شرح قول المصنف : " وكنايته تصدقت وحرمت وأبدت فتشرط النية مع الكناية أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة أو حكم الوقف ". حفظ
الشيخ : يقول وكنايته أي كناية الصيغ القولية تصدّقت وحرّمت وأبّدت، طيب، هذه كناية لأنها تحتمل الوقف وغير الوقف وهي في غير الوقف أظهر لأن قولك تصدّقت تعني أنك ملّكت الفقير مالا لأن الصدقة تمليك المال تقرّبا إلى الله، تمليك المال تقرّبا إلى الله فإذا قلت تصدّقت على فلان بعشرة دراهم يعني سبّلتها عليه؟ لا، ملّكتها إياها وإذا ملَكها يفعل ما شاء فالأصل أن الصدقة موضوعة لإيش؟ للتمليك، لا للحبس، حرّمت مالي، حرّمت بيتي، الأصل في التحريم المنع فمعنى حرّمت بيتي يعني أنني حرّمته على نفسي فلا أنتفع به لكن إذا أراد بها الوقف صارت وقفا، أبّدت أي جعلته مؤبّدا وظاهر اللفظ أي جعلته مؤبّدا أني سأبقي ملكه ولا أزيله عن ملكي أبدا فهذه الكلمات الثلاث نجد أنها عند الإطلاق لا تدُلّ على الوقف لكن يحتملها الوقف بالنيّة فإذا نوى تصدّقت بداري على زيد أي جعلتها وقفا عليه، نعم، صارت وقفا، حرّمت داري علَيّ لتكون على زيد صارت، أه؟ صارت وقفا، أبّدت داري على زيد صارت وقفا، طيب، هنا يقول كنايته تصدّقت وحرّمت وأبّدت لكن لا ينعقد بالكناية إلا بواحد من أمور ثلاثة ولهذا قال المؤلف فتُشترط النيّة مع الكناية أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة، هذه اثنين؟ " أو حكم الوقف " يعني لا بد في الكناية من انضمام أحد الثلاثة إليها وهي النيّة فإذا نوى بقوله تصدّقت بداري على فلان نوى الوقف صار وقفا وهل يملكه فلان أو لا؟ يعني يملكه ملكا تاما يتصرّف فيه كما يشاء؟ لا، بل يكون عنده لا يُباع ولا يوهب ولا يورث بل له منفعته فقط، طيب، حرّمت، نفس الشيء إذا قال أنا نويت بحرّمت يعني حرّمت البيت على نفسي وجعلته للموقوف عليه، هذه نيّتي، يكون وقفا؟ أه؟ يكون وقفا، إذا قال أبّدت داري على فلان وقال أنا نويت الوقف صار وقفا ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيّات وإنما لكل امرئ ما نوى ) فهذا نوى فله ما نوى فإن قال قائل لو قلت اشتر لي ثوبا فذهب فاشترى ثوبا وقال أنا نويت أن تشتري لي خبزا، يصح؟
السائل : ما يصح.
الشيخ : ليش؟
السائل : لا يحتمل اللفظ.
الشيخ : لأن اللفظ لا يحتمله ولو قال لله عليّ نذر أن أتصدّق بثوب فذهب وتصدّق بخبز، هل وفى بنذره؟
السائل : ... .
الشيخ : لا، لماذا؟
السائل : ... .
الشيخ : لأن اللفظ لا يحتمله فإذا قال قائل أنتم تقولون ( إنما الأعمال بالنيات ) لماذا لا تجعلون هذا حسب ما نوى؟ نقول لأن اللفظ لا يحتمله والحديث ( إنما الأعمال بالنيات ) في عمل يحتمل هذه النية، طيب، تصدّقت هل تحتمل الوقف؟
السائل : تحتمل.
الشيخ : تحتمل، لأن الوقف صدقة على الموقوف عليه، حرّمت تحتمل الوقف؟
السائل : نعم.
الشيخ : نعم، لأن الوقف فيه تحريم الموقوف على الواقف، ما يتصرّف فيه، أبّدت كذلك لأن الوقف مؤبّد لا يُباع ولا يوهب ولا، يبقى على ما هو عليه، طيب.
الثاني قال " أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة " كيف قال الخمسة وهي ستة؟ هي خمسة وإلا ستة؟
السائل : خمسة.
الشيخ : لا ستة، وقّفت حبّست سبّلت تصدّقت حرّمت أبّدت.
السائل : غير الذي ... .
الشيخ : أه، غير الذي قرنه لأنه قال " اقتران أحد الألفاظ الخمسة " يكون عندنا لفظ أول اقترن به واحد من الألفاظ الخمسة، نعم، فمثلا إذا قال تصدّقت بهذا البيت صدقة موقوفة، أه؟ صار وقفا لأنه اقترن بأحد الألفاظ الخمسة، إذا قال تصدّقت به صدقة محبّسة، نعم، صار وقفا، صدقة مسبّلة، صار وقفا، صدقة محرّمة، نعم، صار وقفا، صدقة مؤبّدة صار وقفا، فإذا قرن بواحد من ألفاظ الكناية أحد الألفاظ الخمسة والباقي عندنا إذا أخذنا واحدا من الكناية كم يبقى عندنا من الكناية؟
السائل : خمسة.
سائل آخر : اثنين.
الشيخ : اثنان يبقى، يبقى اثنان وثلاثة صريح، " أو حكم الوقف " لو قال المؤلف أو بما يدل على الوقف لكان أولى وأعَمّ، حكم الوقف مثل أن يقول تصدّقت بهذا البيت على فلان صدقة لا تُباع، إذا قال صدقة لا تُباع فما الذي لا يُباع؟ أه؟ الوقف، إذًا عرفنا أنه أراد بالصدقة إيش؟ الوقف، لأنه قال لا تُباع، تصدّقت بهذا البيت على فلان صدقة لا تُرهن، أه؟
السائل : ... .
الشيخ : هذا وقف أيضا لأن الوقف لا يرهن، طيب، نعم، نحن قلنا لو قال أو بما يدل على الوقف لكان أعَمّ، لو قال تصدّقت بهذا البيت على فلان والناظر عليه فلان، يكون وقفا وإلا لا؟ يكون وقفا، من أين علِمنا ذلك؟
السائل : الناظر.
الشيخ : لقوله والناظر والنَظر إنما يكون في الأوقاف، طيب، قلت تصدّقت بهذا البيت على فلان ومن بعده فلان، هذا أيضا يكون وقفا لأنك إذا قلت ومن بعده فلان عرفنا أنك أردت الوقف إذ لو كان ملكا لزيد لم يكن لك تصرّف فيه بعده، يكون بعد زيد لمن؟
السائل : لورثته.
الشيخ : لورثته، فالمهم أنه إذا قرن بالكناية أحد الألفاظ الخمسة أو قرن بها ما يدل على الوقف مثل أن يقول لا تُباع أو يقول الناظر فلان عليها أو يقول على فلان ومن بعده فلان أو ما أشبه ذلك من الكلمات التي تدل على الوقف فإنه يكون وقفا، طيب، إذًا يا جماعة صيغ الوقف نوعان، فعلية وقولية، والقولية نوعان صريح وكناية والفرق بينهما بين الصريح والكناية أن الصريح لا يحتمل غير الوقف والكناية يحتمله وغيره.
ثانيا الصريح لا يحتاج إلى نية ولا اقتران شيء من الألفاظ معه والكناية تحتاج إلى نيّة أو اقتران أحد الألفاظ الخمسة أو ما يدل على الوقف لأنه كناية، طيب، هل تُشترط النيّة في الصيَغ الفعلية؟ الصيغ الفعلية الذي يجعل أرضه مسجدا أو مقبرة هل تُشترط فيها النية؟ نعم؟ ظاهر كلام المؤلف كمن جعل أرضه مسجدا وأذن للناس بالصلاة فيه ـنها لا تُشترط النيّة وهذا العمل يعني جعل الأرض مسجدا أو مقبرة لا يخلو من ثلاث حالات، الحال الأولى أن ينوي بذلك أنها مسجد أو مقبرة فتكون مسجدا أو مقبرة ولا إشكال في ذلك، الثانية ألا ينوي ذلك أن ينوي خلاف ذلك بأن ينوي بجعلها مسجدا أنها مؤقتة أو بأنها مقبرة أنها مؤقتة فقد صرّح شيخ الإسلام ابن تيمية أنها تكون وقفا ولو نوى خِلافها لأن هذه النيّة تُعارض الواقف فإن من جعل أرضه مسجدا فإن المعلوم أن المسجد سوف إيش؟ سوف يبقى فكيف تنوي أنه لا يبقى؟ من جعَلها مقبرة فإن من المعلوم أن المقبرة سوف تبقى فكيف تنوي خلاف ذلك، طيب.
الحال الثالثة ألا ينوي هذا ولا هذا، لا ينوي أنها وقف ولا أنها غير وقف فتكون وقفا لا إشكال فيه إذًا لا إشكال في أنها تكون وقفا بالفعل الدال على الوقف في حالين، ما هما؟
السائل : ... .
الشيخ : إذا نوى أنها وقف وإذا لم ينو شيئا، الحال الثالثة إذا نوى خلاف الوقف وأن تكون عاريّة فهذه محل خلاف بين العلماء وقد صرّح شيخ الإسلام رحمه الله أنها تكون وقفا ولو نوى خلاف ذلك.
ثم قال المؤلف " ويُشترط فيه المنفعة دائما " يُشترط فيه يعني في الوقف، والله أعلم، نقف على هذا ... . نعم؟ نصر؟