تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي حفظ
الشيخ : المهم أن مراد الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: شر الأمور أي الأمور الدينية، ولهذا نفسّر البدعة بأنها: " التعبّ لله تعالى بما لم يشرعه، عقيدةً، وقولاً، وفعلاً "
( شر الأمور ) كلمة شر هي اسم تفضيل، لكنها حُذِفت منها الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال، ومثلها خير .
قال: ( وكل بدعة ضلالة ): كل بدعة ضلالة، لننظر في هذا الكلام ممن صدر؟ من النبي صلى الله عليه وسلم، أعلم الخلق بما يقول، وأنصح الخلق فيما يُرشدُ إليه، وأعلم الخلق بشريعة الله، فهو يدري ما يقول، ويدري عن الشريعة، وهو أصدق الخلق، وأنصح الخلق يقول: كل بدعة ضلالة، لا خير فيها، لأنها تخالف شريعة النبي عليه الصلاة والسلام، هذا واحد، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟
ثانياً: أنها تتضمن القدح في الشريعة، حيث إن هذه البدعة المضافة تعني أن الشريعة قبل ذلك كانت ناقصة
ثالثاً: أنها تنافي قول الله عز وجل : (( اليوم أكملْتُ لكم دينكم )) ، لأن إحداث هذه البدعة، وجعلها من الدّين تنافي قوله : (( اليوم أكملت لكم دينكم ))، لأن ما كان كاملاً لا يحتاج إلى إكمال
الرابع: أنها تفتح على الأمة الإسلامية باب الأهواء، لأن كل إنسان يستحسن بذوقه أو فكره شيئاً يتعبّد به لله سوف يقوم به، وحينئذ تحصل الفوضى بين الأمة الإسلامية، ولا تتفق على دين واحد، ولهذا قال: ( كل بدعة ضلالة ).
ومن هنا نأخذ الحذر من مُحدثات الأمور، لقوله : (شر الأمور محدثاتها)، حتى وإن زانت في نفسك، وإن حصل في قلبك خشوع أو إنابة، فاعلم أن ذلك سيزول، ويعقبه البعد عن شريعة الله.
ويستفاد من هذا أن البدع لا تُقسَّم إطلاقاً، ولا يجوز أن نقول إن من البدع ما هو حسن أبداً، ولهذا من قال: إن من البدع ما هو حسن فإن فقوله لا يخلو من أحد أمرين: إما أنّ ما ظنه بدعة ليس ببدعة، وإما أن يكون بدعة وليس بحسن وهو ظنّه حسناً، وأما أن يثبت أنه بدعة ، وأنه حسن فهذا لا يمكن، لأن قول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يقول :(كل بدعة ضلالة)، فإن قال قائل: أليس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أمر أبيّ بن كعب، وتميم الداري أن يقوما للناس في رمضان، وأن يجتمع الناس على إمام واحد، فخرج ذات ليلة وهم يصلّون فقال :"نعمة البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومونها" فأثنى على هذه البدعة
فالجواب: أن هذه البدعة نسبية أي باعتبار أنها تُركت مّدة من الزمن، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد سنها بلا شك، فالرسول عليه والصلاة والسلام أقام بأصحابه ثلاث أو أربع ليالي في رمضان، ثمّ تخلّف خشية أنْ تُفرَض، وهذه الخشية بعد وفاته عليه الصلاة والسلام انتفت، وزالت، لكن انشغل الناس بعهد أبي بكر رضي الله عنه، على قِصَرِ مدّته، اشتغل الناس بالجهاد، والأمور العامة، وبقوا على ما هم عليه كلٌ يصل وحده، أو رجُلان أو ثلاثة، ثم إن عمر رضي الله عنه أمر تميم الداري وأبي بن كعب أن يقوما في الناس بإحدى عشر ركعة، فقال: "نعمة البدعة".
إذن هي بدعةٌ باعتبار أنها تُركَت مدة من الزمن، خلافة كاملة وهي خلافة أبي بكر لم تَقُم هذه البدعة، لكن ابتدعها الناس فهي بدعة حقيقة نسبية، وليست هي البدعة التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول : (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ) عليه الصلاة والسلام، هو أولى بنا من أنفسنا، يعني أنه عليه الصلاة والسلام يرأف بنا، ويرحمنا أكثر مما نرأف بأنفسنا ونرحم أنفسنا، وربّه عز وجل، وهو الله تبارك وتعالى أشدّ وأشدّ، فالله ولي المؤمنين وولي المتّقين، وهو سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
يقول: (من ترك مالاً فلأهله)، يعني من مات وترك مالاً فلأهله، والمراد بالأهل هنا: الورثة، وليسوا كل الأهل، وقد استدل بعض العلماء بهذا اللفظ - بأهله، وفي رواية فلورثته- استدلّوا بأنه يُرَدُّ على الزوجين إذا لم يكن عاصب، قالوا: لعموم قوله (فلورثته) مثال ذلك: لو هلكَ هالِكٌ عن زوجٍ وبنت، ولم نجد عاصِباً، فالمسألة من أربعة: للزوج الربع، وللبنت النّصف، الربع واحد والنصف اثنان، ويبقى واحد، لم نجِد عاصِباً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألحِقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجُلٍ ذَكَر)، ما وجدنا عاصباً فماذا نصنع؟ يقول العلماء كلهم وقد حُكِيَ إجماعاً: أن الواحد يضاف إلى نصيب البنت، لأن الزوج ليس له إلا الربع في كتاب الله.
انتبهوا: البنت لها النصف في كتاب الله، فلماذا نضيف إليها الربع؟ يقال: هذا المسألة مسألة خلاف، يرى بعض العلماء أنه يُرَدّ على البنت، ويستدّلوا بقوله تعالى : (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) ويرى آخرون: أن هذا الربع الزائد يُلحَق ببيت المال، لقوله صلى الله عليه وسلّم : ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجلٍ ذكر )، وقد ألحقنا الفرائض بأهلها، وقلنا للزوج الربع، وللبنت النصف، ولم نجد للزائد وارثاً فيُردّ لبيت المال، لأننا لو زدنا البنت لأعطيناها أكثر مما فرض الله لها.
المهم: أن أكثر العلماء وقد حُكِي إجماعاً أنه لا يُردّ على الزوج، ولا على الزوجة، إلا أن يكونا من العصبة، وطبعاً الزوجة لا تكون من العصبة إلا إذا كانت مُعتِقة، لأنه ليس في النساء عاصبة في النّفس إلا المعتعِقة، ولكنا نقول: ليست الدلالة واضحة من هذا الحديث أنه يُردّ على الزوجين، لأن قوله ( لورثته )، وصفٌ لا يُعْلَم انطباقه على أي واحد إلا عن طريق القرآن والسّنة، والقرآن والسّنة لا يدلّان على طريق الرّد على الزوج أو الزوجة، والقول الرجح في هذه المسألة، أنه لا يُردّ على الزوجين، إنما يُردّ على من معهما من ذوي الفروض إذا لمْ يوجد العاصب.
يقول : ( ومن ترك ديناً أو ضَيَاعاً فإليّ وعليّ)، اللهم صلَّ وسلّم عليه، من ترك ديناً: بمعنى مات وعليه دين، فهو إليّ وعليّ، الظاهر والله أعلم أن في هذا لفّاً ونشْراً غير مرتّب، لأن قوله (ديناً) يُناسبه قوله: عليّ، (ضياعاً) : وهم الأولاد الصّغار الذين يضيعون إذا لم يكن لهم وليّ يناسبه قوله: (إلي)، ويجوز أن يكون هذا وهذا، بمعنى أن يكون الدّين إليه وعليه يعني يوَجّه إله، وعليه التزامه، وكذلك الضّياع
( شر الأمور ) كلمة شر هي اسم تفضيل، لكنها حُذِفت منها الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال، ومثلها خير .
قال: ( وكل بدعة ضلالة ): كل بدعة ضلالة، لننظر في هذا الكلام ممن صدر؟ من النبي صلى الله عليه وسلم، أعلم الخلق بما يقول، وأنصح الخلق فيما يُرشدُ إليه، وأعلم الخلق بشريعة الله، فهو يدري ما يقول، ويدري عن الشريعة، وهو أصدق الخلق، وأنصح الخلق يقول: كل بدعة ضلالة، لا خير فيها، لأنها تخالف شريعة النبي عليه الصلاة والسلام، هذا واحد، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟
ثانياً: أنها تتضمن القدح في الشريعة، حيث إن هذه البدعة المضافة تعني أن الشريعة قبل ذلك كانت ناقصة
ثالثاً: أنها تنافي قول الله عز وجل : (( اليوم أكملْتُ لكم دينكم )) ، لأن إحداث هذه البدعة، وجعلها من الدّين تنافي قوله : (( اليوم أكملت لكم دينكم ))، لأن ما كان كاملاً لا يحتاج إلى إكمال
الرابع: أنها تفتح على الأمة الإسلامية باب الأهواء، لأن كل إنسان يستحسن بذوقه أو فكره شيئاً يتعبّد به لله سوف يقوم به، وحينئذ تحصل الفوضى بين الأمة الإسلامية، ولا تتفق على دين واحد، ولهذا قال: ( كل بدعة ضلالة ).
ومن هنا نأخذ الحذر من مُحدثات الأمور، لقوله : (شر الأمور محدثاتها)، حتى وإن زانت في نفسك، وإن حصل في قلبك خشوع أو إنابة، فاعلم أن ذلك سيزول، ويعقبه البعد عن شريعة الله.
ويستفاد من هذا أن البدع لا تُقسَّم إطلاقاً، ولا يجوز أن نقول إن من البدع ما هو حسن أبداً، ولهذا من قال: إن من البدع ما هو حسن فإن فقوله لا يخلو من أحد أمرين: إما أنّ ما ظنه بدعة ليس ببدعة، وإما أن يكون بدعة وليس بحسن وهو ظنّه حسناً، وأما أن يثبت أنه بدعة ، وأنه حسن فهذا لا يمكن، لأن قول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يقول :(كل بدعة ضلالة)، فإن قال قائل: أليس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أمر أبيّ بن كعب، وتميم الداري أن يقوما للناس في رمضان، وأن يجتمع الناس على إمام واحد، فخرج ذات ليلة وهم يصلّون فقال :"نعمة البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومونها" فأثنى على هذه البدعة
فالجواب: أن هذه البدعة نسبية أي باعتبار أنها تُركت مّدة من الزمن، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد سنها بلا شك، فالرسول عليه والصلاة والسلام أقام بأصحابه ثلاث أو أربع ليالي في رمضان، ثمّ تخلّف خشية أنْ تُفرَض، وهذه الخشية بعد وفاته عليه الصلاة والسلام انتفت، وزالت، لكن انشغل الناس بعهد أبي بكر رضي الله عنه، على قِصَرِ مدّته، اشتغل الناس بالجهاد، والأمور العامة، وبقوا على ما هم عليه كلٌ يصل وحده، أو رجُلان أو ثلاثة، ثم إن عمر رضي الله عنه أمر تميم الداري وأبي بن كعب أن يقوما في الناس بإحدى عشر ركعة، فقال: "نعمة البدعة".
إذن هي بدعةٌ باعتبار أنها تُركَت مدة من الزمن، خلافة كاملة وهي خلافة أبي بكر لم تَقُم هذه البدعة، لكن ابتدعها الناس فهي بدعة حقيقة نسبية، وليست هي البدعة التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول : (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ) عليه الصلاة والسلام، هو أولى بنا من أنفسنا، يعني أنه عليه الصلاة والسلام يرأف بنا، ويرحمنا أكثر مما نرأف بأنفسنا ونرحم أنفسنا، وربّه عز وجل، وهو الله تبارك وتعالى أشدّ وأشدّ، فالله ولي المؤمنين وولي المتّقين، وهو سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
يقول: (من ترك مالاً فلأهله)، يعني من مات وترك مالاً فلأهله، والمراد بالأهل هنا: الورثة، وليسوا كل الأهل، وقد استدل بعض العلماء بهذا اللفظ - بأهله، وفي رواية فلورثته- استدلّوا بأنه يُرَدُّ على الزوجين إذا لم يكن عاصب، قالوا: لعموم قوله (فلورثته) مثال ذلك: لو هلكَ هالِكٌ عن زوجٍ وبنت، ولم نجد عاصِباً، فالمسألة من أربعة: للزوج الربع، وللبنت النّصف، الربع واحد والنصف اثنان، ويبقى واحد، لم نجِد عاصِباً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألحِقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجُلٍ ذَكَر)، ما وجدنا عاصباً فماذا نصنع؟ يقول العلماء كلهم وقد حُكِيَ إجماعاً: أن الواحد يضاف إلى نصيب البنت، لأن الزوج ليس له إلا الربع في كتاب الله.
انتبهوا: البنت لها النصف في كتاب الله، فلماذا نضيف إليها الربع؟ يقال: هذا المسألة مسألة خلاف، يرى بعض العلماء أنه يُرَدّ على البنت، ويستدّلوا بقوله تعالى : (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) ويرى آخرون: أن هذا الربع الزائد يُلحَق ببيت المال، لقوله صلى الله عليه وسلّم : ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجلٍ ذكر )، وقد ألحقنا الفرائض بأهلها، وقلنا للزوج الربع، وللبنت النصف، ولم نجد للزائد وارثاً فيُردّ لبيت المال، لأننا لو زدنا البنت لأعطيناها أكثر مما فرض الله لها.
المهم: أن أكثر العلماء وقد حُكِي إجماعاً أنه لا يُردّ على الزوج، ولا على الزوجة، إلا أن يكونا من العصبة، وطبعاً الزوجة لا تكون من العصبة إلا إذا كانت مُعتِقة، لأنه ليس في النساء عاصبة في النّفس إلا المعتعِقة، ولكنا نقول: ليست الدلالة واضحة من هذا الحديث أنه يُردّ على الزوجين، لأن قوله ( لورثته )، وصفٌ لا يُعْلَم انطباقه على أي واحد إلا عن طريق القرآن والسّنة، والقرآن والسّنة لا يدلّان على طريق الرّد على الزوج أو الزوجة، والقول الرجح في هذه المسألة، أنه لا يُردّ على الزوجين، إنما يُردّ على من معهما من ذوي الفروض إذا لمْ يوجد العاصب.
يقول : ( ومن ترك ديناً أو ضَيَاعاً فإليّ وعليّ)، اللهم صلَّ وسلّم عليه، من ترك ديناً: بمعنى مات وعليه دين، فهو إليّ وعليّ، الظاهر والله أعلم أن في هذا لفّاً ونشْراً غير مرتّب، لأن قوله (ديناً) يُناسبه قوله: عليّ، (ضياعاً) : وهم الأولاد الصّغار الذين يضيعون إذا لم يكن لهم وليّ يناسبه قوله: (إلي)، ويجوز أن يكون هذا وهذا، بمعنى أن يكون الدّين إليه وعليه يعني يوَجّه إله، وعليه التزامه، وكذلك الضّياع