فوائد حديث عبد الله أن حفصة بكت على عمر فقال مهلا يا بنية ألم تعلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه حفظ
الشيخ : أما هذا الباب: بَابُ الْمَيِّتِ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، فقد اختلف العلماء في تخريج هذا الحكم من الأحاديث الآتية ، لأن المعلوم بالضّرورة من الدين، ومن عهد الله عز وجل: ألا تزرَ وازرةٌ وزر أخرى، وأن الإنسان لا يُعذَّب بعمل غيره، فكيفَ يُعذَّب الميت ببكاء أهله؟
اختلف العلماء رحمهم الله في تخريج هذا الحديث: فمنهم من قال: المراد بذلك الميّت الّذي أوصى به، أوصى أهله أن يبكوا عليه، فيُعَذَّب، لأنه أوصى بمحرَّم فلحقَه عقوبته، ومنهم من قال: هذا في من رضيَ به، وإن لم يوص، مثل أن يعرف من عادةِ أهله البكاء فلا ينهاهم عن ذلك، ومنهم من خرَّجه مخرجاً جيّداً، قال: إن العذاب ليس المراد به العقوبة، فإن عذاب العقوبة لا يمكن أنْ يُعَذَّب به غيرَ الفاعل، لكن المراد بالعذاب هو التألُّم، تألُّم الإنسان، وهمّه، وغمّه، وهذا يكون بلا ذنب، كقوله صلى الله عليه وسلم: (السّفر قطةٌ من العذاب)، ومعلوم أن السّفر ليس عقوبة، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام رحمه الله فيما أظُن، وهو الصّحيح، أن المراد بالعذاب هنا: الهمّ والغم، والتحسّر وما أشب ذلك، وليس عذاب العقوبة.