قراءة من شرح صحيح مسلم للنووي مع تعليق الشيخ . حفظ
القارئ : قال: " قوله ( نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية ) قوله الإنسية ضبطوه بوجهين أحدهما كسر الهمزة وإسكان النون والثاني فتحهما جميعا وصرح القاضي بترجيح الفتح وأنه رواية الأكثرين وفي هذا تحريم لحوم الحمر الإنسية وهو مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا طائفة يسيرة من السلف فقد روي عن بن عباس وعائشة وبعض السلف إباحته وروي عنهم تحريمه وروي عن مالك كراهته وتحريمه " فقط
الشيخ : ..
القاريء : لا.
الشيخ : هاه، النووي، هاه، صفحة؟
القارئ : قوله " اعلم أن القاضي عياضا بسط شرح هذا الباب بسطا بليغا وأتى فيه بأشياء نفيسة وأشياء يخالف فيها فالوجه أن ننقل ما ذكره مختصرا ثم نذكر ما ينكر عليه ويخالف فيه وننبه على المختار قال المازري ثبت أن نكاح المتعة كان جائزا في أول الإسلام ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة هنا أنه نسخ وانعقد الإجماع على تحريمه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المستبدعة وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك وقد ذكرنا أنها منسوخة فلا دلالة لهم فيها وتعلقوا بقوله تعالى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن وفي قراءة بن مسعود فما استمتعتم به منهن إلى أجل وقراءة بن مسعود هذه شاذة لا يحتج بها قرآنا ولا خبرا ولا يلزم العمل بها قال وقال زفر من نكح نكاح متعة تأبد نكاحه وكأنه جعل ذكر التأجيل من باب الشروط الفاسدة في النكاح فإنها تلغى ويصح النكاح قال المازري واختلفت الرواية في صحيح مسلم في النهي عن المتعة ففيه أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وفيه أنه نهى عنها يوم فتح مكة فإن تعلق بهذا من أجاز نكاح المتعة وزعم أن الأحاديث تعارضت وأن هذا الاختلاف قادح فيها قلنا هذا الزعم خطأ وليس هذا تناقضا لأنه يصح أن ينهى عنه في زمن ثم ينهى عنه في زمن آخر توكيدا أو ليشتهر النهي ويسمعه من لم يكن سمعه أولا فسمع بعض الرواة النهي في زمن وسمعه آخرون في زمن آخر فنقل كل منهم ما سمعه وأضافه إلى زمان سماعه هذا كلام المازري وقال القاضي عياض ... ".
الشيخ : وهذا الكلام يصح لو لم يذكر حلها في عام الفتح، لكنه في عام الفتح ذكر حلها أما لو كان مثلا نقلت الأخبار أنه حرمها في خيبر وحرمها عام الفتح فلا إشكال، لأنه يكون أعادها تأكيدا وتثبيتا للحكم، لكن الحل، يبقى النظر قد يقول قائل ما المانع من أن تكون نسخت مرتين حرمت بعد التحريم ثم أحلت ثم حرمت كما هو ظاهر الترجمة التي مرت علينا قبل في هذا الدرس؟ فيقال الأصل عدم ذلك، ونحن لا ننكر أن يكون الشيء حراما ثم يحلل ثم يحرم، كما في قتال مكة القتال في مكة كان حلالا وأحل للضرورة متى؟ عام الفتح أحل للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار ثم حرم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ) وهذا إنما أبيح للرسول عليه الصلاة والسلام للضرورة لأنه لا يمكن القضاء على هؤلاء المشركين الذين استباحوا الشرك عند بيت الله إلا بهذا، وقد يقول قائل: ثبت تحريمها أعني المتعة عام خيبر وأحلت عام أوطاس أو عام فتح مكة للضرورة ثلاثة أيام ثم حرمت، لكن نكمل البحث.
القارئ : " قال القاضي عياض روى حديث إباحة المتعة جماعة من الصحابة فذكره مسلم من رواية بن مسعود وبن عباس وجابر وسلمة بن الأكوع وسبرة بن معبد الجهني وليس في هذه الأحاديث كلها أنها كانت في الحضر وإنما كانت في أسفارهم في الغزو عند ضرورتهم وعدم النساء مع أن بلادهم حارة وصبرهم عنهن قليل وقد ذكر في حديث بن أبي عمر أنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة ونحوها وعن بن عباس رضي الله عنهما نحوه وذكر مسلم عن سلمة بن الأكوع إباحتها يوم أوطاس ومن رواية سبرة إباحتها يوم الفتح وهما واحد ثم حرمت يومئذ وفي حديث علي تحريمها يوم خيبر وهو قبل الفتح وذكر غير مسلم عن علي إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها في غزوة تبوك من رواية إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي ولم يتابعه أحد على هذا وهو غلط منه وهذا الحديث رواه مالك في الموطأ وسفيان بن عيينة والعمري ويونس وغيرهم عن الزهري وفيه يوم خيبر وكذا ذكره مسلم عن جماعة عن الزهري وهذا هو الصحيح وقد روى أبو داود من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه النهي عنها في حجة الوداع قال أبو داود وهذا أصح ما روي في ذلك وقد روي عن سبرة أيضا إباحتها في حجة ... ".
الشيخ : هذا إن صح وكان محفوظا فيمكن أن يقال أن الرسول قاله في حجة الوداع من باب التوكيد والتذكير لكن لا أظنه يصح، نعم.
القارئ : " وقد روي عن سبرة أيضا إباحتها في حجة الوداع ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها حينئذ إلى يوم القيامة وروي عن الحسن البصري أنها ما حلت قط إلا في عمرة القضاء وروي هذا عن سبرة الجهني أيضا ولم يذكر مسلم في روايات حديث سبرة تعيين وقت إلا في رواية محمد بن سعيد الدارمي ورواية إسحاق بن إبراهيم ورواية يحيى بن يحيى فإنه ذكر فيها يوم فتح مكة قالوا وذكر الرواية بإباحتها يوم حجة الوداع خطأ لأنه لم يكن يؤمئذ ضرورة ولا عزوبة وأكثرهم حجوا بنسائهم والصحيح أن الذي جرى في حجة الوداع مجرد النهي كما جاء في غير رواية ويكون تجديده صلى الله عليه وسلم النهي عنها يومئذ لاجتماع الناس وليبلغ الشاهد الغائب ولتمام الدين وتقرر الشريعة كما قرر غير شيء وبين الحلال والحرام يومئذ وبت تحريم المتعة حينئذ لقوله إلى يوم القيامة قال القاضي ويحتمل ما جاء من تحريم المتعة يوم خيبر وفي عمرة القضاء ويوم الفتح ويوم أوطاس أنه جدد النهي عنها في هذه المواطن لأن حديث تحريمها يوم خيبر صحيح لا مطعن فيه بل هو ثابت من رواية الثقات الأثبات لكن في رواية سفيان أنه نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر فقال بعضهم هذا الكلام فيه انفصال ومعناه أنه حرم المتعة ولم يبين زمن تحريمها ثم قال ولحوم الحمر الأهلية يوم خيبر فيكون يوم خيبر لتحريم الحمر خاصة ولم يبين وقت تحريم المتعة ليجمع بين الروايات قال هذا القائل وهذا هو الأشبه أن تحريم المتعة كان بمكة وأما لحوم الحمر فبخيبر بلا شك قال القاضي وهذا أحسن لو ساعده سائر الروايات عن غير سفيان قال والأولى ما قلناه أنه قرر التحريم لكن يبقى بعد هذا ما جاء من ذكر إباحته في عمرة القضاء ويوم الفتح ويوم أوطاس فتحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحها لهم للضرورة بعد التحريم ثم حرمها تحريما مؤبدا فيكون حرمها يوم خيبر وفي عمرة القضاء ثم أباحها يوم الفتح للضرورة ثم حرمها يوم الفتح أيضا تحريما مؤبدا وتسقط رواية إباحتها يوم حجة الوداع لأنها مروية عن سبرة الجهني وإنما روى الثقات الأثبات عنه الإباحة يوم فتح مكة والذي في حجة الوداع إنما هو التحريم فيؤخذ من حديثه ما اتفق عليه جمهور الرواة ووافقه عليه غيره من الصحابة رضي الله عنهم من النهي عنها يوم الفتح ويكون تحريمها يوم حجة الوداع تأكيدا وإشاعة له كما سبق وأما قول الحسن إنما كانت في عمرة القضاء لا قبلها ولا بعدها فترده الأحاديث الثابتة في تحريمها يوم خيبر وهي قبل عمرة القضاء وما جاء من إباحتها يوم فتح مكة ويوم أوطاس مع أن الرواية بهذا إنما جاءت عن سبرة الجهني وهو راوي الروايات الأخر وهي أصح فيترك ما خالف الصحيح وقد قال بعضهم هذا مما تداوله التحريم والإباحة والنسخ مرتين والله أعلم هذا آخر كلام القاضي والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين وكانت حلالا قبل خيبر ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس لا تصالهما ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة واستمر التحريم ولا يجوز أن يقال إن الإباحة مختصة بما قبل خيبر والتحريم يوم خيبر للتأبيد وأن الذي كان يوم الفتح مجرد توكيد التحريم من غير تقدم إباحة يوم الفتح كما اختاره المازرى والقاضي لأن الروايات التي ذكرها مسلم في الإباحة يوم الفتح صريحة في ذلك فلا يجوز إسقاطها ولا مانع يمنع تكرير الإباحة والله أعلم قال القاضي واتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا إلى أجل لا ميراث فيها وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا الروافض وكان بن عباس رضي الله عنه يقول بإباحتها وروي عنه أنه رجع عنه قال وأجمعوا على أنه متى وقع نكاح المتعة الآن حكم ببطلانه سواء كان قبل الدخول أو بعده إلا ما سبق عن زفر واختلف أصحاب مالك هل يحد الواطئ فيه ومذهبنا أنه لا يحد لشبهة العقد وشبهة الخلاف ومأخذ الخلاف اختلاف الأصوليين في أن الإجماع بعد الخلاف هل يرفع الخلاف ويصير المسألة مجمعا عليها والأصح عند أصحابنا أنه لا يرفعه بل يدوم الخلاف ولا يصير المسألة بعد ذلك مجمعا عليها أبدا وبه قال القاضي أبو بكر الباقلاني قال القاضي وأجمعوا على أن من نكح نكاحا مطلقا ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها فنكاحه صحيح حلال وليس نكاح متعة وإنما نكاح المتعة ما وقع بالشرط المذكور ولكن قال مالك ليس هذا من أخلاق الناس وشذ الأوزاعي فقال هو نكاح متعة ولا خير فيه والله أعلم ".
الشيخ : الذي شذ إليه الأوزاعي هو المذهب عندنا، عند الحنابلة أنه إذا تزوج بنية الطلاق فالنكاح فاسد كالمتعة، على كل حال رواية سفيان قد تكون هي أصح الروايات، وتحتاج المسألة إلى تحليل، تحليل في كيفية الحكم، لا في ثبوته، الحكم لا شك أنه ثابت وأن المتعة حرام إلى يوم القيامة، لكن هل أحلت ثم حرمت ثم أحلت ثم حرمت؟ هذا محل الإشكال.
الشيخ : ..
القاريء : لا.
الشيخ : هاه، النووي، هاه، صفحة؟
القارئ : قوله " اعلم أن القاضي عياضا بسط شرح هذا الباب بسطا بليغا وأتى فيه بأشياء نفيسة وأشياء يخالف فيها فالوجه أن ننقل ما ذكره مختصرا ثم نذكر ما ينكر عليه ويخالف فيه وننبه على المختار قال المازري ثبت أن نكاح المتعة كان جائزا في أول الإسلام ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة المذكورة هنا أنه نسخ وانعقد الإجماع على تحريمه ولم يخالف فيه إلا طائفة من المستبدعة وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك وقد ذكرنا أنها منسوخة فلا دلالة لهم فيها وتعلقوا بقوله تعالى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن وفي قراءة بن مسعود فما استمتعتم به منهن إلى أجل وقراءة بن مسعود هذه شاذة لا يحتج بها قرآنا ولا خبرا ولا يلزم العمل بها قال وقال زفر من نكح نكاح متعة تأبد نكاحه وكأنه جعل ذكر التأجيل من باب الشروط الفاسدة في النكاح فإنها تلغى ويصح النكاح قال المازري واختلفت الرواية في صحيح مسلم في النهي عن المتعة ففيه أنه صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وفيه أنه نهى عنها يوم فتح مكة فإن تعلق بهذا من أجاز نكاح المتعة وزعم أن الأحاديث تعارضت وأن هذا الاختلاف قادح فيها قلنا هذا الزعم خطأ وليس هذا تناقضا لأنه يصح أن ينهى عنه في زمن ثم ينهى عنه في زمن آخر توكيدا أو ليشتهر النهي ويسمعه من لم يكن سمعه أولا فسمع بعض الرواة النهي في زمن وسمعه آخرون في زمن آخر فنقل كل منهم ما سمعه وأضافه إلى زمان سماعه هذا كلام المازري وقال القاضي عياض ... ".
الشيخ : وهذا الكلام يصح لو لم يذكر حلها في عام الفتح، لكنه في عام الفتح ذكر حلها أما لو كان مثلا نقلت الأخبار أنه حرمها في خيبر وحرمها عام الفتح فلا إشكال، لأنه يكون أعادها تأكيدا وتثبيتا للحكم، لكن الحل، يبقى النظر قد يقول قائل ما المانع من أن تكون نسخت مرتين حرمت بعد التحريم ثم أحلت ثم حرمت كما هو ظاهر الترجمة التي مرت علينا قبل في هذا الدرس؟ فيقال الأصل عدم ذلك، ونحن لا ننكر أن يكون الشيء حراما ثم يحلل ثم يحرم، كما في قتال مكة القتال في مكة كان حلالا وأحل للضرورة متى؟ عام الفتح أحل للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار ثم حرم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ) وهذا إنما أبيح للرسول عليه الصلاة والسلام للضرورة لأنه لا يمكن القضاء على هؤلاء المشركين الذين استباحوا الشرك عند بيت الله إلا بهذا، وقد يقول قائل: ثبت تحريمها أعني المتعة عام خيبر وأحلت عام أوطاس أو عام فتح مكة للضرورة ثلاثة أيام ثم حرمت، لكن نكمل البحث.
القارئ : " قال القاضي عياض روى حديث إباحة المتعة جماعة من الصحابة فذكره مسلم من رواية بن مسعود وبن عباس وجابر وسلمة بن الأكوع وسبرة بن معبد الجهني وليس في هذه الأحاديث كلها أنها كانت في الحضر وإنما كانت في أسفارهم في الغزو عند ضرورتهم وعدم النساء مع أن بلادهم حارة وصبرهم عنهن قليل وقد ذكر في حديث بن أبي عمر أنها كانت رخصة في أول الإسلام لمن اضطر إليها كالميتة ونحوها وعن بن عباس رضي الله عنهما نحوه وذكر مسلم عن سلمة بن الأكوع إباحتها يوم أوطاس ومن رواية سبرة إباحتها يوم الفتح وهما واحد ثم حرمت يومئذ وفي حديث علي تحريمها يوم خيبر وهو قبل الفتح وذكر غير مسلم عن علي إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها في غزوة تبوك من رواية إسحاق بن راشد عن الزهري عن عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه عن علي ولم يتابعه أحد على هذا وهو غلط منه وهذا الحديث رواه مالك في الموطأ وسفيان بن عيينة والعمري ويونس وغيرهم عن الزهري وفيه يوم خيبر وكذا ذكره مسلم عن جماعة عن الزهري وهذا هو الصحيح وقد روى أبو داود من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه النهي عنها في حجة الوداع قال أبو داود وهذا أصح ما روي في ذلك وقد روي عن سبرة أيضا إباحتها في حجة ... ".
الشيخ : هذا إن صح وكان محفوظا فيمكن أن يقال أن الرسول قاله في حجة الوداع من باب التوكيد والتذكير لكن لا أظنه يصح، نعم.
القارئ : " وقد روي عن سبرة أيضا إباحتها في حجة الوداع ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها حينئذ إلى يوم القيامة وروي عن الحسن البصري أنها ما حلت قط إلا في عمرة القضاء وروي هذا عن سبرة الجهني أيضا ولم يذكر مسلم في روايات حديث سبرة تعيين وقت إلا في رواية محمد بن سعيد الدارمي ورواية إسحاق بن إبراهيم ورواية يحيى بن يحيى فإنه ذكر فيها يوم فتح مكة قالوا وذكر الرواية بإباحتها يوم حجة الوداع خطأ لأنه لم يكن يؤمئذ ضرورة ولا عزوبة وأكثرهم حجوا بنسائهم والصحيح أن الذي جرى في حجة الوداع مجرد النهي كما جاء في غير رواية ويكون تجديده صلى الله عليه وسلم النهي عنها يومئذ لاجتماع الناس وليبلغ الشاهد الغائب ولتمام الدين وتقرر الشريعة كما قرر غير شيء وبين الحلال والحرام يومئذ وبت تحريم المتعة حينئذ لقوله إلى يوم القيامة قال القاضي ويحتمل ما جاء من تحريم المتعة يوم خيبر وفي عمرة القضاء ويوم الفتح ويوم أوطاس أنه جدد النهي عنها في هذه المواطن لأن حديث تحريمها يوم خيبر صحيح لا مطعن فيه بل هو ثابت من رواية الثقات الأثبات لكن في رواية سفيان أنه نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر فقال بعضهم هذا الكلام فيه انفصال ومعناه أنه حرم المتعة ولم يبين زمن تحريمها ثم قال ولحوم الحمر الأهلية يوم خيبر فيكون يوم خيبر لتحريم الحمر خاصة ولم يبين وقت تحريم المتعة ليجمع بين الروايات قال هذا القائل وهذا هو الأشبه أن تحريم المتعة كان بمكة وأما لحوم الحمر فبخيبر بلا شك قال القاضي وهذا أحسن لو ساعده سائر الروايات عن غير سفيان قال والأولى ما قلناه أنه قرر التحريم لكن يبقى بعد هذا ما جاء من ذكر إباحته في عمرة القضاء ويوم الفتح ويوم أوطاس فتحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحها لهم للضرورة بعد التحريم ثم حرمها تحريما مؤبدا فيكون حرمها يوم خيبر وفي عمرة القضاء ثم أباحها يوم الفتح للضرورة ثم حرمها يوم الفتح أيضا تحريما مؤبدا وتسقط رواية إباحتها يوم حجة الوداع لأنها مروية عن سبرة الجهني وإنما روى الثقات الأثبات عنه الإباحة يوم فتح مكة والذي في حجة الوداع إنما هو التحريم فيؤخذ من حديثه ما اتفق عليه جمهور الرواة ووافقه عليه غيره من الصحابة رضي الله عنهم من النهي عنها يوم الفتح ويكون تحريمها يوم حجة الوداع تأكيدا وإشاعة له كما سبق وأما قول الحسن إنما كانت في عمرة القضاء لا قبلها ولا بعدها فترده الأحاديث الثابتة في تحريمها يوم خيبر وهي قبل عمرة القضاء وما جاء من إباحتها يوم فتح مكة ويوم أوطاس مع أن الرواية بهذا إنما جاءت عن سبرة الجهني وهو راوي الروايات الأخر وهي أصح فيترك ما خالف الصحيح وقد قال بعضهم هذا مما تداوله التحريم والإباحة والنسخ مرتين والله أعلم هذا آخر كلام القاضي والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين وكانت حلالا قبل خيبر ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس لا تصالهما ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريما مؤبدا إلى يوم القيامة واستمر التحريم ولا يجوز أن يقال إن الإباحة مختصة بما قبل خيبر والتحريم يوم خيبر للتأبيد وأن الذي كان يوم الفتح مجرد توكيد التحريم من غير تقدم إباحة يوم الفتح كما اختاره المازرى والقاضي لأن الروايات التي ذكرها مسلم في الإباحة يوم الفتح صريحة في ذلك فلا يجوز إسقاطها ولا مانع يمنع تكرير الإباحة والله أعلم قال القاضي واتفق العلماء على أن هذه المتعة كانت نكاحا إلى أجل لا ميراث فيها وفراقها يحصل بانقضاء الأجل من غير طلاق ووقع الإجماع بعد ذلك على تحريمها من جميع العلماء إلا الروافض وكان بن عباس رضي الله عنه يقول بإباحتها وروي عنه أنه رجع عنه قال وأجمعوا على أنه متى وقع نكاح المتعة الآن حكم ببطلانه سواء كان قبل الدخول أو بعده إلا ما سبق عن زفر واختلف أصحاب مالك هل يحد الواطئ فيه ومذهبنا أنه لا يحد لشبهة العقد وشبهة الخلاف ومأخذ الخلاف اختلاف الأصوليين في أن الإجماع بعد الخلاف هل يرفع الخلاف ويصير المسألة مجمعا عليها والأصح عند أصحابنا أنه لا يرفعه بل يدوم الخلاف ولا يصير المسألة بعد ذلك مجمعا عليها أبدا وبه قال القاضي أبو بكر الباقلاني قال القاضي وأجمعوا على أن من نكح نكاحا مطلقا ونيته أن لا يمكث معها إلا مدة نواها فنكاحه صحيح حلال وليس نكاح متعة وإنما نكاح المتعة ما وقع بالشرط المذكور ولكن قال مالك ليس هذا من أخلاق الناس وشذ الأوزاعي فقال هو نكاح متعة ولا خير فيه والله أعلم ".
الشيخ : الذي شذ إليه الأوزاعي هو المذهب عندنا، عند الحنابلة أنه إذا تزوج بنية الطلاق فالنكاح فاسد كالمتعة، على كل حال رواية سفيان قد تكون هي أصح الروايات، وتحتاج المسألة إلى تحليل، تحليل في كيفية الحكم، لا في ثبوته، الحكم لا شك أنه ثابت وأن المتعة حرام إلى يوم القيامة، لكن هل أحلت ثم حرمت ثم أحلت ثم حرمت؟ هذا محل الإشكال.