قال المصنف :" وأفضل الأنساك التمتع " حفظ
الشيخ : قال المؤلف " وأفضل الأنساك التمتع " قوله أفضل الأنساك أفادنا رحمه الله أن هناك أنساكاً متعدّدة لأن الأنساك جمع وأقلّ الجمع ثلاثة فهنا أنساك ثلاثة التمتع، والإفراد، والقران، ذلك لأن الإنسان إما أن يحرم بالعمرة بوحدها أو بالحج وحده أو بهما ما فيه قسمة رابعة، إن أحرم بالعمرة وحدها فتمتع لكن بالشروط التي ستذكر، بالحج وحده فهو مفرد، بهما جميعاً هو قارن لكن سنذكر الشروط، لكن أقول وجه انحصار الإنساك بهذه الثلاثة هو هذا إما أن يحرم بواحد عمرة أو حج أو يقرن بينهما هذه الأنساك، ويدل لهذا أي لتنوع الأنساك إلى ثلاثة أنواع حديث عائشة في مسلم قالت " حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أهل بحج، ومنا من أهل بعمرة، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج " ثم فصلت قولها بالحج يحمل على أنه بالحج من حيث الأفعال لا من حيث الأحكام، لأنه كان قارناً وقيل أحرم بالحج أولاً ثم أردفه بالعمرة، وسنذكر هذا إن شاء الله تعالى في صفة القران وهل يصح إدخال العمرة على الحج أو لا يصح، قال أفضل الأنساك التمتع، ما هو الدليل؟ الدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه حين قضى من الطواف والسعي أن يحلوا ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي وكان سائق الهدي في تلك الحجة قليلين هذا الدليل، وقد حتم الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك حتم أمر أصحابه حينما أكمل السعي قال من لم يسق الهدي فليجعلها عمرة وقال ( اجعلوها عمرة ) وقال ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم ) وراجعه الصحابة في ذلك وقالوا يا رسول الله كيف نجعلها عمرة وقد سمينا الحج يعني لبينا بالحج قال ( افعلوا ما آمركم به ) حتى أوردوا عليه مسألة يستحيا منها لكن حملهم ما في نفوسهم على إيرادها قالوا " يا رسول الله نخرج إلى منى وذكر أحدنا يقطر منياً " يعني من جماع أهله لأنهم سيحلون الحل كله، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام أبى إلا أن يحتم عليهم أن يجعلوها عمرة فجعلوها عمرة، استدل الإمام أحمد رحمه الله بهذا الحديث على أن التمتع أفضل إلا من ساق الهدي فإنه لا يمكن أن يتمتع لأن من ساق الهدي لا يحل إلى يوم العيد، وحينئذٍ يتعذر التمتع وقول المؤلف " أفضل الأنساك التمتع " أفادنا المؤلف بمكلمة أفضل بأنه يجوز ما سواه يجوز ما سوى التمتع، وليس التمتع بواجب وهذا رأي جمهور أهل العلم أن التمتع ليس بواجب، وذهب بعض العلماء إلى أن التمتع واجب وأنّ الإنسان إذا طاف وسعى للحج فإنه إذا لم يسق الهدي يحلّ شاء أم أبى، وهذا رأي ابن عباس رضي الله عنه، يرى أنّ الإنسان إذا لم يسق الهدي وأحرم بالحجّ في أشهر الحج فإنه لا يصح منه الحج يجب أن يحلّ لتكون عمرة ويكون متمتعاً واستدلّ رضي الله عنه بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم وحتمه على الناس وغضبه لما تراخوا وصاروا يراجعونه غضب وإلى هذا يميل ابن القيم رحمه الله فإنه في زاد المعاد مال إلى هذا الرأي وأنّ التمتع واجب لمن لم يسق الهدي وذكر رأي شيخه رحمه الله وقال " أنا إلى قول ابن عباس أميل مني إلى قول شيخنا " فخالف شيخه في هذه المسألة ومال إلى قول ابن عباس، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يناظر على هذه المسألة يناظر عليها حتى يقول " أقول لكم قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء " لأن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يريان أن الإفراد أفضل من التمتع، واختار شيخ الإسلام في قصة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام للصحابة أن يجعلوها عمرة وغضبه وتحتيمه قال إن هذا الوجوب خاص بالصحابة رضي الله عنهم وأما من بعدهم فتختلف الحال بحسب حال الإنسان، لا نقول التمتع أفضل مطلقاً ولا الإفراد ولا القران، انتبهوا شيخ الإسلام رحمه الله يقول إنه يجب على الصحابة الذين خاطبهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجلعوها عمرة أما من بعدهمم فلا، وله دليل سمعي ونظري، أما السمعي يعني الأثري فهو أن أبا ذر سئل عن المتعة هل هي عامة أو للصحابة خاصة قال " بل لنا خاصة " ويحمل كلامه رضي الله عنه على أن الوجوب لهم خاصة وإلا فلا يمكن أن يقول أبو ذر " لنا خاصة " والرسول صلى الله عليه وسلم سأله سراقة ابن مالك ابن جعشم قال " يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد " قال ( بل لأبد الأبد ) يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام فخصوصية الحكم للصحابة إذا كان المقصود الوجوب فله وجه أما إذا كان القصد أو إذا كان المراد فسخ الحج مطلقاً فليس بصحيح، هذا دليل إيش؟ أثري سمعي لشيخ الإسلام ابن تيمية، دليل نظري يقول إن الصحابة خوطبوا من الرسول عليه الصلاة والسلام مباشرة وهذا أول شيء يقع الحل من الحج في أشهر الحج لو لم ينفذه الصحابة كان هذا وصمة عار للأمة فيقال إذا كان الصحابة رفضوا أمر الرسول مباشرة فنحن من باب أولى، ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام يريد أن يقرّر هذا الحكم والتقرير بالفعل أقوى من التقرير بإيش؟ بالقول، فإذا تفرد بالفعل بقي الأمر على ما هو عليه أولاً وهو أنه هو الأفضل، أو يختلف كما قال شيخ الإسلام باختلاف حال الإنسان وما قاله رحمه الله وجيه جداً أن وجوب الفسخ في ذلك العام الذي واجههم به الرسول عليه الصلاة والسلام حق، وأما بعد ذلك فليس بحق وأظنه لا يخفى لو كان الأمر واجباً على أبي بكر وعمر وهما من هما بالنسبة لقربهما من الرسول عليه الصلاة والسلام ولفهمهما قوله، ومعلوم أن من كان أقرب إلى الإنسان كان أعرف الناس بقوله ومراده، فالصحيح ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من حيث وجوب التمتع وعدمه، وأنه واجب على الصحابة لما علمتم أما غيرهم فالمذهب أن التمتع أفضل مطلقاً، مطلقاً حتى من ساق الهدي فالتمتع في حقه أفضل، حتّى من ساق الهدي فالتمتع في حقه أولى على المذهب لكن كيف يعمل وهو لا يحل له أن يحلق إلا في يوم العيد؟ (( ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله )) قالوا إذا طاف وسعى لا يحل ينوي أن العمرة انتهت لكن لا يحل بالحلق فإذا كان يوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج وهذا لا شك أنه قول ضعيف جداً، وما رأيت السنة أتت بمثله فالصواب أن من ساق الهدي لا يمكنه أن يتمتع، لا يمكنه لأنه لا يمكن أن يحل والتمتع لا بد فيه من حل شيخ الإسلام يقول " لا نقول التمتع أفضل مطلقاً ولا القران أفضل مطلقاً ولا الإفراد أفضل مطلقاً، ييقول من ساق الهدي فالأفضل له القران لأن التمتع في حقه متعذر " صح وإلا لا؟ ما يمكنه التمتع كيف يتمتع وهو ما حل؟ الذي ساق الهدي ما يحل إلا يوم العيد فمتى يتمتع؟! طيب ولأنّ هذا أعني القران مع سوق الهدي فعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلم فيكون موافقاً لفعل الرسول عليه الصلاة والسلام، فالقران إذن أفضل، المعنى الثالث أنه يجمع بين الحج والعمرة يجمع بين نسكين مع أنه لو أفرد وهو قد ساق الهدي صح، لكن القران أفضل لهذه الوجوه الثلاثة، طيب يقول " فإن كان قد اعتمر قبل أشهر الحج ولم يسق الهدي فالأفضل له الإفراد " سواء اعتمر قبل أشهر الحج وبقي في مكة حتى حج أو اعتمر قبل أشهر الحج ورجع إلى بلده ثم عاد إلى مكة فإن الأفضل الإفراد حتى إنه قال " هذا بلا خلاف " أن الأفضل الإفراد لأنه يأتي بالعمرة في سفرة مستقلة وبالحج في سفرة مستقلة أعطوا بالكم المسألة الآن لها صورتان، المسألة هذه لها صورتان الصورة الأولى أتى بالعمرة قبل أشهر الحج وبقي في مكة حتى حج فهذا لا شك أن الإفراد أفضل له يعني لا يمكن أن يتمتع، التمتع لا بد أن يأتي بالعمرة من الميقات وهنا في مكة ليس له عمرة من الميقات هنا نقول هذه الصورة واضحة من كلام شيخ الإسلام وربما يكون قوله فيها صواباً، الصورة الثانية يعتمر قبل أشهر الحج ثم يرجع إلى بلده ثم يعود إلى مكة يقول الأفضل أن لا يحرم بعمرة أن يحرم مفرداً ويقول إن هذا بلا خلاف فإن صح الإجماع فليس لنا أن نخالفه، وإن لم يصح الإجماع فإنه يقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر أصحابه في حجة الوداع أن يجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي ولم يقل ومن اعتمر منكم قبل أشهر الحج فليبقى على إحرامه مع أنه يوجد في الصحابة من فيما يظهر أنه يوجد فيهم من اعتمر قبل أشهر الحج فلذلك هذه المسألة مشكلة علي من كلام شيخ الإسلام وليس المشكل علي أنه ذهب إليها لأنه رحمه الله معروف بقوة استدلاله وفهمه وعقله، لكن المشكل علي قوله أن هذا بلا خلاف.