شرح قول المؤلف : " فإن تصرف في ماله ولو فيما وهبه له ببيع أو عتق أو إبراء أو أراد أخذه قبل رجوعه أو تملكه بقول أو نية وقبض معتبر لم يصح ". حفظ
الشيخ : قال المؤلف رحمه الله، نبدأ درسا جديدا : " فإن تصرّف في ماله " ببيع إلى ءاخره، إن تصرّف الضمير يعود على الوالد الأب في ماله أي في مال ولده ولو في ما وهبه له يعني ولو كان التصرّف فيما وهبه الأب للولد ببيع فإنه لا يصح لأنه لم يدخل في ملكه، مثال ذلك باع الأب سيارة ابنه دون أن يتملّكها فإن البيع لا يصح لأن من شروط البيع أن يكون من مالك أو من يقوم مقامه والذي يقوم مقام المالك هو الوكيل والولي والوصي والناظر وليس الأب واحدا منهم وعلى هذا فنقول إن بيع الوالد سيارة ابنه غير صحيح، طيب، هذا إذا كان في ملك الولد وقوله ولو فيما وهبه له مثل، قوله ولو فيما وهبه له يعني أنه لو تصرّف الوالد في بيع فيما وهبه لابنه لم يصح البيع، مثاله رجل وهب ابنه سيارة هبة وتمّت بها الشروط وقبضها الابن ثم جاء الوالد فباعها، باع السيارة نقول إن بيعه غير صحيح وقال بعض العلماء إذا باع ما وهبه له فالبيع صحيح لأن بيعه يدل على رجوعه في الهبة والوالد يجوز أن يرجع في الهبة ولكن الصحيح ما ذهب إليه المؤلف إلا إذا قصد الوالد بهذا التصرّف أنه راجع في هبته فحينئذ نقول إنه رجع في هبته فلما رجع دخلت في ملكه فباعها بعد دخولها في ملكه، طيب، وعُلِم من هذا الكلام أنه ليس للأب أن يتصرف في مال الابن لا ببيع ولا بإعارة ولا بإجارة ولا غير ذلك لأن الأب ليس مالكا ولا قائما مقام المالك، اللهم إلا إذا كان الولد صغيرا يحتاج إلى ولاية فهذا شيء ءاخر، طيب، قال ببيع أو عتق يعني إن تصرّف بعتق مثل أن يُعتق عبد ابنه، دخل الأب يوما من الأيام ووجد العبد قد أتى بعمل طيب يُشكر عليه فقال أنت حر لعملك هذا العمل والعبد للولد فهل يصح العتق؟ لا لأنه أعتق ما لا يملك فإن قال تملّكتك ثم أعتقتك فهذا يصح لأنه إذا قال تملّكته دخل في ملكه فإذا أعتقه بعد دخوله في ملكه نفذ العتق، قال : " أو إبراء " يعني تصرف الوالد بإبراء مدين الولد، مثاله شخص لابنه على زيد مائة درهم فذهب الأب إلى المدين وقال إني قد أبرأتك من دين ابني، أه؟
السائل : ... .
الشيخ : لا يصح، أولا لأن الابن لم يملكه لأنه دين في ذمة غيره وثان لأن الأب أيضا لم يملكه فقد انتفى عنه الملك من الأب ومن الابن وقال بعض أهل العلم إن تصرّف الوالد في مال ولده ببيع أو عتق أو إبراء صحيح لأنه إذا كان له أن يتملّك هذه الأشياء فتصرّفه فيها من باب أولى ويكون الثمن في البيع لمن؟ للابن، الثمن للابن أما العتق فيكون الأجر للابن والإبراء يكون الأجر للابن أيضا، قالوا فهذا أقل مما لو تملكه أصلا لأنه لو تملكه لم يكن للابن شيء والظاهر أن الحديث يدل على صحة تصرّف الأب في مال ابنه إذا لم يضرّه ولا يحتاجه وأما الإبراء فليس له ذلك لأن قوله صلى الله عليه وسلم : ( أنت ومالك لأبيك ) لا يدخل فيه الدين لأن الدين لم يكن مالا للابن حتى يقبضه.
قال : " أو أراد أخذه قبل رجوعه " أخذه يعني أخذ ما وهبه قبل رجوعه في الهبة فإنه لا يصح أن يتصرّف فيه بالبيع إذًا ما الطريق إلى صحة التصرّف؟ إيش؟ أن يرجع في الهبة إن كان هبة أو يتملكه إذا لم يكن هبة ولهذا قال قبل رجوعه أو تملّكه بقول أو نيّة وقبض معتبر، أراد أخذه أي أخذ ما وهبه قبل رجوعه بالهبة فإن تصرّفه لا يصح ولكن كيف يصح إذا أراد أن يصح؟ نقول ارجع وقل رجعت في هبتي لولدي ثم بعد ذلك بعه وأما أن تبيع وهو على ملك الولد فهذا لا يصح لأنك بعت ما لا تملك كذلك أيضا قبل تملّكه لو أنه أراد أن يتصرّف فيه قبل أن يتملّكه ببيع فإنه لا يصح يعني أو أراد أخذه أيضا قبل أن يتملّكه فإن ذلك لا يصح المهم أن تصرّف الوالد في مال ولده لا يصح إلا بعد إيش؟ بعد التملّك، يتملّكه أولا ثم يتصرّف فيه.