تتمة فوائد حديث بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم خر رجل من بعيره فوقص فمات فقال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه قي ثوبيه ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا حفظ
الشيخ : لأن هذه من مسائل الدين الكبيرة ، ولو كان هذا التقسيم صحيحًا لتوافرت الدواعي على نقله ، ونقل وبيّن ، لأنه أمر هام ، فالصواب أن الماء قسمان : طهور ونجس ، فما تغيّر بالنجاسة فهو نجس وما سواه فهو طهور .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز اغتسال المحرم بالسدر مع ما فيه من التنظيف لكن لا بأس به .
فإن قال قائل : وهل يلحق به الصابون ؟
فالجواب : نعم ، يلحق به الصابون إلّا إذا كان الصابون مطيّبًا فإنه لا يستعمله لما فيه من طيب .
ومنها : وجوب التكفين ، تكفين الميت ، لقوله : ( كفنوه ) .
ومنها : أن التكفين فرض كفاية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به من يقومون به فقط .
ومنها : أنه يجب في الكفن أن يكون ساترًا لجميع البدن ، لقوله : ( كفنوه ) أي : اكفتوه وغطوه ، وهذا لا يمكن إلا إذا غطى جميع البدن .
ومنها : أن الأفضل تكفين المحرم في ثياب إحرامه ، لقوله : في ثوبيه ، ولم يطلق ، لو أطلق لقلنا يكفّن كما يكفن غيره في أي ثوب ، لكنه خصص وقال : ( في ثوبيه ) كما أن الشهيد يدفن في ثيابه التي قتل فيها ولا يحتاج إلى أن يجددوا له كفن .
ومن فوائد الحديث : جواز الاقتصار في الكفن على ثوبين .
لقوله : ( في ثوبيه ) مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كفّن في ثلاثة أثواب ، فيقال : لكل مقام مقال ، إنما اقتصر في اللمحرم على الثوبين لأنهما الثوبان اللذان كانا عليه حين مات في الإحرام ، فلا يلف بلفافة زائدة على الثوبين .
ومن فوائد الحديث : أن مؤونة التجهيز في تركة الميت مقدمة على كل شيء ، لقوله : ( في ثوبيه ) فأضاف الثوبين إلىه أي : إلى الميت ، مقدمة على كل شيء حتى على الدين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفسر ، لم يقل هل عليه دين فاقضوا دينه وكفنوه من عندكم ، بل قال : ( في ثوبيه ) وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهو الصحيح .
أن مؤونة التجهيز مقدمة على كل شيء ، حتى على الدين الذي برهن ، تقدم عليه مؤونة التجهيز .
ومن فوائد الحديث : تحريم تغطية رأس المحرم ، لقوله : ( ولا تخمروا رأسه ) ولكن لو خمره بغير عمامة أيحرم ؟
نعم ، لأن هذا لم يقل فيه الرسول لا تخمروه بعمامة كما بل قال : لا تخمروه وأطلق ، في أي شيء يغطى به .
وهل يجوز أن يغطي المحرم بعض رأسه؟ نقول : ما نهي عنه فإن النهي يتناول كل جزء منه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) وعلى هذا فلا يجوز أن يغطى الرأس كله ولا بعضه ، لأن هذه هي القاعدة في المنهيات .
ومن فوائد هذا الحديث : أن من مات محرمًا قبل أن يحل التحلل الأول فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا ، يقول : لبيك اللهم لبيك ، إظهارًا لشرفهم ولأن الحج نوع من الجهاد ، فكما أن الشهيد يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا اللون لون الدم والريح ريح المسك ، ليتميز المجاهدون على غيرهم في هذا الموقف العظيم ، فكذلك الحجاج والمعتمرون إذا ماتوا في حجهم وعمرتهم ، يبعثون يوم القيامة يقولون : لبيك اللهم لبيك إظهارًا لعملهم الصالح الذي ماتوا علي .
ومن فوائد الحديث : إثبات البعث ، لقوله : ( يبعث يوم القيامة ) .
ومنها : أن الناس يتكلمون يوم القيامة لكنهم ليسوا أحرارًا كالدنيا من شاء تكلم متى شاء بما شاء ، لا ، كما قال تعالى : (( لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا )) والذين يخرجون من قبورهم يلبون قد أذن لهم في ذلك .
ومنها : ثبوت نبوة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن أمر غيبي لا يدرك بالعقل .
ومن فوائد الحديث : قدرة الله عز وجل ، حيث يبعث هذا الإنسان على ما مات عليه ، ولهذا قال عز وجل : (( بلى قادرين على أن نسوي بنانه )) .
ومنها : أن المحرم إذا مات لا يقضى عنه ما بقي من نسك ، خلافًا لمن قال بذلك من الفقهاء ، حيث قالوا : من مات في حج الفريضة قضي عنه من حيث مات ، والصواب خلاف ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بقضاء ما بقي عن هذا الميت ، ولأنه لو قضي عنه تحلل من الإحرام ، وفاتت هذه الفضيلة وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبيًا .
ومنها : أنه لا ينبغي للإنسان في الإحرام أن يقول : إن حبسني حابس - يعني عن إتمام النسك - فمحلي حيث حبستني ، لأنه لو قال ذلك ثم مات حلّ ، ولم يبعث يوم القيامة ملبيًا . لكن إن خاف الإنسان على نفسه ألا يقيم النسك لمرض أو غيره فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم ضباعة بنت الزبير أن تقول : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) .
ومنها : جواز الاستفتاء ، استفتاء من كان مشغولًا بذكر أو غيره إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، لأن هؤلاء الصحابة استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة ، ولم ينههم ولم يكفهم لدعاء الحاجة إلى ذلك .
فإن قال قائل : هل الأفضل أن يقطع الذكر ويفتي أو الأفضل أن يستأذن من السائل أن يكمل ذكره ؟
الجواب : ينظر للحال ، إن كانت الحال تقتضي المبادرة بالإفتاء فليفته وإفتاؤه بالعلم خير من التسبيح ، لأن العلم يحتاج إليه الناس أفضل من التسبيح ، وإن كان الأمر فيه سعة فليقل : انتظر ، لأن بعض الناس إذا قطع أحد عليه ذكره أو قراءته تخربط ، فلا يدري أين هو ، فيلتبس عليه الأمر .
ومن فوائد هذا الحديث : جواز اغتسال المحرم بالسدر مع ما فيه من التنظيف لكن لا بأس به .
فإن قال قائل : وهل يلحق به الصابون ؟
فالجواب : نعم ، يلحق به الصابون إلّا إذا كان الصابون مطيّبًا فإنه لا يستعمله لما فيه من طيب .
ومنها : وجوب التكفين ، تكفين الميت ، لقوله : ( كفنوه ) .
ومنها : أن التكفين فرض كفاية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به من يقومون به فقط .
ومنها : أنه يجب في الكفن أن يكون ساترًا لجميع البدن ، لقوله : ( كفنوه ) أي : اكفتوه وغطوه ، وهذا لا يمكن إلا إذا غطى جميع البدن .
ومنها : أن الأفضل تكفين المحرم في ثياب إحرامه ، لقوله : في ثوبيه ، ولم يطلق ، لو أطلق لقلنا يكفّن كما يكفن غيره في أي ثوب ، لكنه خصص وقال : ( في ثوبيه ) كما أن الشهيد يدفن في ثيابه التي قتل فيها ولا يحتاج إلى أن يجددوا له كفن .
ومن فوائد الحديث : جواز الاقتصار في الكفن على ثوبين .
لقوله : ( في ثوبيه ) مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كفّن في ثلاثة أثواب ، فيقال : لكل مقام مقال ، إنما اقتصر في اللمحرم على الثوبين لأنهما الثوبان اللذان كانا عليه حين مات في الإحرام ، فلا يلف بلفافة زائدة على الثوبين .
ومن فوائد الحديث : أن مؤونة التجهيز في تركة الميت مقدمة على كل شيء ، لقوله : ( في ثوبيه ) فأضاف الثوبين إلىه أي : إلى الميت ، مقدمة على كل شيء حتى على الدين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفسر ، لم يقل هل عليه دين فاقضوا دينه وكفنوه من عندكم ، بل قال : ( في ثوبيه ) وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهو الصحيح .
أن مؤونة التجهيز مقدمة على كل شيء ، حتى على الدين الذي برهن ، تقدم عليه مؤونة التجهيز .
ومن فوائد الحديث : تحريم تغطية رأس المحرم ، لقوله : ( ولا تخمروا رأسه ) ولكن لو خمره بغير عمامة أيحرم ؟
نعم ، لأن هذا لم يقل فيه الرسول لا تخمروه بعمامة كما بل قال : لا تخمروه وأطلق ، في أي شيء يغطى به .
وهل يجوز أن يغطي المحرم بعض رأسه؟ نقول : ما نهي عنه فإن النهي يتناول كل جزء منه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) وعلى هذا فلا يجوز أن يغطى الرأس كله ولا بعضه ، لأن هذه هي القاعدة في المنهيات .
ومن فوائد هذا الحديث : أن من مات محرمًا قبل أن يحل التحلل الأول فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا ، يقول : لبيك اللهم لبيك ، إظهارًا لشرفهم ولأن الحج نوع من الجهاد ، فكما أن الشهيد يبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا اللون لون الدم والريح ريح المسك ، ليتميز المجاهدون على غيرهم في هذا الموقف العظيم ، فكذلك الحجاج والمعتمرون إذا ماتوا في حجهم وعمرتهم ، يبعثون يوم القيامة يقولون : لبيك اللهم لبيك إظهارًا لعملهم الصالح الذي ماتوا علي .
ومن فوائد الحديث : إثبات البعث ، لقوله : ( يبعث يوم القيامة ) .
ومنها : أن الناس يتكلمون يوم القيامة لكنهم ليسوا أحرارًا كالدنيا من شاء تكلم متى شاء بما شاء ، لا ، كما قال تعالى : (( لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا )) والذين يخرجون من قبورهم يلبون قد أذن لهم في ذلك .
ومنها : ثبوت نبوة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن أمر غيبي لا يدرك بالعقل .
ومن فوائد الحديث : قدرة الله عز وجل ، حيث يبعث هذا الإنسان على ما مات عليه ، ولهذا قال عز وجل : (( بلى قادرين على أن نسوي بنانه )) .
ومنها : أن المحرم إذا مات لا يقضى عنه ما بقي من نسك ، خلافًا لمن قال بذلك من الفقهاء ، حيث قالوا : من مات في حج الفريضة قضي عنه من حيث مات ، والصواب خلاف ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بقضاء ما بقي عن هذا الميت ، ولأنه لو قضي عنه تحلل من الإحرام ، وفاتت هذه الفضيلة وهي أنه يبعث يوم القيامة ملبيًا .
ومنها : أنه لا ينبغي للإنسان في الإحرام أن يقول : إن حبسني حابس - يعني عن إتمام النسك - فمحلي حيث حبستني ، لأنه لو قال ذلك ثم مات حلّ ، ولم يبعث يوم القيامة ملبيًا . لكن إن خاف الإنسان على نفسه ألا يقيم النسك لمرض أو غيره فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم ضباعة بنت الزبير أن تقول : ( إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني ) .
ومنها : جواز الاستفتاء ، استفتاء من كان مشغولًا بذكر أو غيره إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، لأن هؤلاء الصحابة استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة ، ولم ينههم ولم يكفهم لدعاء الحاجة إلى ذلك .
فإن قال قائل : هل الأفضل أن يقطع الذكر ويفتي أو الأفضل أن يستأذن من السائل أن يكمل ذكره ؟
الجواب : ينظر للحال ، إن كانت الحال تقتضي المبادرة بالإفتاء فليفته وإفتاؤه بالعلم خير من التسبيح ، لأن العلم يحتاج إليه الناس أفضل من التسبيح ، وإن كان الأمر فيه سعة فليقل : انتظر ، لأن بعض الناس إذا قطع أحد عليه ذكره أو قراءته تخربط ، فلا يدري أين هو ، فيلتبس عليه الأمر .