شرح قول المصنف : "ويحرم قبول رشوة " حفظ
الشيخ : قال " ويحرم قبول رشوة " وهي مثلثة الراء يقال رِشوة والثاني رَشوة والثالث رُشوة وهي مأخوذة من الرشاء وهو الحبل الذي يعقد به الدلو لاستخراج الماء والرشاء يتوصل به الإنسان إلى مقصوده الرشاء نعم وش مقصوده المال الرشوة بذل شيء يتوصل به الإنسان إلى المقصود فكل من بذل شيئا يتوصل به إلى المقصود فهو راشي لكن الرشوة في الحكم لا تجوز وهي أن يبذل الخصم للقاضي شيئا يتوصل به إلى أن يحكم له القاضي بما ادّعاه أو يرفع عنه الحكم فيما كان عليه لأن المرتشي اللي يعطى الرشوة تارة يريد أن يحكم له بما ادّعاه وتارة يريد أن يرفع عنه ما ادّعي عليه وبينهما فرق يا نصر بينهما فرق ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب إذا كان الخصم يدعي أنه يطلب فلانا مئة ألف ودفع إلى القاضي رشوة فهذا يريد من القاضي أن يحكم له بما ادعاه وإذا كان الخصم قد ادّعي عليه بمئة ألف وأعطى القاضي دراهم فهذا يريد من القاضي أن يرفع عنه ما ادّعي عليه وفي كلتا الصورتين الرشوة محرمة .
أولا : للحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الراشي والمرتشي واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله وهذا يقتضي أن تكون الرشوة من كبائر الذنوب .
وثانيا : أن فيها فساد الخلق فإن الناس إذا كانوا يحكم لهم بحسب الرشوة فسد الناس صاروا يعني يتباهون فيها أيهم أكثر رشوة فإذا كان الخصم إذا أعطى ألفا حكم له وإذا أعطى ثمانمئة لم يحكم له وشي يعطي يعطي ألفا وإذا ظن أن خصمه سيعطي ألفا أعطى ألفين وهكذا ففسد الناس .
ثالثا : أنها سبب لتغيير حكم الله عز وجل سبب لتغيير حكم الله كيف ذلك لأنه بطبيعة الحال النفس حيافة ميالة تميل إلى من أحسن إليها فإذا أعطي رشوة حكم بغير ما أنزل الله فكان في هذا تغيير لحكم الله عز وجل .
رابعا : أن فيها ظلما وجورا لأنه إذا حكم للراشي على خصمه بغير حق فقد ظلم الخصم ولا شك أن الظلم ظلمات يوم القيامة وأن الجور من أسباب البلايا العامة كالقحط وغيره .
خامسا : أن فيها أكلا للمال بالباطل أو تسليطا على أكل المال بالباطل كيف ذلك هل من حق القاضي أن يأخذ شيئا على حكمه لا لأننا نقول هذا الذي أخذه القاضي إما أن يحمله على الحكم بالحق والحكم بالحق لا يجوز أن يأخذ عليه عوضا دنيويا وإما أن يحمله على خلاف الحكم بالحق أو على الحكم بخلاف الحق وهذا أشد وأشد أشد وأشد فكان أخذ الرشوة أكلا للمال بالباطل وبذلها إعانة لأكل المال بالباطل طيب وبالرشوة فساد الأمانة ضياع الأمانات وهذا معنى سادس أن فيها ضياع الأمانات وأن الإنسان لا يؤتمن والحكم لا يؤتمن والإنسان لا يدري أيحكم له بما معه من الحق أن يحكم عليه وهذا فساد عظيم ولذلك استحق الراشي والمرتشي لعنة الله والعياذ بالله ولكن ما تقولون فيما لو تعذر إعطاء المستحق حقه إلا ببذل دراهم هل يدخل هذا في الرشوة ولا لا نقول نعم هي رشوة لأن الإنسان يريد أن يتوصل إلى حقه لكنّ إثمها على الآخذ دون المعطي لأن المعطي إنما بذلها ليستخرج حقه لأن حقه يضيع إذا لم يبذل ذلك ويكون اللعن على المرتشي الآخذ وقد نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله وبينوا أن من بذل شيئا للوصول إلى حقه فليس عليه شيء ماذا يصنع ويوجد الآن من يقول للإنسان المطالب بحقه إما أن تعطيني كذا وكذا صراحة وإلا فاصبر إلى متى فاصبر صبر أسبوع جاء عنده قال يالله تبي تعطين قال لا قال اصبر جاء الأسبوع الثاني تبي تعطين لا اصبر وهكذا حتى يمل ويعطيه غصبا عليه يعطيه غصبا عليه وهذا أمر في الحقيقة أمر مرّ ومفسد للخلق ولأديانهم ولأبدانهم لأنهم يأكلون السحت حتى إنه حكى لي شخص أن له معاملة في إحدى الدوائر وكان يتردد ويتردد وكل واحد من الكتاب يقوله اصبر وذا يقول راح إلى الثاني وراح إلى الثالث وهكذا وتعب صادف أنه خرج يوما من هذه الدائرة وقاله فلان قاله صاحبه لقاه واحد من أصحابه قال وش عندك يا فلان تتردد على هذا قال عندي كذا وكذا معاملة منتهية ما بقي عليها إلا شيء بسيط وأني عجرت لتتيسر قال تبيها تتيسر قال نعم قال تعال قام ويروح معه قال للقهوتي تعال هذه مئتين وخمسين ريال مئتين وخمسين دوك هالمعاملات تكفى نجزه لنا شف رقمه وتاريخه قال أبشر أبشر أنتم إن شاء الله إذا صليتوا الظهر فيتوا نقول والله نطلع بين مصدق ومكذب يقول يوم صلينا الظهر وجينا وإلا المعاملة بيده خالصة يقول لو دريت أعطيته ألفين وخمسمئة مو بمئتين وخمسين أتردد ولي مدة وأنا بس شف أقول يعني الآن والعياذ بالله دناءة يعني رشوة بسيطة مشت الحال !
السائل : يعطي العامل يا شيخ .
الشيخ : إيه نعم .
السائل : أعطيه ولا دخل له في الناس .
الشيخ : إيه لكن نفعت نفعت نفعت نفعت فالمهم أن هؤلاء أن الرشوة فساد للمجتمع في الواقع ولهذا يحرم على القاضي أن يأخذ الرشوة مطلقا طيب فإن كان القاضي ليس له رزق من بيت المال يعني ما عنده راتب من بيت المال من الدولة وهو إنسان ما عنده مال وبيع مشترى وقال للخصمين لا أقضي بينكما إلا بكذا وكذا حسب القضية إن كان هي كبيرة قال أقضي بينكم بشيء كثير وإذا كان صغيرة بشيء صغير يجوز ولا لا ؟
السائل : يجوز .
الشيخ : فيه خلاف المشهور من المذهب أنه يجوز والصحيح أنه لا يجوز الصحيح أنه لا يجوز لأن هذا أخذ عوض على أمر واجب عليه فإن الحكم بين الناس واجب وهو إذا عوّد نفسه هذا هل سيقتصر على مقدار الكفاية أبدا سيطمع وإذا جعل الجعل مثلا على الألف خمسة في اليوم الأول جعل على الألف في اليوم الثاني عشرة وازداد طمعا فالصواب أن هذا لا يجوز ويقال له اتق الله بقدر ما تستطيع اعمل في السوق واقض بين الناس في وقت آخر لكن هذه المسألة التي الآن فرضناها هي نادرة الوقوع نادرة الوقوع جدا وفي عهدنا ولله الحمد كما تشاهدون القضاة لهم أرزاق من بيت المال أكثر من كفايتهم .