قراءة من شرح صحيح مسلم للنووي مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : قال النووي رحمه الله تعالى: " قوله فقلت لعروة ما بال عائشة تتم في السفر فقال إنها تأولت كما تأول عثمان، اختلف العلماء في تأويلهما والصحيح الذي عليه المحقّقون أنهما رأيا القصر جائزا والإتمام جائزا فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام، وقيل لأن عثمان إمام المؤمنين وعائشة أمهم فكأنهما في منازلهما وأبطله المحقّقون لأن النبي صلى الله عليه وسلّم كان أولى بذلك منهما، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وقيل لأن عثمان تأهل بمكة وأبطلوه بأن النبي صلى الله عليه وسلّم سافر بأزواجه وقصر، وقيل فعل ذلك من أجل الأعراب الذين حضروا معه لئلا يظنوا أن فرض الصلاة ركعتان أبدا حضرا وسفرا، وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجودا في زمن النبي صلى الله عليه وسلّم " .
الشيخ : الله أكبر.
القارئ : " بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان أكثر مما كان، وقيل لأن عثمان نوى الإقامة بمكة بعد الحج وأبطلوه بأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاث، وقيل كان لعثمان أرض بمنى وأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الإتمام والإقامة، والصواب الأول ثم مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والجمهور " .
الشيخ : ما هو الأول؟
السائل : ... .
الشيخ : أنهما رأيا إن القصر جائز والإتمام جائز، لكن يبقى الحقيقة زيادة على هذا التعليل وأن القصر إنما هو كان، إنما هو للتسهيل والتيسير، فأخذا بالأشق، كما فعل عبد الله بن الزبير في الوصال، فإن النبي صلى الله عليه وسلّم نهى عن الوصال إلى حد أن يكون النهي على التحريم ولكنه كان يواصل، حتى كان يواصل إلى خمسة عشر يوما لا يأكل ولا يشرب، تطوعا إلى الله، تأولًا منه أن ذلك من أجل، أن النهي من أجل التيسير وأن الإنسان إذا كان لا يشق عليه فلا حرج عليه أن يُخالف، لكن هذا التأويل غير صحيح كذلك تأويل عثمان رضي الله عنه وعائشة على أن هذا من باب الرخصة وأنه إنما يُسِّر خوفا من المشقة ولا مشقة عليهما، يقال هذا تعليل عليل في الواقع، الصواب أن يقال أنهما اجتهدا فأخطآ، والمجتهد إذا أخطأ فله أجر ولا يجوز أبدا أن يلام أو يوجّه إليه القدح، ولهذا الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على عثمان واستنكروا هذا منه لكن لم يجعلوا ذلك سببا للقدح به، إلا ما كان من عند الخوارج الذين خرجوا عليه خروجا قوليا بإنكارهم إياه، بإنكارهم ذلك.
السائل : ... .
الشيخ : نعم.
القارئ : " ثم مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والجمهور أنه يجوز القصر في كل سفر مباح وشرط بعض السلف كونه سفر خوف وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة أو غزو وبعضهم كونه سفر طاعة، قال الشافعي ومالك وأحمد والأكثرون ولا يجوز في سفر المعصية وجوّزه أبو حنيفة والثوري ثم قال الشافعي ومالك وأصحابهما والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث وغيرهم لا يجوز القصر إلا في مسيرة مرحلتين قاصدتين وهي ثمانية وأربعون ميلا هاشمية والميل ستة ءالاف ذراع والذراع أربع وعشرون إصبعا معترضة معتدلة والإصبع ست شعيرات معترضات معتدلات، وقال أبو حنيفة والكوفيون لا يُقصر في أقل من ثلاث مراحل وروي عن عثمان وبن مسعود وحذيفة وقال داوود وأهل الظاهر " ..
الشيخ : هذا على التقدير أنكره شيخ الإسلام رحمه الله، وقال لا يمكن هذا التقدير، الرسول عليه الصلاة والسلام ليس عنده ... في وقته، ليس عندهم مسّاحون ثم إذا قلنا إنه إلى حبة الشعير يكون إذا كان بين رجل والأخر حبة شعير فالذي وراءها.
الطالب : يقصر.
الشيخ : يقصر، والذي دونها.
الطالب : لا يقصر.
الشيخ : لا يقصر، فهذا بعيد، لكن لو حدّه الرسول عليه الصلاة والسلام قلنا على العين والرأس، كما حد زمن البلوغ خمس عشرة سنة، رجل في أول النهار لو قتل شخصا لم يقتل به، وفي ءاخر النهار لو قتله قتل به، لأنه بلغ في أثناء النهار، يعني لو حدّد الرسول عليه الصلاة والسلام المسافة بهذا القدر قلنا على العين والرأس وسمعا وطاعة حتى وإن لم يوجد في ذلك الوقت مساحون فنحن نسمع ونطيع، لكنه لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام حد في هذا، ولذلك يعتبر الحد من باب التحكم بلا دليل، كمّل؟
القارئ : " وقال داوود وأهل الظاهر يجوز بالسفر الطويل والقصير حتى لو كان ثلاثة أميال قصر " .
الشيخ : نعم، وهذا هو الذي يدل عليه حديث أنس ( كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا خرج ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين ) ، لكن الخروج بنيّة الرجوع من قرب لا يُعد سفرا عند الناس، لكن بنية الإقامة في هذه المسافة القصيرة يُعتبر سفرا، ولهذا قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله: المسافة الطويلة في الزمن القليل سفر، والزمن الطويل بمسافة قصيرة سفر أيضا، والحاصل إن التحديد ليس فيه دليل، أما اختلاف العلماء في السفر الذي يُقصر فيه هل هو سفر الطاعة أو سفر الحج أو سفر الغزو أو كل سفر أو السفر المباح؟ فهي كلها خلافات واجتهادات لكن الذي يظهر لي أنه لابد أن يكون مباحا، وأن السفر المحرّم لا يصح القصر فيه، ولكن هل السفر المحرّم ما عصى فيه أو ما عصى به؟
السائل : ما عصى به.
الشيخ : ما عصى فيه؟
السائل : به.
الشيخ : به؟
السائل : نعم.
الشيخ : أي نعم، ما الفرق؟ الأخ؟ نعم؟
السائل : ... .
الشيخ : والسفر مباح، طيب، أحسنت، وما عصى به؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم، أحسنت، لو سافر إلى بلد الكفر مع تحريم السفر فهذا؟
السائل : ... .
الشيخ : إيش؟ عَاصٍ، فيه وإلا به؟
السائل : به.
الشيخ : عاصٍ به، ولو سافرت المرأة بلا محرم؟
السائل : فيه.
سائل آخر : به.
الشيخ : به.
السائل : به، نعم.
الشيخ : طيب، ولو أنه سافر وفي أثناء سفره شرب الخمر؟
السائل : فيه.
الشيخ : هذا عاصٍ فيه، يرى بعض العلماء أن العاصي في سفره لا يقصر وذلك لأن القصر رخصة فلا يُستباح بمعصية، وقال ءاخرون بل يقصر بناء على عموم الأدلة وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله واختيار شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وقال إن السفر في كتاب الله مطلق، لكن عندي من هذا شيء، في نفسي من هذا شيء، لأننا نقول لهذا الرجل لا نساعدك في القصر بل يحذرك فنقول لا تقصر وإذا أردت القصر فتب، إذا تبت ... ، في حال رجوعك بعد التوبة.
السائل : يقصر.
الشيخ : يقصر، هذا عندي أنه أقرب، نعم.
السائل : ... رجل مسافر.
الشيخ : أه؟