تتمة شرح قول المصنف :" فإن زال الرق والجنون والصبا في الحج بعرفة وفي العمرة قبل طوافها صح فرضا " حفظ
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله تعالى " فإن زال الرق والجنون والصبى في الحج بعرفة " إلى آخره، إن زال الرق في الحج بعرفة صح فرضاً ومعنى زوال الرق أن يعتق العبد، فإذا أعتقه سيّده في الحج بعرفة صحّ حجه فرضاً مع أنّه حال إحرامه بالحجّ كان الحجّ في حقّه نفلاً لأنّ الحج لا يجب على الرقيق على ما سبق لنا الخلاف فيه وقول المؤلف " صح فرضاً " إذا أخذنا بظاهر كلامه أنه يكون فرضاً من أوّل الإحرام وعلى هذا فيلغز بها فيقال لنا عبادة أولها نفل انقلب إلى فرض بدون أن ينوي الفرض في أولها وهي هذه، وقيل أنه لا يكون فرضاً إلا من حين العتق وعلى هذا فتكون هذه العبادة أوّلها نفل وآخرها فرض، وهذا ليس بغريب في الحج لأنّ الحج يخالف غيره في مسألة النية في أمور متعدّدة كما سيأتي أن الإنسان إذا قدم إلى مكة وهو مفرد أو قارن فطاف وسعى فإنه سيطوف للقدوم وطواف القدوم سنة وسيسعى للحجّ فله بعد ذلك أن يقلب هذه النية إلى عمرة ليصير متمتعاً، فتجدون الآن الطواف الذي كان سنة بالأول صار الآن واجباً بل ركناً، والذي كان قدوماً صار الآن للعمرة، والسعي الذي كان للحج صار الآن للعمرة، فالحج له أشياء يخالف غيره طيب إذا زال الرق بعرفة صار حجه فرضاً، إذا زال الجنون بعرفة صار حجه فرضاً فإذا قال قائل كيف يتصور أن يزول الجنون بعرفة وهل المجنون يصح منه عقد الإحرام؟ فالجواب على هذا أن نقول من أهل العلم من قال إن المجنون يجوز أن يحرم عنه وليه، كما يحرم عن الصغير فالصيغر ليس له تمييز والجنون ليس له عقل فإذا جاز أن يحرم عن صبيه الذي ليس له تمييز فيجوز أن يحرم عن المجنون، وبناء على هذا القول لا إشكال لماذا؟ لأنه سيحرم عنه وليه وهو مجنون ويبقى محرماً فإذا عقل في عرفة صح أن نقول إنه زال جنونه في عرفة وهو محرم، أو نقول إذا قلنا إن المجنون لا يصح إحرامه بنفسه ولا بوليه فإنه يحمل كلام المؤلف على ما إذا طرأ عليه الجنون بعد الإحرام، إذا طرأ عليه الجنون بعد الإحرام يعني يكون أحرم عاقلاً ثم جن ثم زال جنونه في عرفة، ويشكل على هذا إشكال آخر وهو أنه ألا يبطل الإحرام بالجنون؟ يقول لا، لا يبطل الإحرام بالجنون بل يبقى على إحرامه.