حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش عن ذكوان عن أبي هريرة رفعه قال لا يزني الزاني ثم ذكر بمثل حديث شعبة حفظ
القارئ : حدّثني محمّد بن رافعٍ ، قال حدّثنا عبد الرّزّاق ، قال أخبرنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة ، رفعه قال : ( لا يزني الزّاني ) ثمّ ذكر بمثل حديث شعبة.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث كما سمعتم أكثر المؤلف رحمه الله من طرقه ، وفيه مسائل : المسألة الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الإيمان عن فاعل هذه الأعمال ، ولكنه لم ينفه نفيًا مطلقًا ، وإنما نفاه عن فاعل هذه الأعمال حين فعلها ، وذلك أنه حين يقدم على هذه المعاصي مع علمه بأن الله حرمها ونهى عنها يكون في تلك الحال وفي تلك اللحظة مسلوب الإيمان ، لأنه لو آمن أو كان عنده الإيمان لم يتجرأ على ما حرم الله ، فتجد الزاني -مثلًا- حين يزني تجده في تلك اللحظة ليس عنده الإيمان الذي يردعه عن الزنا ، وكذلك يقال في البقية : السارق ، والمنتهب ، وشارب الخمر وغيرهم ، واختلف العلماء في تخريج هذا الحديث ، فمنهم من قال : المراد به الكافر ، يعني أن الكافر لا يزني ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا ينتهب النهبة ولا يغل حين يفعل ذلك وهو مؤمن ، وهذا مذهب المرجئة الذين يقولون إن المعاصي لا ينتفي معها الإيمان ، وأن الإيمان لا تضر معه المعصية كما أن الكفر لا تنفع معه الطاعة ، والقول الثاني : أن هذا يدل على الكفر المخرج من الملة ، لأنه إذا انتفى الإيمان حلّ محله الكفر ، إذ هما نقيضان إذا ارتفع أحدهما ثبت الآخر ، وهذا مذهب الخوارج والمعتزلة ، لكن المعتزلة ينفون عنه الإيمان ولا يثبتون له الكفر ، والخوارج ينفون عنه الإيمان ويثبتون له الكفر ، الخوارج يقولون : (( فماذا بعد الحق إلا الضلال )) فإذا انتفى الإيمان وجب ثبوت الكفر ، ولا نعلم في الشرع منزلة بين منزلتين ، لا كفر ولا إيمان ، أما المعتزلة فقالوا : إنه ينتفي عنه الإيمان ، ولكن لا يستحق الوصف بالكفر ، وإنما هو في منزلة بين منزلتين ، فابتدعوا المنزلة بين المنزلتين ، وهذا لا أصل له في الكتاب ولا في السنة ، القول الثالث : يقولون : إنه ينتفي عنه كمال الإيمان ، وأن المعنى : لا يزني حين يزني وهو مؤمن أي : مؤمن كامل الإيمان ، ولكن معه مطلق الإيمان ، وهذا القول هو مذهب أهل السنة والجماعة ، وقالوا : إن هذه الأعمال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ليست أعظم من قتل النفس بغير حق عمدًا ، ومع ذلك لا يخرج الإنسان من الإيمان بقتل المؤمن عمدًا ، لقول الله تبارك وتعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر )) ، ومتى يثبت القصاص ؟ إذا كان القاتل عمدًا ، وفي الأخير قال : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) ولو كان يكفر لم تثبت الأخوة ، لأن الأخوة الإيمانية لا تثبت مع الكفر أبدًا ، وإنما تثبت مع المعاصي التي تفضي إلى الكفر ، إذن معنى قوله : ( لا يزني حين يزني وهو مؤمن ) أي : كامل الإيمان ، والذي ألجأنا إلى ذلك النصوص الأخرى المانعة من خروجه من الإسلام بالكلية ، ثم لدينا قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمهما : هو أن النفي له ثلاث مراتب : المرتبة الأولى : نفي الوجود ، والثانية : نفي الصحة ، والثالثة : نفي الكمال ، على أن نفي الصحة نفي وجود في الواقع ، لكنه نفي وجود شرعي لا وجود حسي ، فمثلًا إذا قلنا : لا خالق إلا الله ، فهذا نفي وجود ، لا يوجد أحد يخلق إلا الله عز وجل ، وإذا قلنا : لا صلاة بغير وضوء ، هذا نفي الصحة ، وإذا قلت : لا صلاة بحضرة طعام ، فهذا نفي كمال ، فعلى أي هذه المراتب يتنزل النفي ؟ نقول : يتنزل على الأول نفي الوجود ، فإن تعذّر بأن كان الشيء موجودًا حمل على نفي الصحة ، فإن تعذّر بأن كان الشيء يصح مع وجود نفيه فهو على نفي الكمال ، ولهذا لو تنازع رجلان في نفي فقال أحدهما إنه نفي للكمال وقال الثاني إنه نفي للصحة فالقول قول من يقول إنه نفي للصحة ، حتى يقوم الدليل على أن المراد نفي الكمال ،
فهذا الحديث الذي رواه أبو هريرة وساقه المؤلف بعدة طرق منزل على أي الأنواع من النفي ؟ على الثالث الذي هو نفي الكمال ، فإن قال قائل : وما حكم العمل إذا نفي الكمال مع وجوده ؟ قلنا : القاعدة عند العلماء : " أن ما رتّب عليه نفي الإيمان فإنه يكون من كبائر الذنوب " وفي الحديث : ( لا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم ) يدل على أن النهبة القليلة التي لا يهتم بها الناس لا تستلزم نفي كمال الإيمان ، وهذا صحيح ، فإن قال قائل : ما الفرق بين السرقة وبين النهبة ؟ قلنا : السرقة أن يأخذ المال بخفية ، والنهبة : أن يأخذ المال بخطف وسرعة ... خطأ ، لا أبدا السارق ما يأخذ بسرعة ، يتأنى ويتسمع هل حوله أحد أو لا ، يحاول الفتح بخفية ... السارق يأخذ المال بخفية ، ... بخطف وسرعة ، نعم طيب ، هذه جملة معترضة ...
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث كما سمعتم أكثر المؤلف رحمه الله من طرقه ، وفيه مسائل : المسألة الأولى: أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الإيمان عن فاعل هذه الأعمال ، ولكنه لم ينفه نفيًا مطلقًا ، وإنما نفاه عن فاعل هذه الأعمال حين فعلها ، وذلك أنه حين يقدم على هذه المعاصي مع علمه بأن الله حرمها ونهى عنها يكون في تلك الحال وفي تلك اللحظة مسلوب الإيمان ، لأنه لو آمن أو كان عنده الإيمان لم يتجرأ على ما حرم الله ، فتجد الزاني -مثلًا- حين يزني تجده في تلك اللحظة ليس عنده الإيمان الذي يردعه عن الزنا ، وكذلك يقال في البقية : السارق ، والمنتهب ، وشارب الخمر وغيرهم ، واختلف العلماء في تخريج هذا الحديث ، فمنهم من قال : المراد به الكافر ، يعني أن الكافر لا يزني ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا ينتهب النهبة ولا يغل حين يفعل ذلك وهو مؤمن ، وهذا مذهب المرجئة الذين يقولون إن المعاصي لا ينتفي معها الإيمان ، وأن الإيمان لا تضر معه المعصية كما أن الكفر لا تنفع معه الطاعة ، والقول الثاني : أن هذا يدل على الكفر المخرج من الملة ، لأنه إذا انتفى الإيمان حلّ محله الكفر ، إذ هما نقيضان إذا ارتفع أحدهما ثبت الآخر ، وهذا مذهب الخوارج والمعتزلة ، لكن المعتزلة ينفون عنه الإيمان ولا يثبتون له الكفر ، والخوارج ينفون عنه الإيمان ويثبتون له الكفر ، الخوارج يقولون : (( فماذا بعد الحق إلا الضلال )) فإذا انتفى الإيمان وجب ثبوت الكفر ، ولا نعلم في الشرع منزلة بين منزلتين ، لا كفر ولا إيمان ، أما المعتزلة فقالوا : إنه ينتفي عنه الإيمان ، ولكن لا يستحق الوصف بالكفر ، وإنما هو في منزلة بين منزلتين ، فابتدعوا المنزلة بين المنزلتين ، وهذا لا أصل له في الكتاب ولا في السنة ، القول الثالث : يقولون : إنه ينتفي عنه كمال الإيمان ، وأن المعنى : لا يزني حين يزني وهو مؤمن أي : مؤمن كامل الإيمان ، ولكن معه مطلق الإيمان ، وهذا القول هو مذهب أهل السنة والجماعة ، وقالوا : إن هذه الأعمال التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم ليست أعظم من قتل النفس بغير حق عمدًا ، ومع ذلك لا يخرج الإنسان من الإيمان بقتل المؤمن عمدًا ، لقول الله تبارك وتعالى : (( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر )) ، ومتى يثبت القصاص ؟ إذا كان القاتل عمدًا ، وفي الأخير قال : (( فمن عفي له من أخيه شيء )) ولو كان يكفر لم تثبت الأخوة ، لأن الأخوة الإيمانية لا تثبت مع الكفر أبدًا ، وإنما تثبت مع المعاصي التي تفضي إلى الكفر ، إذن معنى قوله : ( لا يزني حين يزني وهو مؤمن ) أي : كامل الإيمان ، والذي ألجأنا إلى ذلك النصوص الأخرى المانعة من خروجه من الإسلام بالكلية ، ثم لدينا قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يفهمهما : هو أن النفي له ثلاث مراتب : المرتبة الأولى : نفي الوجود ، والثانية : نفي الصحة ، والثالثة : نفي الكمال ، على أن نفي الصحة نفي وجود في الواقع ، لكنه نفي وجود شرعي لا وجود حسي ، فمثلًا إذا قلنا : لا خالق إلا الله ، فهذا نفي وجود ، لا يوجد أحد يخلق إلا الله عز وجل ، وإذا قلنا : لا صلاة بغير وضوء ، هذا نفي الصحة ، وإذا قلت : لا صلاة بحضرة طعام ، فهذا نفي كمال ، فعلى أي هذه المراتب يتنزل النفي ؟ نقول : يتنزل على الأول نفي الوجود ، فإن تعذّر بأن كان الشيء موجودًا حمل على نفي الصحة ، فإن تعذّر بأن كان الشيء يصح مع وجود نفيه فهو على نفي الكمال ، ولهذا لو تنازع رجلان في نفي فقال أحدهما إنه نفي للكمال وقال الثاني إنه نفي للصحة فالقول قول من يقول إنه نفي للصحة ، حتى يقوم الدليل على أن المراد نفي الكمال ،
فهذا الحديث الذي رواه أبو هريرة وساقه المؤلف بعدة طرق منزل على أي الأنواع من النفي ؟ على الثالث الذي هو نفي الكمال ، فإن قال قائل : وما حكم العمل إذا نفي الكمال مع وجوده ؟ قلنا : القاعدة عند العلماء : " أن ما رتّب عليه نفي الإيمان فإنه يكون من كبائر الذنوب " وفي الحديث : ( لا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم ) يدل على أن النهبة القليلة التي لا يهتم بها الناس لا تستلزم نفي كمال الإيمان ، وهذا صحيح ، فإن قال قائل : ما الفرق بين السرقة وبين النهبة ؟ قلنا : السرقة أن يأخذ المال بخفية ، والنهبة : أن يأخذ المال بخطف وسرعة ... خطأ ، لا أبدا السارق ما يأخذ بسرعة ، يتأنى ويتسمع هل حوله أحد أو لا ، يحاول الفتح بخفية ... السارق يأخذ المال بخفية ، ... بخطف وسرعة ، نعم طيب ، هذه جملة معترضة ...