قال المصنف :" وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " حفظ
الشيخ : ننتقل الآن إلى الميقات الزمني قال المؤلف " وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة " أشهر الحج ثلاثة لا، أشهر الحج على كلام المؤلف شهران وبعض الثالث، شوال وهو شهرنا هذا، وذو القعدة، وذو الحجة، يقال ذو القَعدة وذو القِعدة، ويقال ذو الحَجة وذو الحِجة، والأفصح الفتح في الأول ذو القَعدة والكسر في الثاني الحِجة، فتقول ذو القَعدة وذو الحِجة، طيب نعم شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، ليش قال من ذي الحجة وبالأول يقول ذو القعدة بالواو لماذا؟
السائل : دخل عليه جار.
الشيخ : عشر من، لأنه مجرور وذو بمعنى صاحب من الأسماء الخمسة، ترفع بالواو وتجر بالياء وتنصب الألف، طيب هذا المشهور عن الإمام أحمد رحمه الله، وبه أخذ أصحابه أن أشهر الحج شهران وبعض الثالث، ولكن يرد على هذا القول أن الله قال (( الحج أشهر معلومات )) ولم يقل في أشهر معلومات، لو قال في أشهر صارت الأشهر الثلاثة ظرفاً، والمظروف لا يلزم أن يملأ الظرف، لو قال في أشهر قلنا نعم يجوز أن يكون المراد شهرين وبعض الثالث لكن قال (( أشهر معلومات )) وأشهر جمع والمشهور في اللغة العربية أن أقل الجمع ثلاثة وعلى هذا فتكون أشهر الحج ثلاثة وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله، وهو أقرب إلى الصحة مما ذهب إليه المؤلف لموافقته لظاهر الآية (( أشهر معلومات )) فإن قائل إذاً هل تجيزون أن يقف الناس في خمسة عشر ذو الحجة؟ لا، لا نجيز كما أنكم لا تجيزون أن يقف الناس في عشرة من شوال، أليس كذلك؟ فهذه أشهر لا يلزم أن يكون الحج يجوز في كل يوم من هذه الأشهر لا يلزم، طيب ويرد على كلام المؤلف أيضاً مبيناً لضعفه أن من أيام الحج، اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر، فإن هذه الأيام من أيام الحج، ما الذي يفعل فيها؟ الرمي والمبيت، فكيف نخرجها عن أشهر الحج وهي أوقات لأعمال الحج، لو أن الإنسان قال أريد أن أرمي الجمار الثلاث وجمرة العقبة في يوم العيد، هل يمكنه ذلك؟ لا، لا يمكنه فلا بد أن يكون رمي الجمرات في الأيام الثلاثة ويوم العيد جمرة واحدة يوم العقبة، وهي خارجة عن الحد الذي قال المؤلف لأن المؤلف قال " عشر من ذي الحجة " وبعض الناس يقول تسع من ذي الحجة لأن الحجة عرفة وعرفة ينتهي متى؟ في التاسع ولكن هذا القول ضعيف أضعف مما ذهب إليه المؤلف لأن الله قال (( الحج أشهر معلومات )) وقال (( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر )) وعلى قول من يقول أنها تسعة يخرج هذا اليوم الذي سماه الله يوم الحج، فالصواب ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله من أن أشهر الحج ثلاثة كما هو ظاهر القرآن ذو القعدة وذو الحجة نعم، شوال وذو القعدة وذو الحجة.
فإن قال قائل هل يترتب على ذلك شيئ على هذا الخلاف؟ قلنا نعم يترتب عليه شيء، أولاً يترتب عليه في مسائل الأيمان لو قال قائل والله لأصومنّ ثلاثة أيام من أشهر الحج، وصام اليوم العشرين والحادي والعشرين والثالث والعشرين من ذي الحجة هل يكون باراً بيمينه؟ لا، على المذهب لا لأنها انتهت أيام الحج، وعلى قول مالك يكون باراً بيمينه لأنه صام في أشهر الحج أشهر الحج ما تنتهي إلا في الثلاثين من ذي الحجة أو بثبوت شهر محرم، وينبني على ذلك أيضاً أنه لا يجوز أن يؤخر شيء من أعمال الحج عن الأشهر الثلاثة إلا لضرورة، وإلا فالواجب أن لا يخرج ذو الحجة وعليك شيء من أعمال الحج إلا طواف الوداع، لأن طواف الوداع منفصل عن الحج لمن أراد الخروج، وعلى هذا فهل يجوز للإنسان أن يؤخر حلق رأسه إلى أن يدخل محرم؟ لا، هل يجوز أن يؤخر طواف الإفاضة إلى أن يدخل محرم؟ لا، لكن إذا كان لعذر فلا بأس، عذر الحلق أو التقصير أن يكون في رأسه جروح لا يتمكن معها من الحلق أو التقصير فله أن يؤخر حتى يبرأ، عذر الطواف أن تصاب المرأة بنفاس يأتيها النفاس وهي واقفة بعرفة والنفاس عادة يبقى أربعين يوماً، فهذه سوف يخرج ذو الحجة ولم تطف طواف الإفاضة نقول هذا لا بأس لأن تأخيرها للطواف لعذر، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس ويرتاح إليه القلب لموافقته لظاهر الآية، والأصل في الدلالات أن نأخذ بإيش؟ بالظاهر، إلا بدليل شرعي يخرج الكلام عن ظاهره وإلا فإنا نأخذ بالظاهر، بهذا يتقرر أن المواقيت نوعان مواقيت مكانية وهي خمسة، وزمانية وهي ثلاثة، الزمانية الثلاثة ما هي؟
السائل : شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة على قول المؤلف.
الشيخ : والراجح؟
السائل : جميع شهر ذي الحجة.
الشيخ : طيب من فوائد التوقيت أن نسأل هل يجوز للإنسان أن يحرم بالحج قبل الميقات المكاني أو الزماني؟ أو العمرة قبل الميقات المكاني؟ نقول أو الزماني وإلا ما فيه حاجة؟
السائل : لا حاجة.
الشيخ : ليش لأن العمرة تجوز في كل وقت، الحج له أوقات أشهر معلومات، فهل يجوز للإنسان أن يحرم بالحج قبل أشهره أو قبل الميقات المكاني وكذلك العمرة؟ الجواب قال بعض العلماء لا يجوز أن يحرم قبل الميقات المكاني ولا الميقات الزماني، وأنه لو أحرم بالحج قبل دخول شهر شوال صار الإحرام عمرة لا حجاً، لأن الله تعالى قال (( الحج أشهر معلومات ))، وهذا أحرم قبل دخول أشهر الحج فيكون إحرامه عمرة أو نقول بأنه فاسد لا ينعقد، كما لو صلّى الظهر قبل الزّوال فإنّها تصح نفلاً أو لا تصح، ومن العلماء من قال ينعقد الإحرام ولكن يكره، ينعقد الإحرام لنه لبى لله لكن يكره لمخالفته لظاهر الآية (( الحج أشهر معلومات )).
وكذلك في المواقيت المكانية، القول الثاني في المسألة أنه يكره أن يحرم قبل الميقات ولكن لو أحرم صح إحرامه وانعقد، فمثلاً لو أحرم إنسان من أهل المدينة من المدينة نفسها قلنا هذا مكروه، لا تتعدّى ما حدّ الله ورسوله أحرم من ذي الحليفة ولكن هل ينعقد الإحرام؟ نعم عند الجمهور ينعقد، ينعقد ولكنه مكروه، والمراد بالإحرام النية دون الإغتسال ولبس الثياب، ثياب الإحرام وأكثر العامة يحملون معنى الإحرام على إيش؟ على لبس الإحرام وليس كذلك، الإحرام سيأتينا إن شاء الله في الباب الذي يليه أنه نية الدخول في النسك وعلى هذا فمن كان في المدينة وتغسل ولبس ثياب الإحرام ولم يحرم إلا بذي الحليفة فإنه لم يفعل مكروهاً لماذا؟ لأن الإحرام هو نية الدخول في النسك ولم تحصل منه إلا في الميقات، فإن قال قائل ما تقولون في شخص لم يمر بشيء من المواقيت أيحرم من بلده ولو كان بعيداً لأنه لن يمر بميقات فما الجواب؟ نقول إن أهل الكوفة وأهل البصرة شكوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقالوا يا أمير المؤمنين إن النبي صلّى الله عليه وسلم وقت لأهل نجد قرن المنازل، وإنها جور عن طريقنا جور يعني مائلة بعيدة عن طريقنا فقال رضي الله عنه " انظروا إلى حذوها من طريقكم " فنقول لهذا الذي لا يمر بالميقات أحرم إذا حاذيت الميقات وهذا الذي كان يسير على الأرض واضح، كما قال عمر رضي الله عنه، لكن إذا كان يسير في الجو فإذا حاذاها جواً أحرم كالذي في الطائرة وقد نصّ شيخ الإسلام رحمه الله على أنه لا يجوز لمن كان في الطائرة أن يحرم أو أن يؤخر الإحرام حتى ينزل، قال يجب أن يحرم في الطائرة إذا حاذا الميقات.
السائل : ما فيه طائرة في عصره.
الشيخ : ذكرها هو تكلم عن السحرة، السحرة الذي يكذبون على الناس ويقولون نحن تحملنا الملائكة إلى مكة بيوم واحد نذهب إلى عرفة بيوم واحد قال " هؤلاء يخطؤون حيث إن الشياطين تمر بهم من فوق الميقات ولا يحرمون منه " وهذا نظير الطائرة تماماً.