فوائد حفظ
الشيخ : في هذا الدليل على أن التلبية للقارن والمفرد وكذلك المعتمر في الحج تقطع عند رمي جمرة العقبة وقوله : ( حتى رمى ) يراد حتى ابتدأ الرمي وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند الرمي يقول الذكر المشروع فيه وهو التكبير ، يكبر مع كل حصاة.
وفي هذا دليل على حسن داعية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حيث لم يصلّ في أثناء الطريق من عرفة لأن في ذلك مشقة على الناس ، فإنهم لو وقفوا ورواحلهم لكان في ذلك تعب ، فترك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حتى يصلوا إلى المزدلفة وينزلوا مرة واحدة.
وفيه أيضًا : دليل على استحباب تأخير الجمع لمن أتى عليه الوقت وهو سائر وأن الأفضل أن يؤخّر الجمع حتى ينزل ، ولهذا كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر ، وإذا ارتحل بعد أن تزيغ الشمس قدّم العصر مع الظهر.
وفيه أيضًا : أن الوضوء خفيف ومسبغ ، فإن قوله : ( خفيفًا ) يعني يحتمل أن يكون خفيفًا في العدد أو خفيفًا في الإسباغ ، لكن قد جاء في رواية البخاري : ولم يسبغ فدل ذلك على المراد بكونه خفيفًا أي : لم يسبغ فيه ، يعني : لم يبالغ في الماء.
وفيه أيضًا استحباب أن يكون الإنسان على طهارة ، لا سيما في تنقله بين شعائر الحج لأنه في عبادة فالحاج إذا سار من عرفة إلى مزدلفة فهو في عبادة ، ومن مزدلفة إلى منى هو في عبادة أيضًا.
وفيه : تنبيه المفضول للفاضل بالعمل الصالح ، لقول أسامة : الصلاة فقال : الصلاة أمامك.
وفيه : دليل على أنه لا يشرع للإنسان أن يصلي المغرب والعشاء في طريقة من عرفة إلى مزدلفة ، لقوله : الصلاة أمامك.
وقال ابن حزم رحمه الله : لو صلى المغرب في أثناء الطريق فصلاته باطلة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الصلاة أمامك.
ولكن قوله ضعيف -رحمه الله- الصواب أنها تصح ، ويستثنى من ذلك ما إذا خشي خروج الوقت وهو في أثناء الطريق من عرفة إلى المزدلفة ، فإنه يتعين عليه أن ينزل ويصلي لئلا يخرج الوقت.
وفيه أيضًا حسن أدب الصحابة رضي الله عنهم ، مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث تلطف في توجيه الخطاب إليه فقال : الصلاة ولم يقل : أقم الصلاة أو لا تفوت الصلاة وما أشبه ذلك قال الصلاة فقط وأيضًا أردفه بقوله : يا رسول الله
وهل نقول : إنه يشرع أن ينزل في أثناء السير من عرفة إلى مزدلفة ويبول ويتوضأ وضوءًا خفيفًا؟
لا ، الصواب لا وهو الذي عليه جمهور الصحابة وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك أي : ينزل ويبول ويتوضأ وضوءًا خفيفًا ، لكن هذا خالفه عليه الجمهور ، وقالوا : إنما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لا بقصد التعبد فلا يشرع التعبّد به.