قراءة من الشرح مع التعليق حفظ
القارئ : أحسن الله إليكم في كلام
الشيخ : لمن
القارئ : للمفهم
الشيخ : نعم
"قراءة من كتاب المفهم"
القارئ : " قوله: إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلِّفكم أو توضع: قلت: هذا الأمر إنما كان متوجِّهاً لمن لم يكن متبعاً للجنازة بدليل ما جاء في حديث أبي سعيد: ( إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يجلس حتى توضع ) وقد جاء في حديث عليٍّ أنه قال: ( قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَعَدَ )، واختلف العلماء بسبب هذه الأحاديث على ثلاثة أقوال: أولها: الأمر بالقيام مطلقاً لمن مرَّت به ولمن تبعها، وهو قول جماعة من السلف والصحابة، أخذاً بالأحاديث المتقدِّمة، وكأن هؤلاء لم يبلغهم الناسخ أو لم يروا ترك قيامه ناسخاً. وثانيها: لا يقوم لها أحدٌ لا مروراً بها ولا متَّبعها، وكأن هؤلاء رأوا أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم القيام ناسخ لمطلق القيام، وهو قول قوم من أهل العلم، وروي عن أحمد وإسحاق، وابن الماجشون من أصحابنا، أن ذلك على التوسعة والتخيير. وثالثها: أن القيام منسوخ في حقِّ من مرَّت به، وهو قول مالكٍ، الشافعي، وأبي حنيفة، وقال أحمد واسحاق ومحمد بن الحسن، والأوزاعي: فمن اتّبعها لا يجلس حتى توضع، وأما من مرَّت به فلا يلزمه القيام. وقد اختلف أيضاً في القيام على القبر حتى يُقبَر: فكرهه قوم وعمل به آخرون، ورُوي ذلك عن علي وعثمان، وابن عمرو وقد تقدم في كتاب الإيمان، قول عمر بن العاص: وأقيموا حول قبري قدْر ما تُنحَرُ جزور ويُقسَم لحمها. أي تثبَّتوا وتربَّصوا ".
الشيخ : الحكم عندي ليس فيه إشكال، الحكم أن من مرَّت به فليقم، وليس على سبيل الوجوب، وترك النبي صلى الله عليه وسلم القيام في ثاني الحال إنما هو لنفي الوجوب فقط، ولا يمكن أن ندعي فيه النَّسخ لإمكان الجمع، وقد قرر العلماء أنه متى أمكن الجمع فلا نسخ، بل يحرم النسخ.
فعلى هذا فترك القيام - ما دام النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن القيام- لا يدل على نسخه، بل يدل على أنه ليس على سبيل الوجوب، وهذا ليس فيه إشكال، من تبعها لا تجلس حتى توضع، إما من على أعناق الرجال، وإما على القبر، لا إشكال في هذا أيضاً عندي، فإن تقدَّم -كما وقع السؤال عنه آنفاً فإنه يجلس لأنه لا يصدق أنه تبعها ولكنه يصدق أنه شيَّعها، وفرق بين التشييع وبين الإتباع، هذا ما في اشكال الحكم عندي ما فيه إشكال، لكن الإشكال في القضية التي وقعت مع نافع بن جبير، فإن نافع بن جبير والثاني واقد بن عمرو، ليس فعل واقد بن عمرو مما أنكره نافع، بينهما فرق، ولذلك المحشِّي تفطَن لهذا، وقال: إن الدليل غير المدَّعى، والحمد لله.