أخبرني عمرو الناقد وزهير بن حرب وأبو بكر بن أبي شيبة قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء حفظ
القارئ : أخبرني عمرو الناقد وزهير بن حرب وأبو بكر بن أبي شيبة قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ).
الشيخ : هذا أيضا من الأشياء التي يُطلب من الإنسان أن يتخلى عنه، إذا حضر العشاء فإن النفس تتعلق به، وتشتهيه، وتنشغل به عن الصلاة، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يُبدأ بالعشاء قبل الصلاة، حتى وإن أقيمت الصلاة، يعني لو قُدِّم الشاء وأقيمت الصلاة فتعشّ، وهل له أن يشبع؟ أو يأخذ ما يسد تعلقه؟
الجواب الأول يعني : له أن يشبع وأن لا يقوم حتى يقضي نهمته منه.
وفي هذا الحديث إشارة إلى وجوب الخشوع في الصلاة بأن يكون الإنسان حاضر القلب لا يتعلق قلبه بغير الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في ترك الصلاة مع الجماعة من أجل إذهاب ما يَشغَل، وقال بعض أهل العلم : إن الخشوع لا يَجب، وأنه لو استولى الوسواس على أكثر الصلاة أو على الصلاة كلها فإن الصلاة لا تبطل، احتجاجاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يأتي الإنسان في صلاته يقول له: اذكر كذا يوم كذا الخ، قالوا هذا دليل على أنه لا تبطل صلاته.
وفي هذا إشارة إلى أن ما يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما يتعلق بأمر خارج، فهنا الخشوع في الصلاة أمر يتعلق بذات العبادة، وإقامة الجماعة أمر خارج عن ذات الصلاة ولهذا روعي ما يتعلق بذات الصلاة فقُدِّم على ما يتعلق بأمر خارج منها، وهذه قاعدة معروفة عند العلماء : أن ما يتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة مما يتعلق بأمر خارج، سواء كان من صفاتها أو من زمانها أو من مكانها، ولهذا نهي أن يصلي الإنسان بحضرة الطعام، أو وهو يدافع الأخبثان، وإن تأخر في الصلاة عن أول الوقت، وقال العلماء : إن إذا كان الإنسان يطوف ودار الأمر بين الرَّمَل مع البعد من الكعبة، ومع المشي بالدنو منها قالوا فمراعاة الرمل أولى من أن يدنو من الكعبة.