تتمة بَاب جَوَازِ حَلْقِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ إِذَا كَانَ بِهِ أَذًى وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ لِحَلْقِهِ وَبَيَانِ قَدْرِهَا حفظ
الشيخ : نعم ، قلنا إن الرأس لا يحل للمحرم حلقه ، إلّا إذا كان هناك أذى أو مرض ، فالأذى كما حصل لكعب بن عجرة رضي الله عنه حيث كان في رأسه قمل كثير يتناثر على وجهه ، والمرض مثل أن يكون به صداع لا يزول إلّا بالحلق ، فيحلقه .
ولكن هل عليه فدية ؟
الجواب : في هذا تفصيل ، إن حلق الرأس كله وما يماط به الأذى فعليه فدية ، وإن كان قليلًا فلا فدية عليه ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم ، والحجامة لا بد أن يحلق لمكانها ، ولم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم فدى .
وأما إذا كان الحلق يشمل الرأس كله أو أكثر الرأس أو ما يماط به الأذى فإنه يفدي .
والفدية قال الله تعالى فيها : (( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك )) ، وهذا في القرآن مجمل ، وبيّنته السنة ، بأن الصيام : ثلاثة أيام ، والصدقة : إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، والنسك : ذبح شاة .
وهل يلحق بغير الرأس بقية الشعر ؟
في هذا خلاف بين العلماء ، منهم من يقول : إنه لا يلحق به ، لأنه ليس لنا أن نمنع إلّا ما منعه الله ورسوله ، وهو (( ما كان ربك نسيًّا )) ، ولو كان بقية الشعر محرّمًا لبينه الله عز وجل إما في القرآن وإما في السنة ، فما لم يرد فالأصل الحل .
وعلى هذا فلو حفّ الإنسان شاربه وهو محرم -على هذا القول- فلا شيء عليه ، لا إثم ولا كفارة ، لأن الأصل الحل ولم يرد ذلك إلّا في الرأس .
ولا يصح القياس ، ووجه أن القياس لا يصح هو أن شعر الرأس يتعلق به النسك ، بخلاف بقية الشعور ، فينهى عن حلق شعر الرأس لأنه سوف يؤمر الإنسان إذا انتهى من نسكه أن يحلقه أو يقصره .
أما بقية الشعور فلا علاقة لها في ذلك .
ومن باب أبعد وأولى بالحكم الأظافر ، هل يحرم قص الأظافر في الإحرام أم لا ؟
من العلماء من قال إنه يحرم ، وهذا المشهور عند الفقهاء ، ومن العلماء من قال : لا يحرم .
ولا يصح إلحاقه بالرأس لأنه لا يتعلق به نسك ولا يسمى شعرًا ، فلا يلحق به .
والذين قالوا بالإلحاق جعلوا العلة الترفّه ، وقالوا : إنه يترفّه بحلق الشارب ، وتقليم الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط وما أشبه ذلك ، فالعلة الجامعة هي الترفه .
ولكن قد يعارض في هذا ، ويقال : من قال إن العلة الترفه ؟! فهذه علة لا تصح طردًا ولا عكسًا ، ولهذا لو أراد الإنسان أن يترفه وهو محرم بالمأكولات والمركوبات والمخيم والفراش ويغتسل صباحًا ومساءً فهل يمنع من ذلك ؟ لا يمنع مع أنه ترفه من أعظم الترفه ، فكوننا نلتمس علة لم ترد في القرآن ولا في السنة ونراها منتقضة ليست طريقة فقهية .
لكن على كل حال الاحتياط ما دام أن المنع من ذلك ( أي من أخذ الشعر من جميع البدن ، وأخذ الظفر ) هو رأي جمهور العلماء ، فالأولى أن نحتفظ بذلك ، لكن عندما يحصحص الحق فلا بد أن نقول : ما الدليل ؟ ولماذا نمنع عباد الله من شيء لم يمنعهم الله منه ؟
فإن قال قائل : لو انكسر ظفر وآذاه فهل يكون كالشعر إذا آذاه ؟
الجواب : نعم ، له أن يقصه لكن يقص المنكسر الذي يؤذيه فقط ، دونما زيادة .
بقي عندنا الفدية ، ذكرنا أنه إذا حلق رأسه كله أو ما يحصل به إماطة الأذى وإزالة الأذى فإنه يفدي بما ذكره الله في القرآن وبينته السنة ، وأما ما دون ذلك فليس فيه فدية ، لأنه عمل مباح ولا تتغير به الرأس تغيرًا بينًا ، وفوق هذا التعليل أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم ، والحجامة لا بد من حلق الشعر في مكان القارورة ، لوم ينقل عنه أنه فدى .
وأما من قال من أهل العلم إنه إذا قطع ثلاث شعرات فدى وفيما دون ذلك في كل شعرة إطعام مسكين هذا قول لا دليل عليه .
واعلم أن إجابة شيء لفعل محذور أو ترك مأمور بدون دليل شرعي حرام عليك ، لأنك تريد أن تستلب من أموال الناس المحترمة ما يكون قيمة لهذه الفدية أو الكفارة ، والأصل في الأموال التحريم ، والحرمة ، فكيف نوجب على هذا العبد أن يخرج من ماله كذا وكذا بدون دليل ؟!
والذي أوجب الله فيه الأموال معروف ، إما زكاة وإما كفارات ، بينها الله عز وجل وما سكت الله عنه فهو عفو .
لكن كل هذا نقوله من الناحية النظرية ، أما من الناحية التربوية فإننا نرى أن يبقى الناس على ما يفتى به بينهم حتى يحترموا هذه المشاعر ، نعم .
السائل : شيخ بارك الله فيكم ، ذكرنا ما يماط به الأذى فإنه يفدي ، فإن حلق ما يماط به الأذى ، ولكنه حلق شيئاً قيليلا ؟
الشيخ : لا فرق لا فرق ، حتى لو قصّ فإنه يحرم عليه .
السائل : ولو شيئًا قليلًا ؟
الشيخ : ولو شيئًا قليلًا .
السائل : ما هو ضابط الاحتياط المشروع الذي يُسيوغ .... أن يقال أنه احتياط ؟
الشيخ : هو الذي يخشى من الناس أن التهاون فيه ، كما احتاط عمر رضي الله عنه في منع الرجل من الرجوع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثًا ، لئلا يقع الناس في الطلاق الثلاث المحرم .
السائل : يعني يا شيخ يعني كل خلاف يحصل مع الجمهور مع أن ظاهر القول الذي يقول به الجمهور ظاهر الضعيف لا يستند إلى دليل ، لا صحيح ولا صريح ؟
الشيخ : ولكن ، لكن الناس مادموا ماشيين عليه ، ولسنا نقول أن هذا القول حرام ، فما داموا ماشيين عليه وفيه تعظيم للحرمات والشعائر ليبقوا على ما كانوا عليه ، لكن عندما نريد أن نحصحص المسألة ونبين لا بد أن نعلم الحكم على وجه مقعّد ، ولهذا لو قال قائل : ما هو الدليل على وجوب الدم لمن ترك واجبًا ؟
ما استطاع الإنسان أن يأتي بدليل واضح إلّا بأثر عن ابن عباس رضي الله عنه ، أثر لا يتمه ... أيضًا ، أو قياس على فعل على حلق الرأس .
لكن نحن نرى أن مثل هذه الأمور ما دام الناس سائرين فيها على احترام هذه الشعائر والمناسك وأننا لا نرى أن هذا حرام - يعني إيجاب الشيء عليهم ليس بحرام - إنما من باب الحرص على الاستقامة والردع عن التهاون ، وهذا له أصل .
السائل : فضيلة الشيخ ألا يكون في ذلك أيضا من باب آخر وضع ثقل وتكليف على المكلفين ؟
الشيخ : هذا ، هذه ما فيها وضع ، لأنه يستطيع الإنسان أن ينظر في كل قضية بعينها ، ويرفع الحرج عما وقع عليه .
ولكن هل عليه فدية ؟
الجواب : في هذا تفصيل ، إن حلق الرأس كله وما يماط به الأذى فعليه فدية ، وإن كان قليلًا فلا فدية عليه ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم ، والحجامة لا بد أن يحلق لمكانها ، ولم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم فدى .
وأما إذا كان الحلق يشمل الرأس كله أو أكثر الرأس أو ما يماط به الأذى فإنه يفدي .
والفدية قال الله تعالى فيها : (( ففدية من صيام أو صدقة أو نسك )) ، وهذا في القرآن مجمل ، وبيّنته السنة ، بأن الصيام : ثلاثة أيام ، والصدقة : إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ، والنسك : ذبح شاة .
وهل يلحق بغير الرأس بقية الشعر ؟
في هذا خلاف بين العلماء ، منهم من يقول : إنه لا يلحق به ، لأنه ليس لنا أن نمنع إلّا ما منعه الله ورسوله ، وهو (( ما كان ربك نسيًّا )) ، ولو كان بقية الشعر محرّمًا لبينه الله عز وجل إما في القرآن وإما في السنة ، فما لم يرد فالأصل الحل .
وعلى هذا فلو حفّ الإنسان شاربه وهو محرم -على هذا القول- فلا شيء عليه ، لا إثم ولا كفارة ، لأن الأصل الحل ولم يرد ذلك إلّا في الرأس .
ولا يصح القياس ، ووجه أن القياس لا يصح هو أن شعر الرأس يتعلق به النسك ، بخلاف بقية الشعور ، فينهى عن حلق شعر الرأس لأنه سوف يؤمر الإنسان إذا انتهى من نسكه أن يحلقه أو يقصره .
أما بقية الشعور فلا علاقة لها في ذلك .
ومن باب أبعد وأولى بالحكم الأظافر ، هل يحرم قص الأظافر في الإحرام أم لا ؟
من العلماء من قال إنه يحرم ، وهذا المشهور عند الفقهاء ، ومن العلماء من قال : لا يحرم .
ولا يصح إلحاقه بالرأس لأنه لا يتعلق به نسك ولا يسمى شعرًا ، فلا يلحق به .
والذين قالوا بالإلحاق جعلوا العلة الترفّه ، وقالوا : إنه يترفّه بحلق الشارب ، وتقليم الأظفار وحلق العانة ونتف الإبط وما أشبه ذلك ، فالعلة الجامعة هي الترفه .
ولكن قد يعارض في هذا ، ويقال : من قال إن العلة الترفه ؟! فهذه علة لا تصح طردًا ولا عكسًا ، ولهذا لو أراد الإنسان أن يترفه وهو محرم بالمأكولات والمركوبات والمخيم والفراش ويغتسل صباحًا ومساءً فهل يمنع من ذلك ؟ لا يمنع مع أنه ترفه من أعظم الترفه ، فكوننا نلتمس علة لم ترد في القرآن ولا في السنة ونراها منتقضة ليست طريقة فقهية .
لكن على كل حال الاحتياط ما دام أن المنع من ذلك ( أي من أخذ الشعر من جميع البدن ، وأخذ الظفر ) هو رأي جمهور العلماء ، فالأولى أن نحتفظ بذلك ، لكن عندما يحصحص الحق فلا بد أن نقول : ما الدليل ؟ ولماذا نمنع عباد الله من شيء لم يمنعهم الله منه ؟
فإن قال قائل : لو انكسر ظفر وآذاه فهل يكون كالشعر إذا آذاه ؟
الجواب : نعم ، له أن يقصه لكن يقص المنكسر الذي يؤذيه فقط ، دونما زيادة .
بقي عندنا الفدية ، ذكرنا أنه إذا حلق رأسه كله أو ما يحصل به إماطة الأذى وإزالة الأذى فإنه يفدي بما ذكره الله في القرآن وبينته السنة ، وأما ما دون ذلك فليس فيه فدية ، لأنه عمل مباح ولا تتغير به الرأس تغيرًا بينًا ، وفوق هذا التعليل أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه احتجم وهو محرم ، والحجامة لا بد من حلق الشعر في مكان القارورة ، لوم ينقل عنه أنه فدى .
وأما من قال من أهل العلم إنه إذا قطع ثلاث شعرات فدى وفيما دون ذلك في كل شعرة إطعام مسكين هذا قول لا دليل عليه .
واعلم أن إجابة شيء لفعل محذور أو ترك مأمور بدون دليل شرعي حرام عليك ، لأنك تريد أن تستلب من أموال الناس المحترمة ما يكون قيمة لهذه الفدية أو الكفارة ، والأصل في الأموال التحريم ، والحرمة ، فكيف نوجب على هذا العبد أن يخرج من ماله كذا وكذا بدون دليل ؟!
والذي أوجب الله فيه الأموال معروف ، إما زكاة وإما كفارات ، بينها الله عز وجل وما سكت الله عنه فهو عفو .
لكن كل هذا نقوله من الناحية النظرية ، أما من الناحية التربوية فإننا نرى أن يبقى الناس على ما يفتى به بينهم حتى يحترموا هذه المشاعر ، نعم .
السائل : شيخ بارك الله فيكم ، ذكرنا ما يماط به الأذى فإنه يفدي ، فإن حلق ما يماط به الأذى ، ولكنه حلق شيئاً قيليلا ؟
الشيخ : لا فرق لا فرق ، حتى لو قصّ فإنه يحرم عليه .
السائل : ولو شيئًا قليلًا ؟
الشيخ : ولو شيئًا قليلًا .
السائل : ما هو ضابط الاحتياط المشروع الذي يُسيوغ .... أن يقال أنه احتياط ؟
الشيخ : هو الذي يخشى من الناس أن التهاون فيه ، كما احتاط عمر رضي الله عنه في منع الرجل من الرجوع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثًا ، لئلا يقع الناس في الطلاق الثلاث المحرم .
السائل : يعني يا شيخ يعني كل خلاف يحصل مع الجمهور مع أن ظاهر القول الذي يقول به الجمهور ظاهر الضعيف لا يستند إلى دليل ، لا صحيح ولا صريح ؟
الشيخ : ولكن ، لكن الناس مادموا ماشيين عليه ، ولسنا نقول أن هذا القول حرام ، فما داموا ماشيين عليه وفيه تعظيم للحرمات والشعائر ليبقوا على ما كانوا عليه ، لكن عندما نريد أن نحصحص المسألة ونبين لا بد أن نعلم الحكم على وجه مقعّد ، ولهذا لو قال قائل : ما هو الدليل على وجوب الدم لمن ترك واجبًا ؟
ما استطاع الإنسان أن يأتي بدليل واضح إلّا بأثر عن ابن عباس رضي الله عنه ، أثر لا يتمه ... أيضًا ، أو قياس على فعل على حلق الرأس .
لكن نحن نرى أن مثل هذه الأمور ما دام الناس سائرين فيها على احترام هذه الشعائر والمناسك وأننا لا نرى أن هذا حرام - يعني إيجاب الشيء عليهم ليس بحرام - إنما من باب الحرص على الاستقامة والردع عن التهاون ، وهذا له أصل .
السائل : فضيلة الشيخ ألا يكون في ذلك أيضا من باب آخر وضع ثقل وتكليف على المكلفين ؟
الشيخ : هذا ، هذه ما فيها وضع ، لأنه يستطيع الإنسان أن ينظر في كل قضية بعينها ، ويرفع الحرج عما وقع عليه .