المناقشة حول صيغ الوقف. حفظ
الشيخ : بسم الله الرحمان الرحيم، قال رحمه الله تعالى سبق أن الوقف له صيغتان قولية وفعلية وأن القولية تنقسم إلى قسمين صريح وكناية وأن الفرق بينهما أن الصريح ينعقد به الوقف بمجرّد النطق به والكناية لا ينعقد بها الوقف إلا بواحد من أمور ثلاث أن تقترن بأحد الألفاظ الخمسة أو أن ينوي ذلك أو أن يقرِنها بأمر يختص بالوقف.
مثال الأول أن يقول تصدّقت بهذا صدقة مؤبّدة على فلان فهنا يكون وقفا، أه؟
السائل : ... .
الشيخ : ليش؟
السائل : اقترن ... .
الشيخ : لأنه قرنها بأحد الألفاظ الخمسة ومثال الثاني أن يقول تصدّقت بهذا على فلان وينوي أنه وقف والمرجع في النيّة إليه لا إلى المتصدّق عليه لأن هذا لا يُعلم إلا من جهته ولأن التمليك حصل من جهته فلا يُمكن أن يخرج ملكه إلا على النيّة التي أراد، مثاله قال تصدّقت ببيتي على فلان فذهب فلان يعرضه للبيع فقال صاحب البيت لا تبعه، أنا نويت أن يكون وقفا عليك فقال لا، اللفظ الذي نطقت به يقتضي أن يكون ملكا لي لأنك أنت قلت تصدّقت ببيتي على فلان فقال قد نويت الوقف فإلى من نرجع؟
السائل : ... .
سائل آخر : ... صاحب البيت.
الشيخ : إلى صاحب البيت، نقول القول قولك لأن هذا النيّة لا تُعلم إلا من جهتك ولأنك أخرجت ملكك لهذا الرجل على سبيل إيش؟ الوقف فلا يُمكن أن نُخرجه عن ملكك على شيء لم تُرِده، طيب.
لو قال تصدّقت بهذا على زيد ومن بعده على الفقراء، أه؟
السائل : وقف.
الشيخ : وقف؟ صار وقفا، من أين علِمنا أنه وقف؟
السائل : ... .
الشيخ : أنه ذكر معه ما يختص بالوقف، تصدّقت ببيتي على فلان والناظر فلان.
السائل : وقف.
الشيخ : أه؟ وقف، ليش؟ قرنه بما يختص بالوقف، تصدّقت ببيتي على فلان صدقة لا يُباع فيها ولا يُرهن، وقف لأنه قرنه بماذا؟ بما يختص بالوقف وهو عدم البيع والرهن، طيب.
قال المؤلف " ويُشترط فيه المنفعة " إلى ءاخره، هذا شروع في شروط الوقف، الوقف كغيره من العقود لا بد أن يكون صادرا من ذي أهلية -خلوكم معنا- فما الذي يُشترط في الواقف؟ يُشترط أن يكون عاقلا فلو قال المجنون وقّفت بيتي فإن الوقف لا يصح، لو قال الشيخ الكبير الهرِم المهذري وقّفت بيتي، نعم؟
السائل : لا يصح.
الشيخ : لا يصح، ليش؟ لعدم العقل، لو قال السكران الذي شرب الخمر وقّفت بيتي.
السائل : لا يصح.
الشيخ : لا يصح على القول الراجح أما على المذهب فيصح لأنهم يجعلون أقوال السكران كأقوال الصاحي إذا كان غير معذور بسكره، طيب، يُشترط أيضا أن يكون بالغا فإن كان غير بالغ فإن الوقف لا يصح فلو قال شاب مراهق وقّفت بيتي لطلبة العلم، رجل طالب علم وطيب وحريص على العلم وحريص على تعلّم الناس العلم ولكنه لم يبلغ، له أربع عشرة سنة وستة أشهر ولا احتلام ولا إنبات فقال وقّفت بيتي على طلبة العلم وهو رجل غني ثري قد ترك له والده عقارات كثيرة، هل يصح الوقف أو لا؟
السائل : ما يصح.
الشيخ : لا يصح، ليش؟
السائل : ... صغير.
الشيخ : هاه؟ لأنه غير بالغ صغير لا بد أن يكون بالغا وهل يُشترط أن يكون جائزَ التبرّع؟ يعني بمعنى أنه ليس عليه دين يستغرق ماله، هل يُشترط هذا؟ ألا يكون عليه دين يستغرق ماله؟ في هذا خلاف بين العلماء وهو مبني على جواز التصرّف فإن قلنا بجواز تصرّف من عليه دين يستغرق ماله قلنا بجواز الوقف وصحّة الوقف وإن قلنا بأن من عليه دين يستغرق ماله لا يصح تصرّفه على وجه التبرّع قلنا لا يصح وقفه -خلوكم معنا- والصحيح أنه لا يصح تبرّعه وذلك لأن من عليه دين يستغرق ماله قد شُغِل ماله بالدين لأن وفاء الدين واجب والتبرّع والصدقة، هاه؟ مستحبة غير واجبة فلا يُمكن أن نُسقط واجبا بمستحب فالصحيح أن من عليه دين يستغرق لا يصح منه الوقف ولو وقّف ولا يصح منه العِتق ولا يجوز له أن يتصدّق وذلك لأن قضاء الدين واجب ولا يجوز إسقاط الواجب، بماذا؟ بالمستحب أما المذهب فيجوز أن يتبرّع من عليه دين يستغرق إلا إذا حُجِر عليه، إذا حُجِر من قِبل القاضي فإنه لا يصح أن يتبرّع لا بصدقة ولا بوقف ولا بغيره، طيب، إذًا الشروط أن يكون بالغا عاقلا، أه؟
السائل : جائز التصرف.
الشيخ : جائز التبرّع على القول الراجح، طيب، هل يُشترط أن يكون جائز التصرّف؟ إي من باب أولى، يُشترط حتى على المذهب أن يكون جائز التصرّف فلو كان بالغا عاقلا لكنه سفيه لا يُحسن التصرّف في ماله فإنه لا يصح وقفه لأنه ليس جائزَ التصرّف وإذا كان لا يجوز أن يبيع ماله فإن تبرّعه به من باب أولى أن لا يجوز، طيب، يُشترط أيضا، هذا الشرط أو هذه الشروط في الواقف نحتاج إلى شروط تتعلق بالوقف وإلى شروط تتعلّق بالموقوف عليه، يعني شروط الوقف في الحقيقة تدور على ثلاثة أشياء، شروط في الواقف وشروط في الوقف وشروط في الموقوف عليه، طيب.
شروط الوقف قال " ويُشترط فيه المنفعة دائما من معيّن يُنتفع به مع بقاء عينه " يُشترط فيه يعني في الوقف المنفعة دائما يعني أنه لا بد أن يكون الموقوف ذا منفعة دائمة.