فوائد حفظ
الشيخ : وفي قوله: وإن كان سوى ذلك أو غير ذلك: دليل على أنه ينبغي أن يُعبَّر بالألفاظ التي ليست مكروهة لأنه كان يمكن أن يقول: إن تك صالحة، وضدّها: إن تكُ فاسِدة، ولكنه قال: إن تكُ غير ذلك، تلطيفاً للفظ والأسلوب.
وفي هذا دليل على خطأ من يؤخِّرون دفن الجنازة الآن، يؤخِّرونها يوماً أو ربما يومين، من أجل أن يحضر أقاربها البعيدون، تجد الأقاربها في أمريكا أو في بلد آخر بعيد يقولون: ننتظر حتّى يأتي، وهذا في الحقيقة جِناية على الميِّت قبل كلِّ شيء، لأنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الميّت إذا كان صالحاً فإن نفسه تقول: قدّموني قدّموني، وهذا جنايةً عليه، ويُقال: هؤلاء الذين كانوا غائبين من أقاربه إذاحضروا خرجوا وصلّوا عليه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة التي ماتت بالليل، خرج الرسول عليه الصلاة والسلام وصلى عليها على قبرها، أما أن يَبقى فلا. فإن قال قائل: إذا احتيج إلى بقائه لمعرِفة سبب موته، أو للخَوفٍ من مُطالَبةٍ او نزاع أو خصومة فهل يجوز ذلك؟ الجواب: نعم يجوز، هذا لحاجة، فإذا أخِّر من أجل أن يُعرَف سبب الموت أو من أجل دفع النِّزاع والخصومات فيما لو جاء أقاربه، وهذا يقع كثيراً فيما إذا كان الميِّت أجنبيَّاً، فإن أهله ربّما يُطالبون ويقولون: لماذا دفنتم ميِّتنا قبل أن نحضر أو قبل أن يُحققّ الأمر أو ما أشبه ذلك.
وفيه أيضاً دليل على أن المراد بالإسراع يعني ألا تؤخّر، وهل يُسرع في المشي أيضاً؟ الجواب: نعم، لكن يُسرع في المشي بدون مشقّة على المشيِّعين، وبدون خوفٍ على الجنازة، أما الإسراع الذي يطيرون فيه طيراناً هذا لا ينبغي، لأنه يشقُّ على الناس من وجه وربّما يتمزّق الجسد من وجهٍ آخر، أو يخرج من بطنه شيء مع الرَّج.