فوائد حفظ
الشيخ : هذه الأحاديث تدل على فضيلة الإخلاص، والبراءة من الشرك ، وأنه سبب لدخول الجنة، وأن الإنسان قد يعطى بإخلاصه التام ما لم يعط العابد زمناً طويلاً فيغفر له.
ففي الحديث الأول :حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيه اختلاف راويين، قال وكيع: قال رسول الله وقال نمير: سمعت رسول الله، والفرق بينهما أن الثاني فيه التصريح بالسماع، والأول فيه الرواية بلفظ يحتمل السماع وعدمه، ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم تعتبر روايتهم المحتملة السماع تعتبر سماعاً، وذلك لأنه لا تدليس عندهم، بخلاف المدلس، فالمدلس إذا قال عن شيخه الذي روى عنه قال فلان. ولم يصرح بالتحديث لا يكون الحديث متصلا ، أما من لم يعرف بالتدليس فإذا قال: ( قال ) فهو متصل ولكن ليس ما حكم باتصاله كالذي صرح فيه بالسماع. ولهذا اختلف الراويين.
قوله صلى الله عليه وسلم: ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) التوحيد له شروط وله علامات، وهنا نفى الشرك المتضمن لكمال التوحيد، لأن النفي قد يراد به كمال الضد كما هي القاعدة في أسماء الله عز وجل، فـ( لا يشرك ) معناه أنه عنده توحيد خالص ومن عنده توحيد خالص ليس فيه شرك لا يمكن أن يدع فرائض الإسلام أبداً، يعني: لا يمكن أن يدع الصلاة مثلاً ، بل ولا أن يدع الزكاة والصوم والحج ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) لأن نفي الشرك يعني كمال الإخلاص والتوحيد.
ولهذا انظر إلى الحديث الثاني اللفظ الثاني قال: ( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار ) قال ابن مسعود قلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. وإنما قال ذلك أخذاً بالمفهوم ، وهو قوله : ( ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار ) وقلت أنا: ( ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) أخذه بالمفهوم. وكما قلت لكم : إن نفي الشرك يدل على كمال التوحيد والإخلاص..
ثم ذكر المؤلف حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من لقي الله لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به دخل النار ) فهو كحديث ابن مسعود تماما.
وحديث أبي ذر رضي الله عنه مثل الحديثين السابقين، لكن أبا ذر راجع النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( وإن زنى وإن سرق ) قال: وإن زنى وإن سرق، وذلك لأن الزنا والسرقة من كبائر الذنوب ، ولا توجب الخلود في النار ، فيكون مآله إلى جنة، وقد تمسك بهذا الحديث وأمثاله المرجئة. الذين قالوا : إنه لا تضر مع الإيمان معصية ، يزني الإنسان ، يسرق، يقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، يشرب الخمر كل هذا لا يضر ولا ينقص من إيمانه ، ولا يكون به مستوجباً لدخول النار. ولكن أهل الإرجاء تمسكوا بأحاديث الوعد وإن شئت فتمسكوا بنصوص الوعد وتركوا نصوص الوعيد ، وعلى عكسهم الخوارج والمعتزلة ، تمسكوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد.
وتوسط أهل السنة والجماعة بحمد الله وفضله ، فقالوا : إن أحاديث الوعيد ثابتة ، وأحاديث الوعد ثابتة ، وكل منهما ينزل على القواعد العامة ، فأحاديث الوعيد ينظر إذا كان الوعيد يقتضي شيئاً لا يستحقه إلا الكافر المحض ، فإنه يحمل على معنى أنه من باب التهديد ومن باب استحقاق هذا الوعيد لكن لا على وجه الكمال، وكذلك أحاديث الوعد يقال فيها : إن العاصي بكبيرة من الكبائر يعذب بحسب ذنوبه إلا أن يغفر الله له.
وفي حديث أبي ذر دليل على قبح الزنا والسرقة، لأن الزنا اعتداء على الأعراض، والسرقة اعتداء على الأموال. ولهذا قال: وإن زنا وإن سرق.
وفيه أيضا دليل على أنه يجوز للإنسان المفتي إذا جادله أحد وأراد منه أن يعدل أن يقابله بمثل ما قابل النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر فيقول مثلاً إذا سأله عن حكم شيء هل هذه جائزة أم حرام؟ فقال جائزة ، فيقول المستفتي: أجائزة؟ فيقول: جائزة. جائزة؟ جائزة فإذا كرر ثلاثا يقول: جائزة وإن رغم أنفك.
لأن بعض الناس يحاول أن يضيق ما جعله الله واسعا ، فإذا أراد ذلك نقول : وإن رغم أنفك. ومعنى رغم أنفك أي: تمرغ في الرغام وهو التراب، وهو كناية عن الذل أي: ذل الإنسان، لأنه لا يتمرغ أنفه على التراب إلا بذل.
ففي الحديث الأول :حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيه اختلاف راويين، قال وكيع: قال رسول الله وقال نمير: سمعت رسول الله، والفرق بينهما أن الثاني فيه التصريح بالسماع، والأول فيه الرواية بلفظ يحتمل السماع وعدمه، ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم تعتبر روايتهم المحتملة السماع تعتبر سماعاً، وذلك لأنه لا تدليس عندهم، بخلاف المدلس، فالمدلس إذا قال عن شيخه الذي روى عنه قال فلان. ولم يصرح بالتحديث لا يكون الحديث متصلا ، أما من لم يعرف بالتدليس فإذا قال: ( قال ) فهو متصل ولكن ليس ما حكم باتصاله كالذي صرح فيه بالسماع. ولهذا اختلف الراويين.
قوله صلى الله عليه وسلم: ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) التوحيد له شروط وله علامات، وهنا نفى الشرك المتضمن لكمال التوحيد، لأن النفي قد يراد به كمال الضد كما هي القاعدة في أسماء الله عز وجل، فـ( لا يشرك ) معناه أنه عنده توحيد خالص ومن عنده توحيد خالص ليس فيه شرك لا يمكن أن يدع فرائض الإسلام أبداً، يعني: لا يمكن أن يدع الصلاة مثلاً ، بل ولا أن يدع الزكاة والصوم والحج ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) لأن نفي الشرك يعني كمال الإخلاص والتوحيد.
ولهذا انظر إلى الحديث الثاني اللفظ الثاني قال: ( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار ) قال ابن مسعود قلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. وإنما قال ذلك أخذاً بالمفهوم ، وهو قوله : ( ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار ) وقلت أنا: ( ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) أخذه بالمفهوم. وكما قلت لكم : إن نفي الشرك يدل على كمال التوحيد والإخلاص..
ثم ذكر المؤلف حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من لقي الله لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به دخل النار ) فهو كحديث ابن مسعود تماما.
وحديث أبي ذر رضي الله عنه مثل الحديثين السابقين، لكن أبا ذر راجع النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( وإن زنى وإن سرق ) قال: وإن زنى وإن سرق، وذلك لأن الزنا والسرقة من كبائر الذنوب ، ولا توجب الخلود في النار ، فيكون مآله إلى جنة، وقد تمسك بهذا الحديث وأمثاله المرجئة. الذين قالوا : إنه لا تضر مع الإيمان معصية ، يزني الإنسان ، يسرق، يقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، يشرب الخمر كل هذا لا يضر ولا ينقص من إيمانه ، ولا يكون به مستوجباً لدخول النار. ولكن أهل الإرجاء تمسكوا بأحاديث الوعد وإن شئت فتمسكوا بنصوص الوعد وتركوا نصوص الوعيد ، وعلى عكسهم الخوارج والمعتزلة ، تمسكوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد.
وتوسط أهل السنة والجماعة بحمد الله وفضله ، فقالوا : إن أحاديث الوعيد ثابتة ، وأحاديث الوعد ثابتة ، وكل منهما ينزل على القواعد العامة ، فأحاديث الوعيد ينظر إذا كان الوعيد يقتضي شيئاً لا يستحقه إلا الكافر المحض ، فإنه يحمل على معنى أنه من باب التهديد ومن باب استحقاق هذا الوعيد لكن لا على وجه الكمال، وكذلك أحاديث الوعد يقال فيها : إن العاصي بكبيرة من الكبائر يعذب بحسب ذنوبه إلا أن يغفر الله له.
وفي حديث أبي ذر دليل على قبح الزنا والسرقة، لأن الزنا اعتداء على الأعراض، والسرقة اعتداء على الأموال. ولهذا قال: وإن زنا وإن سرق.
وفيه أيضا دليل على أنه يجوز للإنسان المفتي إذا جادله أحد وأراد منه أن يعدل أن يقابله بمثل ما قابل النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر فيقول مثلاً إذا سأله عن حكم شيء هل هذه جائزة أم حرام؟ فقال جائزة ، فيقول المستفتي: أجائزة؟ فيقول: جائزة. جائزة؟ جائزة فإذا كرر ثلاثا يقول: جائزة وإن رغم أنفك.
لأن بعض الناس يحاول أن يضيق ما جعله الله واسعا ، فإذا أراد ذلك نقول : وإن رغم أنفك. ومعنى رغم أنفك أي: تمرغ في الرغام وهو التراب، وهو كناية عن الذل أي: ذل الإنسان، لأنه لا يتمرغ أنفه على التراب إلا بذل.