فوائد حفظ
الشيخ : في هذا دليل على أن الإنسان لا يصل صلاة بصلاة حتى يتكلم، والمراد صلاة الفريضة، بصلاة نافلة، أما صلاة النوافل فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ركعتين ركعتين، لا يفصل بينهما، لكن فريضة مع نافلة لا توصل، بل فيها التفريق.
وفيه دليل على جواز أخذ الحِذر ، وأن الإنسان ينبغي له أن يأخذ حذره حتّى يسلم من الشّر، وذلك أن معاوية رضي الله عنه لما حصل ما حصل من الخوارج، وقتلوا من قتلوا بنى لنفسه مقصورة في المسجد، أو عند المسجد وصار يصلّي فيها، وأقره عليه الناس، لأن هذا من باب اتخاذ الحيْطة.
في هذا الحديث دليل على اتخاذ الأسباب الواقية، وأن ذلك لا يُنافي التّوكّل، ويدل لهذا أن النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيد المتوكلين كان يأخذ بالأسباب الواقية، فقد كان عند القتال يلبَس الدّروع، وفي غزوة أحد ظاهر بين درعين يعني لبس درعين عليه الصلاة والسّلام، وأما التّهوّر وعدم المبالاة فهذا لا ينبغي مع وجود الأسباب التي قد تُفضي إلى الضرر.
وفيه دليل على ما كان عليه السّلف الصالح من تواضع الخلفاء، والأمراء، حتى إذا رأوا مثل هذا الشيء اليسير ألقوا إليه بالهم، ونصحوا، وبينوا للأمة، وهكذا يجب، يجب على كل من أعطاه الله ولاية شرعية أو سلطة أن يكون على جانب من التّواضع حتى يكون أسوة وقدوة.
وفيه أيضاً قوله: إذا صلّيت الجمعة واستدل بما هو أعم، فإنه قال : إ( ِنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ، أَنْ لَا تُوصَلَ صَلَاةٌ بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ ) مع أنه قال له إذا صليت الجمعة، إنما خص مع أن الدليل أعم بناءً على مُقتضى الحال، لأن هذا الرجل إنما صلّى بعد الجمعة
وقوله: حتى نتكلّم، هل يكفي الكلام بالذّكر المشروع بعد الصلاة، أو لا بدّ بكلام يتميز به أنه ليس بصلاة؟ الظاهر الثاني: أن يتكلّم بكلام يتميز بأنه ليس بصلاة، سواء بالذكر، أو لو سلّم على من بجنبه، لو قال مثلاً لما سلم قال للذي بجنبه: مرحباً بفلان، كيف حالك، ثم قام يصلي فلا بأس.
وفيه أيضاً: ملاحظة الشّرع في للتفريق بين الفرض والنّفل، وهذا له شواهد منها: هذا الحديث، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتقدّم رمضان بصوم يوم أو يومين، ومنها أنه شرع السّكوت بين قراءة الفاتحة وقراءة السّورة التي بعدها، حتى يتميّز الرّكن من غيره.