حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال كان جرير بن عبد الله يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة حفظ
القارئ : حدّثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا جريرٌ، عن مغيرة عن الشّعبيّ، قال: كان جرير بن عبد الله، يحدّث عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أبق العبد لم تقبل له صلاةٌ ).
الشيخ : هذه ثلاثة أحاديث، ولا يقال إنها ثلاثة ألفاظ في حديث، كلها عن جرير، وكلها مختلفة، الأول يقول: ( فقد كفر ) ، والثاني يقول: ( فقد برئت منه الذمة ) ، يعني فليس له عند الله عهد، وهو قريب من الكفر، والثالث: ( لم تقبل له صلاة ) وصلاة نكرة في سياق النفي فتعم
فهل لا تقبل له صلاة الفريضة والنافلة؟ أو النافلة فقط؟ في هذا قولان للعلماء:
الأول: أن المراد بالصلاة هنا النافلة فقط، وعللوا ذلك بأن الفريضة مستثناة شرعًا، وأنه لا يملك السيد أن يشغل العبد عن الفريضة
وقال بعضهم: بل الحديث عام، ويكون هذا من باب العقوبة له وهناك فرق بين عبدٍ في طوع سيده حاضر عنده، فيأمره بشيء فيقول: أريد أن أصلي الفريضة، وبين عبد آبق هارب من سيده، فالأول لا شك أن السيد لا يملك أن يشغله في حال صلاة الفريضة، وأما الثاني فقد تفلّت، وهرب من سيده، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: " إن بطلان فرضه قوي " وهذا اختيار ابن عقيل رحمه الله من أصحاب الإمام أحمد وهو ظاهر الحديث العموم، أنها لا تقبل له الصلاة ولكن هل معناها: لا تقبل أي: أنها باطلة، ويجب عليه إعادتها فيما إذا رد إلى سيده؟ أو المراد بنفي القبول أن هذه المعصية تقابل الصلاة؟ فتكون صلاته كأنها غير مقبولة؟ هذه مشكلة لأن الأحاديث الواردة في مثل هذا التعبير منها ما يقتضي أن نفي القبول نفي للصحة، مثل: ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) ، مثل: ( لا يقبل الله صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور ).
وفي بعضها يقتضي أنها لا تقبل لكنها لا تعاد، ليست باطلة، مثل: ( من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يومًا ) ( من أتى عرّافً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يومًا ) فيقال: نفي القبول إن كان لترك واجب في العبادة أو في فعل محرم فيها فهو لنفي الصحة وإلا فلا.