تتمة الفوائد حفظ
الشيخ : يعني ما ذكرنا إلا هذه الفوائد إي سبع .
نأخذ الفوائد وربما يفوتنا بعض الشيء لكن اتقوا الله ما استطعتم.
ذكرنا آخر شيء أنه كلما قل رجال الشورى كان أولى وأحسن، وجه ذلك : أن عمر رضي الله عنه جعل الشورى في ستة رجال.
ومن فوائد هذا الأثر : الثناء على هؤلاء الستة، حيث شهد لهم عمر أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي وهو عنهم راضٍ، ومن فوائد هذا الأثر : فراسة عمر رضي الله عنه، في هؤلاء القوم الذين يطعنون في لأمر الخلافة.
ومن فوائد هذا الأثر : جواز الضرب على الإسلام، ولكن هذا قد يُعارَض بقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة أنهم إذا أبوا الإسلام وبذلوا الجزية فإنهم لا يُضربون، والجواب عن ذلك أن يقال : إن الذي فعله عمر كان قبل نزول آية الجزية، لأن نزول آية الجزية كان متأخراً.
ومن فوائد هذا الأثر : أن الذين يحاولون أن يفرقوا المسلمين هم أعداء الله، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من جاء إلينا وأمرنا واحد يريد أن يفرق جماعتنا أمرنا أن نقتله، لما يحصل من فعله من الفتنة العظيمة.
وجه الدلالة من هذا الأثر في قوله : فأولئك أعداء الله الكفرة الضلال.
ومن فوائد هذا الأثر : إطلاق الكفر على من خرج على الإمام، وإطلاق الضلالة عليهم، فإن كانوا على الوصف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج فكفرهم مخرج عن الملة، إذا لم بكن لهم تأويل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن إيمانهم لا يتجاوز حناجرهم، وإن كانوا دون ذلك فهو داخل في قوله صلى الله عليه وسلم : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )، فيكون من باب الكفر الذي لا يُخرج من الملة.
ومن فوائد هذا الأثر : أن الرجل ذا الفضل والعلم قد يُشكل عليه بعض ما في القرآن الكريم مع وضوحه وجهه : أن عمر أشكل عليه مسألة الكلالة، مع أنها واضحة، ولهذا دفع النبي صلى الله عليه وسلم في صدره.
ومن فوائد هذا الأثر : اهتمام الصحابة رضي الله عنهم لكتاب الله، ومراجعتهم.
ومن فوائد هذا الأثر أيضاً : أن الإنسان إذا أشكل عليه شيء فإنه يراجع من هو أكبر منه علماً وفهماً، وجه ذلك أن عمر راجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكلالة.
ومن فوائد هذا الأثر : أن عمر رضي الله عنه يراجع النبي صلى الله عليه وسلم في أشياء لكن لم يراجعه في شيء كما راجعه في الكلالة، مع أنها مسألة ليست من مسائل الدين الكبيرة غاية ما فيها معرفة كيف يُقسم المال بين الورثة.
ومن فوائد هذا الأثر : جواز الإغلاظ في الجواب على من راجع، ولكن قد يُشكل ذلك، قد يُقال : جواز الإغلاظ في الجواب على من راجع إذا كان الأمر واضحاً، أما إذا كان غير واضح فإنه لا يُغلظ له بالقول، بل يهَوَّن، لكن إذا كان واضحاً فلك أن تُغلظ عليه.
ومن فوائد هذا الأثر : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على عِظم حلمه وسعة صدره قد يرى من المصلحة أن يفعل ما به التنبيه - أي تنبيه المخاطب- ولو أدى ذلك إلى طعنه وضربه أو كا أشبه ذلك، لقوله : ( حتى طعن بأصبعه في صدره ).
ومن فوائد هذا الأثر : أنه يجوز للمفتي أن يحيل المستفتي على كتاب الله على القرآن ولكن هذا مشروط بما إذا كانت دلالته واضحة، أما إذا كانت غير واضحة لكون السائل عامياً لا يستطيع أن يعرف الحكم من القرآن، أو أن دلالته خفية فالإحالة هنا فيها نظر، لأنك إذا أحلته ربما يؤول النص على غير المراد منه، وجهه : قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر : ( ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء ).
ومن فوائد هذا الأثر : بل هذا الحديث لقوله : ( ألا تكفيك ) أنه يُستدل بالحكم على الصورة - أي على صورة المسألة -، فإننا إذا نظرنا إلى آية الصيف التي في آخر السورة وجدنا أن قسمتها تقتضي أن الكلالة من يرثه حواشيه، يعني لا أصوله ولا فروعه، نأخذ هذا من أي شيء من القسمة قسمة المسألة تدل على أن الكلالة من لا والد له ولا ولد، وهذه لها نظائر - أي أنه يستدل على حكم الشيء ببيان الصورة -.
ومن فوائد هذا الأثر : أن عمر رضي الله عنه عزم على أن يقضي في الكلالة بقضية يفهمها كل أحد، وكأنه رضي الله عنه يريد أن يكرس جهوده ببيان معرفتها بجمع أطراف الأدلة حتى تتبين له فيقربها للناس.
ومن فوائد هذا الأثر : أن الواجب على أهل العلم أن يقربوا مسائل الدين وأحكام الشريعة إلى العامة فضلاً عن الخاصة، لقوله : ( من يقرأ القرآن ومن لا يقرأه ).
ومن فوائد هذا الأثر : الإنكار على من أنكر على العلماء جعلهم الأركان والشروط والواجبات والمكروهات والمبطلات وما أشبه ذلك، حيث انتقد بعض الناس الحادثين طريقة الفقهاء، وقالوا : هذا بدعة، هل كان الرسول عليه الصلاة والسلام يجمع مسائل العلم؟ فيقال إن جمع العلماء لمسائل العلم لا يريدون به التعبد وأن كون الفقه على هذه الصورة من العبادة، وإنما أرادوا بذلك التقريب وحصر المسائل، وهذا يدل عليه أثر عمر رضي الله عنه، أنه سيقضي بها بقضاء يعرفه من يقرأ القرآن ومن لا يقرأه، ويجب أن نفرق بين الوسائل والغايات، فإن الوسائل لا تنحصر بشيء معين، كل ما كان وسيلة إلى مطلوب فهو مطلوب ما لم ينصّ على تحريمه، فإن نُص على تحريمه فإنه لا يجوز ، فمثلا لو قال قائل : أنا أريد أن أعزف على آلات الله ومن أجل أن أؤلف الكفار على الإسلام، ماذا نقول له؟ لا يجوز، لأن الوسيلة إذا نص الأمر على تحريمها فإنه لا يجوز أن تكون وسيلة ولا تكون وسيلة لا بركة فيها، لكن إذا كانت من المباحات فما أدى إلى المقصود فإنه محمود.
ومن فوائد هذا الأثر : أن القرآن الكريم نزل منجَّماً، لقوله : ( ألا تكفيك آية الصيف )، فهذا يدل على أن هناك آيات نزلت في غير الصيف، وهو كذلك، وقد نص الله على ذلك في المدافعة عن القرآن فقال : (( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدة كذلك )) يعني (( نزلناه مفرقاً )) (( لنثبِّت به فؤادك ورتّلناه ترتيلاً )).
ومن فوائد هذا الأثر : أن الأمراء -أمراء الأمصار- وكلاء عن الأمير الأول : لقوله : ( إني أشهدك على أمراء الأمصار )، ومن الأمير الأول؟ عمر رضي الله عنه، لكن لا يمكن لبشر أن يحيط بأحوال الناس في كل مكان، بل لا بد من الأمراء.
ومن فوائد هذا الأثر : اختيار اسم الأمير فيمن له الولاية على الأسماء التي استجدّت منذ زمن بعيد في البلاد التي استعمرت من قديم، وأن الأولى أن يكون الاسم للولي إيش؟ الأمير، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المسافرين إذا كانوا ثلاثة أن ينصبوا أميراً بهذا اللفظ، ولا شك أن الكلمة هذه -أمير- لها وقع في النفس أكثر من أي كلمة أخرى، أكثر من كلمة ولي، أو محافظ أو ما أشبه ذلك، فلذلك ينبغي أن نختار في الولايات الأسماء التي جاءت عن السلف الصالح رضي الله عنهم.
ومن فوائد هذا الأثر : بيان حسن مقصد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، لقوله : وإني ( إنما بعثتهم ليعدلوا عليهم ، ويعلموا الناس دينهم، وسنة رسولهم صلى الله عليه وسلم، ويقسم فيهم فيأهم ويرفعوا ) إلخ، هذا هو الغرض الذي أراده عمر رضي الله عنه من هؤلاء الأمراء.
ومن فوائد هذا الأثر : أن الأمير إذا خالف هذه المقاصد النبيلة الحسنة فإنه قد خان، خان من ولاه إذا كان الذي ولاه إنما ولاه لهذا الغرض، فأي أمير من أمراء عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخالف هذه المقاصد الأربعة فإنه يُعتبر خائن -خائن لعمر رضي الله عنه-، ولهذا أرشد الله عليهم أولاً ليعدل عليهم، والثاني ليعلم الناس دينهم، الثالثث : وسنة نبيهم، سنة نبيهم نجعلها تبع الدين، ويقسموا بينهم، ويرفعوا إليّ ما أشكل من أمرهم.
ومن فوائد هذا الأثر : الإشارة إلى أن المركزية خلاف الخلافة الإسلامية، المركزية معناه أن نجعل أمور الناس تنحصر في واحد في بلد واحد وما أشبه ذلك لأن المركزية فيها إتعاب وإشقاق على من يقومون بها، ولا سيما إذا لم يُوفَّر من يقوم بها من الموظفين، والثاني إيش؟ تأخير لمعاملات الناس، وإشقاق عليهم.