وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقول لو ضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين والأقوال الساقطة عند العلماء رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد أجدى على الأنام وأحمد للعاقبة إن شاء الله حفظ
القارئ : "وقد تكلّم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقولٍ لو ضربنا عن حكايته ، وذكر فساده صفحًا لكان رأيًا متينًا ، ومذهبًا صحيحًا ، إذ الإعراض عن القول المطَّرح أحرى لإماتته ، وإخمال ذكر قائله ، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهًا للجهّال عليه ، غير أنّا لمّا تخوّفنا من شرور العواقب ، واغترار الجهلة بمحدثات الأمور ، وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين ، والأقوال السّاقطة عند العلماء ، رأينا الكشف عن فساد قوله وردّ مقالته بقدر ما يليق بها من الرّدّ ، أجدى على الأنام ، وأحمد للعاقبة إن شاء الله "
الشيخ الكلام هذا صحيح ، يعني : القول الضعيف يتردد الإنسان بين نشره والرد عليه وبين تركه ، فيقول : " تكلّم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقولٍ لو ضربنا عن حكايته ، وذكر فساده صفحًا لكان رأيًا متينًا ، ومذهبًا صحيحًا " ثم علل : " إذ الإعراض عن القول المطّرح أحرى لإماتته ، وإخماد ذكر قائله ، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهًا للجهّال عليه غير أننا تخوفنا " وهذا صحيح ، ولذلك فإذا أردت للشيء أن ينتشر فردّ عليه فيأخذ الناس هذا الرد ويتجادلون فيه ، ويكون في ذلك نشرٌ للقول لكن يخشى كما قال مسلم أننا لو تركناه لاغترّ به الجهّال ، فكان مقتضى النصيحة أن يذكر ، وكونه يشتهر بأنه ضعيف وأنه مردود عليه ، خير من كونه يسكت عنه.