كلام الشيخ عن تعريف علم أصول الفقه. حفظ
الشيخ : المسألة الثالثة نرجع إلى تعريف أصول الفقه علماء الأصول عرّفوا هذا المركب الإضافي على وجهين : الوجه الأول تعريف بحسب مفرديْه أي ما معنى أصول وحدها وما معنى فقه وحدها والثاني باعتباره مركّبا، أما باعتبار مفرديْه فيقول المؤلف : " أصول الفقه مركّب إضافي من جزئين " مركب إضافي، هل يعني أن هناك مركبا ليس إضافيا؟ الجواب نعم، فيه مركب عددي ومركب مزجي ومركب إسنادي وهذا مركب إضافي ومعنى قولنا مركب إضافي أي أنه مركب من مضاف ومضاف إليه، اسمع أصول فقه، أصول مضاف وفقه مضاف إليه فهو مركب إضافي من جزئين، أولهما أصول والثاني الفقه وصار المركب علما على هذا الفن وسما له لكن باعتباره مركبا لا باعتباره مفرّقا. فما معنى أصول؟ يقول : أصول جمع على فُعول مفرده أصل وهو مقابل الفرع، أصول جمع أصل مثل فروع جمع فرع. والأصل مقابل الفرع فكل فرع له أصل وكل أصل له فرع فتقابلهما من باب تقابل المتضايفين كأن تقول قبل وكل قبل قبله قبل وبعده بعد كذلك أيضا أصول لا يمكن أن يُعقل معنى للأصول إلا بإيش؟ إلا بفروع ولا فروع إلا بأصول، يُقال هذا أصل وذاك فرع فالأصل في اللغة يطلق على ما يبتني عليه غيره كأصل البيت للأساس الذي تُبنى عليه جدرانه وأصل الشجرة لطرفها الثابت في الأرض، نعم، الأصل ما يُبنى عليه غيره، هذا الأصل مثل أساس البيت، الأن نجد الجدران لها أساس تُسمّى في العصر الحاضر.
السائل : قواعد.
الشيخ : قواعد ومايدة أظن، نعم، ميدة أو مايدة، فيما سبق كانوا يضعون أحجارا بدل المايدة يبنى عليها اللبن من الطين هذه الأحجار وهذه المايدة وهذه القواعد تسمى إيش؟ أصولا لأنه يبنى عليها غيرها. ويطلق الأصل أيضا على ما يتفرع عنه غيره على ما يتفرع عنه غيره كأصل الإنسان لمن؟ لأبويه، الأم أصل والأب أصل لأنه تفرّع منهما إيش؟ الأولاد غيرهما، أصل الشجرة هل هو من الأصل الذي هو الأساس أو من الأصل الذي تفرّع عنه غيره؟ أصل الشجرة؟ نعم؟
السائل : ما تفرع عنه غيره.
الشيخ : الحقيقة أنه بين هذا وهذا، الشجرة لها أصل وهو عروقها الثابتة في الأرض لقول الله تبارك وتعالى أصلها ثابت وفرعها في السماء لأن هذا الأصل يتركّب عليه الفرع وينبني عليه. يُطلق أيضا على القاعدة، القاعدة تسمى أصلا، القاعدة الأصولية أو الفقهية تسمى أصلا لأنه يتفرّع عنها غيرها فمثلا قول ابن رجب رحمه الله في القواعد " تقديم الشيء على سببه لاغ وتقديمه على شرطه جائز " ، هذه قاعدة يعني يتفرّع عنها فروع أما معنى القاعدة فإن شئتم بيّناه وإن شئتم قلنا هي مثال لا يحتاج إلى شرح.
السائل : بيّن.
الشيخ : الأول؟ طيب، الإنسان إذا أقسم ليفعلن كذا وكذا قال والله لأفعلن كذا فعندنا شرط للحنث وعندنا سبب للحنث، نعم، حلفه يُسمى سببا وحنثه يسمى شرطا للكفارة يعني لأن الرجل إذا قال والله لأفعلن كذا ثم فعله وجبت عليه الكفارة لو أنه كفّر قبل أن يحلف.
السائل : لاغي.
الشيخ : لاغي ما ينفع لأنه ما حلف حتى يُكفّر لو أنه حلف ثم كفّر ثم حنِث جائز لأن هذا تقديم له قبل شرطه، طيب، المهم أن ما يُبنى عليه غيره يُسمّى قاعدة. كذلك يطلق الأصل على الشيء الثابت الذي طرأ عليه الشك كرجل متطهّر فأشكل عليه أحدث أم لا نقول الأصل إيش؟ الأصل الطهارة فهو الشيء الثابت الذي طرأ عليه ما يوجب الشك، فالشيء الثابت الذي طرا عليه موجب الشك يسمى أصلا.
ويطلق الأصل أيضا على الدليل وهذا كثيرا ما تقرؤونه في كتب الفقه يُقال هذا حرام والأصل فيه قوله تعالى هذا حلال والأصل فيه قوله تعالى أو الأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم، الأصل فيه الإجماع الأصل بمعنى الدليل وسمي الدليل أصلا لأنه يُبنى عليه الحكم فلولا هذا الدليل ما ثبت الحكم.
خلاصة الأمر أن الأصل يدور معناه على إيش؟ على ما ينبني عليه غيره، هذا الأصل. قال والفرع ما يُبنى على غيره أو يتفرع عنه كالجدار بالنسبة لأساسه وفرع الشجرة بالنسبة لجذرها.
الفرع ما يبنى على غيره كالجدار بالنسبة إيش؟ لأساسه أو يتفرّع عنه غيره كغصون الشجرة بالنسبة لأصلها وكالأبناء والبنات بالنسبة للآباء والأمهات وكفروع الفقه بالنسبة لأدلته المستمد هو منها يعني الذي استُمد منها، فروع الفقه يعني يحرم كذا يجوز كذا يجب كذا هذا فرع بالنسبة لإيش؟ للأدلة التي دلت عليه وهذا معنى قوله لأدلته المستمد هو منها أي للأدلة التي بُني عليها فإذا قال لك قائل هل غسل الوجه واجب في الوضوء؟ تقول نعم، ما الأصل؟ قوله تعالى : (( فاغسلوا وجوهكم )) هل الزكاة واجبة في الذهب والفضة؟ نعم، والأصل قول الله تبارك وتعالى : (( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )) وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ابن جبل : ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم ) إذًا يُطلق الفرع على إيش؟ على ما ينبني على غيره ومنه فروع الفقه بالنسبة لأدلته وهنا انتهى الكلام على معنى الأصل الذي جمعه أصول.
الجزء الثاني الفقه ومعناه لغة الفهم مأخوذ من فقهها كفهِم وزنا للمعنى ويقال فقَه بالفتح إذا فاق وسبق غيره في الفقه كما يُقال فقُه بالضم ككرُم إذا صار الفقه له سجيّة، عندكم سجّة؟
السائل : ... .
الشيخ : سجيّة وطبيعة، الفقه في اللغة الفهم ومنه قول الله تبارك وتعالى : (( وَإِن مِن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )) معنى لا تفقهون أي لا تفهمون تسبيحهم وهو مأخوذ من فقِهَ وفَقَهَ وفقُهَ يعني مثلث القاف لكنه يختلف فقِه بمعنى فهِم، فقَه يعني غلب غيره في الفقه، فقُه صار فقيها تماما بحيث يكون الفقه له كالسجيّة له ولهذا جاء على وزن فقُه الدال على الصفة المشبّهة.
فالفقه إذًا في اللغة يدور على أي معنى؟ على الفهم ومعناه شرعا معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الإجتهاد الثابتة لأفعال المكلفين خاصة. انتبه للتعريف، معرفة الأحكام الشرعية. فما هي الأحكام؟ سيأتي إن شاء الله تعريفها لكن الأحكام مثل الوجوب هذا حكم شرعي. معرفة الوجوب وأن هذا واجب فقه، الشرعية احترازا من العادية والحسيّة والعقلية لأن الأحكام أربعة أحكام شرعية، ما دل عليه الشرع، أحكام عقلية ما ثبَت بالعقل، أحكام حسّية ما ثبت بالحس، أحكام عادية ما ثبت بالعادة فما هو الذي يُراد هنا في الفقه؟ الشرعية، الأحكام الشرعية كالوجوب مثلا والتحريم والتحليل وما أشبه ذلك.
الأحكام العقلية هي ما كان مستنده العقل كأن نعلم أن كل محدث لا بد له إيش؟ من محدِث، كل محدث لا بد له من محدث، من أين جاءنا هذا؟ من العقل، هذا جاءنا من العقل، طيب، حكم عادي أن نعلم أن النار محرقة وأن السنا مُليّن للطبع منظف للأمعاء، إيش السنا؟ أه؟
السائل : شراب.
الشيخ : شراب معروف من أوراق شجر يسميه بعض الناس السنا وبعضهم يقول السناويه، نعم، وهو معروف عند العامة هذا مليّن للبطن ومنظّف للأمعاء، من أين عرفنا؟ في القرأن؟
السائل : ... .
الشيخ : لا، في العقل؟ لا.
السائل : العادة.
الشيخ : العادة، جرّبه الناس فوجدوه هكذا، العسل فيه شفاء، إيش؟
السائل : شرعي.
الشيخ : شرعي وإلا؟
السائل : شرعي.
الشيخ : شرعي ما هو عادي لكن تؤيّده العادة، نعم، الثالث الحسي هو هذا، هو الحسي والعادي معناه واحد. لا، نعم، الأول الشرعي والثاني العقلي والثالث الحسي والرابع العادي، العادي جرت العادة مثلا أنه إذا أراد أن يأتي الأمير سُمعت الصفارات أو أنه إذا كان هناك خوف سُمعت الصفارات، سمعنا الصفارات تصفّر قلنا إن كان المسألة فيها خوف قلنا هذا إعلان بالخوف، إن كان هناك أمن قلنا جاء الأمير، طيب، نسمع صفارات في الحريق أليس كذلك؟ نستدل بذلك على أن هناك حريقا، بأي شيء؟ بالقرأن بالسنّة بالعقل؟
السائل : بالعادة.
الشيخ : بالعادة، جرت العادة أن مثل هذه الصفارات تكون علامة على أن هناك حريقا.
فالأحكام إذًا كم؟ أربعة، شرعي وعقلي وحسي وعادي. والذي يُراد هنا هو الشرعي.
قوله : " التي طريقها الاجتهاد " احترازا من أمور الغيب فالعلم بها لا يُعتبر فقها بحسب الاصطلاح لأنه ليس للاجتهاد فيها مجال ومن العلماء من قال، نعم، لا هو المؤلف جمع، قال " الثابتة لأفعال المكلفين خاصة " هنا لأفعال المكلفين خرج بذلك ما يتعلق باعتقاد المكلّفين فما يتعلق بالاعتقاد لا يسمى فقها اصطلاحا لأنه لا يتعلق بالأفعال وإنما يتعلّق باعتقادات القلوب بأخبار ليس مستندها الاجتهاد. أنتم معنا يا جماعة؟ إذًا علم العقائد والتوحيد على هذا التعريف ليس فقها، انتبه، علم العقائد والتوحيد ليس فقها على هذا التعريف لكنه من حيث الشرع هو فقه، علم العقائد فقه بل إنهم يقولون إنه الفقه الأكبر لشرف موضوعه لأن موضوعه التحدّث عن أسماء الله وصفاته والفقه الاصطلاحي موضوعه التحدّث عن أفعال من؟ المكلفين والعلم يشرف بشرف موضوعه. لكننا نقول لا مشاحة في الإصطلاح مادام هؤلاء القوم الذين عُرفوا بالأخذ بالفقه يقولون الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد المتعلقة بأفعال المكلفين، ماداموا يقولون هكذا نقول لا نشاحكم بهذا لكننا لا نُسلِّم أن هذا هو معنى الفقه شرعا. بل الفقه شرعا يكاد يكون مطابقا للفقه لغة إلا أن الفقه لغة أعم لأنه يشمل فهم كل شيء حتى ما يتعلق بأمور الدنيا والفقه شرعا إنما يختص بما يتعلق بأمور الدين.
أمثلة ذلك يقول مثاله كأن تعرف أن النيّة في الوضوء واجبة عند بعض المذاهب وأن ... مندوب وأن النية من الليل شرط في صوم رمضان وأن الزكاة واجبة في مال الصبي والصبية، غير واجبة في الحلي المباح كحلي امرأة لا ترف فيه بخلاف الحلي المحرم إلى ءاخره، نأتي على الأمثلة هذه، علمنا بأن النية في الوضوء واجبة هذا فقه وجهه أننا عرفنا حكما شرعيا متعلقا بأفعال المكلفين، ما هو الدليل على الوجوب؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) ومن المعلوم أن الوضوء يقع أحيانا للتبرّد وأحيانا للعبادة فلا بد من نيّة تميّز بينه وبين العادة وقول المؤلف عند بعض المذاهب إشارة إلى خلاف في ذلك وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله فإنه يقول إن النيّة ليست واجبة في الوضوء لكن جمهور العلماء على أنها واجبة هو الصحيح. وأن النية وأن الغسل مندوب والمندوب هو الذي إذا فعله الإنسان أثيب وإذا تركه لم يعاقب وخلاف ذلك من قال إن الوتر واجب والصحيح أنه مندوب ودليله قول الني صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وقد بعثه في ءاخر عمره قال : ( أعلمهم إن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ) .
الثانية أن النية، ما يخالف ... ، نعم؟
السائل : قواعد.
الشيخ : قواعد ومايدة أظن، نعم، ميدة أو مايدة، فيما سبق كانوا يضعون أحجارا بدل المايدة يبنى عليها اللبن من الطين هذه الأحجار وهذه المايدة وهذه القواعد تسمى إيش؟ أصولا لأنه يبنى عليها غيرها. ويطلق الأصل أيضا على ما يتفرع عنه غيره على ما يتفرع عنه غيره كأصل الإنسان لمن؟ لأبويه، الأم أصل والأب أصل لأنه تفرّع منهما إيش؟ الأولاد غيرهما، أصل الشجرة هل هو من الأصل الذي هو الأساس أو من الأصل الذي تفرّع عنه غيره؟ أصل الشجرة؟ نعم؟
السائل : ما تفرع عنه غيره.
الشيخ : الحقيقة أنه بين هذا وهذا، الشجرة لها أصل وهو عروقها الثابتة في الأرض لقول الله تبارك وتعالى أصلها ثابت وفرعها في السماء لأن هذا الأصل يتركّب عليه الفرع وينبني عليه. يُطلق أيضا على القاعدة، القاعدة تسمى أصلا، القاعدة الأصولية أو الفقهية تسمى أصلا لأنه يتفرّع عنها غيرها فمثلا قول ابن رجب رحمه الله في القواعد " تقديم الشيء على سببه لاغ وتقديمه على شرطه جائز " ، هذه قاعدة يعني يتفرّع عنها فروع أما معنى القاعدة فإن شئتم بيّناه وإن شئتم قلنا هي مثال لا يحتاج إلى شرح.
السائل : بيّن.
الشيخ : الأول؟ طيب، الإنسان إذا أقسم ليفعلن كذا وكذا قال والله لأفعلن كذا فعندنا شرط للحنث وعندنا سبب للحنث، نعم، حلفه يُسمى سببا وحنثه يسمى شرطا للكفارة يعني لأن الرجل إذا قال والله لأفعلن كذا ثم فعله وجبت عليه الكفارة لو أنه كفّر قبل أن يحلف.
السائل : لاغي.
الشيخ : لاغي ما ينفع لأنه ما حلف حتى يُكفّر لو أنه حلف ثم كفّر ثم حنِث جائز لأن هذا تقديم له قبل شرطه، طيب، المهم أن ما يُبنى عليه غيره يُسمّى قاعدة. كذلك يطلق الأصل على الشيء الثابت الذي طرأ عليه الشك كرجل متطهّر فأشكل عليه أحدث أم لا نقول الأصل إيش؟ الأصل الطهارة فهو الشيء الثابت الذي طرأ عليه ما يوجب الشك، فالشيء الثابت الذي طرا عليه موجب الشك يسمى أصلا.
ويطلق الأصل أيضا على الدليل وهذا كثيرا ما تقرؤونه في كتب الفقه يُقال هذا حرام والأصل فيه قوله تعالى هذا حلال والأصل فيه قوله تعالى أو الأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وعلى ءاله وسلم، الأصل فيه الإجماع الأصل بمعنى الدليل وسمي الدليل أصلا لأنه يُبنى عليه الحكم فلولا هذا الدليل ما ثبت الحكم.
خلاصة الأمر أن الأصل يدور معناه على إيش؟ على ما ينبني عليه غيره، هذا الأصل. قال والفرع ما يُبنى على غيره أو يتفرع عنه كالجدار بالنسبة لأساسه وفرع الشجرة بالنسبة لجذرها.
الفرع ما يبنى على غيره كالجدار بالنسبة إيش؟ لأساسه أو يتفرّع عنه غيره كغصون الشجرة بالنسبة لأصلها وكالأبناء والبنات بالنسبة للآباء والأمهات وكفروع الفقه بالنسبة لأدلته المستمد هو منها يعني الذي استُمد منها، فروع الفقه يعني يحرم كذا يجوز كذا يجب كذا هذا فرع بالنسبة لإيش؟ للأدلة التي دلت عليه وهذا معنى قوله لأدلته المستمد هو منها أي للأدلة التي بُني عليها فإذا قال لك قائل هل غسل الوجه واجب في الوضوء؟ تقول نعم، ما الأصل؟ قوله تعالى : (( فاغسلوا وجوهكم )) هل الزكاة واجبة في الذهب والفضة؟ نعم، والأصل قول الله تبارك وتعالى : (( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )) وقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ابن جبل : ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم ) إذًا يُطلق الفرع على إيش؟ على ما ينبني على غيره ومنه فروع الفقه بالنسبة لأدلته وهنا انتهى الكلام على معنى الأصل الذي جمعه أصول.
الجزء الثاني الفقه ومعناه لغة الفهم مأخوذ من فقهها كفهِم وزنا للمعنى ويقال فقَه بالفتح إذا فاق وسبق غيره في الفقه كما يُقال فقُه بالضم ككرُم إذا صار الفقه له سجيّة، عندكم سجّة؟
السائل : ... .
الشيخ : سجيّة وطبيعة، الفقه في اللغة الفهم ومنه قول الله تبارك وتعالى : (( وَإِن مِن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ )) معنى لا تفقهون أي لا تفهمون تسبيحهم وهو مأخوذ من فقِهَ وفَقَهَ وفقُهَ يعني مثلث القاف لكنه يختلف فقِه بمعنى فهِم، فقَه يعني غلب غيره في الفقه، فقُه صار فقيها تماما بحيث يكون الفقه له كالسجيّة له ولهذا جاء على وزن فقُه الدال على الصفة المشبّهة.
فالفقه إذًا في اللغة يدور على أي معنى؟ على الفهم ومعناه شرعا معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الإجتهاد الثابتة لأفعال المكلفين خاصة. انتبه للتعريف، معرفة الأحكام الشرعية. فما هي الأحكام؟ سيأتي إن شاء الله تعريفها لكن الأحكام مثل الوجوب هذا حكم شرعي. معرفة الوجوب وأن هذا واجب فقه، الشرعية احترازا من العادية والحسيّة والعقلية لأن الأحكام أربعة أحكام شرعية، ما دل عليه الشرع، أحكام عقلية ما ثبَت بالعقل، أحكام حسّية ما ثبت بالحس، أحكام عادية ما ثبت بالعادة فما هو الذي يُراد هنا في الفقه؟ الشرعية، الأحكام الشرعية كالوجوب مثلا والتحريم والتحليل وما أشبه ذلك.
الأحكام العقلية هي ما كان مستنده العقل كأن نعلم أن كل محدث لا بد له إيش؟ من محدِث، كل محدث لا بد له من محدث، من أين جاءنا هذا؟ من العقل، هذا جاءنا من العقل، طيب، حكم عادي أن نعلم أن النار محرقة وأن السنا مُليّن للطبع منظف للأمعاء، إيش السنا؟ أه؟
السائل : شراب.
الشيخ : شراب معروف من أوراق شجر يسميه بعض الناس السنا وبعضهم يقول السناويه، نعم، وهو معروف عند العامة هذا مليّن للبطن ومنظّف للأمعاء، من أين عرفنا؟ في القرأن؟
السائل : ... .
الشيخ : لا، في العقل؟ لا.
السائل : العادة.
الشيخ : العادة، جرّبه الناس فوجدوه هكذا، العسل فيه شفاء، إيش؟
السائل : شرعي.
الشيخ : شرعي وإلا؟
السائل : شرعي.
الشيخ : شرعي ما هو عادي لكن تؤيّده العادة، نعم، الثالث الحسي هو هذا، هو الحسي والعادي معناه واحد. لا، نعم، الأول الشرعي والثاني العقلي والثالث الحسي والرابع العادي، العادي جرت العادة مثلا أنه إذا أراد أن يأتي الأمير سُمعت الصفارات أو أنه إذا كان هناك خوف سُمعت الصفارات، سمعنا الصفارات تصفّر قلنا إن كان المسألة فيها خوف قلنا هذا إعلان بالخوف، إن كان هناك أمن قلنا جاء الأمير، طيب، نسمع صفارات في الحريق أليس كذلك؟ نستدل بذلك على أن هناك حريقا، بأي شيء؟ بالقرأن بالسنّة بالعقل؟
السائل : بالعادة.
الشيخ : بالعادة، جرت العادة أن مثل هذه الصفارات تكون علامة على أن هناك حريقا.
فالأحكام إذًا كم؟ أربعة، شرعي وعقلي وحسي وعادي. والذي يُراد هنا هو الشرعي.
قوله : " التي طريقها الاجتهاد " احترازا من أمور الغيب فالعلم بها لا يُعتبر فقها بحسب الاصطلاح لأنه ليس للاجتهاد فيها مجال ومن العلماء من قال، نعم، لا هو المؤلف جمع، قال " الثابتة لأفعال المكلفين خاصة " هنا لأفعال المكلفين خرج بذلك ما يتعلق باعتقاد المكلّفين فما يتعلق بالاعتقاد لا يسمى فقها اصطلاحا لأنه لا يتعلق بالأفعال وإنما يتعلّق باعتقادات القلوب بأخبار ليس مستندها الاجتهاد. أنتم معنا يا جماعة؟ إذًا علم العقائد والتوحيد على هذا التعريف ليس فقها، انتبه، علم العقائد والتوحيد ليس فقها على هذا التعريف لكنه من حيث الشرع هو فقه، علم العقائد فقه بل إنهم يقولون إنه الفقه الأكبر لشرف موضوعه لأن موضوعه التحدّث عن أسماء الله وصفاته والفقه الاصطلاحي موضوعه التحدّث عن أفعال من؟ المكلفين والعلم يشرف بشرف موضوعه. لكننا نقول لا مشاحة في الإصطلاح مادام هؤلاء القوم الذين عُرفوا بالأخذ بالفقه يقولون الفقه هو معرفة الأحكام الشرعية التي طريقها الاجتهاد المتعلقة بأفعال المكلفين، ماداموا يقولون هكذا نقول لا نشاحكم بهذا لكننا لا نُسلِّم أن هذا هو معنى الفقه شرعا. بل الفقه شرعا يكاد يكون مطابقا للفقه لغة إلا أن الفقه لغة أعم لأنه يشمل فهم كل شيء حتى ما يتعلق بأمور الدنيا والفقه شرعا إنما يختص بما يتعلق بأمور الدين.
أمثلة ذلك يقول مثاله كأن تعرف أن النيّة في الوضوء واجبة عند بعض المذاهب وأن ... مندوب وأن النية من الليل شرط في صوم رمضان وأن الزكاة واجبة في مال الصبي والصبية، غير واجبة في الحلي المباح كحلي امرأة لا ترف فيه بخلاف الحلي المحرم إلى ءاخره، نأتي على الأمثلة هذه، علمنا بأن النية في الوضوء واجبة هذا فقه وجهه أننا عرفنا حكما شرعيا متعلقا بأفعال المكلفين، ما هو الدليل على الوجوب؟ قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) ومن المعلوم أن الوضوء يقع أحيانا للتبرّد وأحيانا للعبادة فلا بد من نيّة تميّز بينه وبين العادة وقول المؤلف عند بعض المذاهب إشارة إلى خلاف في ذلك وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله فإنه يقول إن النيّة ليست واجبة في الوضوء لكن جمهور العلماء على أنها واجبة هو الصحيح. وأن النية وأن الغسل مندوب والمندوب هو الذي إذا فعله الإنسان أثيب وإذا تركه لم يعاقب وخلاف ذلك من قال إن الوتر واجب والصحيح أنه مندوب ودليله قول الني صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل وقد بعثه في ءاخر عمره قال : ( أعلمهم إن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ) .
الثانية أن النية، ما يخالف ... ، نعم؟