قال المؤلف :" ويستعيذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ويدعو بما ورد " حفظ
الشيخ : " ويستعيذ بالله من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال " ، هذه أربع أمر النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم أن يستعيذ الإنسان منها في التشهد الأخير كما جاء ذلك مصرّحاً به في مسلم : ( إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليستعذ بالله ) وهذا فيه إشارة إلى أن التشهد الأول ليس محلاً للدعاء فلا ينبغي تطويله وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان يخفّفه حتى كأنما هو على الرضى ) وهي الحجارة الحامية، طيب، أعوذ بالله من عذاب جهنم، جهنم اسم من أسماء النار، والاستعاذة معروفة لكم ما هي؟
السائل : ... .
الشيخ : الاعتصام واللجوء إلى الله عز وجل من عذاب جهنم وكان من دعاء عباد الرحمان : (( ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً )) ، ومن عذاب القبر، عذاب القبر ما يكون قبل يوم القيامة، والمراد بالقبر هنا ما هو أعم من الحفرة التي يُدفن فيها الإنسان، إذ أن المراد به البرزخ الذي بين موت الإنسان وقيام الساعة كما قال عز وجل : (( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يُبعثون )) وإذا قلنا بهذا فلا فرق بين أن يُدفن الإنسان في البر أو يغوص في البحر أو تأكله السباع أو تذروه الرياح فكل هذا يُسمى قبراً ويُعذّب فيه الإنسان، عذاب القبر ثابت بالقرأن والسنّة، أما القرأن : فقال الله تعالى : (( ولو ترى إذا الظالمون في غمرات الموت )) يعني سكراته (( والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم )) الله أكبر إنهم لشحيحون بها لا يُريدون أن تظهر لأنهم بُشِّروا قبل قبضها بالغضب والعياذ بالله، غضب الله عليهم فلا يريدون أن تخرج ولهذا باسطوا أيديهم هكذا أخرجوا أنفسكم وفي هذا دليل على أن الملائكة لهم.
السائل : أيدي.
الشيخ : لهم أيدي كما لهم أجنحة، طيب، (( أخرجوا أنفسكم اليوم تُجزون عذاب الهون )) (( اليوم )) أل هنا للعهد.
السائل : الحضوري.
الشيخ : الحضوري (( اليوم تجزون عذاب الهون )) وهذا ... ومن ذلك قوله تعالى في أل فرعون : (( النار يُعرضون عليها غدواً وعشياً )) نعوذ بالله (( ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العذاب )) إذًا يُعرضون عليها غدواً وعشياً متى؟ قبل الساعة وإلا بعدها؟
السائل : ... .
الشيخ : قبل الساعة (( ويوم تقوم الساعة أدخلوا أل فرعون أشد العذاب )) وقال الله تعالى في قوم نوح : (( مما خطيئاتهم أغرقوا )) وش بعدها؟
السائل : ... .

الشيخ : (( فأدخلوا نارًا )) والفاء تدل على الترتيب والتعقيب، أغرقوا فأدخلوا ناراً أما السنّة فإنها متواترة بذلك لو لم يكن منها إلا هذا الحديث الذي يقرؤه المسلمون كلهم في كل صلاة يقرؤونه يقول : ( أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ) وقال النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم : ( تعوّذوا بالله من عذاب القبر ) فأمر أن يُتعوّذ بالله من عذاب القبر في كل وقت ويتأكّد ذلك في الصلاة ( ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ) فتنة اختبار، المحيا الحياة، الممات الموت، وهل للمحيا فتنة؟ نعم، له فتنة، فتنة المحيا ترجع إلى شيئين : شبهة وشهوة، شبهة يضِل بها الإنسان ولا يعرف الحق فيضيع، شهوة يعرف الحق لكن لا يريده وأيهما أشد؟
السائل : الثاني.
الشيخ : الثاني أشد لأن الأول الذي لا يعرف الحق ربما إذا عرفه استقام، فتعود فتنة المحيا إلى هذين الأمرين : الشبهات نعوذ بالله أو الشهوات، الممات هل المراد الفتنة بعد الموت أو الفتنة عند الموت أو كلاهما؟
السائل : كلاهما.
الشيخ : الصحيح أنه كلاهما، الفتنة بعد الموت يُفتن الإنسان في قبره يُسأل عن ربه ودينه ونبيه، الفتنة عند الموت أشد ما يكون وأحرص ما يكون الشيطان على بني ءادم عند موته لأنها الساعة الحاسمة إما إلى الجنة وإما الى النار أحسن الله لي ولكم الخاتمة.
السائل : ءامين.
الشيخ : فإذا قال قائل الفتنة في هذا الوقت داخلة في فتنة المحيا، فيُقال نص عليها لأنها أخطر ما يكون وقد ذُكِر أن الإمام أحمد رحمه الله في سياق الموت تأتيه إغفاءة فيسمعونه يقول " بعد بعد " فإذا أفاق قالوا : يا أبا عبد الله ما بعد بعد؟ قال : إن الشيطان يعض أنامله أمامي يقول : فتني يا أحمد فأقول بعد بعد لأن الإنسان مادام لم تخرج روحه من بدنه فهو على خطر عظيم، إذًا نص على فتنة الممات أي التي عند الموت، ليش؟ لخطرها وعِظَمها كما نص على فتنة الدجال؟ فتنة المسيح الدجال، المسيح وإلا المسيخ؟
السائل : المسيح.
الشيخ : المسيح، خلافاً لمن قال عيسى مسيح والدجال مسيخ، الله أكبر أنت أعلم من الرسول عليه الصلاة والسلام، الرسول قال مسيح، سمي مسيحاً لأنه يمسح الأرض ويجوبها يميناً وشمالاً وبسرعة أما المسيح عيسى ابن مريم فلأنه لا يمسح ذا عاهة إلا برَأ، طيب، المسيح الدجال فتنته عظيمة حتى إن جميع الأنبياء أنذروا به قومهم لأهميته وخطره وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من فتنة منذ خلق ءادم إلى قيام الساعة أشد من فتنة الدجال، ووالله إنها لعظيمة يأتي ويأمر وينهى فمن أطاعه أصبح مبسوطاً في الدنيا ومن عصاه أصبح خاسراً في الدنيا حتى يأتي القبيلة يدعوهم وهم ممحلون، ما فيه مطر ما فيه نبات فيدعوهم فيُجيبونه ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتُنبت، ما هذه فتنة يا جماعة؟ فتنة عظيمة ويأتي الأخرين على العكس من ذلك إذا لم يجيبوه أصبحوا ممحلين، فتنة عظيمة ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم ) -اللهم أجزه عنا خيراً-.
السائل : ... .
الشيخ : ( وإلا فالله خليفتي على كل مسلم ) ونعم الخليفة فأمره عظيم والدجال كثير الدجل وهو الكذب والتمويه وقوله : " ويدعو بما ورد " ليته عبّر بما عبّر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بماذا عبّر؟
السائل : ... .
الشيخ : ( بما أحب ) أما أن نقيّد ونقول بما ورد غير صحيح لأن الدليل يدل على أنا ندعوا بما أحببنا، صحيح أن الأدعية الواردة أفضل من غيرها وأبرك وأجمع لكن قد يكون الإنسان له إرادات، أرأيت لو أن الإنسان في زمن الاختبار ولما انتهى من التشهد قال اللهم نجّحني واجعل درجاتي خمساً وتسعين في المائة، أو ما تكفي؟
السائل : ... .
الشيخ : أه؟
السائل : بلى.
الشيخ : ما تكفي، تسعين في المائة، الله اجعل، لا، أستغفر الله، رجعنا، واجعل درجاتي مائة في المائة يجوز هذا وإلا لا؟
السائل : يجوز.
الشيخ : يجوز؟
السائل : نعم.
الشيخ : يجوز، يدعوا بما أحب لو قال مثلاً : اللهم ارزقني بيتاً واسعاً، يجوز؟
السائل : يجوز.
الشيخ : يجوز لو دعى في شيء من أمور الدنيا قال اللهم اجعل مالي كمال فلان أنفقه في سبيلك يجوز وإلا لا؟
السائل : يجوز.
الشيخ : أتمتع به فيما أبحت لي.
السائل : يجوز.
الشيخ : يجوز؟ طيب، إذاً نقول الصواب أن يُقال يدعوا بما.
السائل : أحب.
الشيخ : بما أحب هذا الصواب من خير الدنيا والأخرة وأما قول بعض العلماء رحمهم الله : إذا دعا بشيء من أمور الدنيا بطلت صلاته فلا وجه له، الإنسان يدعو ربه، وجاء في الحديث : ( ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله ) يعني حتى الشيء الزهيد اسأل الله ويدعو بما ورد والصواب : يدعو بما أحب.