وحدثناه إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم قالا أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا بن جريج أخبرني زيد بن أسلم بهذا الإسناد وقال فأمر أبو أيوب بيديه على رأسه جميعا على جميع رأسه فأقبل بهما وأدبر فقال المسور لابن عباس لا أماريك أبدا حفظ
القارئ : وحدّثناه إسحاق بن إبراهيم ، وعليّ بن خشرمٍ ، قالا : أخبرنا عيسى بن يونس ، قال :حدّثنا ابن جريجٍ ، قال : أخبرني زيد بن أسلم ، بهذا الإسناد ، وقال : ( فأمرّ أبو أيّوب بيديه على رأسه جميعًا على جميع رأسه ، فأقبل بهما وأدبر ، فقال المسور لابن عبّاسٍ : لا أماريك أبدًا ).
الشيخ : في هذا الحديث دليل على ما ترجم له ، وهو جواز غسل المحرم رأسه ، ومعلوم أنه إذا كان ذلك لجنابة فهو واجب ، وإذا كان لغيرها فليس بواجب ، ولكنه إن كان لمستحب فليفعل ، كما لو اغتسل لدخول مكّة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل لدخول مكة ، وكما لو اغتسل للوقوف لعرفة ، فإن هذا مستحب ، وإذا كان من مباح أيضًا فهو جائز ، كما لو اغتسل للتبرد ، فإنه يجوز أن يغسل رأسه وأن يدخل الماء ويوصله إلى أصل الشعر .
وفي هذا الحديث دليل على جواز المماراة بالعلم ، يعني المجادلة ، إذا قصد بذلك الوصول للحق.
وفيه دليل على سؤال من هو أعلم من المتماريين .
وفيه أيضًا دليل على جواز الاستنابة في طلب العلم والسؤال عنه .
وفيه أيضًا دليل على أنه يقبل قول الرجل الواحد في مسائل العلم والدين ، وهذا أمر كالمجمع عليه بين الصحابة رضي الله عنهم .
وفيه أيضًا دليل على أن المغتسل يستتر بثوب ، لأن أبا أيوب رضي الله عنه كان بين القرنين مستترًا بثوب ، والقرنان هما العمودان اللذان يجعلان على البئر ، وتوضع عليهما خشبة معروضة تكون فيها البكرة .
وفيه أيضًا دليل على جواز مخاطبة الذي يغتسل ، لأن المندوب لما رأى أبا أيوب يغتسل سأله ، فطأطأ له الثوب يعني نزله من أجل أن يتبين رأسه .
وفيه أيضًا - من فوائد هذا الحديث - أن الإنسان لا حرج عليه إذا غسل رأسه ومسه بيده وهو محرم وفيه طيب ، لأن هذا لم يقصد الطيب وإنما قصد الغسل .
وفيه دليل على اعتبار القصد في الأمور ، وأن له أثرًا فإن الرجل لو أنه وضع على رأسه من أجل أن يعلق به الطيب وهو محرم لقلنا هذا محرّم ، لكن لو أنه غسل رأسه بها وتعلق شيء من الطيب في اليد فلا بأس بذلك .
وفيه دليل على فقه ابن عباس رضي الله عنهما في قول المسور بن مخرمة : لا أماريك بعدها أبدًا ، وهذا إذعان منه لفقه ابن عباس رضي الله عنه .