فوائد حديث : ( ... عن أبي هريرة قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثديهما وتراقيهما فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشي أنامله وتعفو أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها قال فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بإصبعه في جيبه فلو رأيته يوسعها ولا توسع ) . حفظ
الشيخ : في هذا الحديث ضرب الأمثال وهو تشبيه معقول بالمحسوس ، لأن ذلك يقرب المعنى وفيه أيضاً ما أشار إليه البخاري أن الجيب يكون في الصدر ولا يكون في الخلف، ويدل عليه أيضاً قوله تعالى في موسى : (( وأدخل يدك في جيبك )) ليس من المعقول في الخطاب أن يكون المعنى ردها إلى ظهرك ثم أدخلها في جيبك ، وهذا الحمد لله هو المعهود، ويقي علينا هل هذا الجيب هل يزر أو يفتح؟ إذا كان فيه أزرة فإنه يرز لأنه لو لا ذلك لكان وضع الأرزه عبثاً لا فائدة فيه، وأما حديث معاوية ... أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فتح جيبه، هذا يكون لعارض، إما لشدة حر، أو لحرارةٍ في صدره، أو لنسيان في زره أو غير ذلك، يعنى له احتمالات، وإلا ليس من المعقول أن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع أزرة في جيبه لا لأجل أزرارها وما توهمه بعض الناس أنه ينبغي للإنسان أن يفتح جيبه ولا يزره فهذه من جملة الأوهام التي تقع من بعض الناس، دون أن يتأمل في السنة ودون أن يتأمل في الواقع، فالصواب أن السنة هو زر الأزرار، وأنه لا بأس أن يفتح الإنسان صدره لسبب من الأسباب وهذا شيء واقع وكلنا نعرف الناس قبل أن توجد والحمد لله المكيفات نجده يفتح جيبه وإذا كان لع غطرة نزعها، لأجل التبرد، نعم وفي هذا أيضاً دليل على أن البخيل كلما أراد ان يتصدق منعه الشح وبخله، فعجز أن يتصدق ، كالذي عليه درع من حديد ما يستطيع لأن كل حلقة لزقت، إيش في موضعها ما يقدر يوسعها وهذا حديد ليس خرق يستطيع أن يشقه، أما المتصدق فلانشراح صدره وسهولة البذل عليه يكون هذا الدرع سابغا يغطي بنانه، يعني حتى في يديه يصل إلى أطراف الأصابع، في الرجلين يعفو أثره، يعني يسحب، فهو سابغ من أطراف أصابع اليد إلى أسفل الرجل لأنه يسهل عليه التصدق وهذا شيء مشاهد ، متى اعتاد الإنسان الكرم سهل عليه وصار غريزه في اللحم، وصار يود أن يأتي أحد يقدم له شيء من الكرم، والبخيل بالعكس، البخيل بالعكس لا يحن أن يتصدق بشيء، ولا أن ينفق شيئاً، وأكره ما عليه أن يرى ضيفا نزل به، أما الكريم فإنه يتعرض للضيفان وسمعنا من قبل مما كان الناس في فاقة والمطاعم لا توجد في البلاد، والإنسان إذا لم يضيفه أحد يبقى جائعاً، سمعنا أن بعض الكرماء، يجعلون حراساً على أبواب البلد، أو محل اجتماع الناس، وإذا رأوا شخصاً، يعني غريباً، دعوه الى الضيافة، وهذا من الكرم، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله، أن بذل المال من أسباب انشراح الصدر، وهذه فائده عظيمة، أنك إذا بذلت المال لأكن في طاعة الله وفي ما يقرب إلى الله عز وجل فإنه من أسباب انشراح الصدر، ذكر هذا في زاد المعاد. نعم.