شرح :( فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ) حفظ
القارئ : ( فلمّا كان يوم التّروية توجّهوا إلى منًى ، فأهلّوا بالحجّ ، وركب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فصلّى بها الظّهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثمّ مكث قليلًا حتّى طلعت الشّمس ، وأمر بقبّةٍ من شعرٍ تضرب له بنمرة ، فسار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولا تشكّ قريش إلّا أنّه واقف عند المشعر الحرام ، كما كانت قريش تصنع في الجاهليّة ، فأجاز رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتّى أتى عرفة ، فوجد القبّة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها ، حتّى إذا زاغت الشّمس أمر بالقصواء ، فرحلت له ) .
الشيخ : يقول جابر رضي الله عنه : فلما كان يوم التروية توجهوا : أي : الناس ، ويوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة ، وسمي بذلك لأن الحجاج يتروون فيه الماء ، ينقلونه إلى منى ، إذ كان في ذلك الوقت ليس هناك عيون تجري في منى ، ولكنهم يتروون ذلك في القرب ، وهذا اليوم هو أول يوم له لقب من أيام الحج ، واليوم الذي يليه يوم عرفة ، والذي يليه يوم النحر ، والذي يليه يوم القر ، والذي يليه يوم النفر الأول والذي يليه يوم النفر الثاني ، هذه خمسة أيام كل يوم له لقب .
يقول : توجهوا إلى منى وقد سبق أنهم أحرموا من الأبطح ، فصلى بها النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصرو المغرب والعشاء والفجر ، ولم يذكر أنه جمع ، ولهذا لا يسن الجمع في منى ، بل يصلي قصرًا بلا جمع ، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس ، فيه دليل على أنه يصلي في منى خمسة أوقات : الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، وهذا سنة وليس بواجب .
والدليل على عدم وجوبه حديث عروة بن مضرس رضي لله عنه أنه وافى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر ليلة المزدلفة وأخبره أنه ما ترك جبلًا إلا وقف عنده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من شهد صلاتنا هذا ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف بعرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه ) ، ولم يقل وقد بات في منى أو ما أشبه ذلك ، فدل هذا على أنه ليس بواجب .
وفيه أيضًا ( هذه القطعة من الحديث ) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تضرب له قبة بنمرة ، مع أنه يروى عنه أنه طلب منه أن يضرب له قبة في منى ولكنه أبى وقال : ( هي مناخ من سبق ) يقول : فأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ، قريش لحميتها الجاهلية وتعصبها لا تقف يوم عرفة إلا في المزدلفة ، تقول : نحن أهل الحرم فلا نخرج إلى الحل ، وبقية الناس يقفون بعرفة ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم جدد الحج على مشاعر إبراهيم عليه السلام ، وقوله : أجاز حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، هذه العبارة توهم أن نمرة من عرفات لأنه قال : ( حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ) فاختلف الشراح فيها ، فمنهم من قال : حتى أتى عرفة أي : قاربها ، لأن نمرة قريبة من عرفة ، لم يقل حتى أتى قريبًا من عرفة ، والصواب أن العبارة على ظاهرها ، وأن معنى أجاز حتى أتى عرفة في مقابلة قوله : ولا تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام ، يكون المعنى : حتى أتى عرفة يعني ولم يقف بمزدلفة كما كانت قريش تفعل ، وفي طريقة إلى عرفة نزل بنمرة ، وعلى هذا فلا يكون الحديث على أن نمرة من عرفة كما أن ذلك هو الواقع ، فإن نمرة مكان قرب عرفة وليس منها .
وقوله في هذه الجملة : ( حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ) القصواء لقب لناقته التي حج عليها ، وله ناقة تسمى العضبا ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في أول زاد المعاد ما يلقب من دوابه صلوات الله وسلامه عليه ، وقوله : ( أمر فرحلت له ) فيه دليل على أن الإنسان الذي له سلطة وشأن لا بأس أن يأمر غيره لإصلاح شيء له ولا ينافي هذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الناس شيئًا ، لأن هناك فرق بين أن تسأل شخصًا شيئًا ويرى أن له منة عليك ، وبين أن تسأل شخصًا شيئًا ويرى أن المنة منك عليه ، وما يجري من النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الباب ، كل يفرح أن الرسول يأمره ، ثم هو زعيم أمته صلى الله عليه وسلم فيأمر على وجه السلطة وعلى وجه الإمرة .
الشيخ : يقول جابر رضي الله عنه : فلما كان يوم التروية توجهوا : أي : الناس ، ويوم التروية هو اليوم الثامن من ذي الحجة ، وسمي بذلك لأن الحجاج يتروون فيه الماء ، ينقلونه إلى منى ، إذ كان في ذلك الوقت ليس هناك عيون تجري في منى ، ولكنهم يتروون ذلك في القرب ، وهذا اليوم هو أول يوم له لقب من أيام الحج ، واليوم الذي يليه يوم عرفة ، والذي يليه يوم النحر ، والذي يليه يوم القر ، والذي يليه يوم النفر الأول والذي يليه يوم النفر الثاني ، هذه خمسة أيام كل يوم له لقب .
يقول : توجهوا إلى منى وقد سبق أنهم أحرموا من الأبطح ، فصلى بها النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصرو المغرب والعشاء والفجر ، ولم يذكر أنه جمع ، ولهذا لا يسن الجمع في منى ، بل يصلي قصرًا بلا جمع ، ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس ، فيه دليل على أنه يصلي في منى خمسة أوقات : الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، وهذا سنة وليس بواجب .
والدليل على عدم وجوبه حديث عروة بن مضرس رضي لله عنه أنه وافى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر ليلة المزدلفة وأخبره أنه ما ترك جبلًا إلا وقف عنده ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من شهد صلاتنا هذا ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف بعرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه ) ، ولم يقل وقد بات في منى أو ما أشبه ذلك ، فدل هذا على أنه ليس بواجب .
وفيه أيضًا ( هذه القطعة من الحديث ) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تضرب له قبة بنمرة ، مع أنه يروى عنه أنه طلب منه أن يضرب له قبة في منى ولكنه أبى وقال : ( هي مناخ من سبق ) يقول : فأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية ، قريش لحميتها الجاهلية وتعصبها لا تقف يوم عرفة إلا في المزدلفة ، تقول : نحن أهل الحرم فلا نخرج إلى الحل ، وبقية الناس يقفون بعرفة ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم جدد الحج على مشاعر إبراهيم عليه السلام ، وقوله : أجاز حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، هذه العبارة توهم أن نمرة من عرفات لأنه قال : ( حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ) فاختلف الشراح فيها ، فمنهم من قال : حتى أتى عرفة أي : قاربها ، لأن نمرة قريبة من عرفة ، لم يقل حتى أتى قريبًا من عرفة ، والصواب أن العبارة على ظاهرها ، وأن معنى أجاز حتى أتى عرفة في مقابلة قوله : ولا تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام ، يكون المعنى : حتى أتى عرفة يعني ولم يقف بمزدلفة كما كانت قريش تفعل ، وفي طريقة إلى عرفة نزل بنمرة ، وعلى هذا فلا يكون الحديث على أن نمرة من عرفة كما أن ذلك هو الواقع ، فإن نمرة مكان قرب عرفة وليس منها .
وقوله في هذه الجملة : ( حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له ) القصواء لقب لناقته التي حج عليها ، وله ناقة تسمى العضبا ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في أول زاد المعاد ما يلقب من دوابه صلوات الله وسلامه عليه ، وقوله : ( أمر فرحلت له ) فيه دليل على أن الإنسان الذي له سلطة وشأن لا بأس أن يأمر غيره لإصلاح شيء له ولا ينافي هذا نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الناس شيئًا ، لأن هناك فرق بين أن تسأل شخصًا شيئًا ويرى أن له منة عليك ، وبين أن تسأل شخصًا شيئًا ويرى أن المنة منك عليه ، وما يجري من النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الباب ، كل يفرح أن الرسول يأمره ، ثم هو زعيم أمته صلى الله عليه وسلم فيأمر على وجه السلطة وعلى وجه الإمرة .