير حدا من حدود الله فلا شفاعة في حد من حدود الله لأن الحكم كله لله عز وجل ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم واختطب اختطب وقال ( أيها الناس إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعت يدها ) اللهم صلّ وسلم عليه أقسم وهو الصادق البار بدون قسم أن لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها مع أنها سيدة نساء أهل الجنة وأفضل النساء نسبا وذكر فاطمة دون غيرها لأن القضية في امرأة فلهذا قال لو أن فاطمة طيب إذا العدل في إيش في الحكم وفي المحكوم عليه ويجتهد في إقامته ويجتهد في إقامته .