الكلام على من أحرم بالحج ثم جعله عمرة ليتخلص منه. حفظ
الشيخ : طيّب ذكر في الشّرح مسألة ينبغي أن نتكلم عليها وهي إذا أحرم الإنسان بالحج ووصل إلى مكّة فإنّه يسنّ أن يجعل الحج عمرة ليصير متمتّعاً، انتبهوا لهذا القيد فلو جعل للحجّ عمرة ليتحلّل بالعمرة منه فإن ذلك لا يصح، أنتم معنا ماذا قلنا يا خالد؟
السائل : ... .
الشيخ : إن الرجل إذا أحرم بالحج وقلنا افسخ الحج إلى عمرة لتصير متمتعاً فأراد أن يفسخ الحج إلى عمرة ليحل بها منه لا لأجل أن يتمتع فهذا لا يجوز، لأن هذا حيلة على إسقاط وجوب الحج عنه، فإن قال قائل ما الفرق بين من فسخ الحج ليصير متمتعاً ومن فسخ الحج بالعمرة ليتحلل منه؟ قلنا الفرق بينهما ظاهر من فسخ الحج إلى عمرة ليتحلّل بها منه فهو متحيّل على سقوط وجوب المضي في الحج، ومن فسخ الحج إلى عمرة ليصير متمتعاً فإنه منتقل من الأدنى إلى الأعلى لأنّ المتمتع أفضل من القارن والمفرد، وهذا هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يفسخوا الحج ويجعلوه عمرة لماذا؟ ليصيروا متمتعين، لا ليتحللوا بالعمرة من الحج وأظن عمر لم يفهم الكلام ما فهمت؟ من الذي لم يفهم يرفع أصبعه؟ والله زين الحمد لله ما فيه إلا اثنين ما فهموا؟!
السائل : لو قلت من الذي فهم أيضاً كان ما يرفعوا.
الشيخ : لا لأن ما يرفع يده الذي فاهم يخشى من العجب والرياء، طيب على كل حال نضرب مثلاً في ذلك رجل سافر إلى مكة في أشهر الحج وأحرم بالحج وكأنه تطاول المدة باقي على الحج عشرة أيام أو عشرون يوماً فقال إذن أحوّله إلى عمرة من أجل أطوف وأسعى وأقصر وأرجع إلى بلدي ما تقولون في هذا؟ هذا لا يجوز؟
السائل : نعم.
الشيخ : لماذا؟ لأنّه لما شرع بالحج وجب عليه إتمامه فإذا حوله إلى عمرة ليتخلص منه صار متحيلاً على إسقاط واجب عليه واضح وإلا لا؟ طيب، رجل آخر ذهب ليحج، أحرم بالحج في أشهر الحج ثم قيل له إن التمتع أفضل فحول الحج إلى عمرة ليصير متمتعاً سيبقى إلى الحج ويحج هذا ماذا نقول؟
السائل : جائز.
الشيخ : هذا جائز بل سنة لماذا؟ لأنه انتقل من مفضول إلى أفضل ولم يتحيّل على إسقاط واجب بل انتقل من المفضول إلى الأفضل عرفتم؟ ونظير هذا "أن رجلا ً جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس " قال ( صل هاهنا ) يعني في مكة لماذا لأن مكة أفضل من بيت المقدس فأعاد عليه قال ( صل هاهنا ) وكأن الرجل لم يقتنع فأعاد عليه قال ( فشأنك إذن )، خلاه هو ونفسه أعرفتم؟ هنا انتقل مما عيّن إلى معيّن أفضل منه، طيب نظير هذا أيضاً وإن كنا طولنا عليكم رجل شرع في صلاة الظهر منفرداً فحضرت جماعة فحوّلها إلا نفل ليدخل مع الجماعة ما تقولون؟ جائز وإلا غير جائز؟ جائز يعني لما كان في الركعة الثانية حضرت جماعة فحولها إلى نفل ليصلي مع الجماعة نقول هذا جائز ليس فيه شيء، طيب دخل في صلاة الظهر ولما صار في الركعة الثانية تذكر شيئاً لا يفوت فقال أحوّلها إلى نفل من أجل أن أتخلص به منها هل يجوز أو لا يجوز؟
الحضور : لا يجوز.
الشيخ : لا يجوز، لأن هذا إيش تحيل على إسقاط واجب لأنه إذا شرع في الفرض وجب عليه إتمامه فالمهم هذه القواعد المهمة لطالب العلم، الذي ينتقل عن شيئ إلى آخر تخلصاً من الأول لوجوبه عليه هذا لا يصح، لأن الواجبات لا تسقط بالتحيل عليها كما أن المحرمات لا تحل بالتحيل عليها، وأما من انتقل من واجب لتكميل هذا الواجب فإن ذلك جائز ولا بأس به لأنه تحول إلى أفضل.