تتمة شرح حديث أبي الشعثاء قال كنا قعودا في المسجد مع أبي هريرة فأذن المؤذن فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم حفظ
الشيخ : والحكم هذا هو معصية، فيكون اللفظ الذي عبر عنه بالمعصية يكون هو النهي كأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا تخرجوا بعد الأذان من المسجد، والمعصية هي المخالفة سواء كانت بترك المأمور أو بفعل المحظور، وأبوهريرة رضي الله عنه إنما ذكر الحكم بقطع النظر عن الفاعل من خرج فقد عصى أبا القاسم وإنما قلت ذلك لئلا يقول قائل أيشمل هذا الحديث من خرج لعذر كمن خرج ليتوضأ أوخرج لأنه ألمّ به المرض لا يستطيع البقاء أو خرج بنية الرجوع أو خرج ليصلي في مسجد آخر؟ والجواب: أن الحديث لا يشمل هذا، إنما يبين أن الخروج من المسجد بعد الأذان معصية لكن بقطع النظر عن الفاعل وعلى هذا فإذا خرج ليتوضأ ويعود فهل عصى أبا القاسم؟ لا، بل خرج لإكمال صلاته، إذا خرج لعذر فهل عصى أبا القاسم؟ لا لأن الواجبات تسقط بالعذر، إذا خرج وهو يريد أن يرجع فهل عصى أبا القاسم؟ لا، إذا خرج وهو يريد أن يصلي في مسجد آخر فهل عصى أبا القاسم؟ الظاهر لا، لأن المراد من خرج لئلا يصلي مع الجماعة وأن من خرج ليصلي في مسجد آخر مثل ما يكون المسجد الآخر أكثر جماعة أو أقرب إلى بيته أويكون في المسجد الآخر درس أو فيه جنازة أو ما أشبه ذلك من المقاصد الشرعية الظاهر أنه لا يدخل في الحديث لأنه لا وجه لكونه عاصٍ إذ أن الرجل لم يهرب من الجماعة بل ذهب ليصلي مع جماعة أخرى الظاهر أنه في هذه الحالة لا يعد عاصيا.