قال المصنف :" وإن أعجزه كبر أو مرض لا يرجى برؤه لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه " حفظ
الشيخ : ثم قال المؤلف رحمه الله " وإن أعجزه كبر أو مرض لا يرجى برؤه لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه " إن أعجزه كبر يعني مع توافر المال لديه فهو قادر بماله غير قادر ببدنه، ولهذا قال أعجزه كبر ولم يقل أعجزه فقر بل قال كبر فهو رجل غني لكن لا يستطيع أن يحج بنفسه لأنه كبير، لا يستطيع أن يحج بنفسه لأنّه مريض لكن مرضه لا يرجى برؤه فإنه يلزمه من يقيم من يحج ويعتمر عنه، طيب وفهم من قوله لا يرجى برؤه أنه لو كان يرجى برؤه فإنه لا يلزمه أن يقيم من يحج عنه، لكن هل يلزمه أن يحج بنفسه؟ لا، لأنه يعجزه لكن مرضه يرجى برؤه فيجوز أن يؤخر الحج هنا لأنه تسقط عنه الفورية، إيش؟ لعجزه، ويلزمه أن يحج بنفسه، ونظير ذلك ما قلنا في الصوم، المريض مرضاً لا يرجى برؤه ماذا يصنع؟ يطعم عن كل يوم مسكينا، والمريض مرضاً يرجى برؤه ينتظر ويقضي هذا أيضاً مثله، المريض مرضاً لا يرجى برؤه نقول أقم من يحج عنك ويعتمر والذي يرجى برؤه نقول انتظر حتى يعافيك الله عز وجل وتستطيع أن تحج بنفسك. يقول " لزمه أن يقوم من يحج ويعتمر عنه ".
الحضور : أن يقيم
الشيخ : " لزمه أن يقيم لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه من حيث وجبا " يقول " أن يقيم من يحج " من هذه اسم موصول تشمل كل من يصح حجه، ولكن لا بد أن يكون على الصفة التي يجزؤه فيها حج الفرض، لا بد أن يكون على الصفة التي يجزئه فيها حج الفرض فلو أقام عنه صبياً؟ لم يجزئ، لأن الصبي لا يصح حجه الفرض عن نفسه فعن غيره أولى، لو أقام رقيقاً على القول بأن الحج لا يجزئه لم يجزئه أيضاً، إذاً فيكون قوله من يحج عامّا أريد به الخاصّ، والمعنى يقيم من يحج عنه ممن يجزئه الحج لو حج عن نفسه، ويشترط لهذا المقام الذي أقيم عن الغير يشترط أن لا يكون عليه فرض الحج، فإن كان عليه فرض الحج فإنه لا يجزئه أن يكون نائباً عنه غيره، انتبهوا فلو أقام فقيراً يحج عنه أجزأه أو لا؟
السائل : إذا حج عن نفسه، يصح.
الشيخ : لو أقام فقيراً، أنا العبارة التي قلت يشترط أن يكون النائب الذي أقامه الرجل ليس عليه فرض الحج فإذا أقام فقيراً يحج عنه؟
السائل : يجوز يا شيخ لأن الفقير لم يجب عليه فرض الحج.
الشيخ : إي ما فهمتم العبارة جيداً، يشترط لمن يقيمه أن لا يكون عليه فرض الحج، والفقير الذي ليس عنده مال ليس عليه فرض الحج وعلى هذا فلو أناب فقيراً لم يؤدّ الحج لأجزأه لأن هذا الفقير لم يجب عليه الحج فهو كالغني الذي أدى الحج عن نفسه، طيب فإن أقام عنه غنياً لم يؤدّ الفرض عن نفسه فإنّه لا يجزؤه والدليل حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم سمع رجلاً يلبي يقول لبّيك عن شبرمة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) وفي بعض ألفاظ الحديث ( اجعلها لنفسك ) وفي بعض ألفاظ الحديث ( هذه لنفسك ثم حج عن شبرمة ) وهذا الحديث اختلف العلماء في رفعه ووقفه واختلفوا في تصحيحه وتضعيفه، فمنهم من قال أنه ضعيف لأنه مضطرب لاختلاف ألفاظه ففي بعضها ( حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) وفي بعضها ( هذه لنفسك ) وفي بعضها ( اجعلها لنفسك ) قالوا هذا اضطراب يتغير به الحكم، وقال بعضهم إن رفعه خطأ وأنه لا يصح إلا موقوفاً على ابن عباس رضي الله عنهما، وقالوا إنه لا وجه للمنع، أي منع من لم يحج عن نفسه من أن يحج عنه غيره يعني لا وجه أن نمنعه من أن يحج عن غيره بدليل أن الإنسان لو أدى الزكاة بالوكالة عن غيره قبل أن يؤدي الزكاة عن نفسه لكان ذلك جائزاً، فما المانع؟ ولكن نقول لا شك أن الأولى والأليق بالمرئ أن لا يكون نائباً عن غيره فيما هو فرض عليه حتى يؤدي فرضه أولاً، سواء صح هذا الحديث مرفوعاً أو صح موقوفاً أو لم يصح فإن النظر يقتضي أن يقدم الإنسان نفسه على غيره لعموم ابدأ بنفسك، ونفسك أحق من غيرك لكن على المذهب يشترط هذا الشرط أن لا يكون النائب لم يؤدّ فرض الحج، فإن أقام من لم يؤدّ فرض الحج فإن ذلك لا يصح، طيب لو فرضنا أن هذا الذي أقيم وهو لم يؤدّ فرض الحج حج وقال لبيك عن فلان عن الذي وكله، فماذا يكون العمل؟ نقول تكون الحجة لهذا الرجل الذي حج ويرد النفقة أي الدراهم التي أعطاها من وكّله لأن ذلك العمل الذي وكّله فيه لم يصح له فيرد عوضه، واضح يا جماعة؟ طيب يقول المؤلف رحمه الله " لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه " وعموم كلامه رحمه الله يدل على أنه يجوز أن يقيم الرجل امرأة وأن تقيم المرأة رجلاً من أين نأخذها؟ من عموم الاسم الموصول من وعلى هذا فللرجل أن يوكل امرأة وللمرأة أن توكل رجلاً، ويدل لذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة قالت " يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ " قال ( نعم ) فأذن لها أن تحجد عن أبيها وهي امرأة فدل ذلك على أنه يجوز أن تحج المرأة عن الرجل، ومن باب أولى أن يحج الرجل عن المرأة طيب.