وحدثني عباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة وهو بن عمار حدثنا أبو زميل قال حدثني بن عباس قال مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا هذه رحمة الله وقال بعضهم لقد صدق نوء كذا وكذا قال فنزلت هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم حتى بلغ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون حفظ
القارئ : وحدثني عباس بن عبد العظيم العنبري، قال حدثنا النضر بن محمد، قال حدثنا عكرمة وهو ابن عمار، قال حدثنا أبو زميل، قال : حدثني ابن عباس، قال : مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : ( أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا ) قال: فنزلت هذه الآية : (( فلا أقسم بمواقع النجوم )) حتى بلغ : ((وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ))
الشيخ : هذه الآيات: ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) مبتدأة بالقسم ، وأصح الأقوال في لا هنا أنها للتنبيه ، وأن الآية على سبيل الإثبات ، وليست على سبيل النفي ، والقسم تأكيد الشيء بذكر معظم، وهو من أساليب التوكيد والتقوية في اللغة العربية، ونحن نعلم أن القرآن نزل باللغة العربية، فهو على أسلوب العرب.
( ومواقع النجوم ): محل وقوعها كغروبها وشروقها ، وأقسم الله تعالى بذلك لمناسبة هذا المقسم عليه وهو القرآن، لأن القرآن نزل منجماً بآجال وأوقات.
( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) فعظيم هذه صفة لقسم ، لكن حيل بينها وبين موصوفها بهذه الجملة المعترضة ( لو تعلمون ) للإشارة إلى أن هذا قسم عظيم جداً، لكننا لا نعلمه ، لقلة علمنا وقلة بصيرتنا.
( إنه ) أي : المقسم عليه، ( لقرآن كريم ) كريم كثير الخير كثير البركة ، والكريم من كل شيء أحسنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( فإن أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم ) ولا يخفى على أحد كرم هذا القرآن الكريم العظيم.
( في كتاب مكنون ) أي : أن القرآن في كتاب مكنون أي : اللوح المحفوظ وهل الذي في الكتاب المكنون نفس القرآن، أو المراد ذكره؟ يحتمل المعنيين : أحدهما: أن المراد بذلك ذكر القرآن ، وليس القرآن، ولكن ذكره بالثناء عليه وبيان وقت نزوله ، وعلى من ينزل، وماذا يكون من ثمراته وما أشبه ذلك.
وهذا ليس ببعيد ، كما قال تعالى : ( وإنه لفي زبر الأولين ) ومن المعلوم أن القرآن الكريم ليس في زبر الأولين لفظه، الذي في زبر الأولين هو ذكره والتحدث عنه ويؤيد هذا القول أن القرآن نزل من عند الله تعالى إلى جبريل إلى محمد يتكلم به جل وعلا حين نزوله.
(في كتاب مكنون) أي : محفوظ كما فسرته الآيات الأخرى.
( لا يمسه ) أي : لا يمس هذا الكتاب إلا المطهرون وهم الملائكة ، الذين طهرهم الله من كل رجز ، ولهذا يقال : الملائكة مطهرون من كل رجز ، والشياطين منغمسون في كل رجز، خبث ، وبنو آدم فيهم هذا وهذا فيهم طيب وفيهم رجز كما قال تعالى: (( الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين ))
ومن استدل بالآية الكريمة على أن القرآن لا يمسه إلا المطهرون فإنه لا وجه لاستدلاله بذلك ، إذ لو كان هذا هو المراد لكان لا يمسه إلا المطَّهِرون ، كقوله تعالى: ( وإذا كنتم جنبا فاطهروا ) ولكن المراد الملائكة.
نعم إن أراد أنه لا يمسه إلا المطهرون من باب اللزوم أو القياس أنه إذا كان اللوح المحفوظ لا يمسه إلا المطهرون فالقرآن من باب أولى وأحرى ألا يمسه إلا طاهر.
وفيه إشارة إلى أن القرآن الكريم لا ينتفع به إلا من طهر قلبه من الشرك والحقد والبغضاء، ليكون طاهرا قادرا بمعرفة المعاني.
( تنزيل من رب العالمين ) يعني: تنزيل هذه يجوز أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف، يعني هو تنزيل ويجوز أن تكون صفة للقرآن، قرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين ، والأول أولى أنه خبر لمبتدأ محذوف.
و( رب العالمين ) هو الله عز وجل، وإذا قيل ( رب ) مضاف لـ( العالمين ) فالمراد بالعالمين كل من سوى الله.
( أفبهذا الحديث ) يعني القرآن ( أنتم مدهنون ) وهذا استفهام للإنكار والتوبيخ ، يعني: أتداهنون في القرآن وأنتم الأعلون به لا يداهن إلا رجل ضعيف مهين سافل نازل، ومن كان بالقرآن فهو عالم لا يجوز أبدا أن يداهن به. أفبهذا الحديث أنتم مدهنون.
والفرق بين المداهنة والمداراة قد يصعب على بعض الناس، لكن الفرق أن المداراة من الدرء وهو الدفع، وهي مدافعة الخصم حتى تصل إلى مطلوبك.يعني ليس معناه أنك تداهن وتلغي ما تريد ، بل تدافعه حتى تصل إلى مطلوبك وهذا داخل في قوله تعالى: ( ادفع بالتي هي أحسن )
وأما المداهنة فهي الموافقة مأخوذة من الدهن، لأن الدهن تلين به الأشياء، ولهذا تدهن به الجلود لتلين، فيلين الإنسان أمام خصمه ويوافقه ويعرض عما أراد، وهو شبيه بالنفاق.
( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) قال العلماء: ( تجعلون رزقكم ) أي: شكر رزقكم، وهو العطاء، ( أنكم تكذبون ) فتضيفون الرزق إلى غير الله. كقولهم : مطرنا بنوء كذا وكذا.
الشيخ : هذه الآيات: ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) مبتدأة بالقسم ، وأصح الأقوال في لا هنا أنها للتنبيه ، وأن الآية على سبيل الإثبات ، وليست على سبيل النفي ، والقسم تأكيد الشيء بذكر معظم، وهو من أساليب التوكيد والتقوية في اللغة العربية، ونحن نعلم أن القرآن نزل باللغة العربية، فهو على أسلوب العرب.
( ومواقع النجوم ): محل وقوعها كغروبها وشروقها ، وأقسم الله تعالى بذلك لمناسبة هذا المقسم عليه وهو القرآن، لأن القرآن نزل منجماً بآجال وأوقات.
( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) فعظيم هذه صفة لقسم ، لكن حيل بينها وبين موصوفها بهذه الجملة المعترضة ( لو تعلمون ) للإشارة إلى أن هذا قسم عظيم جداً، لكننا لا نعلمه ، لقلة علمنا وقلة بصيرتنا.
( إنه ) أي : المقسم عليه، ( لقرآن كريم ) كريم كثير الخير كثير البركة ، والكريم من كل شيء أحسنه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ ( فإن أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم ) ولا يخفى على أحد كرم هذا القرآن الكريم العظيم.
( في كتاب مكنون ) أي : أن القرآن في كتاب مكنون أي : اللوح المحفوظ وهل الذي في الكتاب المكنون نفس القرآن، أو المراد ذكره؟ يحتمل المعنيين : أحدهما: أن المراد بذلك ذكر القرآن ، وليس القرآن، ولكن ذكره بالثناء عليه وبيان وقت نزوله ، وعلى من ينزل، وماذا يكون من ثمراته وما أشبه ذلك.
وهذا ليس ببعيد ، كما قال تعالى : ( وإنه لفي زبر الأولين ) ومن المعلوم أن القرآن الكريم ليس في زبر الأولين لفظه، الذي في زبر الأولين هو ذكره والتحدث عنه ويؤيد هذا القول أن القرآن نزل من عند الله تعالى إلى جبريل إلى محمد يتكلم به جل وعلا حين نزوله.
(في كتاب مكنون) أي : محفوظ كما فسرته الآيات الأخرى.
( لا يمسه ) أي : لا يمس هذا الكتاب إلا المطهرون وهم الملائكة ، الذين طهرهم الله من كل رجز ، ولهذا يقال : الملائكة مطهرون من كل رجز ، والشياطين منغمسون في كل رجز، خبث ، وبنو آدم فيهم هذا وهذا فيهم طيب وفيهم رجز كما قال تعالى: (( الخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبين ))
ومن استدل بالآية الكريمة على أن القرآن لا يمسه إلا المطهرون فإنه لا وجه لاستدلاله بذلك ، إذ لو كان هذا هو المراد لكان لا يمسه إلا المطَّهِرون ، كقوله تعالى: ( وإذا كنتم جنبا فاطهروا ) ولكن المراد الملائكة.
نعم إن أراد أنه لا يمسه إلا المطهرون من باب اللزوم أو القياس أنه إذا كان اللوح المحفوظ لا يمسه إلا المطهرون فالقرآن من باب أولى وأحرى ألا يمسه إلا طاهر.
وفيه إشارة إلى أن القرآن الكريم لا ينتفع به إلا من طهر قلبه من الشرك والحقد والبغضاء، ليكون طاهرا قادرا بمعرفة المعاني.
( تنزيل من رب العالمين ) يعني: تنزيل هذه يجوز أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف، يعني هو تنزيل ويجوز أن تكون صفة للقرآن، قرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين ، والأول أولى أنه خبر لمبتدأ محذوف.
و( رب العالمين ) هو الله عز وجل، وإذا قيل ( رب ) مضاف لـ( العالمين ) فالمراد بالعالمين كل من سوى الله.
( أفبهذا الحديث ) يعني القرآن ( أنتم مدهنون ) وهذا استفهام للإنكار والتوبيخ ، يعني: أتداهنون في القرآن وأنتم الأعلون به لا يداهن إلا رجل ضعيف مهين سافل نازل، ومن كان بالقرآن فهو عالم لا يجوز أبدا أن يداهن به. أفبهذا الحديث أنتم مدهنون.
والفرق بين المداهنة والمداراة قد يصعب على بعض الناس، لكن الفرق أن المداراة من الدرء وهو الدفع، وهي مدافعة الخصم حتى تصل إلى مطلوبك.يعني ليس معناه أنك تداهن وتلغي ما تريد ، بل تدافعه حتى تصل إلى مطلوبك وهذا داخل في قوله تعالى: ( ادفع بالتي هي أحسن )
وأما المداهنة فهي الموافقة مأخوذة من الدهن، لأن الدهن تلين به الأشياء، ولهذا تدهن به الجلود لتلين، فيلين الإنسان أمام خصمه ويوافقه ويعرض عما أراد، وهو شبيه بالنفاق.
( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) قال العلماء: ( تجعلون رزقكم ) أي: شكر رزقكم، وهو العطاء، ( أنكم تكذبون ) فتضيفون الرزق إلى غير الله. كقولهم : مطرنا بنوء كذا وكذا.