تتمة شرح قول المصنف :" فإن زال الرق والجنون والصبا في الحج بعرفة وفي العمرة قبل طوافها صح فرضا ". حفظ
الشيخ : صار حجه فرضاً فإذا قال قائل كيف يتصور أن يزول الجنون في عرفة؟ وهل المجنون يصح منه عقد الإحرام؟ فالجواب على هذا أن نقول من أهل العلم من قال إن المجنون يجوز أن يحرم عنه وليه كما يحرم عن الصغير، فالصغير ليس له تمييز والجنون ليس له عقل فإذا جاز أن يحرم عن صبيه الذي ليس له تمييز فيجوز أن يحرم عن المجنون، وبناء على هذا القول لا إشكال لماذا؟ لأنّه سيحرم عنه وليّه وهو مجنون ويبقى محرماً فإذا عقل في عرفة صح أن نقول أنه زال جنونه في عرفة وهو محرم، أو نقول إذا قلنا إن المجنون لا يصح إحرامه بنفسه ولا بوليه فإنه يحمل كلام المؤلف على ما إذا طرأ عليه الجنون بعد الإحرام، يعني يكون أحرم عاقلاً ثم جنّ ثم زال جنونه في عرفة، ويشكل على هذا إشكال آخر وهو أنه ألا يبطل الإحرام بالجنون؟ نقول لا، لا يبطل الإحرام بالجنون بل يبقى على إحرامه ثم إذا زال جنونه في عرفة أتمه وإن زال بعد عرفة فإنه يكون قد فاته الحج ويتمه عمرة وإن بقي على جنونه فإنه يكون كالمحصر أي أنه يتحلل يذبح هدياً إن تيسر، أو وزال الصبى للحج بعرفة، الصبى يعني الصغر وذلك بأن يبلغ في عرفة وهل يمكن أن يبلغ في عرفة؟ يمكن، بماذا؟ إما بالسنّ أو بالاحتلام إما بالسن بأن يكون هذا الرجل قد ولد في منتصف يوم عرفة وفي منتصف يوم عرفة تم له خمسة عشر سنة، فحينئذ يكون قد بلغ في يوم عرفة وإما أن ينام في يوم عرفة ويحتلم، فيكون قد بلغ في عرفة، فإذا بلغ الصبي في عرفة صار حجه فرضاً وأجزأه عن حجة الإسلام، يقول " وفي العمرة قبل طوافها صح فرضاً " كذلك أيضاً لو اعتمر الصبي وفي أثناء العمرة قبل أن يشرع في الطواف بلغ فإن عمرته هذه تكون فرضاً، كذلك المجنون لو جن بعد إحرامه بالعمرة أو قلنا بصحة إحرام وليه عنه ثم عقل قبل طواف العمرة فإنّه يصحّ فرضاً، طيب وكذلك أيضاً العبد لو أحرم بالعمرة وهو رقيق ثم أعتقه سيّده قبل أن يطوف فإنه تكون عمرته فرضاً، وعلم من كلامه أنّه لو زال الرق، والجنون، والصبى بعد عرفة، فإنه لا يكون فرضاً إلا أنه إن زال بعد عرفة بعد بقاء وقت الوقوف ثم عاد فوقف فإنه يصح، مثل أن يكون الصبي مثلاً أو الرقيق قد دفع من عرفة بعد غروب الشمس ليلة العيد وفي تلك الليلة بلغ أو عتق فإننا نقول له إن رجعت الآن إلى عرفة ووقفت بها فإن حجك يكون فرضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الحج عرفة ) وقد وقفت في عرفة قبل فوات وقته وحينئذٍ نقول إذا رجعت إلى عرفة ووقف بعرفة يجب أن يرجع إلى مزدلفة من أجل أن يبيت بها، فإذا قال قائل هل يلزمه إذا بلغ بعد الدفع من عرفة مع بقاء وقت الوقوف هل يلزمه إذا بلغ في هذه الحال أن يرجع إلى عرفة ليقف أو له أن يستمر؟ نقول إن قلنا بأن الحجة واجب على الفور وجب أن يرجع ليقف بعرفة حتى يؤديه من حين وجب عليه، وإن قلنا بأنه على التراخي لم يلزمه أن يرجع إلى عرفة ويستمر في إتمام هذا الحج ويكون هذا الحج نفلاً لا فرضاً، طيب إذاً قول المؤلف رحمه الله " في الحج بعرفة " يرد عليه سؤال وهو لو زال الصبى والرق والجنون بعد الدفع من عرفة ثم رجع فوقف قبل فوات وقت الوقوف فإنه يصح فرضاً، ويتفرع على هذا سؤال، هل يلزمه أن يرجع إذا بلغ قبل فوات وقت الوقوف؟ هذا ينبني على القول في أداء الحج هل يجب على الفور أو لا؟ إن قلنا يجب على الفور وجب عليه أن يرجع لأنه أمكنه أن يسقط الفريضة وإن قلنا على التراخي لم يلزمه وحينئذٍ إذا استمر يقع الحج منه نفلاً وصح فرضاً.