فوائد حفظ
الشيخ : هذا الحديث بألفاظه المختلفة وسياقاته يدل على أنه يسن للإنسان أن يتطيب في موضعين : الموضع الأول عند الإحرام ، والموضع الثاني عند الطواف بالبيت بعد الرمي والحلق يوم العيد .
ويدل أيضًا على أنه يختار أطيب ما يجد من الطيب ، وأن ذلك لا يضر.
ويدل أيضًا على أن شم الطيب للمحرم لا يضر ، لكن اختلف العلماء فيما إذا قصد شمه ، بأن أخذ علبة فيها طيب فشمه ، هل هو جائز أم لا ؟ فمنهم من قال : إنه لا يجوز ، ومنهم من قال : إنه يجوز ، ومنهم من فصل : فقال : إن احتاج إلى ذلك ، مثل أن يريد شراء طيب فشمه ليختبره فلا بأس ، وإلا فلا .
وهذا القول أحسن الأقول ، وذلك لأن الشم ليس استعمالًا في الواقع ، لو يعلق باليد ولا يعلق بالثياب ، ولكن نظرًا إلى أن الشام يحصل له نشوة واهتزاز شعور قلنا لا تشم الطيب ن إلا إذا احتجت إلى ذلك .
وفيه أيضًا دليل على أن الطيب لا بأس ببقائه بعد الإحرام إذا تطيب للإحرام ، لأن عائشة تقول : ( كنت أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
وفيه أيضًا دليل على أن السنة لمن اتخذ الشعر أن يفرقه ، ولو كان رجلًا ، والفرق يكون في نصف الرأس الناصية عن اليمين والشمال ، وفي نصف الرأس الهامة مقطوعة إلى الشمال إلى الأذن اليمنى وإلى الأذن اليسرى ، وأن هذا ليس تشبهًا بالنساء ، بل هذا هو الذي اختاره النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كان يسدل حين قدم المدينة أول ما قدم ، كان يسدل شعره ينصفه من الوراء ، بدون أن يفرقه ، موافقة لليهود أهل الكتاب ومخالفة للمشركين الذين هم أهل أوثان ، ثم لما دخل المشركون في الإسلام أحب النبي صلى الله عليه وسلم مخالفة اليهود وموافقة المشركين فصار يفرق .
وفيه دليل أيضًا على أن الإنسان مهما بلغ من العلم قد تخفى عليه بعض السنن ، وذلك في الحديث ابن عمر رضي الله عنه ، حيث قال : ( لأن أطلي بقطران أحب إلي من أن أصبح متضمخًا بالطيب ) يعني وهو محرم ، فبينت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتطيب لإحرامه ويبقى الطيب عليه بعض الإحرام .
وفيه دليل أيضًا على أن الإنسان إذا لمس الطيب وهو محرم فإنه لا شيء عليه ، لكن بشرط أن يكون له سبب شرعي مثل أن يتوضأ فيمس الطيب في رأسه فلا حرج عليه ، لا نقول لا تمسح رأسك بيدك إمسحها بعود أو بما أشبه ذلك ، بل نقول : إمسح ولا حرج عليك .