تتمة الفوائد حفظ
الشيخ : وفي هذا الحديث من الفوائد ما ذكره النووي رحمه الله جواز العمل اليسير في الصلاة، وفيه دليل على جواز دفع الصائل، فلو سار على إنسان عقرب أو حية أو ما أشبه ذلك فله أن يدافعها وهو يصلي.
وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حين ترك العفريت من الجن أن يربطه بسارية إلى جانب سارية من سواري لمسجد، لقول سليمان عليه الصلاة والسلام : ( ربِّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي ). وفيه أيضا من فوائده : أن الله رد هذا العفريت خاسئا: أي خائبا خاسرا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ربطه إلى جنب سارية في المسجد تواضعا لله عز وجل، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، فإن قال قائل : كيف يقول سليمان : ربِّ اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي : فهل هذا على سبيل الحسد؟ فالجواب : لا، إنما أراد ملكا عظيما لا ينالهه أحد من بعده، وهذا لعظمته، وهذا الأمر كذلك كان.
فإن قال قائل : ألا يدل التورع من الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لا يجوز استخدام الجني مطلقاً، لأن سليمان كان يستخدمهم كما قال الله تعالى : (( والشياطين كل بنَّاء وغواص وآخرين مقرَّنين في الأصفاد )) قلنا لا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تورع من معاقبتهم، والسيطرة عليهم، لأنه لو ربطه إلى جنب سارية في المسجد لكان كقوله وآخرين مقرَّنين في الأصفاد، فهذا الذي تورع منه النبي عليه الصلاة والسلام، أما أن ينتفع الإنس بهم فهذا شيء آخر.
الحديث بهذا اللفظ ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لعنه ، لكن سيأتي فيما بعد.