حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن سعيد بن أبي عروبة ح قال وحدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة جميعا عن قتادة في هذا الإسناد مثله حفظ
القارئ : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن سعيد بن أبي عروبة ح قال وحدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن شبابة بن سوار قال حدثنا شعبة جميعا عن قتادة في هذا الإسناد مثله.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
هذا حديث عظيم تكلم به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في آخر حياته، خطب يوم الجمعة فذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وما جرى في أيامه وسيرته صلوات الله وسلامه عليه، وذكر كذلك أبا بكر ومراده أثنى على عهدهما وعصرهما، ثم أخبر أنه رأى في المنام أن ديكاً نقره ثلاث نقرات، وأوَّل ذلك بأنه حضور أجله رضي الله عنه، وكأن هذه النقرات تمثل ثلاثة أيام، ثم يُنقر النقرة الأخيرة، وذلك على يد الخبيث المجوسي أبي لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
وإن أقواماً يأمرونني أن أستخلف، يعني : اجعل لنا خليفة، لكنه رضي الله عنه لم يرَ ذلك، ولعله أشكل عليه من أحق الناس بالخلافة ممن كانوا في عهده، والإنسان إذا أشكل عليه الإمر يجب أن يتوقف فيه، وألا يُقدم بشيء، لأن الإقدام على شيء لم تتعين مصلحته ولو ظناً خطأ، لا سيما في هذا الأمر العظيم وهو خلافة المسلمين، لكنه قال رضي الله عنه : ( إن الله لم يكن مضيِّع دينه، ولا خلافته، ولا الذي بعث به نبيه صلى الله عليه وسلم )، وصدق رضي الله عنه، أن الله لن يضيع دينه، ولن يضيع الخلافة للأمة الإسلامية، لأنه لا بد للأمة من قائد ولو لم يكن قائد لكانت الأمة فوضى لا زمام لها، ولا خطام لها، ولهذا قيل : لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، حتى البهائم لا بد لها من قائد أمير يقودها كما يشاهد ذلك الصيادون الذين يصطادون الطيور والظباء وأشباهها يجدون أن لكل طائفة قائداً يقودها ولهذا يحرصون على أن يصطادوا القائد حتى تتفرق الطائفة ويقدرون عليها بسهولة.
المهم أنه رضي الله عنه توقع أن الله لا يضيِّع أمر الأمة فوقع الأمر كما توقع رضي الله عنه فإن الخلافة لم تبقَ إلا مدّة يسيرة حتى استُخلف عثمان رضي الله عنه.
في هذا الحديث فوائد :
فإن عجل بي أمر : يعني إن مات رضي الله عنه فالخلافة شورى بين هؤلاء الستة الذين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وأشار إليهم لحضورهم، وعندي في الحاشية يقول : أن هؤلاء الستة هم عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ، هؤلاء الستة الأمر شورى بينهم، يخلفون على المسلمين من يتفق رأيهم عليه، ولم يجعل لبنيه شيئاً منها مع صلاح عبد الله رضي الله عنه، وفقهه، لكنه رأى أن إبعادها عنهم أولى وأحرى لئلا يسن في الإسلام أمراً يتبعه الناس عليه، ولكنه رضي الله عنه جعل لعبد الله بن عمر رضي الله عنه لفضله وعلمه وإمامته جعل له حضوراً أي أذن له أن يحضر مع هؤلاء الستة، لكن ليس له من الأمر شيء، يقول : وإني قد علمت أن أقواما يطعنون في ذلك الأمر أنا ضربتهم بيدي هذه على الإسلام، فإن فعلوا إلى آخره، علم أن أقواما يطعنون في هذا الأمر : يعني أمر الخلافة، ويرون أن فلانا وفلاناً أحق بالخلافة من هؤلاء، ويقول : أنا ضربتهم على الإسلام، وهو إشارة إلى أن هؤلاء ليس عندهم فقه في الدين، وليس عندهم إيمانٌ قد وقر في قلوبهم، فلذلك يطعنون في أمر الخلافة، ومن ذلك الرافضة مثلاً جاء على إثرهم الرافضة الذين يطعنون في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان ويرون أن هؤلاء ظلمة فسقة، بل بعضهم يصرح بأنهم كفار، لأنهم غصبوا الخلافة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل رأيت لبعض الروافض قولاً يكفر علي بن أبي طالب، يقول : هؤلاء كفار وعلي أيضا كافر، لماذا؟ قال: لأنه مكن هؤلاء الكفرة من الكفر، وممكن الكفار كافر، فلم يبق أحد، إذا كان الخلفاء الراشدون كلهم كفار فمن الذي يكون مسلماً.
يقول رضي الله عنه : فإن فعلوا ذلك، أي : جعلوا يطعنون في الخلافة ويخالفون المسلمين فإن فعلوا ذلك فأولئك أعداء الله الكفرة الضلال، انظر وصفهم بثلاثة أوصاف : الأول : أعداء الله، والثاني : الكفرة، والثالث : الضلال والعياذ بالله، فكل من طعن في الخلافة الإسلامية في الخلافة الإسلامية فهو كافر ضال عدوّ لله، كافر ظالم، وقاله عمر بمحضر من الصحابة، وهو يخطب يوم الجمعة، ولم يقم أحد من الصحابة يقول : يا أمير المؤمنين لم حكمت عليهم بذلك إنهم لا يستحقون دل هذا على أن من طعن في الخلافة فهو عدو لله كافر ضال، وكفى بذلك شهادة أن يشهد أمير المؤمنين على هؤلاء بالعداوة لله، والكفر، والضلالة أمام الصحابة ، ولم يقم واحد منهم يعترض عليه، فإن قال قائل : لم يقم أحد منهم هيبة لعمر وخوفاً من سطوته، قلنا : هذا كذب، عمر رضي الله عنه كان وقافاً على كتاب الله، لا يتعداه أبداً حتى أن امرأة من النساء -قد تكون عجوزا أو غير عجوز- المهم أنها اعترضت عليه وقبل وهو من أشد الناس وقوفاً على حدود الله، لو كان الذي وصف به هؤلاء مُشكلاً على الصحابة لاستفهموا عنه، ولو كان غير صواباً في نظر الصحابة لقالوا : يا أمير المؤمنين هذا ليس بصواب، لكنه صواب.
وقد قال الإمام أحمد رحمه الله : من طعن بخلافة أحد من هؤلاء فهو أضل من حمار أهله، أضل من حمار أهله والحمار أضل البهائم وأبلد البهائم، يُضرب به المثل على البلادة، (( مثل الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار )).
يقول : ثم إني لا أدع بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة، سبحان الله! عمر رضي الله عنه لا يدع شيئاً أهم عنده من الكلالة؟ مع أنه تحمل شؤون المسلمين كلها وليس عنده أهم من الكلالة، وهي حكم فردي في مسألة فردية، لكن يريد أن يفهم كلام الله، وألا يبقى له آية من كتاب الله إلا وقد فهمها، وليس الشأن أن يعطي هذا الوارث أو يحرم هذا الوارث إنما الشأن ألا يفهم شيئاً من كلام الله، فانظر إلى حرص الصحابة رضي الله عنهم على فهم كتاب الله عز وجل، هذا الخليفة الراشد الذي أبقى في الخلافة عشر سنوات يدير شؤون المسلمين هذه الإدارة التي يُضرب بها المثل يقول ما ترك شيئاً أهم عليه من الكلالة، لم يفهمها، وقد راجع بها النبي صلى الله عليه وسلم مراجعة يقول : ( ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه )، الله أكبر! سائل ومجيب، كلاهما يُغلظ للآخر إغلاظاً ما سبق مثله، هذا يراجع الرسول والنبي عليه الصلاة والسلام يجيبه ويُغلظ عليه، حتى إنه قد طعن بأصبعه في صدره، وقال : يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر النساء؟ شوف هذا الكلام، طعن بأصبعه في صدره وقال : يا عمر، وهذه كناية عن كونه يُستغرَب أن تُشكل على عمر وهو عمر بن الخطاب، لم يقل : يا هذا ، ولم يقل أما تكفيك، بل ناداه باسمه وقال : كيف تشكل عليك هذه يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التي في سورة النساء ؟ والجواب : تكفي، وهي واضحة، وقد بينها الله عز وجل حتى ذكر في آخرها : (( يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم )).